عوائد بآلاف الدولارات لصالح أمراء الحرب ... "شام" تكشف خفايا تجارة الأسماك بإدلب
عوائد بآلاف الدولارات لصالح أمراء الحرب ... "شام" تكشف خفايا تجارة الأسماك بإدلب
● أخبار سورية ٢٢ مارس ٢٠٢٢

عوائد بآلاف الدولارات لصالح أمراء الحرب ... "شام" تكشف خفايا تجارة الأسماك بإدلب

تنشط عمليات احتكار المواد والسلع التجارية المستوردة من قبل تجار محليين بالتعاون مع الجناح الاقتصادي في "هيئة تحرير الشام"، بالرغم من المعاناة الإنسانية وارتفاع نسب الفقر والبطالة التي يعيشها سكان محافظة إدلب.

ومن أهم المواد التجارية التي يتم احتكارها من قبل تجار مقربين من الجناح الاقتصادي لـ "هيئة تحرير الشام"، هي "السكر والمحروقات وتجارة مواد التدفئة والأعلاف والطيور والأسماك المستوردة"، والتي تدر ملايين الدولارات لصالح أمراء الحرب على حساب معاناة الشعب السوري.

تجار موالين للهيئة

وسلطت شبكة "شام" في وقت سابقا الضوء على عدة ملفات اقتصادية تتعلق بطرق الهيئة والتجار الموالين لها في توريد السوق بالمواد المذكورة وكيفية التلاعب بالأسعار لاسيما مادة السكر، وليس ملف "الأسماك المستوردة" بمعزل عنهم.

وعمل الجناح الاقتصادي في "هيئة تحرير الشام"، خلال السنوات الماضية على احتكار تجارة الأسماك عن طريق أحد التجار عبر بيع ملف الأسماك في محافظة إدلب إلى تاجر واحد على أن يقوم الأخير بدفع مبلغ مئتان وخمسون ألف دولار "250000" للموسم الواحد.

في المقابل يقوم الجناح الاقتصادي بحصر بيع واستيراد مادة الأسماك عبر التاجر الذي يشتري الملف ومنع دخول الأسماك من تركيا ومناطق شرق حلب إلا عن طريقه ليقوم التاجر باحتكار وبيع المادة بأسعار مضاعفة عن قيمتها الحقيقية بحماية الجناح الإقتصادي.

ويقول تاجر محلي يعمل بتجارة الأسماك في حديث لشبكة "شام": "انحصرت تجارة استيراد الأسماك في إدلب خلال السنوات الماضية بين ثلاث تجار محليين هم "م ك, ح ح, وأبو محمد  الملقب بـ "ن" حيث يقوم التاجر الذي يقع عليه الملف بالاتفاق مع التجار الموردين للأسماك في كل من تركيا ومدينة جرابلس الواقعة على نهر الفرات شرق حلب على شراء كامل الكميات المعدة للدخول إلى إدلب عن طريقه على أن يلتزم بشراء كامل الكمية.

ويضيف التاجر, أن كميات الأسماك الواردة إلى إدلب تبلغ 400 طن في الموسم الواحد 80 طن تدخل عبر معبر الغزاوية قادمة من جرابلس و320 طن تدخل من تركيا عبر معبر باب الهوى حيث يتم تخزينها وبيعها عبر مزادات علنية أسبوعيا في سوق الأسماك الواقع في مدينة سرمدا شمال إدلب.

ولفت المصدر لشبكة "شام", إلى أن قيمة الملف والبالغ مئتان وخمسون ألف أدى إلى ابتعاد الكثير من التجار المحليين على الاستيراد وحصر استيراد المادة عبر 3 تجار رئيسين في إدلب يمتلكون رؤوس أموال كبيرة قادرين على شراء الملف من الهيئة.

ذراع الهيئة الاقتصادي

تاجر محلي آخر يعمل في تجارة الأسماك قال لشبكة "شام"، إن الجناح الاقتصادي في "هيئة تحرير الشام"، اعتمد هذا العام آلية جديدة للتعامل مع ملف استيراد الأسماك على أن تبقى التجارة محصورة بين التجار الثلاث واسقاط المبلغ الذي كان يدفع مقدماً، مما دفع الكثيرين من التجار الصغار الدخول بشراكة مع المستوردين للأسماك وهذا ما حصل فعلا.

