مفكر إسلامي سوري يوجه رسالة مفتوحة للرئيس "أردوغان" حول التعامل مع السوريين في تركيا
وجه المفكر الإسلامي السوري، الدكتور "عبد الكريم بكار"، رسالة مفتوحة، إلى الرئيس التركي "رجب الطيب أردوغان"، حول حملات الترحيل والحملات العنصرية التي يواجهها اللاجئين السوريين في تركيا والتي تصاعدت خلال الفترة الأخيرة بشكل أثار الخوف والريبة لدى جميع السوريين في تركيا.
وقال بكار: "إننا جميعاً مع تطبيق القانون للحد من الهجرة غير الشرعية إلى تركيا، ولكن الذي يلفت النظر كثرة التصريحات العنصرية ضد اللاجئين عموماً والسوريين خصوصاً دون وجود قوانين وإجراءات رادعة مما جعلها تشكل ظاهرة مقيتة ومسيئة".
وأوضح أنه ما "يلفت النظر القسوة الظاهرة في التعامل مع المخالفين، إلى جانب ارتكاب مخالفات قانونية وإنسانية جسيمة من قبل بعض الذين يقومون بتنفيذ الحملات الأمنية، وقد تم احتجاز مخالفين في أماكن مهينة، لا تليق بأي بشر".
وأكد المفكر الإسلامي أن "من حق الشرطي أن يحتجز المخالف لنظام الإقامة لكن ليس من حقه شتمه أو ضربه، وإن على أجهزة الدولة أن تلتزم بالقانون والذوقيات والأدبيات الإنسانية أثناء تطبيق القانون".
وأضاف في رسالته: "فخامة الرئيس: إن الذي جعل من تركيا محط أنظار العالم الإسلامي ليست صناعتها للطائرات والسيارات..، وإنما وقبل ذلك القيم التي يفتقدها كثير من العرب والمسلمين في بلدانهم: قيم العدل والحرية وسيادة القانون ونصرة المظلوم، والانتخابات الحرة والنزيهة، وإن ما يجري اليوم في حملات ملاحقة الهجرة غير المشروعة يسيء إلى هذه المعاني، ويشوش عليها".
وتابع بكار: "تعلمنا من مبادئنا وحضارتنا أن مهمة القيادة العليا في أي بلد ليست توفير الأمن والاستقرار والرفاهية للمواطنين فحسب، وإنما أيضاً حماية القيم والمثل التي تلقنها لأطفالها في المدارس، ومن أهمها العدالة والرحمة والإحسان واحترام مشاعر الآخرين والإحساس بمعاناة العناصر الضعيفة، وما تتعرض له من انتهاكات".
وختم رسالة للرئيس التركي بالقول: "كلي أمل أن يتم الحفاظ بكل وسيلة ممكنة على الصورة الذهنية المشرقة التي يحملها كثير من المسلمين عن تركيا والتي كان لكم جهود كبيرة ومشكورة في رسمها وتجليتها".
وكان دعا "المجلس الإسلامي السوري"، الحكومة التركية والشعب التركي، إلى ما أسماه عدم مسايرة الموجة التي يقوم بها بعض العنصريين، والتي تضرّ تركيا أولاً، ولفت إلى أنه يتابع بألمٍ ما يلاقيه المهاجرون في تركيا من أبناء سورية الجريحة وغيرهم من اللاجئين إلى تركيا من بلاد العالم الإسلامي.
وقدر المجلس الإسلامي، مواقف تركيا في إيواء ونصرة المهاجرين، ويتفهم حقها في تنظيم الإقامة فيها، وقال إن ما يلاقيه المهاجرون من قسوة في التعامل معهم، وخوف في قلوبهم، وتهجير عن أماكن عملهم وإقامتهم، وتفريق عوائلهم ليس ممّا اعتادوه من أخلاق الحكومة التركية والشعب التركي، ويخالف الصورة المشرفة التي عهدتها فيهم شعوب العالم.
وشدد المجلس على أن السوريين، لم يهاجروا من بلادهم إلا بسبب الظلم والاضطهاد، وهم يتوقون إلى عودة طوعية إلى مناطقهم التي هجروا منها بعد زوال العصابة الحاكمة، واستقرار الأوضاع الأمنيّة والإدارية والمعيشية في سورية كلها.
