
عودة جورج صبرة إلى دمشق بعد 13 عاماً من المنفى: محطة جديدة في مسيرة معارضٍ خبر الاعتقال والنضال
عاد السياسي السوري البارز جورج صبرة إلى العاصمة دمشق بعد أكثر من ثلاثة عشر عاماً قضاها في المنفى، حيث استُقبل بحفاوة شعبية كبيرة عكست مكانته كأحد أبرز وجوه المعارضة السورية في الداخل والخارج، وأحد الرموز الذين واجهوا الدكتاتورية لعقود، في عهد كل من حافظ وبشار الأسد.
جورج صبرة، المولود في 11 يوليو/تموز 1947 في مدينة قطنا بريف دمشق، هو سياسي وتربوي لعب دوراً محورياً في المشهد السوري المعارض. وبدأ مسيرته التعليمية في بلدته، قبل أن يتابع دراسته في دمشق ويتخرج من دار المعلمين العامة عام 1967، ثم ينال إجازة في الجغرافيا من جامعة دمشق، ويتابع دراساته في الإعلام التربوي وأنظمة التعليم في جامعة إنديانا بالولايات المتحدة.
عُرف صبرة بدايةً بجهوده التربوية، إذ عمل مدرساً ومعدّاً للبرامج التعليمية في التلفزيون السوري، وساهم في كتابة سيناريو المسلسل الشهير "افتح يا سمسم" الذي ترك أثراً في ذاكرة الأطفال العرب.
انتمى صبرة إلى الحزب الشيوعي السوري عام 1970، وانتُخب عام 1985 عضواً في لجنته المركزية، لكنه واجه القمع مبكراً، فاعتُقل عام 1987 وأمضى ثمانية أعوام في سجن صيدنايا بتهمة معارضة النظام، قبل أن يُفرج عنه في 1995. لاحقاً، انخرط في حزب الشعب الديمقراطي السوري، الذي نشأ عن انشقاق الحزب الشيوعي، متبنياً توجهات اشتراكية أكثر انفتاحاً.
مع اندلاع الثورة السورية في 2011، وقف صبرة بوضوح إلى جانب الحراك الشعبي، ما أدى إلى اعتقاله مرتين، قبل أن يدخل في حياة العمل السري، ثم يغادر البلاد سراً في نهاية العام نفسه إلى الأردن، ومنها إلى فرنسا.
برز صبرة كقيادي في صفوف المعارضة السياسية بالخارج، وكان من أبرز وجوه المجلس الوطني السوري، حيث انتُخب رئيساً له في نوفمبر 2012 في اجتماع عقد بالدوحة. وشدد حينها على أن إسقاط النظام وتمكين الشعب من الدفاع عن نفسه هما أولويتا المرحلة، قائلاً في تصريح شهير: "نريد سلاحاً.. نريد سلاحاً.. نريد سلاحاً"، وشارك لاحقاً في تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات خلال مؤتمر الرياض عام 2015، وعُيّن نائباً لرئيس الوفد المفاوض في محادثات جنيف عام 2016.
بعيداً عن السياسة، يُعرف جورج صبرة أيضاً بإسهاماته الأدبية في مجال الطفل، حيث ألّف عدداً من المجموعات القصصية مثل "قصص وأغنيات تربوية" و"الأرض بيتنا الكبير" و"مغامرات أرنوب المحبوب"، إلى جانب مقالات تربوية وثقافية نُشرت في صحف سورية وعربية.
عودة صبرة إلى دمشق بعد كل هذه السنوات من النفي القسري، تُعد لحظة مفصلية في مسيرته، وتفتح باباً واسعاً للتفكير في مستقبل المصالحة الوطنية، ودور الرموز المعارضة في بناء سوريا ما بعد الطغيان.