فصائل من "الوطني" تواصل تعدياتها بقطع الأشجار وقيادتهم تكافح الظاهرة بـ "النصائح"
أفادت مصادر إعلامية محلية بتصاعد عمل ورشات قطع الأشجار الخاصة بالمدنيين لاسميا الزيتون وضمن الأحراش المنتشرة في مناطق مدينة عفرين بريف حلب شمال سوريا، رغم تصاعد التحذيرات من تداعيات قطع الأشجار في المنطقة دون أي استجابة من قبل "الجيش الوطني السوري" الذي يقف خلف هذه العمليات بشكل مباشر.
وأرجعت المصادر تزايد حالات قطع الأشجار بشكل كبير خلال الفترة الحالية مع حلول فصل الشتاء، وزيادة الطلب على مادة الحطب التي يُعتمد عليها في التدفئة، في حين تضاعف سعر المادة التي تطرح بكميات كبيرة في الأسواق المحلية في شمال وشرق حلب بعد عمليات قطع الأشجار.
وتفرض مجموعات من "الجيش الوطني" رقابة شديدة على الأحراش تنحصر -وفق نشطاء- على المدنيين فقط، في حين تتساهل في تأمين عمليات دخول ورشات قطع الأشجار وشحنها وطرحها في الأسواق المحلية بإشراف الفصائل العسكرية بشكل مباشر.
ونشرت عشرات الصور والفيديوهات التي تظهر عمليات القطع الجائر لأشجار الزيتون من الحقول الزراعية بريف عفرين، رغم وجود أصحابها سواء من المكون العربي أو الكردي، من قبل عناصر الفصائل دون أي رادع.
فيما نشرت "إدارة التوجيه المعنوي" التابعة للجيش الوطني السوري، يوم أمس السبت 11 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، نصائح تحت عنوان: "لا تقطعوا الأشجار"، وسط انتقادات كبيرة لطريقة تعاطي السلطات العسكرية والإدارية مع هذه الظاهرة دون وجود أي إجراءات رادعة رغم التحذيرات.
وسبق أن أطلق الجيش الوطني السوري بفيالقه الثلاثة حملة لمكافحة عمليات قطع الأشجار العشوائية وغير المسؤولة في مناطق سيطرته في ريف حلب الشمالي، وذلك بهدف حماية الثروة الحراجية في المنطقة.
وأعلن الفيلق الأول عن حملة تشجير واسعة في مناطق انتشاره في ريف مدينة عفرين بهدف زيادة المساحة الخضراء في المدينة وأريافها، في حين عمم الفيلق الثاني بخصوص كل من يقوم بعمليات القطع غير المسؤولة للأشجار الحراجية.
وأكد على مفارزه الأمنية توقيف أي جهة أو شخص يقوم بقطع الأشجار في منطقة عمليات غصن الزيتون وتحويلهم إلى الإدارة الأمنية أصولاً، بينما أعلن الفيلق الثالث تسيير دوريات نهارية وليلية لأفراد الضابطة الحراجيّة في مناطق انتشاره.
وقال إن مهمتها الحدّ من القصّ الجائر للأشجار بنوعيّها الحراجي والمثمر مشيراً إلى أن الضابطة قامت خلال الفترة الماضية بإحلالة 473 مخالفاً للجهات المختصة وكتابة 346 تعهداً بعدم قطع الأشجار، إضافة لحجز 316 سيارة ودراجة نارية مستخدمة في نقل الأشجار المقطوعة، وفق تقديراته.
وفي آب/ أغسطس الماضي تداولت صفحات محلية على مواقع التواصل مقطعاً مصوراً يظهر أشخاص يقومون بقطع الأشجار من الأحراش الحراجية قرب بحيرة "ميدانكي"، بريف مدينة عفرين شمالي حلب، وتتم هذه العمليات من قبل فصائل من "الجيش الوطني"، وذلك ضمن عمليات ممنهجة، رغم خطورة تداعيات هذه الانتهاكات على البيئة وغيرها من الآثار السلبية.
وتعيد هذه المشاهد المتداولة حديثاً، تسلّيط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة التي أتت على أجزاء ضخمة الغطاء النباتي الطبيعي رغم تكرار التحذيرات ومزاعم سلطات الأمر الواقع مكافحتها، وبالواقع لم يأخذ "الجيش الوطني"، دوره في حماية هذه الأحراش بل كان الراعي الرسمي لعمليات القطع التي يقوم بها عناصر من الفصائل، دون رادع أو محاسبة.
وتتقاسم الفصائل العسكرية فيما بينها السيطرة على الأحراش وتتولى مهام منع وحظر الدخول إليها بحجة حمايتها، وفي الواقع تقوم بمصادرة كميات الحطب والآليات التي تتواجد في الحرش بحال جرت عمليات قطع الأشجار دون التنسيق معها.
وقال ناشطون لشبكة "شام"، إن ظاهرة قطع الأشجار وحتى المثمر منها، مستمرة منذ سنوات وتزايدت وتيرتها في كافة نواحي وأرياف مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، وفي سياق مزاعم حماية هذه الأحراش ينفذ الجيش الوطني "دوريات وهمية"، لم تفلح بوقف أو حتى تخفيض مستوى قطع الأشجار وتحولت عدة أحراش إلى جرداء بالكامل.
وفي سياق متصل، لم تقم هذه الدوريات المزعومة بضبط أي فصيل بسبب التنسيق السري بينها خلال عمليات قطع الأشجار، فيما راح ضحية هذه الدوريات عدد من المدنيين ممكن لم يتمتعوا بميزة الاتصال بهم من قادة الدوريات قبل وصولها إلى الأحراش رغم أن دافعهم التدفئة أما عناصر الجيش الوطني يعملون ضمن شبكات منظمة بدافع التجارة.
وتشّكل حالات قطع الأشجار من قبل أشخاص مدنيين نسبة لا تذكر مقارنة بالفصائل التابعة للجيش الوطني، ومعظم هؤلاء الأشخاص يحاولوا الحصول على بعض الأغصان الساقطة على الأرض نتيجة عمليات القطع المُمنهجة، وطالما تكون حالات الضبط للمدنيين وذلك لإجبارهم على شراء الكميات التي يطرحها الفصيل بالأسواق المحلية.
هذا وتتزايد عمليات قطع الأشجار بالدرجة الأولى مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يقوم الفصيل بتخزينها تمهيدا إلى طرحها على الأسواق خلال موجات البرد، وتقوم الحواجز العسكرية التابعة للجيش الوطني بتسهيل عبور الشاحنات المحملة بالحطب التي تصل إلى مناطق مختلفة من الشمال السوري، وحتى مناطق سيطرة قسد والنظام عبر معابر الباب وجرابلس.
ويذكر أن عناصر "الجيش الوطني السوري"، يحصلون على رواتب متدنية كما أنها ولا تُسلم شهرياً رغم قلة قيمتها، ويضع مراقبون هذا الأمر من ضمن أسباب تزايد الانتهاكات التي تؤدي إلى تحصيل الأموال من قبل "الوطني"، وفي اتجاه آخر يعتبر ذلك مبرر غير صائب حيث تتهم الفصائل بالإتجار بحطب الأشجار كمصدر دخل لها، رغم صدور قرارات من المجالس المحلية بمنع القطع الجائر، إضافة إلى تعهد الفصائل بمحاسبة من يقوم بقطعها.