اتهامات متبادلة بين "النظام وقسد".. هجوم "العشائر" يعيد التوتر ويخلط الأوراق.. ماذا يحدث بديرالزور..؟
عاد المشهد الميداني المعقد في مناطق ريف دير الزور، إلى الواجهة مجدداً مع هجوم مسلح واسع نفذته مجموعات من "جيش العشائر"، فجر اليوم الأربعاء 7 آب/ أغسطس، انطلاقاً من مناطق سيطرة النظام السوري، ضد مواقع تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتخلل الاشتباكات قصف متبادل على طرفي نهر الفرات شرقي ديرالزور.
وبالتوازي مع التوتر والفوضى أصدرت "قسد" روايتها حول الأحداث المتجددة، كما نشرت قوات العشائر روايتها هي الأخرى، وكان لافتاً تغطية إعلام النظام لهذه الهجمات بشكل مكثف وغير معهود بهذا الزحم، ومن المهم ذكره أن المواجهات بين "قسد والعشائر" وما نتج عنه من توتر وتداخل في أطراف النزاع اقتربت من إتمام العام الأول على انطلاق الشرارة الأولى للمواجهات في 27 آب 2023.
تحركات استبقت المعركة.. هل كانت "قسد" على علم بالهجوم؟
أفاد ناشطون في المنطقة الشرقية، بأن الهجوم الذي يعد هو الأعنف منذ أشهر، يمكن توصيفه بأنه هجوم خاطف إلا أنهم نقلوا عن مصادر أهلية قولها إن العديد من السكان كانوا يتوقعون هذا الهجوم من خلال عدة مؤشرات.
ومن هذه الدلالات فرض حظر تجوال قبيل الهجوم بساعات، وكذلك انسحاب قوات "قسد" من عدة نقاط عسكرية لعل أبرزها حاجز "الصنور" الذي سيطرت عليه قوات جيش العشائر في بلدة أبو حمام شرق دير الزور اليوم الأربعاء، في إطار المعركة التي تم إطلاقها من القوات العشائرية التي باتت تتلقى دعما من الميليشيات الإيرانية بشكل علني.
قادة ميليشيات إيرانية يقودون الهجمات الأخيرة.. السطام والخليفة شرقي الفرات
اجتازت مجموعات مسلحة تتبع لـ"جيش العشائر" نهر الفرات قادمة من مناطق سيطرة النظام السوري "شامية" باتجاه مناطق سيطرة "قسد"، "جزيرة" وظهر المدعو "هاشم مسعود السطام"، القيادي في الميليشيات الإيرانية على رأس القوة التي اقتحمت بلدة ذيبان.
ويقود "السطام" مليشيا "أسود العگيدات" المدعوم ٳيرانياً، ومؤسس ما تُعرف بـ"حركة ٲبناء الجزيرة والفرات" وكذلك ظهر القيادي في ميليشيا الدفاع الوطني "عبد الرزاق الحسن الخليفة"، بترأسه المجموعة التي اقتحمت أبو حمام بريف ديرالزور الشرقي.
ومن بين المشاركين عدة شخصيات محسوبة على ميليشيات النظام وهم "أحمد المسعود، "خليل العمر"، "عبد الرحمن المحمد" القيادي في فصيل “أسود الشرقية، وحسب وسائل إعلام مقربة من "قسد" فإن 80 عنصراً تسللوا إلى شرقي الفرات ضمن عملية التسلل بإشراف إيرانيين على تواصل مع "الهفل"، وفق تعبيرها.
الدفاع الوطني يؤكد مشاركة ميليشيا الأسد في الهجوم الأخير
وأصدر قائد مركز الدفاع الوطني بالحسكة، إخطار مسرب، يؤكد أن قسد قامت بتطويق كافة الطرق المؤدية الى المربع الأمني في مدينة الحسكة والقامشلي ومنع مرور الآليات من الدخول والخروج الى المدن حتى اشعار آخر.
واعتبر أن ذلك "رداً على الضربات الموجهة اليهم من الجيش العربي السوري والقوات الرديفة وقوات العشائر في محافظة دير الزور"، -وفق نص البيان- وأكد ناشطون المنطقة الشرقية بأن "قسد" فرضت طوقاً أمنياً في محيط المربع الذي تتمركز فيه ميليشيا النظام وإيران.
تدريبات بإشراف إيراني.. "الهفل" يجدد نفي تلقي الدعم من أي جهة
تركزت هجمات "قوات العشائر" بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، نقاط عسكرية على أطراف الصبحة وأبو حمام، والبصيرة والطيانة والحوايج وذيبان ويأتي الهجوم تزامنا مع نفي قائد قوات العشائر "إبراهيم الهفل" التبعية والدعم لأي طرف، في وقت اتهمت "قسد" مخابرات الأسد بتدبير الهجوم.
وسبق ذلك إجراء تدريبات عسكرية أشرفت عليها ميليشيا إيران بادية مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، وأكد ناشطون انخراط عدة جهات بهذه التدريبات تحت مسمى "جيش العشائر" قبل تجدد الهجوم على مواقع "قسد" عناصر من "الحرس الثوري الإيراني، الفرقة الرابعة، الدفاع الوطني وبعض المجموعات العشائرية.
