
بيدرسن يطالب بإصلاح أمني شامل ويدين الانتهاكات والغارات في سوريا
أكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، أن الدولة السورية يجب أن تكون الجهة الوحيدة المخوّلة باستخدام القوة المشروعة، مشددًا على ضرورة أن يتم هذا الاحتكار ضمن إطار سيادة القانون، وبما يضمن حماية المواطنين وتعزيز سلطة المؤسسات الشرعية.
إصلاح القطاع الأمني ضرورة عاجلة
وفي تصريحاته حول الوضع الأمني في سوريا، شدد بيدرسن على الحاجة الماسة إلى خطة واضحة وشاملة لإصلاح القطاع الأمني، مؤكداً أن هذا الإصلاح لا بد أن يشمل كافة الأطراف الفاعلة في البلاد دون استثناء، لضمان الوصول إلى بنية أمنية موحدة وعادلة تتماشى مع المعايير القانونية والحقوقية.
إدانة لانتهاكات السويداء والغارات الإسرائيلية
عبّر المبعوث الأممي عن إدانته للانتهاكات التي تعرض لها المدنيون والمقاتلون في محافظة السويداء، مطالبًا باحترام حقوق الإنسان والامتناع عن أي ممارسات تعسفية. كما أدان بشدة الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مناطق في دمشق والسويداء، مؤكدًا رفضه الكامل لأي خرق للسيادة السورية، ومشدداً على أن احترام سيادة الدول هو مبدأ أساسي في القانون الدولي.
وسبق أن وجّه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني السابق، وليد جنبلاط، انتقادات لاذعة إلى الشيخ حكمت الهجري، أحد مشايخ عقل الدروز في محافظة السويداء، متهمًا إياه بالسعي لفرض مشروع "الحكم المحلي" بشكل فردي، محذرًا من أن هذه المساعي قد تؤدي إلى إضعاف وحدة سوريا وتهديدها بالتقسيم.
وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة "العربية"، اعتبر جنبلاط أن التطورات التي شهدتها السويداء مؤخراً بدأت نتيجة ما وصفه بقرارات "دخول في المجهول"، حين رُفعت شعارات تتعلق بالحكم المحلي، مما أدى لاحقًا إلى حالة من الفوضى.
وأضاف أن السلطات المركزية حاولت احتواء الوضع عبر إرسال وحدات من الأمن العام، وهو ما ساعد على تحقيق تهدئة مؤقتة، لكن الانتهاكات التي ارتكبها بعض عناصر الأمن الداخلي، على حد وصفه، فجّرت ردّ فعل مسلح من فصائل محلية، خصوصًا ضد أبناء البدو الذين شدد على أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الحوراني منذ مئات السنين.
وفي سياق تحليله للأحداث، قال جنبلاط إن غياب الحل السياسي كان أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تفجّر المواجهات، داعيًا إلى مراجعة شاملة لمجمل السياسات المتبعة، بما في ذلك أداء أجهزة الأمن التابعة للرئيس السوري أحمد الشرع، إضافة إلى دور القيادات الدينية، وعلى رأسها الشيخ حكمت الهجري.
وطالب بتشكيل لجنة عدلية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي طالت أبناء السويداء والبدو على حد سواء، مؤكدًا أن المعالجة لا يمكن أن تكون موجهة لطرف واحد، بل يجب أن تكون شاملة وتراعي العدالة لجميع المتضررين.
وفي انتقاد مباشر للهجري، اتهمه جنبلاط بالتواصل مع إسرائيل وطلب تدخلها في الشأن الداخلي السوري، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى دائمًا لاستخدام الطوائف لخدمة أجنداتها، ولا توفر حماية دائمة لأحد. وأضاف أن حتى شيخ عقل الدروز في الداخل الفلسطيني، موفق طريف، دعا إلى التهدئة خشية انتقال الفوضى إلى الأراضي الفلسطينية، حيث تتعايش مكونات درزية وبدوية.
وأكد جنبلاط أن إسرائيل تقف وراء التصعيد الأخير في السويداء، داعيًا الدول العربية الفاعلة، وعلى رأسها السعودية والأردن وتركيا، إلى التدخل لاحتواء الأزمة ومنع تفتيت النسيج الوطني في الجنوب السوري.
كما أشار إلى أن الاتفاقات التي أُعلنت في السويداء لم تُنفذ حتى اللحظة، وتساءل عن الجهة التي تتولى إدارة الملف الأمني هناك، منتقدًا محاولات الاستئثار بالقرار من طرف واحد، في إشارة صريحة إلى الشيخ الهجري.
وشدد جنبلاط على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات قبل الحديث عن أي مصالحة، مؤكدًا أن ما جرى بحق البدو لا يمكن تجاهله أو القفز عليه، وأن أي تسوية لا بد أن تشمل جميع المكونات الاجتماعية في السويداء دون تمييز.
وفي موقف مماثل، أعرب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، سامي أبي المنى، عن أسفه العميق لما جرى في السويداء، مؤكدًا أن ما حدث لم يكن مرغوبًا، وأن جميع الأطراف تتحمل مسؤولية التصعيد، بمن فيهم الشيخ حكمت الهجري، داعيًا إلى الحوار والتجاوب بروح من المرونة.
وأبدى الشيخ أبي المنى استعداده لتأدية دور الوسيط، مؤكدًا عزمه على التواصل مع مشايخ عقل الدروز في سوريا، ومن بينهم الشيخ يوسف جربوع والشيخ الحناوي والشيخ الهجري، انطلاقًا من مسؤولياته الروحية تجاه الطائفة.
وكانت ارتكبت الميليشيات المسلحة التابعة للشيخ حكمت الهجري في محافظة السويداء سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي شابهت في قسوتها ووحشيتها جرائم تنظيم داعش ونظام الأسد البائد، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل المحافظة وأمن المدنيين في حال حصلت هذه المجموعات على أسلحة نوعية أو غطاء سياسي خارجي.