مع انتقادات تدهور المعيشية .. النظام يرفع الضرائب ويجدد التهديد لاستخراج "السجل التجاري"
كشفت مصادر إعلامية عن رفع نظام الأسد الرسوم الضريبية والجمركية على التجار والمنتجين، فيما كشف مسؤول في "مجلس التصفيق"، عن مشروع قانون تعديل الرسوم القنصلية، مدعيا أنها لن تشكل أي عبء على المواطنين، فيما جدد نظام الأسد حديثه عن السجل التجاري، وسط تصريحات خبراء ومطلعين في الشأن الاقتصادي حول تدهور الأوضاع المعيشية.
وشهدت أسواق العاصمة دمشق ارتفاعات عشوائية في أسعار المواد الغذائية بأسواق دمشق وريفها، بعد أن قررت حكومة نظام الأسد رفع الرسوم الضريبية والجمركية لكافة التجار والمستوردين والمنتجين، حسب موقع "صوت العاصمة"، المحلي.
وقال الموقع ذاته إن هيئة الضرائب والرسوم التابعة لوزارة المالية رفعت التكليف المالي لكل الفئات بنسبة لا تقل عن 30 في المئة للعام الحالي، وأبلغت إجراءاتها جميع التجار و الصناعيين والمنتجين عن طريق موظفيها.
وأضاف أن وزارة الاقتصاد رفعت بدورها الرسوم الجمركية على جميع المستوردين بنسبة تراوحت بين 15 و20 في المئة، مما ساهم بزيادة أسعار المستوردة، وارتفعت أسعار المواد الغذائية في أسواق دمشق خلال الأسبوع الحالي، وسط امتناع المستودعات وتجار الجملة عن طرح الكميات اللازمة لسد حاجة السوق.
وفي سياق متصل صرح رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية في "مجلس التصفيق"، "بطرس مرجانة"، عن مشروع قانون تعديل الرسوم القنصلية، زاعما أنها لن تشكل أي عبء على المواطنين، واعتبر أن القانون تضمن رفع الرسوم القنصلية بشكل معقول جداً.
وذكر أن العديد من الرسوم لا تزال قيمتها 100 ليرة ومنها أقل من ذلك وهذه الأرقام أو الكسور لم تعد متداولة حالياً، وزعم أن مشروع القانون الجديد سيجمع كافة القوانين والمراسيم المتعلقة بالرسوم القنصلية في قانون واحد.
ودعا خبراء اقتصاديين وزارة التجارة الداخلية في حكومة نظام الأسد للتراجع عن قرار إلزام أصحاب المحال والفعاليات التجارية بالحصول على سجل تجاري، وقال رئيس "اتحاد غرف التجارة السورية" أبو الهدى اللحام، إن القرار يكبد الفعاليات التجارية الصغيرة أعباء كبيرة.
وانتقد أعضاء في "مجلس التصفيق" القرار وسط دعوات إلى إلغاء القرار أو تأجيله إلى وقت آخر، وتخفيف الأعباء عن المواطنين في ظل الظروف الصعبة التي تمر في الوقت الحالي على البلاد، لا سيّما كونه زاد عدد الطوابير وسط صعوبة استخراجه رغم تكلفته الكبيرة.
وللحصول على سجل تجاري يحتاج صاحب المحل إثبات أنه غير موظف وغير محكوم ويحتاج لأن يكون مسجلًا بالتأمينات، ثم يتم تحويله إلى المالية ليتم تكليفه بضريبة دخل، وإذا كان لديه استيراد وتصدير فسيتم تقرير ضريبة أرباح عليه.
وسبق أن صرح مدير الشركات بوزارة التموين بأن من الأفضل للمواطن أن يحصل على السجل التجاري ويدفع الرسوم لمرة واحدة بالعام، بتكلفة 150 ألف ليرة، مشيرا إلى أن وجود عقوبة على كل من لا يملك السجل التجاري.
واعتبر أن التخوف من الضرائب التي من الممكن أن تفرضها وزارة المالية عليهم، ستحصل عليها منهم سواء بوجود سجل تجاري أو بعدمه لأن كل محل تجاري عليه تكليف مالي، ونفى أن يكون هناك رسوم بقيمة مليون ليرة سورية.
