نحو تفعيل طاقات الإعلام الثوري
مما لاشك فيه أن تجديد مطالب الثورة وإحياء الأمل عند شعبنا بالنصر و تحرير المناطق المحتلة بكل مناسبة وطريقة وأسلوب هو فريضة ومطلب يجب أن يستمر من كل الثوار دون توقف، ولمن يرى في الأتراك نموذجاً يحتذى به يعلم أن سقف تطلعاتهم كشعب يتجاوز طاقاتهم ومقوماتهم بمراحل عديدة ولديهم الخطط والأحلام و يربون عليها الأجيال الناشئة، حتى عاد الحديث بينهم عن التفاحة الحمراء - تمدد الدولة العثمانية في أوج نفوذها -
كذلك الأمر في الجانب الآخر يستغل أنصار البككة عبر جميع منصاتهم بطرح مشروع دولتهم التي فشلوا في تحقيقها وتلقوا كثير من الطعنات والإخفاقات ولكنهم مستمرون بدون هوادة.
وبعيدا عن تسجيل المواقف وضجيج التعليقات، وبنظرة ناقدة نابعة عن عدم الرضا بالواقع وسعياً لتحسين الأداء ومعرفة مكمن الضعف يؤسفني القول أن حالة "الإعلام الثوري" في عام 2020م تمر بأسوأ أوقاتها حيث أن الضغط و الحمل متركز على ثلة قليلة من العاملين في المجال الإعلامي الذين يقومون بأسمى مهمة وهي تدعيم استمرارية دعاية الثورة وصناعة الأفكار الإعلامية بالمصطلحات والرؤية والطريقة الثورية المناسبة.
بحثت وغيري على اليوتيوب فافتقدنا حتى الأغنية الثورية، تصفحت حسابات عدد من الناشطين فكانت الصدمة أن آخر منشور ضد الأسد والاحتلال الروسي منذ الحملة العسكرية الأخيرة، مع أن التوقيت الحالي أخطر من وقت المعركة وتأثيره شبيه بالإعداد العسكري والتحصين على الجبهات قبل المعركة وهو جزء رئيسي لتغيير نتيجتها.
وهناك أسباب موضوعية للحالة الموجودة وهي قلة الشبكات الثورية التي انبثقت من الداخل وصعوبة استمرارية عملها بسبب عدم وجود الدعم المالي الكافي والمشاريع الموجودة في الغالب تطوعية فردية، بالإضافة أن المتحكم بصناعة الإعلام بالمحرر قنوات ووكالات لها أجندات و رؤية متغيرة ولا يمكن الاعتماد عليها إلا ببعض الجوانب.
ويجب أن نشيد بالجهود الإعلامية التي بذلت خلال الحملة والتضحيات العظيمة التي استطاعت التصدي والصمود للدعاية الروسية وساهمت بجزء كبير في منع خطتهم من اجتياح المحرر بعد أن تنهار إرادة القتال بالحرب النفسية، والمرحلة الحالية تتطلب خطط جديدة وورشات عمل وتطبيق عملي لأفكار تعيد للناس ثقتهم بالثوار وتسلط الضوء على النماذج المبدعة والناجحة في المحرر وتوثق التضحيات بأفلام وبرامج وحوارات بعيدا عن النوع الاعتيادي لتغطية الأحداث والمجريات الإخبارية.
بالإضافة فإن القيام بالدور التوجيهي والتأهيلي للعاملين الجدد في المجال الإعلامي واستيعابهم وتفريغ طاقاتهم في النافع المفيد والتعريف بالأخلاقيات والسلوكيات العامة هو يصب في رصيد الإعلام الثوري وتجدده، وهناك طاقات إعلامية كبيرة في الخارج يمكن تفعيلها وأن تقدم خدمات جليلة للقضية وتتطلب بعض الجهود من التواصل والتنسيق.
ولا يخفى على أحد التقصير تجاه أبطالنا ورموزنا الشهداء ويجب علينا التذكير المتكرر بمواقفهم الصلبة تجاه الأحداث السابقة وذكر محاسنهم من أجل ان يترسخ لدى الجيل الجديد القدوات الحقيقية.
وقضيتنا السورية هي عادلة بأصلها وعدونا ظالم مجرم لا يشكك بأحقيتنا بالثورة أي إنسان عاقل، ولكن عقدة النقص والفشل واليأس منعتنا من نشر الأمل ورفع سقف المطالب، والغرق بالأحداث الآنية والتفاصيل الثانوية عطل عن البناء، والانشغال بالمشاكل الشخصية عن العمل الحقيقي.
فكل الأصوات يجب أن تحشد للمعركة والحرب المرتقبة، والمقومات والعقول في الخارج والداخل متوفرة، ولكن تحتاج من يأخذ زمام المبادرة وتفعيل روح العمل الجماعي، فالجهود الفريدة لن تخدم التطور السريع بكل التخصصات والأقسام من أجل أن نستكمل معركة الصمود والتحرير.