
أيها البرميل .. إنها "داريا" و ليست تل أبيب ...
بما أن العالم قرر التعامل مع الموت الإعتباطي و المجاني الذي يفتطك بالشعب السوري طوال السنوات الماضية ، دون أن يحرك ساكناً كأنه جماد لا روح فيه ، فإن مخاطبته تشبه مخاطبة أي مثيل له ، و لنخاطب أحد آلات الموت الغاية في الفتكة ألا وهو "البرميل" عله يستطيع أن يفهم و يدرك هول ما يحدث.
ما يحدث لدرايا ، جعلني اعود بالذكرة لعامين مضوا كتبت حينها عن درايا ، قصة حقيقية ، جرت معي تقول القصة :
جلس يتابع الدخان الكثيف المتصاعد منذ أشهر من داريا، و يستمع لأصوات القذائف و تحليق الطيران المتواصلان ، وقال بحسه الحمصي الظريف: شو تل أبيب ما سقطت، طبعا أتبع تعليقه بضحكة ملؤها ألم و شجن، فقد شهد تدمير مدينته، و ها هو يشاهد مدينة أخرى واقعة في براثن نظام أثبت جدارة و قدرة فائقة على إلحاق الدمار بكل أرجاء الوطن.
داريا أو أطلال داريا مازالت صامدة و إن تشهد بعض الانتكاسات في البشر و الحجر إلا أنها مازالت صامدة.
صحيح أن داريا ليست المدينة الوحيدة التي تدمر أو دمرت بمنهجية النظام، لكن لها خصوصية معينة، فبطولات رجالاتها شكلت الأرق الذي لا ينتهي والغير محدود للنظام، فكانت نبع الألم و دليل العجز عن كسب أي انتصار ولو على الركام، فداريا في مرمى كافة أنواع المدفعية للفرقة الرابعة "سرايا الصراع" ومطار المزة وكثير من وحدات الحرس الجمهوري، ورغم كل ذلك مازالت صامدة.
عقدة داريا أفقدت النظام كثيرا من معنوياته و ما تبقى من عقله، فكانت أبواقه الإعلامية تتحدث عن إعادة السيطرة على درايا عشرات المرات، من ثم انخفضت المساحة إلى شوارع، ثم إلى أحياء، وكل هذا لم يفيد النظام في تحسين معنويات مقاتليه.
ولذا لجأت هذه الأبواق إلى حديث عن سيطرة وحدات أشباه الجيش على منزل أبو محمد و أن الاشتباكات تدور حول غرفة الابن الأصغر، بيت بيت عسى يلتمسوا بصيص نصر و لو على غرفة السفرة.
داريا باتت السبب الوحيد الذي يؤرق النظام و تساقط المدن التي تحيط بها، فكلما خسر منطقه يتهم مقاتلي داريا بأنهم وراء السقوط، وكلما تم قطع طريق من طرق الإمداد أو الهجوم على حاجز ما يتم اتهام داريا و أبطالها.
لا أعرف إن كان ما قاله ذلك الحمصي نكته أم حكمة، فقد تحولت هذه المدينة إلى تل أبيب التي تنسب لها كل الهزائم و الخسائر.