أبرز جرائم النظام السوري ومجازره خلال الثورة السورية
حتى يتذكر من نسي، ويعلم من جهل، وحتى تبقى الذاكرة محفوظة للأجيال اللاحقة والتي يليها، حتى يعلم الجميع ما قامت به عائلة الأسد بحق الشعب السوري والدماء الطاهرة التي سالت أنهارا، وكي يبقى الغضب صاحبنا، وحتى لا نسامح ولا نصالح.
وفي ظل تهافت الدول والمطبعين من الرؤساء والوزراء والنواب والمجرمين وأيضا الحمقى ومصافحة اليد التي قتلت مئات الآلاف من السوريين سجدًا وركعا ليلًا ونهارا سراً وجهارا، وما زال مستمرا في مجازره دون رادع ولا محاسبة.
في هذا التقرير كتبنا عن 25 مجزرة رسمت وجه الثورة الغاضب، وخضبت الأرض باللون الأحمر القاني، هذه المجازر ليست سوى نقطة من بحر جرائم عائلة الأسد، وما خفي أعظم بمئات المرات، فهناك عشرات المجازر بل المئات التي أخفى النظام معظمها، وخرج بعضها للعلن مثل مشاهد مجزرة التضامن.
جثث بلا دماء.. مجزرة كيماوي الغوطة الشرقية
تعتبر هذه المجزرة من أشنع المجازر في تاريخ سوريا الحديثة وأكثرها إجراما بحق الشعب السوري، وأصبحت تعرف باسم «مجزرة الكيماوي»، قامت قوات النظام السوري في ليلة الأربعاء الموافق 21 (أغسطس/آب) 2013، بإستهداف مدن وبلدات الغوطة الشرقية شرقي العاصمة دمشق بعدد من القذائف المدفعية بعضها يحتوي غاز السارين السام والقاتل، وفي لحظة والناس نيام أتى الموت عليهم وأخذ المئات منهم بينهم عشرات الأطفال والنساء.
تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها أن المجزرة تسببت بسقوط ما لا يقل عن 1127 شخصًا خنقًا، بينهم 107 طفلًا و201 سيدة، بالإضافة لإصابة 5935 بحالات إختناق، وتؤكد الشبكة في تقريرها أن الوقت الذي أختاره النظام لقصف المدنيين وهم نيام مع هدوء الأجواء كان الغاية منه إبادة أكبر عدد ممكن من المدنيين، وكانت الرسالة من هذه الجريمة لبقية الشعب أن الخروج على النظام ستكون مغبته قاسية.
سجلت المجزرة على أنها أوسع هجوم كيماوي عرفه السوريون والعالم بعد اعتماد إتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1997، ولكن المجزرة لم تنتهي بعد حيث ما تزال تبعاتها تلاحق الناجين منها الى هذا اليوم، حيث سجل ولادة العديد من الأطفال بتشوهات خلقية، بالإضافة لتهديد العشرات منهم بالإصابة بمرض السرطان نتيجة تعرضهم للغاز السام.
كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد وضع خطاً أحمر للنظام السوري في حال تخطاه فإن عواقبه ستكون وخيمة، وهو إستخدام السلاح الكيماوي فقط، بينما الأسلحة الأخرى مثل البراميل المتفجرة وصواريخ السكود والصواريخ العنقودية والفسفورية مسموحة، وعندما تخطى النظام الخط الأحمر وداس عليه، وقف العالم كله على قدم واحدة في إنتظار الرد الأمريكي، ولكنه لم يحصل!!.
بعد 6 أعوام ما يزال المجرم الذي أمر ونفذ المجزرة قابع في قصره العاجي بالعاصمة دمشق يواصل إجرامه من هناك أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، حيث قرر هذا العالم «الديمقراطي» أخذ أداة الجريمة «السلاح الكيماوي» دون محاسبة المجرم الذي لم يكتفي بخنق المدنيين بل هجرهم و أخرجهم من أرضهم الى ادلب بعد سقوط الغوطة الشرقية عام 2018، وسعى بعدها لمحو آثار جريمته عبر نبش قبور قتلى الكيماوي.
المأساة تتكرر.. خان شيخون تستنشق الموت
يقول المثل الدارج «من أمن العقوبة أساء الأدب»، لم يكن النظام السوري ليجرؤ على إستخدام الكيماوي مرة أخرى لو أن خط أوباما الأحمر قد تم احترامه من قبل البيت الأبيض آنذاك، ففي صبيحة يوم الثلاثاء 4 أبريل(نيسان) 2017 عند الساعة 6:49 صباحاً نفذت طائرة حربية تابعة للنظام السوري غارة جوية على الحي الشمالي من مدينة خان شيخون بريف ادلب الجنوبي بأربعة صواريخ أحدها كان محملاً بغاز السارين السام، ما أدى إلى لمقتل 91 مدنياً خنقاً، بينهم 32 طفلاً، و23 سيدة، وإصابة ما لا يقل عن 520 آخرين.
تلقى المجتمع الدولي هذه المجزرة بموجة من التنديدات و الشجب والإنكار، أما البيت الأبيض ورئيسه دونالد ترامب فقد قرر توجيه ضربة صاروخية بعد وقوع المجزرة بـ3 أيام، حيث قامت المدمرتان الأمريكيتان «بورتر و روس» بقصف قاعدة الشعيرات التي انطلقت منها طائرات الأسد لقصف خان شيخون بـ59 صاروخ كروز من طراز توماهوك، ما أدى لتدمير أجزاء من المطار، ولكن سرعان ما أعاد الروس والنظام إصلاح المطار ليعود لعمله السابق في قتل السوريين.
وحمل تقرير دولي أُرسل إلى مجلس الأمن الدولي «بعد 6 أشهر من تنفيذ المجزرة» النظام السوري المسؤولية عن الهجوم الكيماوي على خان شيخون، وتوصلت آلية العمل المشتركة بالفعل إلى أن القوات الحكومية السورية مسؤولة عن ثلاث هجمات بغاز الكلور في 2014 و2015، وعلى الرغم من كل هذه التأكيدات لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا بل واصل إنكاره وشجبه فقط، حتى تمكن النظام السوري بدعم روسي من السيطرة على مدينة خان شيخون في 20 أغسطس (آب) 2019، قام خلالها بتهجير أهلها وتدمير منازلهم.
السكاكين سلاح الجريمة... مجزرة الحولة
حُفرت مجزرة الحولة بريف محافظة حمص الشمالي في ذاكرة الثورة السورية لبشاعتها الشديدة والتي نفذها عناصر موالين من القرى الموالية للنظام والمحيط بمنطقة الحولة، حيث تجمع العشرات من قرى الطائفة العلوية التي يتبع لها رأس النظام السوري، ونفذت مجزرتها في عتمة الليل بحق الأطفال الرضع والنساء والشيوخ والشباب، وانسحبت تاركة ورائها بحرا من الدماء ليقوم الأهالي في صباح اليوم التالي بلملمة الأشلاء من المنازل والطرقات.