وكان دعا المجلس الحكومة التركية لمواصلة ما عُهِدَ عنها من نصرة للمظلوم وإغاثة للملهوف، وإعانة للمحتاج ليكون الله في عونهم، وطالب بإعطاء المخالفين فرصةً لتصحيح أوضاعهم وتسهيل إجراءاتهم، وطلب من المهاجرين الالتزام بقوانين تركيا، ومراعاة الأعراف السائدة فيها، فذلك من أصول الضيافة التي ينبغي مراعاتها، حسب وصف بيان المجلس.
ومنذ أكثر من اثني عشر عاماً، يعيش الشعب السوري بكل أطيافه وفئاته، مرارة التهجير والملاحقة والاعتقال والموت بكل أصنافه، دفعت ملايين السوريين للخروج لاجئين من بلادهم بحثاً عن ملاذ آمن، يحميهم من الملاحقة والموت في غياهب السجون المظلمة، ليواجهوا معاناة أكبر في الوصول للحلم المنشود في الأمن والأمان الذي يفقدون.
كانت تركيا من أكثر الدول التي استقبلت اللاجئين، كما أنها كانت ولاتزال ممراً للطامحين في الخروج باتجاه الدول الأوروبية، ويعيش في تركيا ملايين السوريين منذ أكثر من عشرة أعوام، اندمج الكثير منهم في المجتمع وتحول اللاجئ من عبء لمنتج، وأثبت السوريين أنهم ليسوا عالة على أي مجتمع، متقدمين على أقرانهم الأتراك حتى في مجالات شتى.
ومع طول أمد اللجوء السوري، تشكلت نزعة عنصرية كبيرة في تركيا ضد اللاجئ السوري بشكل عام، قاد تلك الحملات قوى المعارضة التركية، مستخدمين ملف اللجوء السوري كورقة انتخابية، لتجييش الشارع التركي وإثارة النعرات العنصرية ضدهم، وبات اللاجئ السوري في مواجهة حتمية مع أبناء المجتمع المضيف، مع اختلاف النظرة من مدينة لأخرى وطريقة التعاطي مع تلك الحملات.
وطيلة السنوات الماضية، واجه اللاجئ السوري مزاجية القوانين التي تنظم وجوده في تركيا، فلم يعتبر لاجئاً يتمتع بحقوق اللاجئ وفق القوانين العالمية، وإنما وضع تحت بند ما يسمى "الحماية المؤقتة" في تركيا، فكان عرضة لتغير قوانين تلك الحماية وحتى تعارضها بين مؤسسة وأخرى أو موظف وآخر أو مرحلة سياسية وأخرى.
وفي هذا السياق قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، إن عدد اللاجئين السوريين العائدين إلى سوريا، ربما وصل إلى مليون شخص، مبينا أن عددهم سيزداد أكثر خلال الفترة المقبلة، في وقت تشهد عموم المناطق التركية حملات ترحيل عشوائية للاجئين المخالفين لشروط الإقامة، ويتم إعادتهم إلى سوريا تحت بند "العودة الطوعية".
وأوضح أردوغان، أن بلاده تواصل أعمال بناء منازل من الطوب للسوريين شمالي بلادهم، ولفت إلى أن عدد المنازل المبنية للسوريين وصل إلى ما بين 100 ألف و150 ألفا، مبينا أنه عودة السوريين من تركيا تزداد مع ازدياد بناء المنازل لهم.
وسجلت خلال الأسابيع الماضية، حملات اعتقال منظمة، لقوى الشرطة والأمن التركي، في عدة ولايات تركية، أبرزها مدينة اسطنبول التي تشهد اكتظاظ سكاني كبير، حيث سجل اعتقال المئات من المهاجرين من جنسيات عدة، أبرزهم سوريين، وسط عمليات ترحيل منظمة باتجاه مناطق الشمال السوري بشكل يومي.
ورصد نشطاء سوريون، انتشار كثيف لقوى الأمن على محطات الحافلات والمترو وفي الساحات الرئيسة، وعمليات تفتيش مشددة على الوثائق الرسمية، واعتقال كل مخالف، سواء في شروط الإقامة أو الدخول بطريقة غير شرعية للأراضي التركية، سجل اعتقال المئات من السوريين في عدة مناطق أبرزها اسطنبول.
ورصدت عمليات ترحيل جماعية للشباب ولكل من جرى اعتقاله بشكل مباشر لمناطق الشمال السوري سواء إدلب وريف حلب أو مناطق تل أبيض، بينهم سجناء سوريين بالمئات جرى ترحيلهم خلال الأيام الماضية، في ظل حالة تخوف كبيرة يعيشها اللاجئ السوري بشكل عام من تشديد الإجراءات والخوف من المصير المجهول.