
تقرير "الحصاد الموجع": مخيم اليرموك الأكثر دموية بين التجمعات الفلسطينية
كشف تقرير "الحصاد الموجع" الصادر عن مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية أن مخيم اليرموك في دمشق تصدّر قائمة الضحايا الفلسطينيين في سوريا، مسجلاً 1596 ضحية، أي ما نسبته 32% من إجمالي الضحايا، ليصبح رمزاً مأساوياً لمعاناة اللجوء والدمار.
وفق التقرير، توزعت حصيلة الضحايا في المخيم إلى 1402 من الذكور، و194 من الإناث، و 294 ضحية قضوا تحت التعذيب في سجون نظام الأسد، و 1182 معتقلاً بينهم 60 امرأة
أوضح التقرير أن المخيم تحول إلى بؤرة مأساة بسبب عوامل متشابكة منها حصار خانق استمر لسنوات طويلة، وقصف مكثف ومتكرر أتى على أحياء كاملة، واشتباكات عنيفة داخل المخيم، وحملات اعتقال واسعة طالت المئات
ونقل التقرير شهادات لعائلات فلسطينية من سكان المخيم أكدت أن "اليرموك تحول إلى جحيم لا يُطاق"، حيث واجه السكان الموت جوعاً ومرضاً وقصفاً، فيما اضطر كثيرون إلى الفرار بحثاً عن حياة آمنة.
وبهذه الحصيلة، يظل مخيم اليرموك شاهداً على واحدة من أبشع المآسي التي لحقت بالفلسطينيين في سوريا، حيث اجتمع الحصار والاعتقال والقصف لتحويل أكبر تجمع فلسطيني في البلاد إلى رمز للمعاناة الإنسانية الممتدة.
وكانت أصدرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" تقريرها الإحصائي الشامل بعنوان "الحصاد الموجع"، والذي يوثق الكارثة الإنسانية التي لحقت باللاجئين الفلسطينيين في سوريا خلال سنوات الحرب، محذراً من أن الأرقام المسجلة لا تعكس الحجم الكامل للمأساة.
ويغطي التقرير الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2011 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2024، مقدماً تحليلاً مفصلاً لمسار المعاناة التي حوّلت المخيمات الفلسطينية إلى ساحات قصف واعتقال وتعذيب واختفاء قسري.
أرقام صادمة تتجاوز حدود التوثيق
أوضح التقرير أن عدد الضحايا الفلسطينيين الموثقين بلغ 4965 ضحية، غير أن هذا الرقم ليس نهائياً، إذ تعيق صعوبات التوثيق والخوف من الإفصاح معرفة العدد الحقيقي الذي يفوق بكثير ما تم رصده. كما أشار التقرير إلى وجود مئات الحالات المجهولة المصير، خصوصاً بين المختفين قسرياً في سجون نظام الأسد البائد أو ضمن صفوف الفصائل المسلحة.
أما عدد المعتقلين الفلسطينيين فبلغ 7237 معتقلاً، شكّل الذكور منهم 96.2%، والإناث 3.8% فقط، ما يعكس حجم الاستهداف الممنهج.
مخيم اليرموك.. مركز المعاناة
احتل مخيم اليرموك في دمشق موقع القلب من المأساة، إذ سجّل وحده أكثر من 32% من إجمالي الضحايا بواقع 1596 ضحية، بينهم 194 امرأة. كما تصدّر قائمة المعتقلين والمختفين قسرياً، وسجّل العدد الأكبر من ضحايا التعذيب حيث قضى 294 معتقلاً تحت التعذيب داخل السجون.
التعذيب.. السبب الأول للوفاة
كشف التقرير أن التعذيب في سجون النظام البائد كان السبب الرئيس لوفاة الضحايا الفلسطينيين، إذ وثّق مقتل 1298 شخصاً تحت التعذيب، يليه القصف من قوات النظام والمجموعات الموالية له (1230 ضحية)، ثم الطلق الناري (1110 ضحايا).
مأساة المختفين قسرياً
أبرز التقرير أن عدد المختفين قسرياً وصل إلى 5370 شخصاً، أي ما يعادل 72% من إجمالي المعتقلين، مع استمرار غياب أي معلومة عن مصيرهم بعد سقوط النظام، ما يترك آلاف العائلات في دوامة من الانتظار والقلق. وأوضح أن 562 معتقلاً فقط أفرج عنهم، فيما قُتل 1305 تحت التعذيب، في دلالة واضحة على سياسة الإبادة الممنهجة.
توصيات عاجلة
اختتم التقرير بجملة من التوصيات، أبرزها، إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة للكشف عن مصير المختفين قسرياً ومحاسبة المتورطين في جرائم الاعتقال والتعذيب، وتوفير حماية دولية للاجئين الفلسطينيين وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، ودعم وكالة الأونروا وزيادة تمويلها لتعزيز خدماتها الأساسية، وتقديم دعم نفسي وقانوني لعائلات الضحايا والمفقودين.
وأكد التقرير أن ما ورد فيه ليس مجرد أرقام وإحصاءات، بل شهادة حية على معاناة إنسانية عميقة طالت مجتمعاً بأكمله، وصرخة تطالب بحفظ ذاكرة الضحايا وحقوقهم بعيداً عن التجاهل أو النسيان.