بعد فشل التوصل لاتفاق يُنهي تبعيته للهيئة .. ضغوطات وتحركات تركية ضد "تجمع الشهباء" شمال حلب
كشفت مصادر في "الجيش الوطني السوري"، عن فشل جميع الطروحات للتوافق مع فصيل "تجمع الشهباء" الموالي لـ "هيئة تحرير الشام" شمالي حلب، مايُعيد الصدام من جديد مع مكونات "الجيش الوطني"، كاشفة عن ضغوطات تركية تُحذر التجمع من مغبة مواصلة التنسيق وتسهيل انتشار وتمركز عناصر الهيئة في المنطقة.
وقالت المصادر لشبكة "شام"، إن مفاوضات عسيرة جرت خلال الأسابيع الماضية مع قيادة التجمع، لحثه على ترك التبعية لـ "هيئة تحرير الشام"، وإلزام عناصر الهيئة المتخفين تحت عباءة التجمع للعودة إلى إدلب، تمهيداً لدمج المكون ضمن مكونات "الجيش الوطني السوري"، وفق آلية يتم التوافق عليها، لكن لم تصل تلك المفاوضات لأي اتفاق.
وأكدت المصادر، أن فشل المفاوضات، دفع القوات التركية لتشديد اللهجة ضد قيادة التجمع، في وقت تحدثت أنباء عن مداهمات نفذتها قوات تركية والشرطة العسكرية اليوم الأربعاء 31 كانون الثاني، لمقرات تابعة لفصيل "أحرار الشام - القاطع الشرقي" المنضوي ضمن التجمع، واعتقال قيادات أمنية لـ "هيئة تحرير الشام" في مدينة الباب.
هذا التوتر يعود بالواجهة لسلسة من الصدامات في المنطقة بين التجمع مدفوعاً من قبل قيادة "هيئة تحرير الشام"، وفصائل الجيش الوطني السوري، ففي شهر سبتمبر ٢٠٢٣ اندلعت اشتباكات بين مكونات الفيلق الثاني في الجيش الوطني السوري من جهة، وحلفاء "هيئة تحرير الشام" منهم "تجمع الشهباء" من جهة أخرى، قبل التوصل لاتفاق بضغط تركي لوقف جميع الأعمال التصعيدية، لكن التجمع أخل بالاتفاق بضغوطات من قيادة "هيئة تحرير الشام".
وكانت قالت مصادر لشبكة "شام" في وقت سابق، إن الاشتباكات توقفت بطلب من جهة خارجية، وأن الأوامر تقتضي بعودة الأمور لما كانت عليه قبل التوتر الذي شهدته المنطقة، وعودة كل فصيل لمناطق تمركزه والانساب من المناطق التي سيطر عليها.
وكان أصدر "تجمع الشهباء"، بياناً حول ما يجري من أحداث في بريف حلب، وكان أعلن التجمع مؤخرا النفير العام وتأييده لأحد مكوناته وهو فصيل "حركة أحرار الشام- القطاع الشرقي"، (أحرار عولان) المقرب من "هيئة تحرير الشام".
وخاطب التجمع المتهم بتحالفه مع "هيئة الجولاني"، الثوار في مارع، واتهم بعض الأشخاص العاقين لتاريخ مارع الثوري بالبغي على إخوانهم الثوار في دابق، واعتبر أن مثل هؤلاء لا يفسدون الود الذي بين تجمع الشهباء وأهالي مارع، وتوعد التجمع بمحاسبة الساعين خلف "الفتنة" وفق تعبيره.
وفي 23 أيلول/ سبتمبر الحالي، نعى تجمع الشهباء "علي الحج عبدو"، الملقب بـ"أبو يعقوب قباسين"، من مرتبات "أحرار الشام- القاطع الشرقي"، ضمن ما قالت إنها "معركة رد المعتدين"، وفي بيان رسمي سابق أعلن تجمع الشهباء "النفير العام"، ودعم "حركة أحرار الشام- القطاع الشرقي" (أحرار عولان).
واعتبر أن ما يحصل هو حملة مسعورة من التجييش والفتنة بين مكونات الثورة السورية في الشمال السوري وتهدف إلى إشعال شرارة الاقتتال بين الفصائل، وأن ما يساعد على ذلك وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، الذي تحول إلى أداة لجر المنطقة والثورة إلى الفتن وعدم الاستقرار.
ويصدر "تجمع الشهباء" البيانات الرسمية تحت مُسمى "الجيش الوطني السوري"، منذ تشكيله في شباط الماضي، رغم نفي الجيش الوطني تبعية التجمع له، وجاء البيان الأخير بعد اندلاع اشتباكات بين تجمع الشهباء الموالي لهيئة تحرير الشام وفصائل من الجيش الوطني في مدينة صوران وسط استنفار عام للجبهة الشامية في مدينة إعزاز شمال حلب.
وكانت شهدت بلدات وقرى قباسين تل بطال والنعمان وشدود البوزانية وشعينة وصابونية وضاهرية وحجي كوسا وتلة شدار بريف حلب الشرقي، ودابق واحتميلات وصوران وكلجبرين بريف حلب الشمالي، مواجهات عنيفة بين مقاتلين من الجيش الوطني وآخرين من فصائل متحالفة مع "الجولاني".