وأضاف, في المقابل تدخل "هيئة تحرير" الشام عبر ذراعها الاقتصادي بشراكة التجار الثلاث على أن تبلغ حصتها ال60 بالمئة من أرباح الموسم مما خلق باب من المنافسة بين التجار وزيادة في الطلب وهي الرابح الأكبر في كلتا الحالتين.

وأوضح المصدر الثاني لـ "شام", أنه بالرغم من دخول الجناح الاقتصادي للهيئة بشراكة استيراد الأسماك إلا أنها تفرض مبلغ 550 دولار ضريبة عبر معبري الغزاوية وباب الهوى على كل طن من الأسماك الداخلة إلى إدلب مما يحقق أرباح تقدر ب220000 ألف دولار سنويا من الضرائب وحدها.

وأضاف, أن السعر الحقيقي للاسماك بسعر الجملة المعدة للدخول إلى إدلب لا يتجاوز مبلغ ال5 ليرات تركية أقل من نصف دولار أمريكي بينما تباع بالسوق المحلية بأسعار تصل ال60 ليرة تركية 4 دولار أمريكي للكيلو الواحد مما يحقق أرباح تصل إلى أكثر من مليون و ثلاثمئة ألف دولار أمريكي في الموسم الواحد والذي لا يتجاوز مدة 4 أشهر.

كيف ترفد الهيئة خزينتها

وسبق أن نشرت شبكة "شام" تقريراً بعنوان "700 ألف دولار عائد ربحي" ... فقدان السكر بإدلب يرفد خزينة "الهيئة" ومصادر تكشف خفايا إدارة الأزمة"، سلطت فيه الضوء على حجم الاستغلال والربح في تجارة السكر في ظل الأزمة التي شهدتها مناطق إدلب وريفها وانقطاع المادة في الأسواق.

وكانت شهدت مناطق شمال غرب سوريا، خلال الأسابيع الماضية، انقطاع شبه كامل لمادة "السكر" والتي تعتبر مادة أساسية يحتاجها السكان، قبل خروج حكومة الإنقاذ (الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام)، بصفة المنقذ، وإعلانها اقتراب تأمين المادة في الأسواق ولكن بأسعار جديدة، محتجة بأزمة عالمية وانتهاء عقود، ومتحدثة عن مواجهة الاحتكار.

شبكة "شام" تابعت الموضوع عن قرب عبر بعد النشطاء والأهالي وتجار ينشطون في مناطق ريف إدلب، لتتكشف بعض تفاصيل اللعبة التي تقوم بها جهات تتبع لـ "هيئة تحرير الشام"، من خلال خلق أزمة في المنطقة ومن ثم حلها، لكن بما يعود بالربح والفائدة على خزينتها، من حساب المدنيين وقاطني المحرر.

وكان أرجع مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ "حمدو الجاسم" في تصريح نقلته وكالة "أنباء الشام" التابعة للهيئة، سبب انقطاع السكر بـ "العوامل الجوية الصعبة"، التي أثرت سلبًا على النقل البري من تركيا إلى المناطق المحررة، إضافة لانتهاء عقود السكر الموقعة مع الجانب التركي منذ مطلع العام الجاري، وعدم تجديد العقود.

أصدرت الوزرة المذكورة قرارًا يقضي بتسلّم كيس السكر بوزن 50 كيلوغرامًا في المحل المعتمد بسعر 38.5 دولار أمريكي، وحددت سعر مبيع السكر للكيلوغرام الواحد وضمن محال المفرّق بسعر 90 سنتًا أو ما يعادلها بالليرة التركية، مايعني زيادة على الأسعار وصلت لحد 5 ليرات على الكيلو الواحد.