في يوم الأربعاء الـ25 من مايو (ايار) 2012، وبعد يوم شهد مظاهرات واسعة خرجت في بلدات منطقة الحولة التسعة ضد النظام السوري وطالبت بإسقاطه، لتقوم بعدها على الفور مدفعية النظام بقصف المنطقة بعشرات القذائف المدفعية لساعات متواصلة، وتجمع في هذا الوقت العشرات ممن يعرفون باسم «الشبيحة» الطائفيين المدفوعين من قبل النظام وشحذوا سكاكينهم وحملوا أسلحتهم وانطلقوا لتنفيذ مجزرتهم قبل بزوغ الشمس بقليل، وتم تنفيذها تحت جنح الظلام.
مع تواصل قوات النظام السوري قصف المنطقة بعشرات القذائف كان من الصعوبة بأي حال التنقل في المنطقة، ولزم جميع من المدنيين منازلهم، ولكن مع إقتراب المغيب وهدوء القصف نسبيا وصلت أنباء عن وقوع مجزرة في ضواحي بلدة تلدو الواقعة ضمن منطقة الحولة، ليتوجه إليها الأهالي والناشطون ويجدوا عشرات الجثث لأطفال ونساء مزق الرصاص رؤوسهم والسكاكين أعناقهم وبطونهم، وراح في هذه المجزرة 117 شخصا بينهم 50 طفلا دون العاشرة و32 امرأة، وكانت بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة موجودة في المكان ووثقت المجزرة وعندما انتهت من ذلك وخرجت من المنطقة عاودت قوات النظام قصفها من جديد ولسان حالها يقول «المجتمع الدولي يجعجع فقط».
سقطت منطقة الحولة وريف حمص الشمالي بيد النظام السوري في مايو (آيار) 2018 بعد توقيع إتفاق استسلام بين روسيا وقوات المعارضة السورية، تم بموجبه تهجير الرافضين للإتفاق الى الشمال السوري، حيث جاء بعد حملة عسكرية شعواء وقصف جوي ومدفعي وصاروخي عنيف استمر لعدة أسابيع، وتم خلالها حشد المئات من شبيحة القرى الموالية للنظام والاستعداد للهجوم على المنطقة، ولاحت مجزرة الحولة مرة أخرى في مخيلة أهالي المنطقة الذين رأوا أنهم محاصرون من جميع الجهات ولا مهرب لهم... فتم توقيع الاستسلام.
الحبر والدماء معاً.. مجزرة الأقلام
يوم الأربعاء 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 لك يكن يوما عاديا بالنسبة لأطفال قرية حاس بريف ادلب الجنوبي، الذين تجهزوا صباحا للذهاب إلى مدارسهم لتلقي العلم على الرغم من القصف المتواصل لطائرات الأسد وروسيا بشكل مستمر على جميع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، حيث لم يمنعهم ذلك من التعلم وتوجهوا إلى مدارسهم إيمانا منهم أن سوريا تبنى بالقلم، ولكن هناك من يرى أن حكمه يبنى فوق دماء الأبرياء و جماجمهم، وكانت الفاجعة عند الساعة 10:52 صباحا.
أغارت طائرات حربية تابعة للنظام السوري على قرية حاس واستهدفت المنطقة التي تضم 3 مدارس بجانب بعضها البعض «مدرسة إبتدائية واثنتان إعدادية»، واستمر القصف على المنطقة قرابة الـ20 دقيقة قصفت خلالها الطائرات بـ9 صواريخ محملة بمظلات، وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها، أن الطائرات أغارت على مرحلتين، كانت الأولى عبر إستهداف أبنية المدارس بشكل مباشر والمرحلة الثانية كانت إستهداف الطلاب أثناء خروجهم من الأبنية هربا من القصف، في شكل متعمد ومقصود للقتل.
سميت هذه المجزرة بـ«الأقلام» لأن الحبر اختلط بدماء الطلبة والمدرسين وركام المدارس، تسب قصف النظام السوري بمقتل 39 مدنيا بينهم 32 طفلًا و6 سيدات بينهن 4 من الكادر التدريسي، كما قتل أيضا أحد المسعفين الذي حاول نقل الجرحى ولكن صواريخ النظام منعته أيضا من ذلك، وما تزال القرية في كل سنة تحيي ذكرى هذه المجزرة بينهم الطلاب الذين نجوا منها.
يوم ماتت الرحمة.. مجزرة داريا الكبرى
كانت مظاهرات مدينة داريا التي خرجت ضد النظام السوري كبيرة جدا، وبسبب قربها من العاصمة السورية دمشق، كان لا بد للنظام من التحرك لإيقافها والسيطرة عليها، ومنع هذه التظاهرات بكل السبل الممكنة والإجرامية منها بكل تأكيد، لتحدث في ثاني أيام عيد الفطر مجزرة مروعة كانت أولى المجازر التي نفذتها قوات النظام بهذا الحجم والإجرام اللامتناهي.
تقع مدينة داريا غربي العاصمة دمشق وتبعد عنها 8 كيلومترات، وهي أكبر مدن الغوطة الغربية وعدد سكانها يتجاوز الربع مليون نسمة، وكانت مصدر قلق دائم للنظام السوري الذي شن عشرات الحملات العسكرية على المدينة وكانت أولى هذه الحملات وأشرسها في ثاني أيام عيد الفطر يوم الإثنين 20 أغسطس (آب) 2012، حيث قامت قوات النظام بمحاصرة المدينة من جمع الجهات ومنعت الخروج والدخول إليها، وبدأت حملة قصف همجية بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة لأيام متواصلة، دارت خلالها معارك عنيفة بين قوات النظام والجيش السوري الحر، وفي اليوم ال22 من ذات الشهر كانت داريا على موعد مع بداية المجزرة الكبرى.
تصدى الجيش السوري الحر المعارض لمحاولة قوات النظام السوري احتياج المدينة، حيث قام الأخير بإحضار قرابة ال30 دبابة ومئات العناصر لإنجاح هذه المهمة حتى لو كانت على جماجم المدنيين الذين خرجوا في مظاهرات واسعة، واستخدم النظام أسلوب الأرض المحروقة في تقدمه في كل شبر من المدينة، ما أجبر عناصر الجيش الحر أخيرا للإنسحاب من المدينة في صباح يوم الجمعة، ليدل بعدها عشرات ممن يعرفون بـ«الشبيحة» ونفذوا عملية انتقام واسعة طالت العشرات من أبناء المدينة.
