روسيا تعاود استفزاز الغرب بملف المساعدات الإنسانية عبر الحدود "كورقة ضاغطة"
عادت روسيا، لاستخدام ملف المساعدات الإنسانية عبر الحدود، كورقة ضاغطة على الدول الغربية، مهددة لمرة جديدة بأنها لن تغض الطرف عما أسمته "فشل" الدول الغربية في الامتثال لقرار إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى مناطق شمال غرب سوريا.
وجاء ذلك على لسان نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكي، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول سوريا، بالقول إن آلية إيصال المساعدات عبر الحدود، تنتهي في تموز (يوليو) المقبل، ومن بين أحكام القرار، هناك بند واحد فقط يجري تنفيذه حالياً.
وأضاف: "على ما لا يبدو، أن الأطراف لن تفي بجميع الأحكام الأخرى"، متحدثاً عما أسماه محاولات الغرب ربط تنفيذ الأحكام الأخرى للقرار "بشروط سياسية مسبقة"، كما وزعم أن حكومة النظام أثبتت بأن عمليات تسليم المساعدات إلى إدلب عبر خطوط التماس "ممكنة بشكل كامل".
وبين مندوب روسيا أنه لا يوجد بديل للمضي قدماً في التسوية السياسية، دون فرض مواعيد نهائية "مصطنعة" في سياق القرار 2254، محذراً من أن الوضع على الأرض لا يزال قابلاً للانفجار، ورأى أن الحل يكمن في شن معركة لا هوادة فيها ضد "هيئة تحرير الشام" وتنظيم "داعش"، وإنهاء الوجود العسكري غير الشرعي في سوريا، ووقف الضربات الجوية الإسرائيلية، وفق تعبيره.
وسبق أن حذّر معهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" في تقرير له، من استمرار استخدام روسيا حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي ولجوئها إلى التصعيد العسكري، لمنع وصول المساعدات للمحتاجين في سوريا، مع التهديد بالمجاعة.
وكان نقل موقع "ميدل إيست آي"، تحذيرات أطلقها محللون ومسؤولون في منظمات غير حكومية، موجه للمشرعين الأمريكيين، تنبه من أن روسيا قد ترد على التوترات المتصاعدة مع الغرب في أعقاب غزوها لأوكرانيا، بإغلاق آخر ممر إنساني أمام إيصال المساعدات الأممية إلى مناطق سيطرة المعارضة في سوريا.
وقال نائب رئيس البرامج والسياسات في "منظمة اللاجئين الدولية" هاردين لانغ، للمشرعين في مجلس النواب الأمريكي خلال جلسة استماع للجنة الفرعية بشأن سوريا: "بالنظر إلى ما يحدث في أوكرانيا ومشاهدة موقف الروس في مجلس الأمن خلال الأسبوعين الماضيين، أعتقد أنه من الإنصاف القول إننا في طريق صعب للغاية".
وأكد رئيس اللجنة، النائب تيد دويتش، على ضرورة رفض إيصال المساعدات عبر مناطق النظام، قائلاً: "نظام الأسد يتلاعب بالمساعدات منذ أكثر من عقد، ويسرق ملايين الدولارات من المانحين الدوليين والمنظمات الإنسانية من خلال حجب المساعدات عن المعارضين، وتحويلها إلى مواليه، والانخراط في التلاعب بالعملة".
ووفق التقرير، يناقش المانحون طرق إنشاء صندوق خاص ليحل محل الصندوق الحالي الذي تديره الأمم المتحدة، ويبحثون أيضاً عن وسائل لتنسيق الإجراءات على الأرض، لكن العديد من منظمات الإغاثة معرضة أيضاً لخطر فقدان تمويلها إذا لم يتم تجديد التفويض الأممي.
وسبق أن طالبت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة، في بيان لها، الولايات المتحدة إلى الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بتشغيل آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، بعد إعلان سابق عن تمديد الأمم المتحدة، آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى مناطق شمال غربي سوريا لمدة ستة أشهر، بشكل تلقائي دون تصويت جديد في مجلس الأمن الدولي.
وقالت البعثة، إن "قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعني الوفاء بعدد من الالتزامات، في المقام الأول من قبل الولايات المتحدة.. روسيا أوفت بوعدها، ووافقت على تمديد عمل الآلية عبر الحدود لمدة 6 أشهر أخرى. لكن الجانب الأمريكي أظهر نفسه بشكل غير مقنع خلال الأشهر الستة الماضية، الأشهر الستة المتبقية هي فرصة ممتازة لتصحيح الوضع".
