
استقالات في العالم لأجل سوريا و بسببها .. و "أوغلو" أحدهم !؟
تشكل العبثية السياسية التي وصلنا إليها كسوريين، للاقتناع أن أي شيء يحدث في العالم بأسره من قطبه الشمالي إلى ذلك الجنوبي، يعود بطريقة أو بأخرى إلى الملف السوري، ويستتبع أيضاً أن يكون هناك تغيير في الملف السوري، و تغير وجهة النظر و طريقة التعامل مع السوريين.
و ما إن أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو استقالته من رئاسة الحزب الحاكم في تركيا، حتى بدأت الأفكار تأخذ السوريين ليبحثوا عن الأسباب و المسببات، و هل للسوريين وجود في ذلك الأمر أم أنهم ستضررون منه، و كيف يمكن عكس القرار على الملف السوري، و ماذا لو قرر المتخاصمون ليكون السوريين الكرة التي يتقاذفونها في صراعهم.
بين لحظات الاستقالة، و ظهور أسبابها و كشف خلفيتها، نعيش في أروقة التحليل المعنّف للذات، و الشاتم للمجرة التي بها نعيش، و كذلك نبدأ بالاصطفاف في على الجبهات المتقابلة، و نطلق شرارة الصراع الذي لا يغني و لا يسمن، و كل ماهناك أنه يرضى عبثية الخلاف، و يشبع رغباتنا بالظهور كفوقيين و قادرين على التحكم بخيوط و اتجاهات اللعبة، في حين أننا عاجزون عن فهم تفكير أصغر متحكم في سوريا، كيف يعمل و ماذا يهدف.
ولا نستغرب أن نترك كل الجبهات المشتعلة، و النيران لم تعرف الهدوء في سوريا، واذا ما قصّرنا النطاق و خصصنا "حلب"، و نجد في استقالة "أوغلو" سبيلاً جيداً للنقاش و زيادة الخلاف، على اعتبار أننا محور الأرض و مركز دورانها، و كل مافيها يدور في فلكنا، في حين أن كل ما حدث في سوريا لم يكلف أحد أن يتجاوز حدود التصريح للوصول إلى ما يشبه الفعل.
"أوغلو" عندما أعلن استقالته من رئاسة حزبه، لم يرمق السوريين نظرة تهديد أو وعيد، و لم يتوعدهم بتغير السياسة اتجاههم، فالمنصب الذي تخلى عنه، حزبي و ليس تنفيذي، و قد وجد فيه البعض أن السبب خلافاً متفاقماً مع الرئيس التركي |رجب طيب أردوغان"، أو لعبة تكتيكية داخل حزب يرغب بمواصلة التواجد في السلطة، والزج بوجوه جديدة، علّله يحظى بالتجديد الخارجي ضماناً لاستمرار الحزب كايدلوجية عامة بعيد عن التعلق بشخص أو شخوص بعينها.
و من المتوقع أن يكون السوريين أكثر المحللين للخبر و مفاعيله و خلفياته، و نتائجه و انعكاساتها على الملفت كافة، سياسية و اقتصادية و اجتماعية، و مدى تأثيرها على الشعب التركي و التطورات التي ستلحق صغار الكسبة و العمال، إضافة لتلك الأمور المتعلقة في السياسية الجمعية المعقدة لتركيا مع العالم الخارجي، فهنا المساحة شاسعة و متشعبة بشكل تحتاج اسبوعاً يزيد أو ينقص من التمحيص وتبادل الآراء المتضاربة و شن الهجومات السريعة، بانتظار حركة مشابهة في بوركينافاسو أو برازيليا، فالعالم كما أسلفنا يدور في فلك المجرة السورية، و لا هم يقض مضجع العالم و لا شعوبه و سياسيه و لا حتى سلطاتهم التنفيذية إلا الملف السوري.
ليتنا نتابع بنفس الرتم و البحث و التمحيص مسببات الخلاف السورية – السورية، و نكتفي في حدود جغرافيتنا المتهالكة.