حصر الاستيراد بيد الهيئة

مصادر "شام" أكدت أن الجهات المعنية التابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، قامت بحصر استيراد السكر لمناطق ريف إدلب بثلاث تجار فقط وهم "ع، ب"، ب، ن"، أ، س"، منهم مقربون من أمراء الهيئة، وطلبت من كل تاجر دفع تأمين قدره  (700) ألف دولار أمريكي، حيث بات مبلغ التأمين "٢١٠٠٠٠٠" أي مليوني دولار ومئة ألف دولار أمريكي بيد الهيئة.

لكن تبين لاحقاً أن التجار غير مسموح لهم بالاستيراد وفق العرف التجاري، وإنما تقوم الهيئة نفسها وعبر تجار آخرين، باستيراد السكر إلى مرسين التركية، ومن ثم تقوم بنقله إلى معبر باب الهوى، وهناك يتم تسليم التجار المذكورين السكر، بالأسعار التي تحددها الهيئة للطن الواحد.

وأوضح تجار في تركيا لشبكة "شام"، أن سعر طن السكر المستورد من النوع الممتاز، يصل من  مرسين التركية إلى الطبون في معبر باب الهوى الحدودي بسعر 565 دولار، ويتم تسليمه للتجار الثلاث، في حين حددت وزارة الاقتصاد سعر المبيع للطن الواحد بـ "770" دولار، أي بفارق أكثر من 200 دولار تقريباً للطن الواحد عن السعر الأصلي.

وبينت المصادر، أن فارق السعر الـ 200 دولار، في الطن الواحد، هي فارق كبير جداً بالمقارنة مع سعر السوق، وبالتالي عوائد مالية كبيرة لصالح الهيئة والتجار الموالين لها، وكشفت المصادر لـ "شام" أن كميات كبيرة تفوق حاجة السوق بمئات الأطنان تدخل للمحرر بشكل دوري عبر الترانزيت.

وبحسبة بسيطة، فإن حجم التأمين الذي قدمه التجار للهيئة والبالغ "٢١٠٠٠٠٠" أي مليوني دولار ومئة ألف، يمكن من خلالها شراء ماقدره "3716 " طن من السكر، ولو حسبنا فارق الـ 200 دولار لكن طن لصالح الهيئة، لبلغ حجم الربح الإجمالي قبل طرحه في السوق تقريباً "700 ألف دولار"، تذهب لصالح أمراء الحرب وشركائهم من التجار على حساب قوت الشعب.

الاحتكار ليس فقط للسكر

وأوضحت مصادر "شام" أن المبلغ المذكور بحسبة تقريبية "700 ألف دولار" هو إجمالي الربح العائد لمؤسسات الهيئة، قبل دخول السكر للأراضي المحررة، وقبل طرحه في السوق، وبالتالي ترك حيز بسيط للتجار الراغبين بالمنافسة، ما يدفعهم للعزوف عن الدخول في هذا المعترك، وترك المجال للهيئة لتنافس نفسها وتحقق الربح، بزعم تأمين المادة.

وبينت المصادر، أن الهيئة هي من أخرت توقيع العقود، رغم دفع مبالغ التأمين من التجار، في وقت لفتت مصادر "شام" إلى صفقة الحليب المصري التي أدخلتها الهيئة مؤخراً وقامت ببيعها في الأسواق من خلال إلزام تجار المفرق على شرائها مع مادة السكر، حيث تم تحميل كل كيس سكر 50 كغ، كيس حليب مصري بمبلغ 5 دولارات.

وتفيد معلومات "شام" أن الهيئة قامت باحتكار تجارة حليب الأطفال، بعد التضييق على مستوردي حليب "رينو لاك"، بعد ضغوطات مورست عليهم، دفعتهم لرفض التعاون مع الهيئة ومقاسمتها أرباحهم، مما أوقف توريد الحليب للمحرر، وبالتالي خلق أزمة كبيرة، رغم حاجة السوق المحلية المادة المهمة لها.

وذكرت المصادر، أن الهيئة لجأت كبديل لاستيراد حليب "نيدو" لكن تبين أن الدفعة التي وصلت للمحرر، هي حليب أطفال مصري، ذو جودة رديئة، لم تلق أي مبيع في الأسواق، فقامت الهيئة بمنع دخول أي نوع آخر لحين انقطاع المادة، ثم قامت بتحميل الحليب المصري مع مادة السكر بشكل إجباري لتجار المفرق، وبالتالي تحميل المدنيين عواقب غلاء السكر.

