بدايات شبكة شام الإخبارية ... الهدف والتأسيس حتى الانطلاقة
كانت فكرة سقوط الأنظمة العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن والمظاهرات التي عمت الكثير من الدول العربية، شرارة أساسية للعمل على إنشاء صفحة تعمل على فضح ممارسات النظام السوري وتعريته، أمام السوريين أولا والعرب والعالم أيضاً، وهو الذي يتمتع بقبضة أمنية وسطوة كبيرة على حرية الإعلام.
كان هروب الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي"، في منتصف يناير/ كانون الثاني 2011 ، وسقوط نظامه، المحرك الأساسي للعمل على تأسيس جهة إعلامية مهمتها فضح النظام السوري، والمطالبة بالحرية والكرامة للشعب السوري، مع علمنا المسبق بصعوبة حصول أي ثورة في سوريا، بسبب القبضة الأمنية الخانقة والحديدية.
ولكن كانت المفاجأة من درعا في 15 فبراير 2011، حيث كتب عدد من الأطفال على جدران المدارس عبارات ضد النظام السوري منها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"اجاك الدور يا دكتور" ونفذ النظام السوري حينها حملة اعتقالات واسعة انتهت باعتقال العديد من الأطفال وتعذيبهم وقلع أظافرهم.
تواصلنا مع بعض العوائل في مدينة درعا في حينها، كون عدد من مؤسسي شبكة شام من أبناء المحافظة، وكانت الأخبار صادمة جدا، والغضب باد على وجوه الناس، خاصة بعد أن قال لهم "عاطف نجيب" مسؤول فرع الأمن السياسي في درعا: "انسوا أولادكم واجعلوا نساءكم تحمل وتخلف لكم بدلاً عنهم، وإذا لم تستطيعوا ذلك فآتوا بهن إلينا ونحن نفعل!".
كنا نعلم أن براكين وزلازل ستتحرك من محافظة درعا، لأن أهل درعا لا ينامون على ضيم ولايرضون بهكذا إهانات، ولا يمكن أن يسمحوا باستمرار اعتقال أطفالهم، فرأينا أن أفضل وسيلة هي إنشاء صفحة إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار سوريا وفضح ممارسات النظام السوري.
في صبيحة الـ 20 من فبراير 2011، اتفق مؤسسو شبكة شام على اسمها وكيفية العمل ونشر الأخبار والتقارير، وتم إنشاء الصفحة في اليوم التالي، ولكن العمل الحقيقي بدأ في الـ26 من ذات الشهر، بعد تجهيز كافة الأمور التقنية والتواصل مع الداخل السوري والتحدث مع نشطاء الحراك في دمشق ودرعا وحماة وطرطوس.
قام مؤسسو الشبكة في بادئ الأمر بتسليط الضوء على مأساة أطفال درعا، ومطالبة السلطات السورية بالإفراج عنهم، ولكن كانت الأمور تتجه إلى التصعيد مع رفضه ذلك، وتحديه لأهاليهم، وكانت الأمور تتجه للانفجار، بشكل واضح.
ويبدو أن النظام السوري كان واثقاً من قبضته الأمنية ولم يتراجع على الاطلاق وواصل إهانة الأهالي، وتواصلنا حينها مع عوائل الأطفال المعتقلين وأقاربهم وأكدوا أنهم سيخرجون في مظاهرات للمطالبة بأطفالهم، وكذلك بإسقاط محافظ محافظة درعا ومحاسبة عاطف نجيب.
كانت الأمور تتجه للتصعيد، وكان النظام ما يزال واثقا من قبضته الأمنية التي تحكمت برقاب الناس لأكثر من 40 عاماً، ولكن الشعب السوري قرر كسر هذه القبضة إلى الأبد، حيث قام مؤسسو شبكة شام بالتواصل مع أبناء درعا، وترتيب الأمور التقنية لبدء التغطية لأي حراك.
كان انطلاق شبكة شام نقطة تحول مهمة في سير الثورة السورية وتطورها لاحقاً، حيث حافظت على نقل صوتها منذ البداية ولغاية الآن، وكانت شبكة شام تنقل الأخبار لحظة بلحظة دون توقف وعلى مدار ال24 ساعة، حتى باتت تصدع رأس النظام السوري، وعمل على إسكاتها بكل السبل ومحاربتها.
ولكن النظام فشل في ذلك، خاصة أن أعضاء شبكة شام ومؤسسيها عملوا في بداية الأمر بشكل سري للغاية، ما صعب مهمة النظام، وعمل على تشويهها بكل السبل وبأي طريقة، وفشل في ذلك أيضا، حيث أصبح شعار شبكة شام يتصدر الأخبار على جميع القنوات العربية والعالمية، وباتت المصدر الرئيسي والموثوق لكل أخبار الثورة السورية.
ومع توسع رقعة المظاهرات توسعت شبكة شام، كثيرا حتى بلغ انتشارها في كامل التراب السوري، وعمل مؤسسي الشبكة على هدف وحيد هو إيصال صوت الحق والحقيقية وفضح النظام السوري، ونجحنا في ذلك، حتى تعرى تماما أمام العالم.
سيحكم الزمن على ما قدمناه للثورة السورية وما قدمت لنا، قد نكون أخطأنا في بعض المواقع وبعض التصورات وقراءة المستقبل، وفشلنا في عمل الكثير من أجل أعظم ثورة عرفتها البشرية، لكنا كنا دائما نقف في صف المظلومين، والمؤكد أيضا أن سياسة شبكة شام لم تتغير منذ اليوم الأول ولغاية الآن ولن تتغير، نسعى لإسقاط الأسد ونظامه ونطالب بالحرية والديمقراطية للشعب السوري، ونحارب كل الظالمين.