وعند الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الجمعة 24 أغسطس (آب) 2012 وبعد انسحاب الجيش السوري الحر، اجتاحت أعداد هائلة من قوات النظام والشبيحة المدينة وبدأت بعمليات انتقام واسعة عبر قتل المدنيين وحرق للمنازل والمحال التجارية ولعدد من السيارات، واستمرت المجزرة يومين كاملين، كان العناصر يدخلون المنازل يقتلون من فيها ومن ثم يتوجهون الى المنزل الذي يليه، وهكذا، حتى بلغوا مسجد «أبو سليمان الديراني» وقد احتمى عدد من المدنيين بداخله وقاموا بقتلهم جميعها وقتلوا جميع من كان في المباني المجاورة للمسجد.
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها عن المجزرة 524 قتيلا ، وأيضا 100 مفقود لم يعرف مصيرهم، وسقط في المجزرة أكثر من 1160 جريحا، وأشارت الشبكة في تقريرها أن عدد القتلى أكبر من ذلك بكثير لأن عدد كبير من الجثث قد تم دفنها مباشرة ودون التعرف على أسماء أصحابها وعدد كبير من الجثث مشوهة بالكامل لا يمكن التعرف عليها.
لم تكن مجزرة داريا في ذلك الوقت عادية ولكنها لاقت استهجان وتنديد أممي ودولي ضعيف جدا، لم يرقى لحجم المأساة خاصة بعد انتشار عشرات المقاطع والفيديوهات التي أظهرت الجثث المنتشرة والمرمية في كل مكان، لتكتمل المأساة بعد 4 سنوات من المجزرة تمكن فيها النظام السوري من السيطرة على المدينة، حيث توصلت لجنة ممثلة عن فصائل وفعاليات داريا، إلى اتفاق مع النظام السوري يقضي بتهجير المدنيين والمقاتلين إلى الشمال السوري ، في 26 من آب 2016، وأتى الدمار على 95% من مباني وطرقات المدينة، خلال سنوات الثورة.
بالسواطير.. مجزرة الصنمين
مدينة الصنمين الواقعة بريف درعا الشمالي كانت إحدى المدن التي خرجت في مظاهرات واسعة ضد نظام الأسد وطالبت بإسقاطه، ولكن من سوء حظها العاثر يوجد في محيطها عدد من الألوية والكتائب العسكرية ويوجد فيها مقر قيادة الفرقة التاسعة التابعات للنظام كما أنها قريبة الى العاصمة دمشق، ما جعلها مهمة جدا من الناحية العسكرية للنظام الذي سعى في تاريخ 10 أبريل (نيسان) 2013، لبسط السيطرة عليها، ونفذ فيها أحد أكبر المجازر في ذلك الوقت.
في صبيحة يوم الأربعاء شن النظام السوري هجوما واسعة على الصنمين، حيث قام بمحاصرة جميع المداخل والمخارج، وقام بقصف المدينة لمدة 3 ساعات متواصلة بشكل مكثف وعشوائي ما أدى لسقوط العديد من القتلى والجرحى، ومن ثم دخل مئات العناصر برفقة الشبيحة، وجرت على إثرها اشتباكات عنيفة ضد الجيش الحر الذي حاول منعهم من التقدم ولكنه فشل في ذلك وانسحب على إثرها بعد إستخدام النظام عدد من المدنيين كدروع بشرية، الأمر الذي فتح الطريق لهم لتنفيذ أكبر مجزرة حصلت في المدينة.
اجتاحت قوات الأسد والشبيحة المدينة، واستمرت عمليات القتل والذبح والاعتقال أكثر من 9 ساعات، حيث دخلوا عددا من المنازل وقتلوا كل من فيها من الأطفال والنساء، واعتقلوا العشرات بعضهم لغاية هذا اليوم لم يعرف مصيرهم بعد، وكان بعض العناصر يحملون السواطير (سكين كبيرة تستخدم لتقطيع اللحوم) ونفذوا بها عدد من الإعدامات الميدانية وقطعوا رؤوس المدنيين، وقتل في المجزرة ما لا يقل 63 قتيلا غالبيتهم قضى بالقصف العشوائي، وفي اليوم التالي قام الأهالي بدفن القتلى في مقبرة جماعية بعضهم عبارة عن أشلاء.
الأربعاء الدامي.. فزعة حوران لدرعا البلد
كانت الثورة ما تزال وليدة اللحظة، ولم يظهر بعد الحقد الاسدي بشكل واضح، إلا أنه في صبيحة يوم الأربعاء 23 من أذار (مارس) 2011، وبعد حصار درعا البلد وتوجه العشرات من أبناء مدن وبلدات محافظة درعا لفك الحصار، ظهر الحقد الأسدي وعرف الناس أن هذا النظام مجرم حتى النخاع ولا يمكن التعامل معه بصورة سلمية، وهذه المجزرة كانت الشرارة التي أدت لحدوث انشقاقات كبيرة في صفوف جيش النظام ليتم بعد ذلك تأسيس ما عرف بالجيش الحر.
وصلت الحشود الى مدينة درعا حيث سمح النظام لها وسهل لها ذلك، حتى ينفذ أحد أكبر مجازره في تلك الفترة، وفي مخيلته أن تكون رادعا للسوريين وتخويفا لهم، إلا أنها كانت الشرارة التي أشعلت الثورة بشكل كبير جدا، وعند وصول الحشود الى دوار البريد بمدينة درعا لتقوم بعدها قوات النظام بإطلاق النار على الناس وتقتل ما لا يقل عن 30 شخصا وجرح العشرات منهم.
اعتقد النظام أنه بهذه المجزرة سيدب الرعب في قلوب أهل درعا، إلا أن الشهداء كانوا ممن أتى الى درعا نصرة لها، وتوزع دم الثورة في جميع المحافظة لتشتغل نارا وجمرا، على جنود النظام، وما كان مخططا لها أن تكون النهاية فقد كانت البداية.
حماة.. مجزرتي الهلال و أطفال الحرية.
مع بداية الثورة السورية شهدت مدينة حماة أكبر مظاهرة على الإطلاق خرج فيها أكثر من 650 ألف شخص، طالبت بإسقاط النظام السوري، وكان شهر يوليو (تموز) 2011 بداية كتابة المأساة الحموية الثانية، والتي أعادت الذاكرة إلى مأساة حماة الأولى التي نفذها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في فبراير (شباط) لعام 1982 وراح ضحيتها أكثر من 30 ألف قتيل حسب تقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان، وجاء الأسد الابن للإنتقام من حماة مرة أخرى على خروجها ضده وضد نظامه، ونفذ جيشه عدة حملات قام فيها بقتل وإعتقال العشرات من أبناء المدينة.
