"خالد خوجة": سياسة الترحيل الصامت للسوريين تتنافى كلّياً مع كرامة الانسان التي وعد بها "أردوغان"
قال "خالد خوجة"، العضو المؤسس في حزب "المستقبل" التركي المعارض، والرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري، إن سياسة الترحيل الصامت للسوريين التي دخلت حيّز التنفيذ مع إعلان الحكومة التركية الجديدة تتنافى كلّياً مع كرامة الانسان التي وعد بها الرئيس أردوغان في دعايته الانتخابية.
واعتبر "خوجة" في منشور له على "فيسبوك" أن "الضرب خلال عملية النقل والإهانة في مراكز الترحيل وشمول حالات سليمة قانونياً غيض من فيض في المنهجية المتّبعة خلال العملية في ظل عرقلة مجال الحركة أمام منظمات المجتمع المدني".
وأضاف أنه "من المؤلم أن ينطبق المثل التركي "فلتعش الحيّة التي لا تعضني ألف عام " على فئات غير قليلة من المهاجرين الصامتين رغم فاعليتهم في المجتمع التركي وفيهم بعض المبرّرين للأسف إزاء سياسة التهجير المتّبعة بحق المهاجرين السوريين منهم على وجه الخصوص والتّي تتعارض كلّياً مع المواثيق الدولية وأبسط مبادئ حقوق الإنسان . غياب موقف واضح من مؤسسات المعارضة الرسمية والدينية ومنظمات المجتمع المدني يشجع على زيادة وتيرة الانتهاكات".
يأتي ذلك في وقت تشهد الولايات التركية عامة، ومدينة اسطنبول بشكل خاص، حملة اعتقالات واسعة النطاق، وصغت بأنها الأكبر والأضخم منذ أعوام، طالت المئات من المهاجرين المخالفين لشروط الإقامة والتنقل في الولايات التركية، كان السوريون هي الخاسر الأكبر فيها، مع ارتفاع نسبة المرحلين إلى الشمال السوري.
طالت انتقادات كبيرة العضو المؤسس في حزب "المستقبل" التركي المعارض، والرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري، "خالد خوجة"، لعدة اتخاذه موقفاً حاسماً من الحملات العنصرية التي تقودها قوى المعارضة التركية، ضد اللاجئين السوريين، حيث أن حزبه أحد المتحالفين مع تلك الأطراف.
وكان انتقد نشطاء حقوقيون وإعلاميون، تصريحات "الائتلاف الوطني السوري"، المتعلقة بمتابعة أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا، في الوقت الذي يظهر فيه "الائتلاف" كمنصة ممثلة للسوريين سياسياً، أنها غائبة وبعيدة كل البعد عن مشكلات اللاجئين الذين يواجهون مصاعب ومشكلات جمة ليس بآخرها عمليات الترحيل الجماعية.
وسبق أن واجه "خوجة" انتقادات من نشطاء وصحفيين سوريين وأتراك، بسبب عدم اتخاذ موقف حاسم من الحملات التي طالت اللاجئين السوريين إبان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، رغم إعلان 11 عضواً بارزاً في "حزب المستقبل"، المحسوب على تحالف المعارضة التركية، استقالتهم، احتجاجاً على "الحملة العنصرية ضد اللاجئين"، التي تقودها أقطاب المعارضة لاسيما "حزب الشعب الجمهوري"، كورقة انتخابية استخدمت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وكان قال خوجة"، في تعلق له على "تويتر" بوقت سابق، إن "السوريين الذين تعتزم حكومة الرئيس أردوغان إبقاؤهم في تركيا هم رعاة المواشي والمزارعين وعمّال الورشات الصناعية حسب تصريح چاويش أغلو".
واعتبر أنه "ليس من الصواب اللجوء إلى الشعبوية قبل الانتخابات، لن يكون من الصواب إذا قلنا أننا سنرحلهم جميعهم (يقصد السوريين )، نحن نجول المدن الصناعية وأسواق الجملة للخضروات هناك حاجة للاستخدام في بعض الأعمال وندرك ذلك، والدي عنده خراف ويشتكي من أنه لا يجد رعاة، لذلك ليس صواباً إذا قلنا أن ١٠٠٪ من السوريين سيعودون إلى بلدهم . أعداد كبيرة من السوريين يجب عليهم العودة وسنعيدهم بشكل آمن ونجهز البنية التحتية لذلك "، أسلوب مختلف لمضمون واحد.
وقال في أحد ردوده: "انتقدت مواقف المعارضة في مواقع كثيرة منذ أيام الثورة مع بدء زيارات التأييد لنظام الكيماوي كما انتقدت كليچدار أوغلو بالذات أكثر من مرّه على التصريحات التي بدأت تأخذ طابع العنصرية تماماً كما انتقدت الرئيس اردوغان منذ أن حرف بوصلته نحو مجرم الحرب بوتين الذي فتح له بدوره طريق العودة إلى ذيله بشار وزعماء الثورة المضادة والذي نتج عنه حصار الثورة".