وسبق أن أكد مكتب العلاقات العامة للفيلق الثاني، أن " تحريرالشام"، تثير الفوضى والفتنة والاقتتالات البينية متذرعةً بجملة لا تنتهي من الذرائع المكشوفة، ومايجري من بغي للهيئة هذه الأيام في قطاعات الباب وجرابلس خاصةً ودرع الفرات وغصن الزيتون عامة، ماهو إلا استجرار نهج البغي والظلم والفتنة المعهود من "هيئة الجولاني".
ولفت إلى أن تحرير الشام استغلت وجود مجموعات منشقة عن الجيش الوطني في منطقتي الباب وجرابلس لتنفيذ عملياتٍ أمنية كالخطف والاغتيال أو عمليات عسكرية كالهجوم على نقاط الرباط والمنافذ التجارية والإنسانية ومقرات الجيش الوطني، ما دفع قيادة الجيش الوطني إطلاق العملية الأمنية.
وذكر أن "العملية استهدفت المجموعات المنشقة في منطقة عولان عن الفرقة 26 والمنتسبة لما يسمى بـ" "تجمع الشهباء" وذلك بغية ضبط الأمن والحدود وتأمين عمل الإدارات الأمنية والمدنية ومنع العبث بأمن المواطنين أو تضييق سبل عيشهم عبر سياسة الاحتكار والنهب الممنهج لصالح الأجهزة الأمنية والشركات الاحتكارية في تنظيم هيئة تحرير الشام".
وتشهد منطقة ريف حلب الشرقي توتراً كبيراً منذ أشهر، بين مكونات فصيل "أحرار الشام - القاطع الشرقي" بعد انقسامه لطرفين، الأول يوالي هيئة تحرير الشام، والتي عملت على السيطرة على معبر الحمران، والثاني أعلن انضامع للفيلق الثاني في الجيش الوطني السوري، بعد أن عززت الهيئة قوات الأحرار في المنطقة، مستغلة تحركات أرتال العشائر مؤخرًا باتجاه شمال حلب.
وكانت دفعت "الهيئة" بتعزيزات عسكرية كبيرة من إدلب وريف حلب الغربي، باتجاه ريف حلب الشمالي والشرقي، تحت مُسمى الفزعة العشائرية في مهاجمة قوات "قسد" بريف منبج، وأبقت على تواجد هذه القوات في المنطقة ما أثار شكوك وريبة كبيرة حول مخطط تسعى لتنفيذه.
وبعد تعزيز القوة العسكرية لـ"تحرير الشام"، مستغلة تحركات أرتال العشائر، برزت نوايا الهيئة الخوض ببغي جديد لتعزيز نفوذها في منطقة "درع الفرات"، على غرار اختراق منطقة "غصن الزيتون".
وسبق أن أصدر قائد الأحرار "أبو حيدر مسكنة"، قرارات رسمية تنص على عزل كلا من "حسين الطالب أبو الدحداح" و"زكريا الشريدة أبو عمر"، المقربين من "الجولاني"، كما أصدرت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قرارا ينص على إعفاء "الشريدة والطالب" من كامل المهام الموكلة إليهم لمخالفة التعليمات العسكرية.
وردت "أحرار عولان"، المقربة من "الهيئة"، بقرار يقضي بعزل "أبو حيدر مسكنة"، من مهام قيادة القطاع الشرقي، وتعيين "حسين الطالب" الملقب بـ"أبو الدحداح منبج"، بدلا منه، بقرار حمل توقيع "حمود كياري" الملقب بـ"أبو زينب"، وهو رئيس مجلس الشورى، في أحرار الشام القاطع الشرقي.
ومنذ إعلان تشكيل التجمع يوم الخميس 2 شباط/ فبراير 2023، يضم فصائل "أحرار الشام القطاع الشرعي، وأحرار التوحيد، والفرقة 50 ومجموعات من حركة نور الدين الزنكي"، بدا واضحاً حجم التبعية التي يُدين بها لـ "هيئة تحرير الشام" التي ساعدت على تشكيله ليكون ذراعها في مناطق شمال حلب التي ترمي للسيطرة عليها وعلى مواردها، وخاض التجمع إلى جانب الهيئة التي سيرت الأرتال لدعمه عدة مواجهات مع مكونات الجيش الوطني في المنطقة.
وتعول "هيئة تحرير الشام" على استمرار الصراعات بين مكونات "الجيش الوطني"، وتخطط للتوغل في المنطقة عسكرياً، سبق ذلك استمالة عدد من المكونات والقيادات لصالحها مؤخراً، علاوة عن اختراق المنطقة أمنياً منذ عدة سنوات وتقوية أذرعها هناك، عبر عدة فصائل منها "أحرار الشام" التي باتت تدين لها بالولاء الكامل، وعبر فصائل أخرى تلاقت معها بسبب خصوماتها مع مكونات أخرى من "الجيش الوطني".