
إسم من ذهب وفعل من ورق
أعلم أن ما سأكتبه سيكون مجالاً للهجوم علي وانتقادي بكل الطرق لكن كلمة الحق أولى أن تُسمع وطريق الصواب الأفضل أن يُتَبع . فرغم مرور فترة على إنشائه ووضع بنائه غير المكتمل إلا أنه لم يعبر حقيقة عما أنشئ من أجله حمل اسم كبير فضفاض لكنه قليل المردود ضعيف الهيكل لم يستطع تشكيل بنيته التنظيمية ولم يتمكن من إيضاح رؤيته السياسية فظل متخبطاً تارة هنا وتارة هناك .
إنه مجلس قيادة الثورة المنبثق من مبادرة واعتصموا فهذا المجلس لم يقنع حتى نفسه ولم يستطع التحلي بالاسم الذي يحمله ففي كل الثورات يكون مجلس قيادة الثورة هو الهم والاهتمام وهو العباءة التي ينضوي الجميع تحتها و هو القادر على فرض رؤاه وأجندته الوطنية إلا عندنا ، هذا المجلس ولد بالأصل وهو يحمل التناقضات في بنيته العسكرية وصرحنا بهذا كثيراً فقد كانت هناك خلافات عميقة بين مكوناته وصلت لحد الاتهامات والاقتتال لكن البعض قال لنا انتظروا فالجميع سيلتزم ببنود المجلس فتأملنا خيراً وتم تعيين المستشار قيس الشيخ رئيساً له وهو رجل محبوب أمين توافقي وبدأ الرجل بالعمل لكن مشيئة الله أقعدته بالمستشفى وتوقف هذا المجلس عن العمل لكن فصائله الثورية كانت تعمل منفصلة . دون قيادة جماعية ودون غرف عمليات منتظمة . فلا قرارات تنظم عمله ولا هيئة عسكرية تضبط تحركاته ولا هيئة سياسية تطرح ثوابته وأفكاره فكان جسداً هلامياً غير مترابط الأعضاء .
ولكن هناك في الأجواء ما يتطلب أن يبدأ العمل فمؤتمر الرياض على الأبواب فكان لا بد من الدعوة لاجتماع ما فتم تحديد الموعد لكن هذا الموعد حوصر بمؤتمرين مؤتمر القاهرة ومؤتمر عمان الذي حاول الخوجة عقده مع العسكريين . وتم دعوة شخصيات أصبح المواطن السوري مشمئز منها لأسباب متعددة فكانت سقطة المجلس كبيرة في هذه .
المهم أن مجلس قيادة الثورة في مؤتمره وضع ثوابت للثورة السورية هي من البديهيات لكن ترتيبها وتسلسلها عشوائي غير منتظم وهو دليل على العشوائية في العمل وعدم إدراك لأهمية التنظيم في الأولويات واستخدام تعابير متناقضة وغير مناسبة في ثورة شعبية وقد جاء في أول هذه الثوابت :
– استقلالية القرار السوري ورفض الإملاءات الخارجية.
وكان من المفترض أن يكون أول هذه الثوابت هو التذكير والتأكيد على إسقاط العصابة المافيوية الأسدية لا أن يكون هذا الأمر في المرتبة الثالثة بسلم الثوابت.
- محاكمة أفراد النظام ممن ارتكبوا جرائم أمام محاكم خاصة سورية . وقد أتى هذا البند قبل العمل على تشكيل قضاء مستقل ومحاكم سورية خاصة بند 11
- محاربة قوات النظام والمحتل الإيراني وحزب الله والميليشيات الأخرى هي أولوية للثورة لكنها جاءت بالبند 13
واستخدام كلمة محاربة تأتي في غير مكانها فهي تعبير عن تساوي بالقوى والأسلحة وتوافر جيوش منظمة بين الطرفين , فكان لا بد من استخدام تعبير يعبر بشكل صحيح عن الواقع كأن يكون مثال ( الدفاع عن الشعب – رد عدوان العصابة – حماية الشعب).
- إرساء قيم مشتركة تحظى بإجماع وطني تنتهي بموجبها كافة مخلفات النظام الفاسد.
لا بأس لكن ما هي تلك القيم المشتركة وهل هناك تلاقي بين مكونات الشعب السوري حول هذه القيم أم أن هناك شعور لدى الغالبية أنها منتهكة وغير مجمع عليها في ظل الفرز الطائفي الكبير.
هذا غيض من فيض بحيث أن هذا المولود مازال في الحاضنة ينتظر الرعاية الدقيقة والعناية الفائقة وربما بعد نجاح الثورة يكون قد خرج من الحاضنة وأصبح قابلاً للحياة.