قام السفيرين الأمريكي والفرنسي بزيارة مدينة حماة في 8 يوليو (تموز) 2011 وتقديم الدعم المعنوي للمتظاهرين ولأهالي القتلى الذين سقطوا برصاص عناصر قوات النظام، وأتت الزيارة في وقت شهدت المدينة العديد من المجازر والاعتقالات، حيث سببت هذه الزيارة حرجا للنظام وقام باستدعاء السفيرين إلى الخارجية السورية لتقديم الاعتراض على هذه الخطوة.
وكانت إحدى هذه المجازر المروعة التي قام بها النظام السوري والتي راح ضحيتها أكثر من 80 قتيلا بينهم أطفال ونساء في جمعة أطلق عليها اسم «أطفال الحرية» بتاريخ 3 يونيو (حزيران) 2011 ، حيث قامت قوات النظام والشبيحة بإطلاق النار المباشر على المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة العاصي وسط مدينة حماة، في سعيهم لتفريقهم بالقوة وبث الرعب في قلوبهم حتى لا يخرجوا مرة أخرى في أي مظاهرة، الأمر الذي فشل فشلا ذريعا وتم بصورة عكسية حيث خرجت مظاهرات حاشدة وكبيرة لاحقاً.
وبعد زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي الى حماة شهدت المدينة هدوءً نسبياً في هذه الفترة استمر قرابة ال23 يوما، حيث انسحبت قوات النظام من كامل المدينة، وأصبحت تحت سيطرة المتظاهرين فقط، حيث خرج في يوليو (تموز) 2011 أكبر المظاهرات في تاريخ الثورة السورية بـجمعة أطلق عليها اسم "ارحل" وسط مدينة حماة بساحة العاصي، وذلك بسبب شعور المدنيين بعدم تواجد قوات النظام في المدينة وشعورهم بالأمان، ولكن هذه المظاهرة كان لها الوقع الأكبر على صورة النظام السوري الذي تجهز لإقتحام المدينة بالقوة.
في تاريخ 31 سبتمبر (أيلول) 2011، وبعد حشود عسكرية كبيرة بالدبابات والمدرعات ومئات العناصر والشبيحة، اجتاحت قوات النظام السوري مدينة حماة من 4 محاور، ودارت على إثرها اشتباكات عنيفة ضد المتظاهرين الذي أخذوا السلاح الخفيف من المخافر التي انسحبت قوات الأسد منها سابقا، لتدور على إثرها معركة سهلة جدا للنظام السوري الذي اقتحم المدينة بسرعة كبيرة، ونفذ فيها مجزرته والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن 100 شخص غالبيتهم تم قتلهم بسلاح ناري عن قرب فيما يبدو أنها إعدامات ميدانية بينما قالت مصادر محلية أن أعداد القتلى يتجاوز ذلك بكثير، و سميت بمجزرة الهلال لأنها وقعت في أول أيام رمضان المبارك، ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن لم تشهد ساحة العاصي أي مظاهرات، بينما اقتصرت التظاهرات في مناطق متفرقة من المدينة وكانت بالعشرات فقط، ولكن النظام سرعان ما أنهى هذه الاحتجاجات أيضا وعادت المدينة بشكل كامل تحت سيطرته.
مجزرة التريمسة.. إنتقام اللئام
كغيرها من مدن وقرى ريف حماة انتفضت قرية التريمسة ضد نظام الأسد وطالبت بإسقاطه وخرجت في مظاهرات عديدة، ولأن حظها العاثر كان لوجودها بجوار عدد من القرى الموالية للنظام والمليئة بمن يعرفون بالشبيحة، فقد كانت هذه التظاهرات رسالة تهديد لهم جميعا لذلك تجهزوا في صبيحة يوم الخميس 12 يوليو (تموز) 2012 لمجزرة تعد من أكبر المجازر في تاريخ الثورة السورية.
قامت قوات النظام السوري المدعومة بعشرات الشبيحة بمحاصرة قرية التريمسة بشكل كامل، وبدأت على الفور عملية قصف عنيفة بالقذائف المدفعية والصاروخية ما تسبب بسقوط العديد من القتلى والجرحى بين المدنيين وتدمير شبه كامل لمنازلهم ولجأ المئات منهم إلى مساجد القرية والى المدارس لاعتقادهم أنها أكثر أمناً ولكنها كانت هدفًا مباشرًا أيضا.
وتقدمت القوات التابعة للنظام والشبيحة لتشتبك مع عناصر تابعين للجيش السوري الحر وتدور معركة استمرت قرابة الساعتين فقط وانتهت بمقتل غالبية عناصر الحر، وأثناء ذلك حاول العديد من أهالي القرية الهروب عبر المزارع ولكن القناصين كانوا لهم بالمرصاد، وعند ذلك دخل الشبيحة الى منازل المدنيين وكانوا يأخذون الرجال ويقتلونهم على الفور بطلق ناري مباشر، واستمر القتل في القرية لعدة ساعات، لتنسحب بعدها الدبابات والعربات والعناصر، ويضربوا طوقًا امنيًا حول القرية و يمنعوا أحدا من الدخول أو الخروج، وكل من يحاول الخروج يكون الرصاص مصيره، وفي ذلك اليوم المرعب عمل الأهالي على رفع الأنقاض وسحب الجثث وبلغ عدد القتلى حسب إحصائيات محلية أكثر من 200 قتيل وعشرات الجرحى، ولكن هناك عشرات آخرين لم يتم العثور على جثثهم او أي أثر لهم ويعتقد أنهم قتلوا وتم سحب الجثث أو تم اعتقالهم حيث ما يزال مصيرهم مجهول لغاية اليوم.
مدينة دوما.. 3 مجازر تحكي الألم
هي عروس الغوطة الشرقية وأيقونة الثورة السورية التي دفعت من دماء أبنائها المئات في حربها ضد النظام السوري، تعرضت مدينة دوما لمجازر مروعة كثيرة يصعب إحصائها، وهي المدينة التي كانت تودع يومياً العديد من القتلى جراء القصف والغارات أو خلال المعارك، ولكن كما هي العادة فهناك مجازر يكون لها الطابع الوحشي الذي يرتبط بالذاكرة ولا يكاد يفارقها، 3 مجازر لا ينساها أبناء دوما ولا السوريين جميعهم.
