ماذا لو اختفى السوريون صباح الغد ؟
يبدو أن المشهد يحتاج لتفكير عميق ، و البحث عن ايجابياته الكثيرة لحد تلغي سلبياته ، و لكن طالما أن الافتراض يقوم علينا كسوريين ، فيجب أن نكون منصفين ، ونبحث في نتائج ذلك اليوم الذي سيستيقظ فيه العالم و هذه الكرة البغيضة لتجد عنصراً هاماً قد اختفى في “المجهول” ، فماذا سيحدث.
لاشيء جوهري الحقيقة يمكن توقعه اللهم بعض الأمور الثانوية ، التي يدركها الجميع و يعرف أنها قادمة ،لكن وجود السوريين الآن هو من يعيقها ، بالتالي ذلك الصباح الندي سيكون اذناً مباشراً لتحقيقها .
عندما يستيقظ العرب على أمر جلل كغياب السوريين عن المشهد ، فإن تلك الدول المطلة على الخليج الذي يصبح اسمه الحقيقي و الفعلي “الفارسي” ، ستكون على موعد مع تحول أطنان الركام و ناطحات السحاب التي تنتشر بين صحاريها إلى منصات رائعة للقناصة التي تفتك بكل ما يتحرك على الأرض ، أما القصور ستكون ملاذاً مريحاً لقيادات جديدة بأشكال و لكنات غربية .
عندما يغيب السوريون ستكون تركيا أمام مشهد حقيقي ، وهي تواجه تجزأها إلى غير عودة ، دولة بالجنوب ، و أخرى بالشرق و ثالثة في الشمال مع بضع فتات هنا و هناك ، وسيكون على أصحاب المعامل و الورش رفع أجور العاملين لأن السوريين ليسوا موجودين ليقبلوا بالفتات ، سيغيب اسم المهاجرين و كلمات الأسى و الألم على ذلك الشعب الذي اختفى ، وبطبيعة الحال سيغلق ملف القواعد العسكرية و التحالف و الناتو و الحلم الأوربي .
عندما يختفي السوريون لن تتفتت أوربا ، بل ستكون كتلة متجانسة تحافظ على هيكليتها الناصعة ، المبنية على التفاهم و الود و التحضر ، و لكن الحياة فيها عبارة عن دار عجزة لا مستقبل لها ، وما هي إلا بضع عشرات من السنين لتنتهي كما انتهت أمم و جماعات سابقة.
عناما يغيب السوريون ، لن يكون لأمريكا حاجة لنقل معداتها و القتال هنا وهناك بحثاً عن مصادر الرزق ، فالأرزاق قد نضبت و انتهت و غارت بها الأرض، ستتحول للبحث عن لون جديد لها بين الأسود و الأبيض و جنس جديد يفرق بين أجناس شعوبها ، لنتابع بعدها حملات ابادة جديدة كتلك التي شهدتها عند انهاء “الهنود الحمر”.
عندما يختفي السوريون ، سيكون بوتين على موعد مع ثورة الجياع التي تأكل ما تبقى من الوهم “الروسي” ، لتكون دويلات روسية مشتتة باسم فقرستان و جوعستان و غبي ستان و “عاهرستان” .
عندما يختفي السوريون ، سيكون لبنان على موعد جيد ومميز لمواجهات تعتبر حروبها الأهلية القرن الماضي، عبارة عن “بروفا” لحرب الانهاء التام للجميع بيد الجميع ، بحيث يأكلون أنفسهم بأنفسهم و ستبقى عبارة واحدة تتردد بعنجهة حتى النفس الأخير بأن “لبنان غير”.
عندما يختفي السوريون ، ستعود الأردن صحراء فارغة بلا نبض ، ولا اقتصاد ولا روح ، ستكون الرمال أشد قسوة و ستنهي أحلام ضخمة بنيت على عظام بشر أكلها النمل.
عندما يختفي السوريون سنكون على موعد مع الامبراطورية اليهودية ليس من النيل للفرات ، بل من الخليج للمحيط .
عندما يختفي السوريون سيرقص الجميع ثملين بلا أي خطط أو استراتيجيات و بحث عن مصالح فهنا تنتهي القضية الأم ، ويتحول ما تبقى عبارة عن هوامش بلاقيمة.