
تظاهرة "أفلام الثورة السورية" في دمشق توثق حكاية الشعب السوري عبر السينما
أطلقت المؤسسة العامة للسينما السورية مساء أمس تظاهرة "أفلام الثورة السورية"، في حدث يُعدّ الأول من نوعه بعد التحرير، ويهدف إلى توثيق معاناة الشعب السوري عبر الفن السابع وتحويل الذاكرة الجمعية إلى صور حية تحمل رسائل إنسانية وسياسية.
انطلق حفل الافتتاح بمعزوفة موسيقية تأملية تبعها خطاب للفنان جهاد عبدو أكد فيه أنّ التظاهرة ليست مجرد عرض للأفلام، بل مرآة صادقة لآلام الشعب السوري ورحلة نزوحه، مشيراً إلى أنّ السينما تحمل رسالة تحدٍ وقوة في تعزيز الفهم بين الثقافات، ومؤكداً أنّ الأفلام الوثائقية السورية لعبت دوراً مؤثراً في تغيير الرأي العام العالمي ودعم القضايا العادلة.
وأهدى عبدو هذه التظاهرة لأرواح شهداء الثورة السورية وللفنانين الذين قضوا في سبيل الحقيقة، مذكّراً بأنّ الفن السابع ظلّ منذ اندلاع الثورة واحداً من أكثر الفنون قدرة على التقاط ارتجافات الإنسان في مواجهة العنف والخراب، وأن السينما ليست مجرد صور متحركة بل سجلٌ إنساني يدوّن ذاكرة الشعوب ويحوّل الألم إلى سردٍ قابل للتأمل والفهم.
امتلأت دار الأوبرا بمخرجين وفنانين وجمهور جاءوا من أماكن شتى ليشاهدوا عشرين فيلماً تصوّر حكاية الثورة السورية بكل أبعادها، لم تكتف هذه الأعمال برواية الوقائع بل أنصتت إلى صرخات من نزحوا وأعادت طرح الأسئلة التي حاول كثيرون دفنها: ما معنى الحرية؟ وكيف يحافظ الإنسان على إنسانيته وسط دوامة الحرب؟ وقدّم هذا النوع من السينما نموذجاً لقدرة الصورة على تخطي الرقابة والحدود، حيث أثبتت الأفلام الوثائقية المولودة من رحم المأساة السورية أن الكاميرا يمكن أن تتحوّل إلى شاهد عيان وأداة لتغيير الرأي العام العالمي ووسيلة للمصالحة مع الذاكرة.
افتُتحت التظاهرة بفيلم "نزوح" الذي حصد عدداً من الجوائز الدولية، مع كلمة مسجلة للمخرجة سؤدد كعدان عبّرت فيها عن سعادتها بعرض فيلمها بعد انتصار الثورة وأملها في انطلاق مرحلة جديدة للسينما السورية.
ويتناول الفيلم قصة عائلة سورية تواجه صراعات داخلية عميقة بعد تدمير منزلها، حيث تتغير حياة الطفلة "زينة" بشكل جذري بعد مشادات بين والديها حول قرار مصيري بالرحيل، ليُبرز الفيلم المعاناة الإنسانية في ظل الحرب من خلال منظور سينمائي فريد يجمع بين الواقعية الصارخة والسرد الشعري، وهو من بطولة كندة علوش، سامر المصري، حلا زين، ونار العاني.
تؤكد السينما السورية عبر هذه التظاهرة أنها ليست مجرد مشروع فني بل وعدٌ بالحرية ومختبرٌ لفهم أعمق لما يعنيه أن يكون المرء إنساناً، وأن الحكاية السورية ما زالت تبحث عن شاشتها الكبرى. هذا الحدث يشكّل خطوة جديدة نحو استخدام الفن السابع كوسيلة لحفظ الذاكرة الجماعية وإعادة صياغة صورة سوريا في عيون العالم، ويعيد للسينما دورها كجسر للتواصل ورافعة للوعي العام في مرحلة إعادة البناء والانتقال إلى المستقبل.