على وقع كارثة الزلزال .. أكاذيب ومغالطات يرّوجها نظام الأسد .. ما هدفها؟
روج نظام الأسد إلى عدة أكاذيب خلال استغلاله لكارثة الزلزال المدمر في سوريا، وأبرز هذه المغالطات تتعلق بالمساعدات والعقوبات وصولاً إلى ادّعاءات حول تقديمه الدعم والعون للمتضررين في مناطق سيطرته، وتعد غالبية هذه المزاعم كذبات مكشوفة إلا أن النظام يواصل ترويجها ضمن سياسة ممنهجة تقوم على التضليل والتزييف.
كذبة الاستجابة لكارثة الزلزال ودعم لكافة المتضررين
يدعى نظام الأسد عبر البيانات والتصريحات الرسمية بأنّه استجاب للكارثة منذ حصولها فجر الإثنين 6 شباط/ فبراير الجاري، ويروج النظام إلى أنه يساند جميع السوريين المتضررين من الزلزال، علما أن مناطق الشمال السوري الأكثر تضرراً خارجة عن سيطرته.
وينتقم نظام الأسد من الشمال السوري عبر عرقلة دخول المساعدات إلّا عن طريقه، وكان صرح مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة، بأن نظامه لم يسمح بدخول المساعدات إلا عبره، ويحرض النظام على منع دخول المساعدات إلا بشروطه لضمان سرقتها وتمويل آلة القتل والتدمير التي ينتهجها ضد الشعب السوري.
وفي ابتزاز مفضوح قال سفير نظام الأسد لدى الأمم المتحدة إنه يرحب بكل المساعدة التي يمكنهم الحصول عليها بعد وقوع الزلزال ولكن يجب أن تأتي من خلاله، بمعنى أنهم لن يسمحوا بتسليم المساعدات عبر الحدود من البلدان الأخرى إلى المناطق المحررة والتي هي في أمس الحاجة إليها.
الترويج لمنع تقديم المساعدات.. العقوبات تمنع ذلك؟
تعد كذبة تأثير العقوبات المفروضة على نظام الأسد على الاستجابة لكارثة الزلزال أبرز الأكاذيب التي يعمد إلى ترويجها بشكل كبير، وجند النظام آلاف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر هاشتاغ "ارفعوا العقوبات عن سوريا"، وتداول موالون للنظام صورا من ضحايا الشمال السوري ضمن هذه الحملة الإعلامية وحول إعلام النظام صور معاناة الشمال إلى مادة لاستجلاب الدعم فحسب.
وعلى خلاف كذبة النظام حول العقوبات فإن الأخيرة لا تؤثر على المساعدات الإنسانية وتستثني عمل الإغاثة وإرسال الطعام والدواء والمساعدات الإنسانية، وما يكذب ذلك وصول عدة شحنات طبية إلى مناطق سيطرة النظام وعقب الزلزال أعلن نظام الأسد وصول إمدادات وبعثات إغاثية من دول مختلفة، كما تتلقى المشافي في مناطق النظام الدعم الطبي.
وطالبت عدة شخصيات تابعة لنظام الأسد برفع العقوبات المفروضة عليه بحجة تأثيرها على عمليات الإنقاذ، وقال رئيس منظمة الهلال الأحمر التابع لنظام الأسد "خالد حبوباتي"، "أناشد الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات"، وذكر أن "الهلال يريد الحصول على معدات لمساعدة متضرري الزلزال والعقوبات تمنع ذلك"، وفق زعمه.
هل يسمح النظام بدخول المتطوعين لإنقاذ السوريين؟
عمل نظام الأسد وروسيا مرارا على تشويه سمعة الفرق التطوعية في الشمال السوري، لا سيّما "الدفاع المدني السوري"، (الخوذ البيضاء)، بالمقابل يحاول موالون للنظام استغلال الكارثة بترويج كذبة تعمد الفرق الإغاثية في الشمال السوري عدم مساعدة المتضررين في مناطق سيطرة النظام، إلا أن نظام الأسد يمنع وصولهم و يعتبرهم "إرهابيين"، ويلاحقهم بالقتل والاعتقال.