اقتحمت قوات النظام السوري والشبيحة مدينة دوما بعد قصف عنيف جدا بالطائرات المروحية في 29 يونيو (حزيران) 2012 ما أجبر الجيش السوري الحر وعدد كبير من المدنيين وأيضا الأطباء على الهروب من المدينة، وذلك بعد مقتل وجرح العشرات منهم خلال عمليات القصف التي وصفت بالعشوائية، ودخلت قوات الأسد والشبيحة الى المدينة وعاثوا فيها سرقةً وقتلًا، كما تم ضرب حصار خانق على أحياء المدينة وقطعت الكهرباء والماء وأيضا الاتصالات كما مُنع الغذاء والدواء، تقول الشبكة السوري لحقوق الإنسان أن هذه العملية العسكرية أدت لمقتل 71 شخصا بينهم طفل تم ذبحه بالسكين.
المجزرة الثانية كانت وحشية وتهدف بشكل مباشر لإلحاق خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين في سبيل كسر صمودهم، وهذه المرة حلقت الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري في سماء مدينة دوما عند الساعة الواحدة ظهرا بتاريخ 16 أغسطس (أب) 2015 في وقت ازدحام الأسواق واستهدفت ســوقين شــعبيين مــا أدى إلى دمــار كبــير في المنطقة وسقوط 122 قتيلا بينهم 11 طفلا وسيدتان وأكثر من 485 جريحًا، وفاحت رائحة الموت والدماء من المنطقة لعدة أيام.
كانت المجزرة الثالثة هي أخر مجزرة وقعت في المدينة قبل تهجير أهلها الى الشمال السوري وسقوط أخر قلاع فصائل المعارضة الواقعة في محيط مدينة دمشق، وهذه المرة كانت المجزرة بسلاح الأسد المفضل وهو الكيماوي، ففي يوم السبت 7 أبريل (نيسان) 2018 قامت طائرة مروحية تحمل براميل متفجرة تحتوي مادة كيماوية سامة بإلقائها على أحياء دوما ما أدى لوقوع حالات إختناق كثيرة غالبيتهم من الأطفال والنساء، وغصت المشافي الميدانية بالمصابين وسط عجز الأطباء عن معالجة المدنيين الذين بلغت أعدادهم الـ 550 مصاباً بحالات إختناق لعدم وجود الدواء أو الأجهزة الخاصة بمثل هذه الحالات، ليصل عدد القتلى في هذه المجزرة الى 41 قتيلا بينهم 12 طفلا و15 سيدة، وعندها فقط تم طي صفحة الغوطة الشرقية ودخل النظام السوري بفضل الدعم الجوي الروسي وتمكن لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية في 2011 من بسط سيطرته الكاملة على دمشق ومحيطها.
طائفية ... مجزرة البيضا وبانياس
منذ إنطلاق الثورة السورية كانت قرية البيضا ومدينة بانياس الواقعة في محافظة طرطوس من أوائل المناطق التي خرجت في مظاهرات لإسقاط النظام السوري، ويتذكر جميع السوريين ما حصل في قرية البيضا بتاريخ 12 أبريل (نيسان) 2011 عندما اقتحمها الشبيحة وجمعوا شبابها في ساحة القرية وقاموا بالدعس عليهم وإهانتهم وإذلالهم وانتشرت صورهم على جميع مواقع القنوات العربية والعالمية، ولكن لم تكن هذه المجزرة التي هزت وجدان السوريين وضمير الإنسانية، ففي تاريخ 2 مايو (آيار) 2013 هجم شبيحة القرى الموالية للنظام على أحد أحياء مدينة بانياس وقرية البيضا ونفذوا فيها مجزرة مروعة جدا.
قبل المجزرة بساعتين فقط، دارت اشتباكات بين دورية تابعة لجيش النظام السوري ومنشقين عنه في محيط قرية البيضا، تمكن فيها المنشقون من قتل وجرح عدد من عناصر الدورية، لتصل هذه الأنباء إلى القرى الموالية للنظام لتتحضر للانتقام، ولكن ليس من المنشقين بل من الأهالي الآمنين في قرية البيضا وحي رأس النبع في مدينة بانياس، وبدأت جموع من الشبيحة بتطويق القرية والحي من جميع الجهات وشنت حملة قصف عشوائية بعشرات القذائف أدت لمقتل وجرح العشرات، ومن ثم اقتحموا المنازل ونفذوا عمليات ذبح بالسكاكين والرصاص المباشر، وتم تنفيذ أحد أبشع المجازر في تاريخ الثورة السورية والتي راح ضحيتها أكثر من 495 قتيلا بينهم 92 طفل و71 إمرأة، هذا عدا عشرات المفقودين ممن يعتقد أنه تم تصفيتهم وسحب جثثهم أو تعرضوا للاعتقال ومصيرهم ما يزال مجهولا لغاية الان.
ستة أيام من الرعب... مجزرة «جديدة الفضل»
كان هناك حاجز تابع لقوات النظام في بلدة جديدة الفضل الواقعة غربي العاصمة دمشق يقوم بإهانة وإذلال المدنيين وسرقتهم، حيث شنت فصائل من المعارضة المسلحة هجوما على هذا الحاجز وقتلت وجرحت عدد من العناصر، وكما هي عادة النظام فإن عقابه يتوجه للمدنيين العزل، لتقوم مئات من عناصر النظام السوري والشبيحة بتطويق البلدة من جميع الجهات وقامت بقصفها بعشرات القذائف ومن ثم بدأت بإقتحام البلدة.
كان عناصر النظام السوري يدخلون منازل المدنيين ويقتلونهم إما ذبحا بالسكاكين أو بإطلاق النار المباشر، وفي هذه الأثناء وجه أهالي البلدة نداءات استغاثة وقامت فصائل المعارضة بشن هجوم عسكري تمكنت فيه من كسر الطوق المفروض على البلدة ما سمح لعدد من المدنيين بالهروب الى مناطق أكثر أمنا، ودارت بعد ذلك معارك عنيفة استمرت 6 أيام بدأت من 16 أبريل (نيسان) 2013، ذاق فيها المدنيين أهوال كبيرة حيث أحال القصف العنيف منازلهم الى ركام ودمار، وفي كل يوم مر من أيام هذه المجزرة كان القتلى يتساقطون كما أوراق الشجر تماما.
انسحبت فصائل المعارضة بعد نفاذ ذخيرتها بالكامل وكسرت طوقًا كانت قوات النظام قد ضربته على البلدة وتمكنت من الانسحاب مع عدد من المدنيين، ومن تبقى في البلدة فمصيره لازال مجهولا لغاية اليوم، تقول الشبكة السورية في تقريرها أن عدد قتلى المجزرة تجاوز الـ191 قتيلا بينهم 17 من عناصر فصائل المعارضة و174 مدنيا بينهم 9 أطفال و8 نساء، ويشير التقرير إلى أن أعداد القتلى أكبر من ذلك بكثير، في حين قالت بعض التقارير إلى أن العدد يتجاوز الـ 483 قتيلا حسبما قالت لجان التنسيق المحلية.
