الانتقال السياسي ودوامة التمثيل
في طريق الانتقال إلى هيكلة الدولة؛ لابد للناشطين من تجاوز الأنشطة غير التقليدية من مظاهرات واحتجاجات ـالتي يؤدي معظمها للفوضى والتخريب- إلى الأنشطة التقليدية، مثل الاشتراك في توعية وتعبئة الجماهير عن طريق الندوات، وتنظيم المؤتمرات الحقيقية، ثم البدء بتشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات، والسعي لتنظيم جماعات الضغط والمصالح المتخلفة (العمالية- المهنية - الإعلامية-…...) التي ينتج عنها الترشيح وتقلد المناصب العامة وتمثيل حقيقي يتجاوز الأسلوب الأمني والوصاية في تعيين ممثلين عن الثورة السورية.
سيطرت الفوضى على آلية التعيين في هياكل الثورة السورية ومؤسساتها منذ اندلاعها حتى اليوم، مما دلس على الناس حقيقة أولئك الأشخاص المعينين بطفرة أو مصادفة، وطرح حولهم الشكوك والعديد من الأسئلة:
هل هم مخلصون متطوعون دفعتهم معاناتهم؟
أم أنهم أصحاب قضية عادلة؟
أم ندبهم فصيل عسكري ليشاركوا قائده بالهدف والمصير؟
أم هم مجرد عملاء تم تعيينهم لحرف مسار الثورة؟
أم ليسوا إلا مرتزقة لا هم لهم إلا النوم في الفنادق وجمع الهبات وبيع المواقف في المؤتمرات؟
ومهما تكن الإجابة فإن الآلية عبثية، تجعل المعين ضعيف الشخصية، مسلوب الإرادة لأنه خرج طفرة (صدفة )، وليس له ما يتكئ عليه من مجلس استشاري يساعده في اتخاذ القرار، ولا قاعدة شعبية منظمة تدافع عن وجوده في حال تم تحييده لمواقفه النبيلة، ويتم اختيار بديل عنه بنفس الرسالة وذات الأهداف، و للوصول إلى هذه المرحلة لا بد من المرور بعدة مواقف تنظيمية جماهيرية أو شعبية تشبه الأحزاب و النقابات والجمعيات من أجل الوصول إلى ممثلين حقيقيين عن أصحاب القضية لا دمى متحركة.
لا ننكر ظهور العديد من التشكيلات والهيئات في الثورة، إلا أنها لم ترتقِ ولم تستطع النهوض وتحقيق الغاية السياسية منها، ورغم انتشار المجالس المحلية إلا أن تركيزها على الجانب الخدمي ساهم في استمرارها من جهة، وحيدها من جهة أخرى، وكان من الأفضل عزلها عن التجاذبات السياسية في المنطقة المحررة والالتفات إلى جوانب أخرى مثل الأحزاب والنقابات والجمعيات.
وتعرف الجمعية بأنها: اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة اشخاص، لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الارباح فيما بينهم.
بينما الحزب السياسي يعني: تنظيم دائم يتمتع بالشخصية المعنوية، ويُؤسس بمقتضى اتفاق بين أشخاص طبيعيين، يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية ويتقاسمون نفس المبادئ، بقصد المشاركة في تدبير الشؤون العمومية لغاية غير توزيع الأرباح.
أما النقابة: هي جمعية تشكل لأغراض المفاوضة الجماعية أو المساومة الجماعية، بشأن شروط الاستخدام و رعاية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية، والالتجاء إلى العمل السياسي في بعض الحالات.
وكما استطاعت المجالس المحلية أن تشق طريقها لابد للناشطين من تنظيم صفوفهم للوصول إلى غاياتهم وأهدافهم وإلا فإن أعمالهم لن تتجاوز غرف الوتس ووسائل التواصل الاجتماعي.