وحول العقوبات التي ستفرض على التاجر الذي لا يملك سجل تجاري، كشف أنها ستكون غرامات مالية وفق القانون 8 لعام 2021 وهي تقريباً 150 ألف ليرة سورية ستدفع بكل مرة تدخل بها حماية المستهلك للمحال التجارية، لذلك من الأفضل له أن يحصل عليه ويدفع الرسوم لمرة واحدة بالعام.
بالمقابل ذكر الخبير المصرفي "عامر شهدا"، أن قرار السماح للصناعيين باستخدام 100% من عائدات التصدير قرار صائب، لكن شموليته غير صائبة، مشيراً إلى أن اللجنة الاقتصادية لم تعلن بعد ما هي الأقنية التي ستعوض تراجع موارد القطع للخزينة.
وتحدث عن أهمية حصر التصدير بالصناعي نفسه، والتمييز بين الصناعي الذي يصدر إنتاجه وخاصة الذي يعتمد في مواده الأولية على المستوردات، دون أن يدخل فيها أي مواد منتجة محلياً، وطرح "شهدا"، عدة نسب يتم من خلالها تمييز نسبة استفادة الصناعي من تصديراته.
وفي سياق منفصل قال الباحث الاقتصادي "علي محمد"، إن الارتفاع في أسعار إيجارات المنازل يعود في سببه المباشر إلى حالة التضخم التي تصيب الاقتصاد السوري، وما يعني ذلك من ارتفاع متطلبات المستوى المعيشي للمالكين للعقارات المؤجرة والذين يرون في تأجيرها مصدر دخل لمتطلبات الحياة.
ومن ناحية أخرى، فالتضخم الحاصل وانخفاض القوة والقدرة الشرائية لليرة السورية جعلت تكاليف بناء العقارات وكسوتها وصيانتها في ارتفاع مستمر وزادت بشكل كبير في الأعوام 2021 و 2022، والتي بطبيعة الحال، تفرض هي الأخرى ارتفاعاً في الثمن، وأضاف، نرى أن أغلب الناس عندما يمتلكون مالاً كثُر أم قل، يتجهون للقطاع العقاري للأسف.
وتشهد إيجارات الشقق السكنية في دمشق وريفها، ارتفاعاً كبيراً لتزيد من أعباء الأسر التي تضطر للجوء لهذا الخيار، بعد أن بات خيار شراء الشقق من سابع المستحيلات، ومازاد الطين بلة هو عدم استقرار الإيجارات بسعر ثابت، إذ ما تلبث أن ترتفع من شهر لآخر، دون وجود أي ضوابط أو قوانين ملزمة لأصحاب العقارات.
بدوره قال الخبير الاقتصادي "حسين القاضي"، إن لجوء الحكومة إلى الاستدانة من البنك المركزي هو العلاج الأسوأ لتوفير السيولة موضحاً لصحيفة تابعة لإعلام النظام إن هذا الإجراء نادراً ما تلجأ إليه دول العالم وسيتسبب بتسجيل الدين على الأجيال القادمة، ويزيد الفقر والتضخم والأسعار.
وعن الحل الأفضل عند حاجة الحكومة لتمويل مشاريعها قال القاضي: "إذا تمكن المركزي من بيع سندات الخزينة للمواطنين، فهذا الإجراء يمكّنه من جمع السيولة الفائضة في المجتمع وإعادة صرفها على الخدمات بأثر تضخمي يكاد يكون صفراً، إذ إنه يتم جمع الأموال عن طريق سندات الخزينة ومن ثم إعادة إنفاقها، وفق تعبيره.
هذا وتشهد الأسواق المحلية ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية الأساسية، أرجعه مواطنون إلى قرار رفع الدعم، بينما تضاربت تصريحات المسؤولين لدى نظام الأسد بين النفي والاعتراف بعلاقة رفع الدعم بغلاء الأسعار، واتهام التجار باستغلال "أزمة" أوكرانيا، وغيرها من المبررات والذرائع لتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية وغلاء الأسعار المتصاعد.