وتشير معلومات إلى أن هدف نظام الأسد من ترويج هذه الأكاذيب والمغالطات يأتي كون الفرق التطوعية أثبتت جدارتها في العمل ضد آلة القتل والتدمير الأسدية وبأقل الإمكانيات وأكثر المناطق خطرا في العالم، ويهدف كذلك إلى تقديم الدعم لجهات تقوم بتمويله حيث يروج حاليا إلى أن التبرع عبر الأمم المتحدة وغيرها من الجهات التي تتعامل مع نظام الأسد يعتبر تبرع آمن ويصل إلى المتضررين، إلا أن هذا المفهوم غير صحيح ويستفيد النظام بشكل مباشر من هذا الدعم.
وفي سياق موازٍ أثبتت عدة تحقيقات وتقارير تواطؤ منظمات وأفراد في مؤسسات الأمم المتحدة مع نظام الأسد، وأكدت هذه التحقيقات استحصل أفراد وشركات أدرجوا على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية على حوالي 68 مليون دولار من أموال المانحين للأمم المتحدة، كما تفوز الشركات الممولة للأسد عادةً بعقود تنفيذ برامج الأمم المتحدة الإغاثية لا سيّما "مؤسسة الأمانة السورية" التابع لزوجة رأس النظام "أسماء الأخرس".
القتلة يدعمون ضحايا الزلزال!
يدعي إعلام النظام الاستجابة لكارثة الزلزال، وفي سياق ذو صلة يأتي الترويج لهذه الكذبة على يد قتلة ومجرمون بحق الشعب السوري، ونشر متزعم ميليشيا الدفاع الوطني "نابل العبدالله" وغيره العشرات من الشخصيات الإجرامية في نظام الأسد مزاعم تتحدث عن جهود إغاثة ودعم ضحايا الزلزال المدمر في سوريا.
ولم ينس نظام الأسد الترويج الكاذب لتأمين الخدمات الأساسية الغائبة قبل الزلزال أساساً، حيث يدعي تغذية الكهرباء للمحافظات المتضررة، وفي أحدث هذه المزاعم تصريح وزير النفط في حكومة نظام الأسد بأن الوزارة "تكفّلت بتأمين الوقود للمناطق المتضررة لتشغيل سيارات الإسعاف والآليات الهندسية من تركسات وروافع"، وفق تعبيره.
وكانت زعمت حكومة نظام الأسد إعادة تغذية الكهرباء للمحافظات المتضررة من الزلزال، كما ادعت توزيع الخبز مجاناً على مراكز إيواء مخصصة متضررين وسط سوريا، فيما يستغل إعلام النظام الكارثة للمطالبة برفع العقوبات المفروضة عليه.
هذا وانتقد ناشطون دعوات تقديم الدعم للنظام السوري، محذرين من خطورة الاستماع للأكاذيب التي روجها، ويعملون على دحض مزاعمه والمطالبة بوقوف المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، كما تعد المناطق الأشد تضررا في الشمال السوري خارج سيطرة النظام، وخرج الأخير لاستغلال الكارثة.
ما يدفع إلى طرح عدة تساؤلات بشأن هذه الدعوات، فكيف يفيد تمويل نظام الأسد في مساعدة المنكوبين في الشمال السوري؟، وحتى المنكوبين تحت سلطته لا يوجد أي ضمانة أن المساعدات ستصلهم، لأن نظام الأسد يواظب على سرقة المساعدات واستغلال الدعم بكافة أنواعه وأشكاله.
وتشير تقديرات بأن نسبة كبيرة من السوريين الذين يعيشون في المنطقة التي أصابها الزلزال هم ممن هجرّهم نظام الأسد من بلدانهم، وهي منطقة خارج سيطرته، ويحذر سوريون من التطبيع مع النظام أو جعله القناة الرسمية لتمرير المساعدات التي لن تصل إلى المتضررين ويعتبر ذلك أمر يتعدى الوقاحة السياسية ليصبح هزّة مضاعفة للمنكوبين، وفق تعبيرهم.