
بعد "فواخرجي".. "صطيف الأعمى وجودي" في مرمى الانتقادات ومطالب بفصلهم من نقابة الفنانين
أثار قرار نقابة الفنانين السوريين بسحب عضوية الممثلة سلاف فواخرجي تفاعلاً واسعاً بين السوريين، الذين اعتبروا القرار خطوة متأخرة لكنها محمّلة بدلالة رمزية، نظراً لمواقفها المؤيدة لرأس النظام المخلوع بشار الأسد، وتجاهلها لجرائمه طوال السنوات الماضية، وصولاً إلى سقوطه وفراره إلى موسكو في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
دعوات لفصل ممثلين آخرين
بالتزامن مع القرار، طالب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي باتخاذ إجراءات مماثلة بحق عدد من الفنانين الآخرين، وعلى رأسهم الممثل معن عبد الحق، المعروف بشخصية "صطيف الأعمى" في مسلسل "باب الحارة"، والذي لطالما أثار استفزاز السوريين بمواقفه التشبيحية وولائه المطلق للنظام السابق، كذلك المعروف بولائه للنظام "باسم ياخور" ومواقفه التشبيحة.
"صطيف الأعمى".. رمز استفزازي في ذاكرة السوريين
انتشرت على وسائل التواصل صورة للممثل عبد الحق، مرفقة بتعليق جاء فيه: "هاد لازم ينفصل من النقابة عشر مرات ليبرد قلبنا"، وتفاعل المستخدمون مع المنشور بسخرية واستنكار. وكتب أحد المتابعين: "ضيعان الحبر اللي بدهن يكتبو فيه قرار الفصل"، فيما قال آخر: "هاد لازم ما ينفصل من النقابة.. لازم ينفصل عن أرض الشام حفاظاً على طهارتها".
مواقف تشبيحية ومهاجمة للثورة
لطالما ارتبط اسم عبد الحق بمواقف مناوئة للثورة السورية، حيث لم يخفِ دعمه الصريح للنظام واستهزائه المتكرر بضحايا القصف الروسي في إدلب. ففي منشور ساخر قال ذات مرة: "قال مكسيم قرأ هاشتاغ الأمازون تحترق فكرها بريف إدلب"، في إشارة تهكمية على الضحايا والمآسي التي عاشها المدنيون.
هجوم مستمر على الفنانين المعارضين
هاجم عبد الحق مراراً زملاءه الفنانين الذين اختاروا الانحياز للثورة أو اتخذوا مواقف معارضة للنظام، منهم جهاد عبدو وسامر المصري وجمال سليمان. كما ظهر في لقاء على قناة "العالم سوريا" الإيرانية، واضعاً شروطاً "تعجيزية" لعودة الفنانين المعارضين إلى سوريا، من بينها أن يقدموا "ندماً واعتذاراً" لما وصفه بـ"تصريحاتهم المسيئة للقيادة السورية".
ولاء معلن لحسن نصر الله
وفي أحد تسجيلاته المصورة، ظهر عبد الحق وهو يردد بحماس: "لبيك يا نصر الله"، في تأييد صريح لزعيم ميليشيا حزب الله التي شاركت في دعم النظام السابق وارتكبت جرائم مروعة بحق السوريين. هذا السلوك اعتبره كثيرون دليلاً إضافياً على ضرورة محاسبته وطرده من أي إطار نقابي أو فني رسمي في سوريا الجديدة.
باسم ياخور.. دفاع مستمر عن نظام ساقط ومواقف أخلاقية مثيرة للجدل
في الطرف الآخر، برزت مطالب بطرد الممثلة "باسم ياخور" الذي آثار الظهور الأخير له عبر بودكاست مطول نُشر على منصة يوتيوب، في محاولة للرد على الانتقادات المتكررة لمواقفه المؤيدة لنظام الأسد البائد. وعلى الرغم من محاولة ياخور الظهور بمظهر المتوازن، إلا أن حديثه كان حافلاً بالتناقضات، ومحاولات التملّص من تاريخه الطويل في تأييد النظام، الذي سقط في الثامن من كانون الأول 2024.
"أنا ابن هذا النظام" .. تأكيد الولاء
في لقاء سابق عبر شاشة لبنانية بتاريخ 24 شباط 2024، جدّد ياخور ولاءه العلني لبشار الأسد، قائلاً صراحة "أنا ابن هذا النظام"، نافياً صفة "الشبيح" عنه رغم تصريحاته ومواقفه المناهضة للثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011. كما برّر علاقته الوثيقة بماهر الأسد، معتبراً أن "رموز الدولة" يحبون الدراما ويتابعونها، مؤكداً على أنه يحظى بترحيب من أي وزير في الدولة.