مجزرة نهر الشهداء (قويق)
لاحظ المارة الذين كانوا يمشون بجانب النهر أجسامًا غريبة تطفو على سطح الماء، ليصيح أحدهم «إنها جثث جثث»، وانتشر الخبر في كامل مدينة حلب وقتها ليتوجه مئات المدنيين وعناصر الجيش الحر الى النهر ويبدأوا بعملية البحث وانتشال الجثث من النهر الذي باتت رائحة الموت تفوح منه في كل مكان، لترتسم على وجوه الجميع حالة من الرهبة والغضب وأيضا الحزن.
في صبيحة تاريخ 29 يناير (كانون الثاني) 2013، كان يوماً هادئًا نوعا ما في مدينة حلب حيث لم يشهد قصفاً على غير العادة، ولكنه كان يخبئ موتاً من نوع أخر، جرف نهر الشهداء (قويق سابقًا) في ذلك اليوم عشرات الجثث، جميعهم كانوا من الرجال موثوقي اليدين وعليهم طلقة في الرأس أو في الجسم وقد فارقوا الحياة، واستمرت عملية البحث وانتشال الجثث لـ 3 أيام انتهت بالعثور على 102 جثة غالبيتها كانت مشوهة واختفت معالمها، وبعض هذه الجثث كان يتم لملمة أعضائهم وأحشائهم ولم يتم التعرف على بعضهم، وتم وضع القتلى على ضفاف النهر في مشهد أليم جدا ترسخت صورتها في وجدان السوريين.
والجدير بالذكر أن طرفا الصراع (النظام والمعارضة) قد تبادلوا الاتهام بالمسؤولية عن هذه المجزرة، ولكن المؤكد أن من بين القتلى من تم اعتقالهم من قبل النظام السوري وأخرين فقدوا على حواجز النظام، ما يشير بشكل واضح إلى مسؤولية الأسد عن هذه المجزرة.
مجزرة الآبار.. لا آمان للقاتل
وقعت المجزرة في بلدة رسم النفل بريف السفيرة جنوبي حلب، في يوم الـ 21 من تموز عام 2013، حيث طوقت قوات الأسد البلدة من الجهة الشرقية والجنوبية، ما دفع الأهالي للهروب الى خارجها، إلا أن بعض عملاء الأسد أقنعوا الأهالي بالعودة وأن لا شيء سيحدث لهم، الأمر الذي أدى لوقوع أحد أكبر المجازر بتاريخ الثورة.
حصلت العديد من المعارك في محيط البلدة بين فصائل الثورة السورية وقوات الأسد والميليشيات الإيرانية في محاولة من الأول لتحريرها، ولم تشهد "رسم النفل" حراك ثوري من قبل ولم يشارك أهلها بالمظاهرات، إلا أن شبيحة الاسد عندما دخلوها نفذوا مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 208 شخص بينهم أطفال ونساء، والمروع أن المجزرة عرف عن وقوعها بعد شهر، لعدم تمكن أي شخص من الخروج من البلدة إلا بعد أيام عديدة ليروي القصة التي حدثت.
عندما عاد معظم الأهالي الى بلدتهم بعد الهروب منها، قامت المليشيات الإيرانية بتجميعهم جميعًا وسط البلدة وقامت بعد ذلك بتفخيخ عدد من المنازل وأدخلوهم بها، وفجروها بهم جميعا، ومن ثم قامت بإحضار جرافات لتجرف المنازل بمن فيها، كما تفنن عدد من الشبيحة بذبح عدد من الشبان والأطفال، ومن ثم قاموا برمي العديد من الجثث في آبار البلدة.
وبعد عدة أيام خرج الشبحية من البلدة وانتشرت أخبار المجزرة، ليقوم عدد من المدنيين في البلدات القريبة بالتوجه الى رسم النفل، لترى هول الفاجعة، لتقوم بعملية انتشال الجثث من تحت الركام وسحب الجثث من الأبار، واستمرت عمليات الدفن أكثر من شهر ونصف لعدم وجود معدات وآليات، واعتمد فيها الأهالي الى المعاول والاضافر.
مجزرة القبير... الطائفية بأبهى صورها
صبيحة يوم 6 يونيو 2012، قامت قوات الأسد بقصف قرية القبير الواقعة غربي مدينة حماة، بقذائف المدفعية والهاون، ومن ثم قام شبيحة الاسد بإقتحام القرية وقتل كل من كان أمامهم من أطفال ونساء ورجال، بالرصاص أو بالسكاكين ذبحًا، واستمرت عمليات القتل والذبح والسلب والسرقة أكثر من 12 ساعة، وبعد انسحاب الشبيحة من القرية أخذوا معهم بعض الأطفال والشباب الى مدينة محردة، ليقوموا بقتلهم هناك للتسلية فقط.
قرية القبير صغيرة جدا تسكنها 3 عوائل فقط وهي (اليتيم، العلوان، الفارس)، جميعهم من الطائفة السنية، ويحيطها قرى جميعها من الطائفة العلوية، حيث صبغت هذه المجزرة بصبغة طائفية قام بها شبيحة النظام، واشارت العديد من المصادر ان عدد الشهداء الذين سقطوا في المجزرة أكثر من 60 شخصا معظمهم من النساء والأطفال.
وزار مراقبون تابعون للأمم المتحدة القرية ورأوا أثار القصف والدماء وسمعوا إلى روايات من نجى من المجزرة، وأكدوا أن ما شاهدوه كان مروعا للغاية، حيث شاهدوا الدماء المتخثرة وأجزاء من جثث الشهداء ومبان مهدمة ومئات من ثقوب الرصاص على الجدران.
مجزرة الرقة.. حقد طيران الأسد
كانت مدينة الرقة تحت سيطرة تنظيم داعش، وفي صبيحة 25 تشرين ثاني (نوفمبر) 2014 شن طيران الأسد 10 غارات جوية بعدد من الصواريخ الفراغية استهدفت أحياء مدينة الرقة أدت لوقوع مجزرة مروعة جدا راح ضحيتها أكثر من 170 شهيدا بالإضافة لعشرات الجرحى.
واستهدفت الغارات المستودع الأصفر شمال المدينة، وحارة الصواحين شمالها ومنطقة جامع الحني وسط المدينة، ما أدى إلى سقوط مأذنة الجامع، وكذلك في حي اﻟﻤﺸلب، ومنطقة نزلة المتحف وسط المدينة، وغيرها، أدت لدمار كبير في المنطقة وسقط العديد من المنازل على رؤوس ساكنيها، حيث استهدفت الغارات مناطق سكنية فقط، ولم تتحدث الأنباء حينها عن استهداف أي مواقع لتنظيم داعش.
