مع وقف الدعم.. "الصحة العالمية" تُحذر: النظام الصحي شمال غربي سوريا "تعطل بشدة"
قالت منظمة "الصحة العالمية"، في بيان لها، إن النظام الصحي في شمال غربي سوريا قد "تعطل بشدة"، بعد 13 عاماً من الصراع والكوارث الطبيعية، بالتزامن مع وقف الدعم عن عشرات المنشآت الصحية.
وقالت "روزا كريستاني" رئيسة مكتب المنظمة في مدينة غازي عينتاب التركية، إن 80% من إجمالي سكان شمال غربي سوريا، البالغ عددهم 5.1 مليون نسمة، يحتاجون إلى مساعدة صحية، مضيفة أن واحداً من كل خمسة أشخاص يعاني أيضاً من اضطراب الصحة العقلية.
ولفتت المسؤولة إلى أن الأمراض المعدية وغير المعدية لا تزال تهدد السكان في المنطقة، وتتسبب في ما يصل إلى 75% من الوفيات، حيث تفشت أمراض مثل الكوليرا والحصبة، "التي كانت في السابق عرضية".
وحذرت كريستاني من أن ما يقارب ثلث المرافق الصحية في شمال غربي سوريا لا تعمل، بعد أن انخفضت الموارد البشرية في مجال الصحة بشكل كبير منذ تصاعد النزاع في سوريا، وشهدت نزوح أعداد كبيرة من الموظفين.
وأشارت - وفق "عنب بلدي" - إلى أن نقص التمويل سيؤدي إلى تعطيل علاج مرضى الرعاية الذين يحتاجون إلى الحياة، "ومضاعفات قد تؤدي إلى الإعاقة وحتى الوفاة في الأشهر الستة المقبلة".
وكانت طالبت "مديرية صحة إدلب"، في بيان لها، المجتمع الدولي والمانحين الدوليين بضرورة تحمل مسؤولياتهم تجاه أكثر من 5 مليون مدني يعيشون شمال غرب سوريا، والعمل لعدم حرمانهم من الخدمات الطبية المجانية المنقذة للحياة، في ظل مأساة إنسانية مستمرة منذ 13 عاماً، وغياب الإرادة الدولية الحقيقية لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية بحق المدنيين في منطقة شمال غرب سوريا.
ولفتت المديرية إلى تزايد المخاوف من الكارثة الإنسانية الكبيرة التي ستحل بمنطقة شمال غرب سورية جراء التخفيض المستمر في التمويل الدولي للقطاع الصحي، حيث انخفضت كل المنح الدولية الممولة للقطاع الصحي في المنطقة بنسب تراوحت بين 30 – 60 بالمئة، وذلك في ظل ارتفاع متزايد بنسبة السكان وتزايد الضغط على المرافق الصحية في المنطقة.
وأكدت المديرية أن انقطاع الدعم عن المشافي وخاصة مشافي النسائية والأطفال وتوقف برنامج اللقاح ومراكز غسيل الكلية وبنوك الدم ومراكز التلاسيميا ومحارق النفايات الطبية ومراكز العلاج الفيزيائي سيكون له أثاراً صحية رهيبة على الأهالي في المنطقة، من حيث الزيادة غير المسبوقة في معدل انتشار الأوبئة والأمراض، وارتفاع الوفيات خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن.
ولفتت إلى أن عدد المنشآت الصحية التي سيتوقف عنها الدعم حتى نهاية شهر حزيران الحالي يبلغ 112 منشأة تخدم حوالي 1.5 مليون نسمة، ومع حلول نهاية العام سوف يرتفع هذا الرقم الى 136 منشأة من بينها 42 مركز يقدم خدمات الصحة الإنجابية، تخدم هذه المنشآت 5 مليون شخص يعيشون في هذه المنطقة منهم 3.5 مليون نازح، 2 مليون منهم يعيشون ضمن مخيمات قرب الشريط الحدودي مع تركيا، والذين أُجبروا على مغادرة بلداتهم وقراهم فراراً بأرواحهم وأرواح أبنائهم من بطش قوات النظام.
وفي محافظة إدلب بلغ عدد المشافي التي سيتوقف عنها الدعم وتعمل بشكل تطوعي حتى نهاية شهر حزيران الجاري 14 مشفى من بينها 8 مشافي نسائية وأطفال، إضافة لـ 22 مراكز رعاية صحية أولية (سيرتفع هذا العدد إلى 95 مركز بنهاية العام)، و6 مراكز علاج فيزيائي تخدم 1700 مستفيد، إضافة لـ 4 مراكز تلاسيميا تخدم 700 مريض، وخروج هذه المنشآت عن الخدمة سيزيد الضغط على المنشآت الأخرى التي ماتزال مدعومة، وبالتالي عجزها عن تخديم ذلك العدد المتزايد من المرضى.
وأشارت إلى أن أن توقف برنامج اللقاح الروتيني سيحرم مئات آلاف الأطفال في المنطقة من اللقاحات الضرورية المنقذة للحياة، ولا سيما لقاحات شلل الأطفال والسحايا والسل والحصبة ولقاح التهاب الكبد الوبائي وغيرها من اللقاحات الحيوية، كذلك ستتوقف مراكز التطعيم بلقاح كوفيد ما يهدد بعودة انتشار تلك الأمراض في المنطقة وامتدادها إلى الدول المجاورة.
وسبق أن قال "مارتن غريفيث"، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق المساعدات الطارئة، إن أكثر من 16 مليون سوري بحاجة إلى المساعدات الإنسانية أكثر من أي وقت مضى، وعبّر عن مخاوفه بشأن نقص التمويل اللازم للمساعدات مع استمرار تزايد الاحتياجات الإنسانية في سوريا.
وعبر غريفيث، في جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا، عن أسفه برؤية استمرار معاناة الشعب السوري، وقال "يحتاج عدد أكبر من الناس إلى المساعدات أكثر من أي فترة أخرى من الصراع. وفقا لآخر التقييمات، هذا الرقم هو 16.7 مليون سوري".
وكانت قالت "لجنة الإنقاذ الدولية"، في بيان لها، إن تعهدات المانحين في "مؤتمر بروكسل" الثامن لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، "غير كافية بشكل مثير للقلق" مقارنة بالمستوى غير المسبوق من الاحتياجات على أرض الواقع.
وبينت المديرة القطرية للجنة في سوريا تانيا إيفانز، أن "الأثر المدمر لنقص التمويل يثير قلقاً عميقاً، لافتة إلى أن إجمالي التعهدات البالغة 7.5 مليار يورو، غير كافية على الإطلاق لتغطية الاحتياجات المتزايدة في سوريا".