وخلال الشهر الفائت أكد نشطاء حدوث استنفار عام لعناصر "الفرقة الرابعة" و"جيش العشائر" المدعومة من إيران، وانتشار دوريات لميليشيات تابعة لنظام الأسد في دير الزور؛ تمهيدا للهجوم الذي يخطط "جيش العشائر" لشنّه على مناطق شرق الفرات.
وأكد مصادر في دير الزور نصب عدد من الراجمات في بادية الميادين وتوجيهها نحو مناطق سيطرة قسد لدعم المهاجمين، وعبور عناصر تابعة للميليشيات إلى بلدة الشعفة بريف دير الزور الشرقي عن طريق معابر نهرية، للمشاركة في القتال ضد "قسد".
نقاط هامة في مسألة حراك دير الزور
أكد ناشطون في المنطقة الشرقية إن هناك 9 نقاط في مسألة حراك دير الزور، تتمثل أولى نقطة بأن هناك حالة رفضٍ شعبيٍ واسع النطاق لسلطات الأمر الواقع الممثلة بميليشيا قسد، وأن المواجهة الأبرز كانت في دير الزور في العام الماضي حين أعلن إبراهيم الهفل عن مواجهة قسد في حال لم تنسحب من دير الزور وتسلمها لأهلها.
مع الإشارة إلى أن بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتدخل مباشرةً في الصراع آنذاك، لكن حجم التعزيزات العسكرية والتهديد بتدمير القرى جعل الموازين حينها لصالح قسد وتم الوصول لتسوية لوقف إطلاق النار كمرحلة أولى يتبعها انسحاب تدريجي لقسد.
وأكدوا أن النظام السوري والإيرانيون استغلوا الاستقطاب الحاصل لمحاولة الضغط على أمريكا بتقديم الدعم الغير معلن للهفل مع وجود رغبة في التحرك ضدّ قسد الذي ينظر اليها كقوى انفصالية محتلة من قبل أهالي المنطقة.
ومحاولة اختزال الصراع ومسبباته وجذوره بالدعم الإيراني هو محاولة فقط لخلط الأوراق والتغاضي عن مسببات الرفض الشعبي لعصابات قسد التي تحاول فرض سلطة أمر واقع وأيديولوجية حزب العمال الكردستاني الغريبة عن المنطقة وهويتها ومصالح شعبها وارتكبت ولا تزال ترتكب الانتهاكات بحق ابناء المنطقة.
انحسار جزئي للمعارك.. كوارث تحل على السكان
وصلت تعزيزات عسكرية ضخمة تضم دبابات وعربات مصفحة إلى ناحية الصور شمالي دير الزور، واتجهت إلى الريف الشرقي، وسط تحليق الطيران في أجواء المنطقة، ونتج عن هذه المواجهات، قتلى وجرحى وأسرى، ونازحين، علاوة على الخسائر المادية نتيجة القصف المتبادل.
ومع إعادة "قسد" سيطرتها على أجزاء من المناطق التي خسرتها فجر اليوم وانسحاب القوات العشائرية من عدة مواقع تبين حجم الكارثة حيث تعرضت منازل عديدة للسكان للقصف بقذائف الهاون وسط خسائر بشرية ومادية بين صفوف المدنيين.
وأسفرت هذه المواجهات العنيفة عن سقوط ثلاثة قتلى وأكثر من أربعة عشر جريحًا، حيث تم نقل المصابين إلى مشفى جديد بكارة و مشفى الهدى في أبو حمام ، والذي ناشد عبر مجموعات واتساب ومكبرات الصوت في المساجد للتبرع بالدم.
و مع ساعات الظهيرة توقفت الاشتباكات بشكل كامل تقريبا في المنطقة في ظل الحديث عن إرسال قسد لتعزيزات عسكرية وفرض حظر للتجول في المنطقة بالتزامن مع تحليق مكثف لطيران التحالف الدولي.
وحسب الحصائل الأولية قتل شابان أحدهما برصاصة طائشة أثناء نومه على سطح منزله في حي اللطوة ببلدة ذيبان شرقي دير الزور، والآخر بطلق ناري طائش جراء الاشتباكات في بلدة غرانيج، وأصيب 4 مدنيين في بلدة الشنان جراء الاشتباكات الدائرة، في حين أغلقت "قسد" المعابر التجارية والمدنية في مناطق سيطرتها من اليوم وحتى إشعار آخر.
يذكر أن ما يسمى بـ"هيئة الداخلية لقوى الأمن الداخلي"، لدى "قسد" في دير الزور، قد فرضت حظر تجوّل كلي في مناطق عدة ضمن أرياف دير الزور، اعتباراً من اليوم وحتى إشعار آخر، نتيجة التوترات الأمنية الأخيرة، وسط معلومات عن شن حملات اعتقالات واسعة في بلدة أبو حمام شرق ديرالزور في منطقة الموح والمنازل القريبة على نهر الفرات، وسط تخوف بين صفوف الأهالي من الانتقام من المدنيين.