وكان أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، تمديد الأمم المتحدة، آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى مناطق شمال غربي سوريا لمدة ستة أشهر، بشكل تلقائي دون تصويت جديد في مجلس الأمن الدولي.
وكانت قالت صحيفة "الشرق الأوسط"، في تقرير لها، إن الملف السوري سيعود إلى طاولة مجلس الأمن الدولي، من بوابة ملف المساعدات الإنسانية، وذلك بعد جولات من التصعيد العسكري في "الملعب السوري" وفق تعبيرها.
ولفتت إلى أن واشنطن فهمت أن تمديد القرار الدولي لستة أشهر إضافية سيكون تلقائياً، لأنها تنازلت في المفاوضات الثانية، ووافقت على دعم مشاريع "التعافي المبكر" وتقديم مساعدات "عبر الخطوط"، بينما اعتقدت روسيا أن التمديد مرتبط بمدى التقدم الملموس في هذه الأمور وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن الفترة الأولى.
وذكرت الصحيفة أن واشنطن ترفض التعاون وعقد جلسات حوار إضافية مع موسكو حول سوريا قبل التمديد لستة أشهر أخرى، بينما يشن المسؤولون الروس حملة كبيرة على الدول الغربية، بسبب استمرار العقوبات الاقتصادية و"عدم الوفاء بالوعود بتقديم مساعدات عبر الخطوط، ورفض تقديم دعم لمشاريع البنية التحتية في مناطق الحكومة".
وأشارت الصحيفة أن الغائب الرئيسي في العناوين المتعلقة بتمديد قرار المساعدات الإنسانية أو "التعافي المبكر" وفكرة "خطوة مقابل خطوة" التي يعمل عليها المبعوث الأممي غير بيدرسن، هو الاتفاق على الهدف النهائي من هذه المبادرات من جهة، وإمكانية مشاركة اللاعبين الحقيقيين من جهة ثانية، وارتباط الملف السوري بملفات أخرى وتحولها ملعباً لتبادل الرسائل من جهة ثالثة.
وكانت بدأت روسيا اللعب على مسار جديد بملف دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، في محاولة جديدة لتقويض دخول المساعدات الإنسانية لملايين المدنيين عبر معبر باب الهوى الحدودي، لتلعب على وتر حرصها على وصول المساعدات ولكن كما تريد عن طريق النظام السوري ومناطقه.
وكان أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقرير قدمه لـ "مجلس الأمن الدولي" في وقت سابق، أن المساعدات الإنسانية عبر الحدود للسكان السوريين من دون موافقة دمشق، ما زالت ضرورية، معترفا بتقدم في المساعدات التي تمر عبر خطوط الجبهة في سوريا.
سبق أن أكد وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، ، أن "العمليات الإنسانية العابرة للحدود التي يتم إجراؤها من تركيا تظل الطريقة الأكثر كفاءة وتوقعًا للوصول إلى ملايين الأشخاص المحتاجين في سوريا".
وحذر المسؤول الأممي في إفادة أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي، انعقدت بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، حول تطورات الأزمة الإنسانية في سوريا، من أن " الاحتياجات الإنسانية في هذا البلد أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ بدء الحرب في 2011".
وكان جاء الاتفاق على تمديد قرار مجلس الأمن الدولي حول تمديد آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود من معبر باب الهوى الحدودي لمدة عام على مرحلتين، بعد معارضة روسية كبيرة ورفض وتهديد باستخدام الفيتو، قبل أن يعلن المجلس التوافق بالاجتماع على التمديد، في وقت بقيت بعض البنود موضع شك في تحليلها بين الموقف الروسي والجهات الدولية الأخرى.
ومصطلح "عبر الحدود" مختلف تماما عن "عبر الخطوط"، فالأول يعني أن المساعدات تدخل عبر الحدود مع الدول، وهي حدود دولية، منها عبر تركيا من خلال معبر باب الهوى، والثاني أن المساعدات تدخل عبر خطوط السيطرة بين النظام والمناطق المحررة، و ربما يكون معبر سراقب أو أي معبر آخر يتم التوافق عليه بين روسيا وتركيا لاحقا.