
مراقب الإخوان في سوريا يوضح موقف الجماعة من دعوات حلّها ومن السلطة الجديدة
قال الدكتور عامر البو سلامة، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، إن المقترح الذي قدّمه أحمد موفق زيدان، المستشار الإعلامي للرئيس السوري أحمد الشرع، بشأن حلّ الجماعة "اجتهاد شخصي لا يعبّر عن موقف رسمي للسلطة السورية".
وأضاف البو سلامة، في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر الأربعاء، أن الجماعة درست مختلف الطروحات المتصلة بمستقبلها، وخلصت إلى أن "حلّ الجماعة لا يخدم المصلحة الوطنية ولا مصلحة سوريا"، مؤكداً أن الإخوان "كانوا وما زالوا جزءاً من المشهد السوري وقوة داعمة للمرحلة الانتقالية".
وأوضح أن الجماعة لم تتلق أي تواصل رسمي أو ضغوط من السلطات السورية الجديدة لحلّ نفسها، قائلاً: "لم يتواصل معنا أي مسؤول سوري، وما يُطرح لا يتجاوز كونه مقالات أو اجتهادات إعلامية وشخصية". وأضاف: "لو رأينا في حلّنا مصلحة لسوريا لاتخذنا القرار فوراً، لكن وجودنا ضروري ويمثل إضافة للحالة السورية الجديدة".
وردّاً على الانتقادات التي تصف الإخوان بأنهم عبء على سوريا الجديدة، قال البو سلامة: "نحن مواطنون سوريون ولسنا قادمين من الخارج، الجماعة موجودة في المعارضة منذ عام 1962 وضحّت في مواجهة نظام الأسد الأب والابن وقدمت تضحيات كبيرة في السجون والمنفى". وأكد أن الجماعة "تملك من المرونة والديناميكية ما يمكنها من التطور والاستمرار"، لافتاً إلى أن الحديث عن شيخوخة قياداتها "مضلل".
كما رفض المراقب العام مقارنات حلّ الجماعة بتجارب تونس أو السودان، موضحاً أن ما جرى في تلك الحالات "لم يكن حلاً حقيقياً بل إعادة تموضع وتغيير أسماء وهياكل مع بقاء الفكرة والامتداد". وأشار إلى أن الجماعة منفتحة على التطوير والبحث في الهياكل والأسماء إذا اقتضت الظروف، "لكن حلّها كجسم تاريخي ووطني غير وارد".
وحول العلاقة مع السلطة السورية الجديدة، شدد البو سلامة على أن الجماعة "مؤيدة وساندة للرئيس أحمد الشرع والإدارة الانتقالية"، مؤكداً أن الإخوان "ليسوا في موقع المعارضة أو التعطيل" بل يضعون خبراتهم في خدمة الدولة. وقال: "نحن اليوم في خندق واحد مع القيادة الجديدة، نؤيدهم وننصحهم في الوقت ذاته، وإذا وجدنا خللاً سنشير إليه بلغة النصح والود وليس بهدف المعارضة أو الإضعاف".
كما شدد على أن الجماعة "ترفض حمل السلاح خارج إطار الدولة"، داعياً الكتائب العسكرية السابقة إلى الاندماج ضمن مؤسسات الجيش ووزارة الدفاع، معتبراً أن وجود الإخوان لا يتعارض مع الاندماج في الحالة السورية الجديدة.
واختتم البو سلامة بالقول إن الإخوان في سوريا يمتلكون مجالات عمل واسعة لا تقتصر على السياسة بل تشمل التربية والدعوة والخدمات الاجتماعية والتعليم، مضيفاً: "نحن باقون جزءاً من النسيج السوري، نعمل من أجل بناء الفرد والأسرة والمجتمع بالتوازي مع دعم الدولة الجديدة للوصول إلى بر الأمان".
وكان أثار أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع للشؤون الإعلامية، جدلًا واسعًا بعد نشره مقالة دعا فيها صراحة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى حل نفسها، معتبراً أن تمسكها بشكلها التنظيمي الحالي يضر بالبلاد ويعزلها عن السياق السوري الجديد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وجاءت المقالة بعد أسابيع قليلة فقط من تعيين زيدان في منصبه في أغسطس/آب الجاري، وهي الخطوة التي أثارت بدورها موجة من الانتقادات والتساؤلات، خصوصاً من جهات معارضة علمانية أو قومية، رأت في تعيين زيدان مؤشراً على تقارب غير معلن بين السلطة الجديدة وجماعة الإخوان، أو على الأقل أحد رموزها السابقين.
لاقى المقال ترحيبًا من بعض الكتاب والنشطاء الداعمين للسلطة الجديدة، واعتبروه “خطوة جريئة” ومؤشرًا على “تحرر زيدان من إرثه التنظيمي”، فيما رآه آخرون مراجعة فكرية ضرورية في سياق بناء الدولة بعد الثورة.
في المقابل، انتقد معارضون إسلاميون المقال بشدة، واعتبروه “انقلابًا على التاريخ والنضال”، واتهموه بـ”مغازلة السلطة الجديدة” لضمان موقعه داخلها. وأشار بعضهم إلى أن زيدان “يتنكر لرفاق الأمس”، وأن دعوته تأتي متأخرة أو “وظيفية الطابع”.