وعلل موقفه في تعليق آخر، بالإشارة إلى أن "موضوع اللاجئين الذي يضلل به الرأي العام وموقفي وموقف حزبي واضح فيه وله تأثيره على الرأي العام وعلى القادة السياسيين المناهضين الذين بدؤوا يضيفون عبارة القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان عند تناولهم الحديث".
واعتبر أنه من الناحية الفعلية وبعيداً عن الخطاب التخديري للرئيس أردوغان تم ترحيل ٧٥٠ ألف لاجئ خلال العام الماضي حسب المنظمات الإنسانية و ٥٥٠ ألف حسب وزير الداخلية جلّهم بشكل قسري وإن كانت التخريجه على أساس طوعي والترحيل مستمر إلاّ أن أرقام المرحّلين هذا العام لم تحّدث.
ولفت خوجة إلى أن عدد السوريين المستهدفين من قبل القناصين على الحدود التركية في الرأس مباشرة على الحدود تجاوز ٤٠٠ حالة منهم أطفال ونساء لم يسمح بنقل حالة واحدة إلى القضاء ولا إيقاف الممارسة رغم نقلي لبعض الحالات شخصياً لمستشار الرئيس .
واعبتر أن الامر لا يحتاج مزيداً من الذكاء لتفسير سبب تركيز هجوم ٣ قيادات ذات خطاب عنصري عدواني تجاه اللاجئين على تحالف المعارضة وتأكيدهم على عدم إمكانية توجيه أصوات ناخبيهم في الجولة الثانية إلى تحالف الأمّة ( محرّم اينجة ، أوميت أوزداغ ، سينان أوغان ) لمعرفة التفاهمات خلف الستار مع الحكم والتي بالتأكيد سيكون لها تأثيرها على اللاجئين في المرحلة القادمة.
وقال خوجة، إن حزب "المستقبل" لا يمكن أن يغير سياسته المعلنة تجاه اللاجئين السوريين، والتي تعتمد على مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحتى القانون التركي، ولفت إلى أن رؤية حزب المستقبل لقضية اللاجئين انعكست على برنامج "الطاولة السداسية".
وسجلت خلال الأسابيع الماضية، حملات اعتقال منظمة، لقوى الشرطة والأمن التركي، في عدة ولايات تركية، أبرزها مدينة اسطنبول التي تشهد اكتظاظ سكاني كبير، حيث سجل اعتقال المئات من المهاجرين من جنسيات عدة، أبرزهم سوريين، وسط عمليات ترحيل منظمة باتجاه مناطق الشمال السوري بشكل يومي.
ورصد نشطاء سوريون، انتشار كثيف لقوى الأمن على محطات الحافلات والمترو وفي الساحات الرئيسة، وعمليات تفتيش مشددة على الوثائق الرسمية، واعتقال كل مخالف، سواء في شروط الإقامة أو الدخول بطريقة غير شرعية للأراضي التركية، سجل اعتقال المئات من السوريين في عدة مناطق أبرزها اسطنبول.
ورصدت عمليات ترحيل جماعية للشباب ولكل من جرى اعتقاله بشكل مباشر لمناطق الشمال السوري سواء إدلب وريف حلب أو مناطق تل أبيض، بينهم سجناء سوريين بالمئات جرى ترحيلهم خلال الأيام الماضية، في ظل حالة تخوف كبيرة يعيشها اللاجئ السوري بشكل عام من تشديد الإجراءات والخوف من المصير المجهول.
وسبق أن قال "مراد أردوغان"، الباحث التركي في مركز أبحاث اللجوء والهجرة، إن اللاجئين السوريون باتوا يشعرون أنهم أقل أمناً في تركيا مما كانوا عليه في السنوات السابقة، لافتاً إلى أن أكثر من 60% منهم يريد الذهاب إلى أوروبا إذا أتيحت لهم الفرصة.
وأوضح أردوغان، في حديث لصحيفة "جمهورييت" التركية، أن المشكلة الأكثر أهمية في تركيا تتمثل بعدم توضيح سياسة الدولة إزاء السوريين، لافتاً إلى ثلاثة خيارات رئيسة في هذا الصدد: إرسالهم إلى بلدهم، أو إرسالهم إلى بلد آخر، أو وضع سياسات المواءمة إذا بدا أنهم سيبقون في البلد.
وحذر الباحث أردوغان، من أن عدم إدارة ملف اللاجئين السوريين بشكل جيد، "وإذا لم نتمكن من إدراج أطفالهم وشبابهم في النظام الاجتماعي التركي، فإن هذا يخلق منطقة خطر"، ولفت إلى أن مفهوم "العودة الطوعية" ليس في حسابات السوريين، "ولم ترحب الإدارة السورية أبداً بعودة اللاجئين من تركيا".
واعتبر أن الإعادة القسرية انتهاك لحقوق الإنسان، ليس من الممكن تنفيذه، ونبه إلى أن البيئة السياسية والخطاب الموجه إلى السوريين "قاسيين لدرجة أننا لا ندرك المخاطر التي سيخلقها ذلك، مما يمهد الطريق لقومية سورية جديدة، ما سيدفع بالقومية في المجتمع التركي إلى مزيد من العنصرية".