القوانين السعودية تجعل مواصلة التعليم لأكثر من 20 ألف طفل سوري "مستحيلة"
يعيش ألاف السوريين في المملكة العربية السعودية أيام عصيبة مع عدم إمكانية تسجيل أطفالهم في المدارس، بسبب القوانين السعودية التي تمنع حق الطفل في مواصلة التعليم، على الرغم من صدور قانون تم إعلانه في الصحف الرسمية فقط، ولم يتم تنفيذه على أرض الواقع، ما يطرح تساؤلات كثيرة.
وكانت السلطات السعودية أصدرت قوانين صعّبت إمكانية دخول أطفال مقيمين بصورة نظامية إلى المدارس الحكومية لمواصلة تعليمهم، وذلك في خرق واضح لحقوق الطفل وأحد أركانه هو حقه في التعليم.
مؤخرا أصدرت السلطات السعودية قانون تم إعلانه في عدد من الصحف الرسمية مفاده السماح لجميع الأطفال المقيمين بصورة غير نظامية بالتسجيل في المدارس الحكومية أو الخاصة، دون عوائق، ولكن في الحقيقة أن هذا القرار لم يخرج من الدائرة الإعلامية.
فقد وجد عدد من السوريين المقيمين بشكل غير نظامي في السعودية أنفسهم في وضع صعب للغاية، خاصة مع بدء العام الدراسي الجديد، حيث تم منع أطفالهم من دخول المدارس الحكومية، وحتى الأهلية والدولية.
ويقدر عدد الأطفال السوريين الممنوعين من مواصلة التعليم بالآلاف، حيث لا يوجد إحصائية رسمية أو غير رسمية لذلك، ولكن وحسب عدد من السوريين الذين تواصلنا معهم فقد تم تقدير عددهم بين 20 إلى 30 ألف طالب وقد يزيدون عن ذلك بكثير.
قوانين جائرة بحق الأطفال
القوانين السعودية السابقة تجبر جميع المقيمين في السعودية على امتلاك اقامة سارية المفعول حتى يسمح لأطفالهم بالتسجيل في المدارس الحكومية أو الأهلية، ولكن الكثير من السوريين ممن انتهت إقامته ولم يتمكن من تجديدها لأسباب كثيرة أهمها عدم قدرته العودة إلى سوريا بسبب الحرب والخطر على حياتهم من قبل النظام السوري.
الكثير من السوريين يعملون في السعودية بشكل غير نظامي، حيث يعيشون في قلق دائم على أنفسهم وعائلاتهم خوفا من التسفير أو الإعتقال، وفي كل سنة يجدون صعوبة كبيرة في تعليم أطفالهم وإدخالهم المدارس، ولكن هذه السنة بات من المستحيل عليهم تسجيل أطفالهم.
كان عدد من السوريين يجدون حلا وحيدا وبسبب القوانين السعودية التي تمنع أطفال المقيمين بشكل غير نظامي من دخول المدارس الحكومية أو الخاصة، حيث أن الحل هو بالتسجيل في مدارس تابعة لدول اخرى مثل مصر والسودان واليمن وغيرها حيث تقوم كل مدرسة بتدريس منهاجها الخاص التابع لدولتها، ولا يطلب من السوري اقامة سارية المفعول، ولكن مؤخرا أصبحت الاقامة شرط أساسي.
تواصلنا في شبكة شام مع أحد السوريين للإطلاع على القوانين السعودية في ذلك، قال أن الطلاب المسجلين قبل العام 2015 في المدارس الحكومية يمكنهم مواصلة الدراسة دون مشاكل، ولكن المشكلة للأطفال الذين ولدوا أو أتوا بعد ذلك، حيث يمنع عليهم التسجيل دون إمتلاك اقامة او زيارة نظامية.
ونوه أن الكثير من الأطفال السوريين الذين ولدوا في المملكة لا يملكون أي نوع من الإقامات السابقة، كون رب الاسرة لم يكن يملك اقامة سارية المفعول عند ولادتهم، ولم يغادر هؤلاء الأطفال المملكة اطلاقا، ما يعني أن القوانين السعودية الحالية لا تسمح لهم بمواصلة تعليم أطفالهم بأي حال.
كلام جرايد
يضيف أن المملكة السعودية سمحت مؤخرا لحامل تأشيرة زيارة سارية المفعول بتسجيل أطفالهم في المدارس الدولية أو الأهلية فقط، وهذه المدارس تكلفتها المالية عالية جدا قد تصل لأكثر من ثلاثة ألاف دولار في السنة، وهو مبلغ كبير خاصة مع عمل الكثير منهم بصورة غير نظامية ولا يملكون المال الكافي لإيجار المنزل ولإطعام أطفالهم ناهيك عن إكمال دراستهم في هكذا مدارس.
وعن القانون الذي أعلن في الجرائد فقط، يقول أحد السوريين "ذهبت إلى مكتب ادارة التعليم وعند سؤال الموظف عن تسجيل طفل سوري وزيارته منتهية، أجاب بالنفي وعدم السماح بذلك"، وعن القانون الجديد أجاب الموظف " أنه كلام جرايد"، يضيف "ذهبت بعد ذلك لمكتب التعليم الأهلي ومكتب التعليم العالمي وإدارة القبول لمكتب التعليم، فكان رد الجميع لا يمكن التسجيل الا في المدارس الأهلية فقط وبشرط ان يكون الطالب يحمل تأشيرة زيارة سارية المفعول ولا يقبل الطالب الغير نظامي".
لا إقامة.. لا تعليم
يؤكد شخص أخر تواصلنا معه يتواجد في الرياض، أنه حاول تسجيل طفليه في مدرسة حكومية وتم رفضه أولا لأنه لا يملك اقامة سارية، والحجة الأخرى أنه لا يوجد شواغر كافية، لذلك كان عليه أن يذهب إلى مدارس أهلية، ولكنه عندما ذهب إلى هذه المدارس أيضا طلبت منه إقامة سارية المفعول.
يؤكد السوريون أن هذه المعضلة أيضا تشمل الكثير من اليمنيين، دون تقديم السلطات السعودية أي حلول لذلك، ما يهدد مستقبل هؤلاء الأطفال، ولا بد من وجود استثناء إنساني في ظل القوانين السعودية دون النظر إلى وضع إقامتهم القانوني من عدمه، لأن الطفل لا يتحمل وزر هذا الأمر، إذ أن غالبية السوريين المقيمين بصورة غير نظامية مغلوب على أمرهم ولا يستطيعون العودة إلى بلادهم بسبب الحرب والخطر على حياتهم هناك.
وناشد السوريون الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمير محمد، بالنظر إلى وضعهم وتيسير أمورهم القانونية، حتى يتمكنوا من تسجيل أطفالهم في المدارس السعودية، بالتدخل بشكل مباشر في وضع حد للمأساة التي يعانون منها، والتي تؤثر على الأطفال وحياتهم بشكل عام.