الكيماوي يضرب مرة أخرى.. سلاح الأسد المفضل
في صبيحة الـ12 من كانون الأول (ديسبمر) 2016، قصفت قوات الأسد قرى سوحا والنعيمة وجروح والصلالية وحمادي عمر والقسطل والصلالية في ناحية عقيربات شرقي حماة، بغاز السارين السام أسفر عن وقوع مجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء.
كانت المنطقة خاضعة لسيطرة تنظيم داعش، حيث أشارت المصادر لقيام طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام بقصف المنطقة بعشرات الصواريخ التي يحمل بعضها مواد كيماوية، وقد أدى ذلك لإستشهاد أكثر من 70 شخصا بينهم 35 طفلا و14 سيدة، في حين قال نشطاء أن عدد الشهداء قد تجاوز ال130 شهيدا، هذا بالإضافة لإصابة أكثر من 100 شخص بحالات اختناق.
مجزرة الشجرة.. الموت يلاحق أصحاب الخيام
من وجع الى وجع، من النزوح الى الموت هكذا كان حال سكان مخيم في بلدة الشجرة غربي درعا، حيث قامت مروحية للنظام في يوم 18 حزيران (يونيو) 2014 بإلقاء برميلين متفجرين على البلدة سقط أحدها مباشرة وسط المخيم ما أدى لوقوع مجزرة مروعة للغاية.
ضم المخيم عشرات العوائل من جميع مدن وبلدات محافظة درعا ممن نزح إليها جراء المعارك والقصف المتواصل من النظام السوري في المحافظة، قدر عدد سكان المخيم حينها بـ 5000 شخص، حيث سقطت البرميل وسط المخيم وأدى لإستشهاد أكثر من 70 شخصا معظمهم من النساء والأطفال وجرح أكثر من 150 شخصا تعرض العديد منهم لحالات بتر أعضائهم.
وتم نقل المصابين الى داخل الأراضي الأردنية لتلقي العلاج، حيث غصت مشافي مدينة الرمثا الأردنية حينها بالجرحى، وقام على إثرها حرس الحدود الأردني بمنع دخول المزيد من الجرحى، ما أدى لإرتفاع عدد الشهداء الذين قضوا متأثرين بجراحهم.
مجزرة تفتناز.. إعدامات ميدانية وحقد لا ينتهي
دارت معارك عنيفة في مدينة تفتناز شمال ادلب بين الفصائل الثورية وقوات الأسد، التي تمكنت من السيطرة على المدينة بعد عدة ساعات من المعارك استخدمت فيها الطائرات والدبابات والصواريخ، ما أجبر حينها الثوار للانسحاب منها، وعندها دخل شبيحة النظام من بلدة الفوعة الى المدينة وقامت على الفور بتنفيذ مجزرة مروعة بأهلها، تنفيذا للحقد الذي يملئ صدورهم.
تشير المصادر إلى ارتكاب قوات الأسد لمجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 67 شهيدا بينهم نساء وأطفال، غالبيتهم من عائلة آل غزال، إذ قاموا بتجميع المدنيين وقتل بعضهم ميدانيا وحرق أخرين أحياء، وقاموا بحرق وتدمير وسلب وسرقة أكثر من 300 منزل ومحال تجارية في المدينة،
وبدأت المجزرة التي وثقتها عدة منظمات حقوقية، بالتنكيل بالأهالي، وإعدامات ميدانية وحرق للبيوت والمنازل وأصحابها فيها، دون التمييز بين رجل أو امرأة أو طفل، ودهس لأشخاص بالدبابات.
ديربعلبة تبكي 200 من أبنائها قتلوا بدم بارد
لم تكن مجزرة سريعة بل كانت بطيئة حيث أخذ الشبيحة وقتهم في القتل والتعذيب والتدمير والسرقة، واستمرت قرابة ال17 يوما بين 7 – 24 نيسان (أبريل) 2012، في حي ديربعلبة شمال شرق مدينة حمص، حيث لا توجد إحصائية مؤكدة لعدد الشهداء، ولكن المؤكد أنها تجاوزت ال200 شهيد، في الوقت الذي قيل أن أكثر من 100 آخرين ما يزالون مفقودين لغاية اللحظة.
سيطر شبيحة النظام على الحي بعد معارك عنيفة استمرت عدة أيام أجبر فيها الثوار على الانسحاب من الحي بعد حملة قصف وتدمير ممنهجة، دخلت فيها الشبيحة وعاثوا فيه فسادا وقتلا وتنكيلا، غابت أخبار القابعين في الحي عن العالم، ولم تخرج أخبار المجزرة إلا بعد انسحاب الشبيحة منه.
ذكر نشطاء أن الجثث التي عثروا عليها لأشخاص قتلوا برصاص من مكان قريب يشير أنه تم إعدامهم ميدانيا وأخرين ذبحوا بالسكاكين، بينهم أطفال ونساء ورضع، يقول أحد الناجين من المجزرة، أن الشبيحة قاموا بجمع قرابة ال30 شخص في مستودع وذبحوا البعض منهم، ومن ثم رموا من تبقى بالرصاص لنتساقط فوق بعضنا البعض، ونجوت لأن الشبيحة اعتقدوا أني قتلت مع من قتل.
كرم الزيتون.. فاتحة الطائفية الأسدية
تعرض حي كرم الزيتون بمدينة حمص لقصف مدفعي عنيف استمر قرابة ال3 أيام دون توقف، أدى لوقوع شهداء وجرحى في صفوف المدنيين، ودارت اشتباكات عنيفة فيه بين الثوار من جهة وقوات الأسد وشبيحته من جهة أخرى، انتهت بتمكن الأخير من دخول الحي ونشر حقده وقتله في كل زاوية من زوايا الحي.
أدى القصف لوحده لإستشهاد ما لا يقل عن 30 شهيدا بينهم العديد من الأطفال والنساء، ويقول نشطاء أن النظام سمح ل3 باصات مليئة بالشبيحة من الأحياء العلوية بالدخول إلى كرم الزيتون ليبدأوا عملية تطهير عرقي بحق سكان الحي، وذلك في 26 كانون الثاني (يناير) 2012، حيث قتلوا بدم بارد أكثر من 22 مدنيا من أبناء الحي بينهم نساء وأطفال.
وفي يوم الجمعة 27 من ذات الشهر شيع الأهالي ضحايا المجزرة، في جمعة أطلق عليها اسم (جمعة حق الدفاع عن النفس)، رفعوا فيها لافتات ثورية مطالبين الجيش الحر بالدفاع عن الثورة وعن المواطنين في وجه الطائفية الأسدية العنصرية.
