فصل أعضاء من مجلس الرقة التابع لـ"قسد" بعد انتقاد تهميش المكون العربي
أفادت مصادر إعلامية في المنطقة الشرقية، بأنّ ميليشيا "ب ي د"، فصلت ممثل المكون العربي "محمد رمضان" في مجلس الرقة و 12عضواً آخرين، عقب انتقادات سياسات طالت "قسد" القائمة على التهميش والإقصاء.
وفي التفاصيل، تداولت مواقع تسجيل يظهر أحد أعضاء حزب "التحالف الوطني الديمقراطي السوري" حليف ميليشيا "ب ي د"، وهو يوجه انتقادات لاذعة للميليشيات جراء تهميش المكون العربي في مناطق سيطرتها.
ودعا المكون الكردي إلى عدم تهميش العرب في المؤسسات والإدارات التابعة لها لاجتماع عقده مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" الذراع السياسي لميليشيا "ب ي د"، وأشار إلى أن "اقتصار سلطة اتخاذ القرار بأيدي مجموعة عرقية محددة يذكرهم بسيناريو نظام بشار الأسد".
وأكد أن دورهم ضمن نظام الرئاسة المشتركة المطبق في كل المؤسسات المدنية في الرقة هو "دور شكلي" لا تأثير له وكافة المؤسسات والمراكز الخدمية تضم كوادر تابعين لتنظيم "PKK" الإرهابي ولا يحملون أي لقب رسمي ولكن يتمتعون بكافة الصلاحيات.
وقال إن "أي قرار يتم دائماً بالعودة إلى المكون الكردي"، موضحاً: أن "أي منصب معهود لعربي في المؤسسات واللجان الخدمية هو "تكملة عدد"، والقرار دائماً يكون عند الأكراد"، وتساءل: "هل ذلك بسبب ضعف إدارة المكون العربي أم أنها سياسة تتبعها السلطات الكردية"؟.
وتُعتبر المناطق التي تُسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشمال شرق سوريا ذات طابع عشائري، مما فرض على قسد والإدارة الذاتية التفاعل مع الفاعلين المحليين من شيوخ ووجهاء القبائل والعشائر منذ تأسيسهما.
وقد تنوعت سياسات قسد في التعامل مع هذه القبائل بين الاستثمار في العلاقات أو التحالف معها أو تفكيك مراكز القوة التقليدية فيها، بما يخدم مصالحها ويُعزز مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وتحرص "قسد"، على إظهار تواصلها مع شيوخ ووجهاء القبائل في المناطق التي تسيطر عليها، من خلال اجتماعات دورية ولقاءات سنوية، لكن العلاقة الفعلية بين الطرفين تعتمد على استراتيجيات محددة، تشمل:
وتستغل "قسد"، علاقتها مع بعض الشيوخ الموالين لها عبر تقديم امتيازات خاصة، مثل التدخل في التعيينات الإدارية أو كفالة مجموعات من المدنيين المحتجزين في مخيم الهول، مما يُعزز نفوذ هؤلاء الشيوخ داخل قبائلهم. بالمقابل، تحصل قسد على ولائهم وتضمن دعمهم في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لسياستها.
وفي بعض الحالات، تتخذ العلاقة بين قسد وبعض القبائل شكل تحالف متين، كما هو الحال مع قبيلة شمّر التي تُعدّ قوات الصناديد التابعة لها جزءًا رئيسيًا من قسد، إلا أن قسد حاولت تقسيم القبيلة عبر دعم قوى عسكرية وسياسية منافسة داخلها.
وتسعى إلى تفكيك القبائل الكبيرة التي لا تدعم مشروعها، من خلال بناء علاقات مع شخصيات معينة داخل القبيلة ومحاولة تقويض مراكز القوة التقليدية. وقد تلجأ أحيانًا إلى إحداث تغييرات قسرية في هيكلية القيادة داخل القبائل غير الموالية، عبر دعم شخصيات ثانوية أو من خلال عمليات اغتيال، كما حدث مع شيوخ قبيلة العفادلة والبوعساف.
من أبرز التحديات التي تُواجه استقرار العلاقة بين قسد والقبائل العربية هو الارتباط العضوي بين قسد وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، والذي ينعكس سلبًا على تعاملها مع القبائل. فكلا الحزبين يحتكر السلطة ويرفض مشاركتها، ويعتبران القبائل والعشائر أشكالًا اجتماعية رجعية تستوجب التفكيك.
وتتسم العلاقة بين قسد والقبائل العربية بعدم الاستقرار، وهو ما يتضح من موجات الاحتجاجات المتكررة ضد سياسات قسد، لا سيما في مناطق دير الزور ومنبج، وقد كانت المواجهات المسلحة بين مقاتلي القبائل وقسد في دير الزور في أغسطس 2023، بمثابة انعكاس واضح لهذه العلاقة المتوترة.
ويبدو أن مستقبل هذه العلاقة مرتبط بمدى نجاح الحراك العشائري في تحقيق مطالبه. فإذا نجحت القبائل في تحقيق أهدافها، فقد يشجع ذلك قبائل أخرى على تبني نهج مماثل لكن في حال استمرار قسد في نهجها الحالي، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من عدم الاستقرار في مناطق سيطرتها.
ولم تنجح قسد والإدارة الذاتية حتى الآن في إيجاد صيغة مناسبة للعلاقة مع القبائل والعشائر العربية، واستمرت في التعامل معها كعدو أو منافس محتمل تسعى لتهميشه وتفكيكه، هذه السياسة خلقت حالة من انعدام الثقة بين الطرفين، تجلت في عدة مناسبات على شكل احتجاجات أو مواجهات مسلحة.
ويأتي ذلك في خطوة تنفي زيف "الديمقراطية" التي ترفعها "ب ي د" شعاراً لها، وتقوم سياسة "ب ي د" في كل المناطق التي تسيطر عليها على إقصاء المكون العربي، مقابل تفرد الأكراد بالمراكز الحساسة والمفصلية، وخاصة في الشقين العسكري والاقتصادي.