من ريف دمشق.. سيدة سورية تروي سنوات الاعتقال والفقد في زمن النظام البائد
من ريف دمشق.. سيدة سورية تروي سنوات الاعتقال والفقد في زمن النظام البائد
● أخبار سورية ١٧ يوليو ٢٠٢٥

من ريف دمشق.. سيدة سورية تروي سنوات الاعتقال والفقد في زمن النظام البائد

دفعت آلاف العائلات السورية ثمناً باهظاً لجرائم النظام البائد، الذي حوّل حياة الناس إلى مأساة دائمة، ومزّق نسيجهم الأسري، وترك في ذاكرتهم جراحًا لا تندمل. وبين تلك القصص، تبرز حكاية سيدة من ريف دمشق، عاشت فقدان ابنها، وموت زوجها تحت وطأة السجن، قبل أن تختبر بنفسها أهوال الاعتقال، فقط لأنها أرادت استخراج جواز سفر لابنها الأصغر.

تبدأ قصتها في عام 2013، حينما اعتُقل ابنها "عمار" على يد قوات النظام، ومنذ تلك اللحظة انقطعت أخباره تمامًا. لم يتلقَّ ذووها أي معلومة عن مصيره، ليبدأ الانتظار القاتل الذي دام لسنوات. في عام 2019، قرر زوجها "أحمد فرحات"، المقيم في السعودية حينها، العودة إلى سوريا، لكنه لم يكد يصل حتى أوقفته قوات الأمن عند معبر جديدة يابوس، واقتيد مباشرة إلى أحد فروع الاعتقال.

أمضى "أحمد" أربعة أشهر داخل أقبية السجون، ثم خرج منها مريضًا ومنهكًا، حتى توفي بعد تسعة أيام فقط من الإفراج عنه. وتقول زوجته: "اتهموه بتمويل الإرهاب، رغم أنه لا علاقة له بأي نشاط سياسي، كل ما كان يهمهم وقتها هو المال، كانوا جائعين للمال حدّ الوحشية".

النكبات لم تتوقف عند هذا الحد. فحين حاولت السيدة استخراج جواز سفر لابنها الأصغر "معتز"، الذي كان قاصرًا آنذاك، وجدت نفسها معتقلة في دائرة الهجرة والجوازات. اعتُقلت مباشرة، وأحيلت إلى "فرع فلسطين"، حيث أمضت 47 يومًا في ظروف إنسانية قاسية، وصفتها بأنها "كابوس لا ينسى".

في الزنزانة التي احتُجزت فيها، كانت هناك 38 معتقلة أخرى، بينهن شابة عراقية اعتُقلت وهي حامل، وطفلها إلى جانبها لم يتجاوز عامه الثاني. كما كانت هناك امرأة من ريف إدلب، جاءت مع طفل عمره ستة أشهر بعد أن أوقفها أحد الحواجز.

دفعت العائلة مبالغ كبيرة لمحامٍ بغرض إطلاق سراحها، وخرجت بورقة "عفو" تحمل توقيع "بشار الأسد"، لكنها تقول إن العفو بحد ذاته كان نوعًا من الإذلال. "اتهموني بالتستر على ابني وزوجي، ولا يوجد شيء اسمه براءة. إما تخرج بورقة عفو مذلّة، أو تبقى في غياهب السجن"، تضيف السيدة بحرقة.

ورغم الإفراج عنها، لا تزال معاناتها مستمرة، فاسمها بقي ضمن قوائم "الممنوعين من السفر"، وهي مضطرة في كل مرة تخطط فيها لمغادرة البلاد إلى مراجعة الفرع الأمني للحصول على "موافقة أمنية"، ما يعني تكرار المواجهة مع أولئك الذين سبّبوا لها هذه المعاناة.

اليوم، ورغم سقوط النظام البائد وتوقيف عدد من المتورطين في الجرائم والانتهاكات، لا تزال جراح الفقد والاعتقال حاضرة في قلوب السوريين. فالمأساة لم تنتهِ بانهيار السلطة القمعية، بل بقيت كذكرى دامغة في الذاكرة الوطنية، لا يمحوها مرور الزمن.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