مجزرة الذيابية.. حزب الله ينشر حقده
كان موقع بلدة الذيابية ومخيم الحسينية للفلسطينيين لوحده كفيلا أن يكون وجهة للطائفيين من حزب الله والمليشيات العراقية الشيعية، حيث كانت هذه البلدة ضحية لقربها من مناطق الشيعة في السيدة زينب وغيرها، ففي صباح يوم 11 تشرين أول (أكتوبر) 2013، اقتحمت قطعان حزب الله ولواء أبو الفضل العباس البلدة بعد معارك عنيفة استمرت لثلاثة أيام.
يقول النشطاء أن الجيش الحر حاول منع حزب الله والمليشيات الشيعية من اقتحام البلدة والمخيم ولكنه فشل في ذلك بعد نفاذ الذخيرة وعدم مقدرته الوقوف أمام آلة القتل الأسدية من الطيران والمدافع الثقيلة، ما أدى لدخول شبيحة حزب الله لتنفيذ أحد أكبر المجازر في تاريخ الثورة السورية.
ذكرت مصادر عديدة أن ضحايا المجزرة كانوا أكثر من 130 شهيدا بينهم نساء وأطفال، غالبية الشهداء قتلوا رميا بالرصاص أو ذبحا بالسكاكين، حيث كانت المليشيات الشيعية وهي تنفذ حقدها تردد شعارات طائفية.
يروي ناجون من المجزرة أن جثث المدنيين كانت في الشوارع والطرقات وداخل المنازل وفي كل زاوية من زوايا البلدة والمخيم، وقام شبيحة حزب الله بإحراق البيوت وسرقة الممتلكات.
مجزرة المزرعة .. وحوش بلباس بشرية
بعد انسحاب الثوار من المنطقة بسبب قلة الذخيرة وحجم الغارات الجوية العنيفة التي تعرضت لها قرية المزرعة الواقعة بريف حلب الشرقي بمنطقة السفيرة، دخلت ميلشيات حزب الله وشبيحة النظام السوري إلى القرية ونفذوا فيها أحد أبشع المجازر بحق المدنيين.
نفذ حزب الله مجزرة بحق المدنيين في 21 تموز (يوليو) 2013 راح ضحيتها أكثر من 250 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، بالرصاص المباشر أو ذبحا بالسكاكين أو حرقا ورميا بالأبار المائية.
يقول أحد الناجين من المجزرة أن العديد من أهالي القرية هربوا منها بعد انسحاب الجيش الحر منها، ولكنهم تعرضوا لإطلاق نار مباشر ما أجبرهم على العودة الى القرية، ومن ثم أصدر الحزب أوامره للمواطنين بالتجمع في ساحة القرية، وذبح طفلا صغيرا أمام أعين الجميع، ومن ثم أحضر طفلا أخر وذبحه أيضا أمام أعينهم.
يذكر الناجي من الموت أن قيادي في حزب الله اقتاد 45 شخصا إلى أحد آبار القرية وقام برميهم واحدا تلو الأخر، وكان أحد من رماهم يحمل بين يديه طفلا رضيعا، وبعد ذلك أمر عناصره بسكب البنزين وحرقهم حتى يتأكد من موت الجميع.
يؤكد أحد الناجين أن حزب الله جّمع قرابة ال25 شخصا في أحد منازل القرية وسكب بنزين عليهم وحرقهم أحياء.
ديرالزور.. مجزرة الأيام الثلاثة
اقتحمت قوات الأسد مدعومة بالميليشيات الإيرانية والشبيحة في يوم 25 أيلول (سبتمبر) 2012 حيي الجورة والقصور بمدينة ديرالزور، وذلك بعد أن قرر الجيش الحر الانسحاب من الحيين المذكورين بعد حملة قصف عنيفة جدا من قبل جيش النظام، وذلك رغبة من الجيش الحر وقف القصف كون الحيين مكتظيين بالمدنيين وخوفا أن يزيد مقاومتهم من أعداد الضحايا.
إلا أن انسحابهم كان هدية للشبيحة والمليشيات الإيرانية الشيعية، لتنفيذ ما كانوا يتعودون به منذ بدء المعركة، حيث دخلوا الى الحيين من 3 محاور وانتشرت الدبابات والآليات في الشوارع، بالإضافة لمئات العناصر الذين يحمل بعضهم سيوف وسكاكين مشحوذة تقطر حقدا على السوريين، واستمرت المجزرة 3 أيام تخللها سرقات وحرق وتدمير للممتلكات.
أسفر الاجتياح حسب مصادر متعددة لوقوع ما لا يقل عن 400 شهيدا، حيث كان عناصر النظام يقسمون الأحياء الى عدة أقسام يقومون فيها بتجميع الأهالي وخاصة الشباب، ويقتلونهم جميعا إما بإطلاق النار او ذبحا بالسيوف والسكاكين، أو حرقا بأفران الخبز والتنور.
النبك.. مجزرة طائفية بإمتياز
شهدت مدينة النبك بمنطقة القلمون بريف دمشق، أحد أكبر مجازر النظام السوري على الإطلاق، ولكنها كانت بصبغة طائفية تماما، حيث كانت المليشيات الشيعية اللبنانية المتمثلة بحزب اللهـ والعراقية الممثلة بمليشيات لواء ذو الفقار وأبو الفضل العباس، حيث شن هؤلاء المجرمون حملة للسيطرة على مدن وبلدات القلمون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، وتمكنوا خلالها من السيطرة على عدة مدن وبلدات، إلا أن الجيش الحر تمكن حينها من صد هجومهم القوي على مدينة النبك.
في أواخر الشهر المذكور نفذت المليشيات الشيعية حملة قصف عنيفة جدا بالمدافع والصواريخ والغارات الجوية، مستخدمين تكتيك الأسد المفضل (الأرض المحروقة)، ودخلوا المدينة لتبدأ بعد ذلك تلك الميليشيات حملة دهم للمنازل وقتل عشوائية بالرصاص وذبحًا بالسكاكين وحرقا للجثث استمرت لمدة خمسة أيام، وقتل فيها ما لا يقل عن 360 مدنيا بينهم 98 طفلا و94 سيدة.
وفي النهاية، يطلب البعض من السوريين نسيان الماضي، وفتح صفحة جديدة مع المجرم، هذه الصفحة التي ستفتح ستكون ملطخة بالدماء أيضا، وأي صفحة ستفتح لاحقا سيقوم بشار الأسد بصبغها باللون الأحمر، إذ لا يمكن صنع السلام مع وحش بشري هواياته الموت والقتل، ومن غير المعقول مسامحة القاتل عن مئات الألاف من الشهداء، ولا الصفح عن عذابات المعتقلين، ولا صرخات الأطفال الخائفين، ولا عن تدمير المدن والأحياء والمنازل ولا عن نسف الأحلام.