
بدون ضمان أو راتب ثابت.. العاملات في مهنة رعاية الأطفال يواجهن مصاعب مضاعفة
واجهت سيدات سوريات خلال السنوات الأخيرة ظروفاً قاسية، شملت فقدان المعيل، والنزوح، ونقص الموارد، وغيرها من تبعات الحرب التي أثّرت على حياة آلاف السوريين. واضطرت كثيرات منهن إلى البحث عن عمل لتأمين لقمة العيش، التي تحولت إلى تحدٍ شبه يومي.
عمل مؤقت في رعاية الأطفال
وفي ظل تلك الظروف، اضطُرت بعض السيدات إلى العمل في رعاية أطفال الموظفات، حيث تقوم الأم الموظفة بالذهاب إلى عملها، تاركة أطفالها الصغار الذين لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، برفقة هذه السيدات لساعات محددة يومياً، مقابل أجر يُحدد حسب الاتفاق بين الأم والعاملة.
تقول أم عمار، 48 عاماً، من مدينة حلب: "خلال نزوحي إلى ترمانين، عملت برعاية أطفال النسوة الموظفات. كنت أجلس في منزل موظفة من لحظة ذهابها إلى العمل الساعة الثامنة والنصف وحتى عودتها الساعة الرابعة والنصف، خمسة أيام في الأسبوع، وأتقاضى 150 دولاراً شهرياً".
وتضيف: "كانت مهمتي الاعتناء بابنها البالغ ستة أشهر وابنتها البالغة ثلاث سنوات، فكنت أطعمهم وأنظفهم واهتم بهم، بالإضافة إلى تنظيف المنزل وترتيبه. ساعات غيابي عن بيتي كانت طويلة وأجري قليل مقارنةً بها، لكن لم يكن لدي خيار؛ فزوجي متوفي ولا يوجد لدي معيل، وأعتني بابنتي الوحيدة".
الاعتناء بأكثر من طفل
تحدثنا مع بعض السيدات اللواتي لم يكنّ يخرجن للعمل، بل كنّ يطلبن من الموظفات إحضار أطفالهن إلى بيوتهن لتتولى العاملة رعايتهم. في بعض الأحيان، كانت السيدة تعتني بأكثر من طفل أو اثنين، خاصة اللواتي اكتسبن خبرة في هذه المهنة. فكانت الأمهات توفر الطعام والملابس والحفاضات لأبنائهن، بينما تتولى العاملة الاعتناء بالأطفال طوال ساعات النهار.
ضغوط ومسؤوليات مهنة رعاية الأطفال
ورغم أن هذه المهنة توفر دخلاً مالياً للسيدات، إلا أنها تسبب إرهاقاً جسدياً ونفسياً، لا سيما لمن تعتني بأكثر من طفل أو طفلين في الوقت نفسه. وغياب أي ضمانات يزيد من صعوبة العمل، إذ لا يوجد بديل في حال المرض، ولا إجازات، ولا حتى دخل ثابت.
وأحياناً تضطر العاملة لاستقبال الأطفال لأيام محددة من الأسبوع، لا سيما إذا كانت الأم تعمل في مستشفى وتستلزم مناوباتها العمل في الفترة المسائية. هذا الوضع يحرم مربيات الأطفال من الراحة لأيام كاملة، مضيفاً عبئاً إضافياً على مسؤولياتهن اليومية.
وقد تتوقف الموظفة في أي لحظة عن إرسال أطفالها، مستبدلة العاملة بسيدة أخرى. وتؤكد السيدات اللواتي تحدثنا معهن أن العمل في هذه المهنة مسؤولية حقيقية، إذ يتحملن كامل المسؤولية عن سلامة الأطفال، وأي حادث قد يحدث لهم يقع على عاتق العاملة مباشرة.
الحاجة إلى دعم واستقرار
أغلب السيدات العاملات في رعاية الأطفال هدفهن العمل وتحقيق الاستقلالية المالية، والاعتماد على أنفسهن في كسب لقمة العيش بعيداً عن طلب المساعدة من الآخرين. ومع ذلك، ما زلن بحاجة إلى دعم وفرص عمل توفر دخلاً ثابتاً يؤمن لهن مستقبلاً أكثر استقراراً وأماناً.