تجارة مع مناطق قسد والنظام

مصادر أخرى تحدثت معها شبكة "شام"، كشفت أن حجم كميات السكر التي تدخل للمنطقة تفوق حاجة المحرر بأضعاف، في وقت يمنع دخولها لمناطق ريف حلب الشمالي عبر معابرها على حدود عفرين، كاشفة عن قيام بعض أمراء الهيئة وبالتعاون مع تجار كبار، بتهريب شحنات عدة من مادة السكر لمناطق سيطرة النظام وقسد، وبالتالي تحقيق أرباح إضافية بمئات آلاف الدولارات، ولكن يتم ذلك بسرية مطلقة.

يأتي ذلك في وقت تواصل المؤسسات التابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، بمختلف مسمياتها، لاسيما ما يسمى بـ"حكومة الإنقاذ"، الذراع المدني لـ "هيئة تحرير الشام"، بوصفها سلطة الأمر الواقع، التضييق على المدنيين في مناطق سيطرتها، لاسيما في لقمة عيشهم الأساسية، وسط تصاعد حالة الاحتقان الشعبية المهددة بالقمع والاعتقال.

وعملت مؤسسات الهيئة على اتخاذ إجراءات تفاقم الوضع المعيشي والاقتصادي، بالتوازي مع تصدير المبررات والذرائع الإعلامية، فيما ينتج عن هذه الممارسات تدهور أوضاع المدنيين، وسط تقارير تنذر وتحذر من واقع المعيشية وغلاء الأسعار في مناطق الشمال السوري، دون أي خطوات تخفف عنهم، بل تمعن في ممارسة مايزيد من معاناتهم لصالح أمراء الحرب.

ولم تكتف "الإنقاذ"، التي يؤكد ناشطون سوريون إنها عبارة عن واجهة تنفيذية لأمراء الحرب ممن يستحوذون على موارد وإيرادات المناطق المحررة، باتخاذ قرارات تتعلق بمصادر تمويلها الضخمة، بل وصلت إلى لقمة العيش والغذاء والمواد الأساسية للمواطنين مما يفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية لا سيّما وأن نسبة كبيرة من السكان هم من النازحين ومجمل السكان يعانون من ظروف معيشية غايّة في الصعوبة.

غلاء جنوني في الأسعار

وباتت حالات غلاء الأسعار الجنوني والاحتكار بشكل يومي في مناطق شمال غربي سوريا سمة بارزة وحديث الشارع، نتيجة الارتفاع الغير منطقي علاوة على الاحتكار الممنهج للمواد وتسلط حكومة الإنقاذ عبر تخفيض وزن ربطة الخبز بشكل مستمر إضافة إلى رفع أسعار المحروقات والغاز مع دخول المنخفضات الشتوية التي تثقل كاهل المدنيين وتزيد من معاناتهم.

هذا وتشهد مناطق شمال غرب سوريا، لاسيما المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام وحكومتها الإنقاذ، حالة غليان شعبية كبيرة، جراء الارتفاع الغير مبرر للأسعار والاحتكار من قبل تجار الحرب، وصل لقوت المدنيين في الخبز وتخفيض وزن الربطة وزيادة سعرها، في ظل تغاضي كامل عن حال المدنيين والتباهي ببعض الأعمال الخدمية هنا وهناك لإظهار عمل تلك الحكومة.

وتجدر الإشارة إلى أن حكومة "الإنقاذ" الذراع المدني لـ "تحرير الشام"، ومنذ تشكيلها وفق سياسية إقصائية عملت على التسويق الإعلامي الوهمي لعدة إنجازات في الوقت الذي تحولت بشكل علني إلى جهات ربحية ويثبت ذلك دورها الكبير في تصدير القرارات والإجراءات التي يتضح أنها لا تصدر عن جهات مؤسساتية، إذ تقوم على إثراء الشخصيات الأمنية والاقتصادية النافذة على حساب أوجاع المدنيين وزيادة معاناتهم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