
الأسد راحل راحل .. و كل ما يحدث "تسعير" السوق للقبول بـ"عدم المحاكمة"
تتحرك ما كينة إعلامية ضخمة بشكل متناسق مع سياسية استراتيجية تنص على أن الأسد ليس شخصاً مرغوب به اطلاقاً ، وفي الوقت ذاته لن يكون في موضع المجرم الذي سيحاسب على الجرائم التي فاقت "جرائم الحرب" أو تلك "الانسانية" ، ولذا بدأ الحديث عن بقاء صوري أو فعلي مع نواب يحيطون به يجردونه من صلاحيات أساسية ، للوصول إلي موافقة على خروج آمن و سليم ، دون حساب .
يوقن الجميع أن إعادة الشرعية لبشار الأسد تعني انهيار كافة القيم الانسانية و كذلك السياسية ، ولذا تبدو المصلحة الجمعية تتمثل بإنهاء بشار الأسد كشخص بشكل هادئ ، و أن يظهر ذلك بعملية سياسية رتيبة ، و لكن دون أن يكون هناك محاسبة له بصفة "مجرم" ، إذ أن هذه الصفة تعني بأن روسيا ساندة مجرم و سفاح و بالتالي لحقت بها هذه الصفة ، و هذا لا يجوز بحق القوة العالمية الثانية.
بعيداً عن المناكفات الإعلامية الهادفة لعملية جس نبض الشارع و تهيئة الظروف الكاملة لقبول أي طرح تم الاتفاق عليه بين روسيا و أمريكا ، يجتهد الساسة الفعلين للوصول إلى صياغة "باكج" كامل للحل من الألف إلى الياء ، و ما المرحلة التي تدور رحاها في جنيف إلا عملية رقابة لصيقة و متعمقة للشخوص و الشخصيات التي ستكون فاعلة في عمليات تركيب "مكعبات" الحل التي تم رسم لوحتها بدقة و بحاجة لدقة إضافية في التنفيذ.
و رفع السقف و التمسك المستمر و المتواصل و في كل مرة بشخص الأسد ، و تركيز الصراع على شخص و ليس نظام أو جيش أو هياكل أمنية ، يجعل البدء بالتنفيذ هيناً و سهلاً ، اذا يكفي أن يتم إزالة السد المانع "الأسد" لتنساب بعدها مياه الحل وفق المجرى المحفور ، إضافة إلى أن التركيز على المشار إليه (الأسد) له فوائد أخرى اذ انخفضت الطلبات من سحله في الشوارع بعد الانتصار العسكري ، إلى المحاكمة العادلة بعد الهزيمة السياسية ، وصولاً إلى عدم الوجود في مستقبل سوريا ، دون الاقتراب من مصيره كشخص.
ومن يدري اذا ما بقينا نركز على الأسد كشخص ، قد نصل لمرحلة نقبل بوجوده بشرط أن لا يكون أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي ، و أن يتم فتح باب الترشح أمام شخصية جديدة لشغل هذا المنصب ، لاشيء مستحيل وسط هذا التخبط المريب و حب الظهور العنيف من قبل الجميع ، و فتح الفم و التفوه بكل شيء و أي شيء لتحقيق ظهور هنا أو هناك .