
موازنة سوريا الجديدة.. أولوية للتعليم والصحة على حساب الدفاع والأمن
أكد وزير المالية في الحكومة السورية "محمد يسر برنية"، أن موازنة العام المقبل ستشهد تحولاً كبيراً في أولويات الإنفاق، إذ سيتم تحويل الجزء الأكبر من المخصصات من قطاعي الدفاع والأمن، اللذين كانا يحظيان بالأولوية في عهد النظام السابق، إلى قطاعات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل.
وأوضح أن الحكومة منحت قطاع التربية والتعليم أهمية قصوى ضمن الموازنة الجديدة، حيث رصدت زيادات في الأجور والتعويضات المخصصة للمعلمين والعاملين في هذا القطاع، كما تم تخصيص مبالغ لترميم المدارس وتحسين جودة التعليم وضمان حصول كل طفل في سوريا على مقعد دراسي.
وأشار إلى أن الخطة المالية تضمنت أيضاً مخصصات لمكافحة الفقر والتسول، مع العمل على الحد من ظاهرة التشرد في الشوارع وتوفير الدعم والرعاية للفئات الأكثر احتياجاً.
وبيّن أن حجم الموازنة العامة للسنة المالية 2024 بلغ نحو 35,500 مليار ليرة سورية، بينها 26,500 مليار ليرة للإنفاق الجاري و9,000 مليارات ليرة للإنفاق الاستثماري، مع تسجيل عجز إجمالي قدره 9,404 مليارات ليرة سورية.
وتأتي هذه التوجهات في وقت تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة على مستوى البنية التحتية والقطاعات الحيوية، حيث ما يزال أكثر من سبعة آلاف مدرسة خارج الخدمة، ويقدر عدد المتسربين من التعليم بنحو ثلاثة ملايين طالب، إلى جانب تفاقم ظاهرة التشرد وارتفاع تكاليف العلاج ونقص التجهيزات الطبية في المشافي الحكومية.
ويرى مراقبون أن إعادة توجيه أكثر من سبعين في المئة من حجم الموازنة نحو التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية تمثل خطوة استراتيجية تسعى الحكومة من خلالها إلى تحسين حياة المواطنين وتحقيق تنمية أكثر استدامة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، أعلن وزير المالية في الحكومة السورية أن الوزارة باشرت بإعداد مشروع الموازنة التكميلية لعام 2025، وبدأت في الوقت نفسه التحضير لموازنة متطورة للعام 2026.
وذكر أن ذلك بالتعاون مع خبراء من داخل الوزارة وخارجها، بهدف ضمان أعلى درجات الدقة والفاعلية في وضع السياسات المالية، وفق تصريح نُشر عبر قناة الوزارة على "تلغرام".
وأكد الوزير أن موازنة 2026 ستكون مختلفة شكلاً ومضموناً، معتبراً أنها ستشكّل "نقلة نوعية" على صعيد الشفافية وتكامل الرؤية الاقتصادية، مؤكداً أن إعدادها يتم بما ينسجم مع التوجهات العامة التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطاب تنصيب الحكومة.
وأشار إلى أن العمل على الموازنتين يتم بالتوازي، بما يلبّي الحاجة إلى التكيّف مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، مضيفاً أن الموازنة الجديدة ستكون أكثر استجابة لأولويات التنمية وتحسين الأداء المالي العام.
وكانت نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن وزير المالية قوله إن ستعقد اجتماعات مع صندوق النقد والبنك الدوليين بهدف "إعادة إحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفتح قنوات للدعم الفني، وبناء القدرات".
ووصف برنية الاجتماعات المزمع عقدها بـ"الاجتماعات الفنية"، وتأتي في إطار عدة لقاءات ستجريها سوريا، بما يخدم برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي ومصالح سوريا.
وكان أجرى وزير المالية السوري مباحثات مع وفد تقني متخصص في القطاع المالي والنقدي من البنك الدولي، وتضمنت المباحثات سبل تعزيز العلاقات المالية، وتطوير وتحديث مجالات العمل المختلفة في المصارف السورية.
وكانت قدرت وزارة المالية السورية أن الدين الأجنبي للبلاد يتراوح بين 20 و23 مليار دولار، فضلا "مليارات الديون المحلية"، وذكر الوزير في تصريح سابق أنهم ورثوا "دولة متهالكة ذات خزائن فارغة وديون ضخمة"، وأنه لم تكن لدى نظام الأسد "أي سجلات يمكن العودة إليها".
ويذكر أن وزارة المالية في الحكومة السورية الجديدة تؤكد أنها "لا تملك عصا سحرية لحل مشكلات سوريا الاقتصادية"، وتشير إلى أنها ورثت قطاعا عاما 70% منه شركات خاسرة، ما يستوجب بذل جهود كبيرة ومضاعفة لتحسين مستوى المعيشة والاقتصاد السوري المتهالك بفعل نظام الأسد البائد.