انتقادات مبطّنة لزملائه المعارضين
شنّ ياخور خلال البودكاست هجوماً مبطناً على عدد من زملائه الفنانين والإعلاميين المعارضين، مثل فيصل القاسم وفارس الحلو وهمام حوت، واتهم بعضهم بالمزايدة، وادّعى أنه لم يكن من المستفيدين من النظام. كما حاول التبرؤ من وصف "التكويع"، رغم تصريحاته السابقة التي أكدت اصطفافه الكامل إلى جانب الأسد.
حزن على الشبيحة وتجاهل للضحايا
في لفتة مثيرة للجدل، أعرب ياخور عن حزنه لاعتقال عناصر تابعين للنظام خلال عمليات التحرير، واستند إلى تقارير من "المرصد السوري" للإشارة إلى عدد المعتقلين من صفوف النظام، متجاهلاً أن معظمهم متورط في جرائم وانتهاكات بحق المدنيين. هذه التصريحات اعتُبرت استفزازية للشارع السوري، خاصة أنها جاءت دون أي تعاطف حقيقي مع الضحايا أو ذكر لمجزرة واحدة ارتكبها النظام.
مواقف مهزوزة ورفض للمحاسبة
ورغم سقوط النظام، لم يُظهر ياخور أي ندم على مواقفه السابقة، ولم يأتِ على ذكر بشار الأسد أو جرائم الجيش الذي دافع عنه طيلة السنوات الماضية، بل حاول تصوير تلك الحقبة كخلاف في الرأي، قائلاً إن القضية أشبه بـ"نقاش حول إن كانت حلاوة الجبن حمصية أم حموية".
انتقادات لاذعة ودعوات للمقاطعة
أثارت تصريحات ياخور الأخيرة موجة من الانتقادات، إذ وصف الصحفي السوري عمر قصير اللقاء بـ"ثرثرة خاوية"، وكتب: "لم يعتذر، لم يُدن الجرائم، لم ينطق بحرف عن الأسد. كل ما قاله كان استعراضاً لموقف أخلاقي فاشل". وأضاف: "على الأقل لم يتظاهر بالتوبة كما فعل غيره بعد خمس دقائق من السقوط".
تغطية على السقوط الأخلاقي
حاول ياخور، من خلال نشاطه على قناته في يوتيوب، التفاعل مع مواضيع اجتماعية في مناطق سيطرة النظام، مثل "تكاليف الشتاء" و"جوازات السفر"، لكن هذه الخطوات فُسرت كمحاولة لصرف الانتباه عن تاريخه المتورط أخلاقياً وسياسياً، دون أي مراجعة حقيقية لمواقفه.
انقسام داخل الوسط الفني
منذ انطلاقة الثورة السورية، انقسم الفنانون السوريون بين مؤيد للثورة ومعارض لها، في وقت استخدم فيه النظام الأسد عدداً من الفنانين لتلميع صورته. اليوم، وبعد انهيار النظام، يواجه هؤلاء الممثلون مصيراً أخلاقياً وإنسانياً في الذاكرة الجماعية للسوريين.
قطيفان: لا مصالحة مع من دعم القمع
في موقف واضح، قال الفنان عبد الحكيم قطيفان: "لن أتسامح مع من دعم الإرهاب والتشريد والقمع"، مضيفًا أن الفن لا يبرر الوقوف ضد الشعب، وأن ذاكرة السوريين لا تنسى أولئك الذين خانوا دماء الضحايا بحجة "الدراما أو الحياد".
"نقابة الفنانين" تشطب قيد "سلاف فواخرجي" بسبب مواقفها المناهضة لقضايا الشعب
أصدرت "نقابة الفنانين السوريين" قراراً بشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي من سجلاتها، وذلك استناداً إلى أحكام المادة 58 من القانون رقم 40، البند الثاني الفقرة (ب)، التي تنص على إمكانية شطب العضوية في حال مخالفة العضو لأهداف النقابة وأخلاقيات المهنة.
تنكّر لآلام السوريين وإنكار للجرائم المرتكبة
وجاء القرار نتيجة ما اعتبرته النقابة "إصراراً متكرراً من الفنانة سلاف فواخرجي على إنكار الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري"، إضافة إلى مواقفها المعلنة التي "تنكرت لمعاناة السوريين وآلامهم خلال سنوات القمع والاستبداد"، بحسب ما ورد في بيان النقابة.
سياق سياسي وفني محتقن بعد الثورة
ويأتي هذا القرار في ظل حالة من الانقسام الحاد داخل الوسط الفني السوري، بعد التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد، وتزايد الأصوات المطالبة بمحاسبة الشخصيات العامة التي دعمت أو غطّت ممارسات النظام السابق، سواء عبر الخطاب الإعلامي أو المواقف العلنية.