آراء وتصريحات متباينة حول رفع الرواتب في مناطق سيطرة النظام
تزايد الحديث عن إمكانية رفع الرواتب والأجور للعاملين في الدوائر الحكومية التابعة لنظام الأسد، حيث عادت للواجهة هذه المرة من بوابة التوقعات والتصريحات والوعود الخلبية التي يصدرها مسؤولي النظام والشخصيات الاقتصادية المرتبطة به عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وجدد تصريح رئيس حكومة النظام وآخر لعضو الموازنة في مجلس التصفيق، الحديث عن موضوع الرواتب، حيث نتج عن هذه التصريحات سيل من التوقعات حول قيمة وتوقيت زيادة الرواتب في سوريا، حيث قال رئيس مجلس الوزراء لدى نظام الأسد "حسين عرنوس" إن دراسة رفع الرواتب وتحسين الاقتصاد باتت في خواتيمها".
إلى ذلك قال عضو لجنة المال والموازنة في برلمان الأسد "زهير تيناوي"، إنه من المتوقع أن تكون زيادة الرواتب والأجور بنسب مرتفعة، ومن دون اللجوء إلى رفع أسعار حوامل الطاقة أو أي زيادة أخرى، وسط الترقب والتساؤل عن حجم زيادة الراتب، علما أن المسؤول ذاته نفى إمكانية رفع الرواتب والأجور وتحسين الواقع الاقتصادي بوقت سابق.
من جانبه استبعد الخبير الاقتصادي "عامر شهدا" أن تتجاوز الزيادة المتوقعة لرواتب موظفي المؤسسات الحكومية في سوريا 40%، وحذر من أن الزيادة المرتقبة، دون سياسة نقدية قادرة على امتصاص هذه الأموال وتثبيت معدل التضخم، قد "تتبخر مع ارتفاع الأسعار".
وقال إن الأسعار ارتفعت نحو 161 مرة عن عام 2011 جراء ارتفاع معدل التضخم، لافتاً إلى أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون 1.5 مليون ليرة سورية، بعدما كان تسعة آلاف في عام 2011، وأكد ضرورة تأمين الموارد لتغطية زيادة الرواتب، واتباع سياسة نقدية ملائمة، لتثبيت معدل التضخم بعد أي زيادة في الرواتب.
وكتبت الباحثة الاقتصادية "رشا سيروب" منشورا عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك، "في ظل زيادة التوقعات والتصريحات "غير الرسمية" برفع الرواتب والأجور، وسط طرح تساؤلات منها "هل ستتمكن الحكومة من رفع الحد الأدنى للرواتب إلى 1.5 مليون ليرة سورية في الشهر؟".
وذكرت أن 1.5 مليون ليس رقماً مبنياً على سعر الصرف أو أرقام دولية، بل بناء على أرقام التضخم الرسمية التي عادة ما يتم تجميلها وتلطيفها، وأكدت أن وفق الدستور السوري "لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيرها".
وذكر عضو "مجلس التصفيق"، محمد خير العكام، أن زيادة الرواتب يجب ألا تقل عن 100%، محذراً من أنها إن حصلت دون ضبط سعر الصرف والأسعار، فسيكون جزء كبير منها غير حقيقي، وقال خبير اقتصادي موالي للنظام إن صحّت الإشاعات حول دراسة حكومية لرفع الرواتب فهذا يعني موجة جديدة من التضخم والغلاء.
وأكد أن الأولى مكافحة التضخم وإعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية لتكون مشابهة للدول المجاورة على الأقل قبل التفكير بالزيادة التي سيبتلعها التضخم بسرعة قياسية، وقدر أن الأسعار ارتفعت 161 مرة عن 2011 والحد الأدنى للأجور يجب أن يكون 1.5 مليون ليرة سورية.
وقدر معدل التضخم ارتفع 3825 بالمئة بين 2011، 2021 وفق المكتب المركزي للإحصاء ما يعني أن الأسعار تضاعفت 40 مرة، وبالعودة لوزارة المالية التي قالت إن التضخم ارتفع عن العام الماضي بنسبة 100 بالمئة، نجد أن التضخم ارتفع 16137 بالمئة لذا يجب أن يكون الحد الأدنى للأجور 1.5 حيث كان 9 آلاف في عام 2011.
ودعا الباحث الاقتصادي "نبيل سكر"، إلى رفع أجور الموظفين في مؤسسات الدولة إلى حد يتيح لهم العيش الكريم، ويحميهم من إغراءات الدخل غير الشرعي، على أن تعوض الدولة عن هذه الزيادة من خلال مكافحة الهدر والفساد وزيادة إيراداتها من ممتلكاتها العقارية.
وقال في مقترحات لتحريك عجلة الاقتصاد، إن زيادة الإنتاج ستؤدي إلى ارتفاع دخل المنشآت الإنتاجية الخاصة، "وبالتالي تعزيز قدرتها على زيادة أجور موظفيها"، وطالب سكر الدولة بالتوقف عن رفع الدعم الاستهلاكي في الوقت الحاضر، وشدد على ضرورة التفكير جدياً بخصخصة القطاع العام الصناعي، لوقف استنزافه للمال العام.
وتجدر الإشارة أن راتب الموظف الحكومي الشهري لدى نظام الأسد يقدر بحوالي 100 ألف ليرة، يعادل حوالي 11 دولار أمريكي فقط، بعد أن وصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى حدود الـ 9000 ليرة.
ويذكر آخر زيادة للرواتب والأجور كانت في عام 2021، حين صدرت 3 مراسيم تشريعية، زاد الأول رواتب وأجور العاملين في الدولة بنسبة 30%، ونص الثاني على زيادة رواتب المتقاعدين 25%، فيما قضى الثالث باحتساب التعويضات على أساس الراتب الحالي.
هذا وزعم رئيس لجنة الموازنات في "مجلس الشعب" التابع لنظام الأسد والمعروف باسم "مجلس التصفيق"، "ربيع قلعجي"، بأن الزلزال تسبب باستنزاف الكتلة المخصصة لزيادة الرواتب والأجور، ما دفع حكومة النظام إلى تأجيل الزيادة حالياً.