لافتات الثورة تتحقق: حاضنة الأسد تحصد حرية لم تكابد تضحياتها
شهد يوم الثلاثاء الفائت، 25 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، خروج مظاهرات في بعض مناطق من الساحل السوري، حيث تولّت قوى الأمن تأمين التجمعات الاحتجاجية وحمايتها، وخرج أبناء تلك المناطق - الذين كانوا إلى وقت قصير يوالون للأسد البائد - يهتفون ويعبرون عن مطالبهم بحرية، دون خوف من التعرض للاعتقال أو أي انتهاكات محتملة.
هذه الأجواء المفعمة بالأمان والديمقراطية، التي مكّنت المتظاهرين—غالبهم من الحاضنة الموالية للنظام البائد—من التعبير عن آرائهم ومطالبهم بكل أريحية، أعادت بالمتابعين إلى ذكريات المظاهرات التي انطلقت عام 2011، والتي طالبت بالحرية والعدالة والكرامة، حين كان السوريون يضعون دماءهم على كفهم ويعرضون أنفسهم للخطر والموت، مقدمين أعظم التضحيات في سبيل الحرية.
ومن بين المشاهد التي استحضرها المتابعون وتداولوها على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، صورة لشاب من إحدى الاحتجاجات القديمة التي نظمت في 5 تشرين الأول عام 2018، وهو يحمل لافتة تحمل عبارة: "إلى المؤيدين: سيسقط الأسد وسينعم أولادكم بالحرية وسيتشكروننا يوما ما على ذلك".
أكد المتابعون أن التوقع الذي حملته اللافتة تحقق بالفعل، مشيرين إلى أن موالِي الأسد استفادوا إلى حد كبير من الثورة السورية ومظاهراتها وتضحياتها، على الرغم من أنهم لم يدعموها بالكلمة، بل كانوا من أشد المناهضين لها، وعملوا على مساندة النظام المخلوع بكل الوسائل والطرق.
اليوم، تتمتع حاضنة الأسد بالحرية التي طالبت بها الثورة قبل أكثر من 14 عاماً، والتي دفع في سبيلها الشهداء ثمناً باهظاً، وتحمل فيها السوريون القصف، وسنوات من النزوح والغربة، وفقدان الأحبة، وتعرض آلاف المتظاهرين للاعتقال والتعذيب، مقدمين أعظم التضحيات.
ورغم أن هذه الفئة لم تكابد التضحيات مباشرة، فهي اليوم تحصد ثمار الحرية التي ناضل من أجلها السوريون الثائرون منذ سنوات طويلة. وكانت تلك المجموعة في المقابل من أشد مهاجمي الثورة، ولطالما استمتعوا بأخبار المجازر والانتهاكات التي ارتكبها الأسد، بل وشارك بعضهم في إراقة دماء الثوار. ومع ذلك، نالت هذه الفئة الحرية دون أن تعترف بالثورة أو تشكرها، بل تستمر في مهاجمتها بطرق وحجج مختلفة.
تُذكّر اللافتة التي حملها الشاب عام 2018 بأن الحرية كانت حلمًا دفع من أجله السوريون أرواحهم وتضحياتهم، وأن الأيام أثبتت تحقق هذا الحلم، رغم أن من لم يشاركوا في النضال يستمتعون اليوم بثمار ما قدمه الآخرون دون أن يقدموا شكر أو تقدير.