العنف الجنسي في حالات النزاع
العنف الجنسي في حالات النزاع
● مقالات رأي ١٩ يونيو ٢٠٢٤

العنف الجنسي في حالات النزاع: تحديات وآثار وحلول ودور المرأة في هذه الظروف

يحيي العالم في 19 حزيران من كل عام اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع. يهدف هذا اليوم إلى التوعية بالحاجة الملحة لوضع حد للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات في جميع أنحاء العالم. وقد تم إعلان هذا اليوم لأول مرة في عام 2015 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم اختيار هذا التاريخ للتذكير باعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1820 في 19 يونيو 2008، الذي ندد بالعنف الجنسي. يُعد العنف الجنسي في حالات النزاع من أبشع الجرائم التي تُرتكب في أوقات الحروب، حيث لا يلحق الأذى الجسدي والنفسي بالأفراد فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل المجتمعات بأسرها.

على الرغم من جهود الأمم المتحدة في مختلف مناطق العالم، إلا أنها لا تستطيع وضع رقم محدد لحالات العنف الجنسي في مناطق الأزمات. يشير العاملون في الميدان إلى أنه في مقابل كل حالة اغتصاب يتم الإبلاغ عنها، توجد عشرة إلى عشرين حالة لا يتم الإبلاغ عنها، وذلك بسبب وصمة العار والمخاوف الأخرى. لفهم العنف الجنسي في حالات النزاعات، يجب علينا أولاً تعريف مفهوم العنف الجنسي بشكل عام.

العنف الجنسي هو أي فعل جنسي غير مرغوب فيه، أو محاولة القيام بفعل جنسي، أو تعليقات أو حركات جنسية، أو أي أفعال تسيطر على الشخص جنسياً بالإكراه أو التهديد بالإيذاء البدني من قبل أي شخص، بغض النظر عن علاقته بالضحية، وفي أي مكان سواء في المنزل أو في مكان العمل. يشمل العنف الجنسي أشكالاً عديدة مثل الاغتصاب، الاستعباد الجنسي، الحمل القسري، التحرش الجنسي، والاستغلال الجنسي، والإكراه على الإجهاض.

العنف الجنسي في النزاعات يشمل كافة أشكال الاعتداءات الجنسية التي تُرتكب في سياق النزاعات، بما في ذلك الاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والإكراه على الدعارة، والحمل القسري، والإجهاض القسري. هذه الجرائم تُرتكب ضد النساء والرجال والأطفال على حد سواء.

 

شهادات وشهادات من قادة الأمم المتحدة:

يقول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع في عام 2017: "اليومَ نقف إجلالاً للنساء والفتيات والرجال والفتيان الذين عانوا فظائع العنف الجنسي في حالات النزاع، ونجدد تأكيد التزامنا العالمي بالقضاء على هذا البلاء". وأضاف: "فلنغتنم هذه المناسبة ونعمل باسم جميع الضحايا على تركيز جهودنا مجدداً على إنهاء العنف الجنسي في حالات النزاع وتحقيق السلام والعدل لصالح الجميع".

تقول المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم: "النزاعات في تصاعد. نرى الصور في كل مكان. من ينجون من العنف الجنسي في وقت الحرب – بما في ذلك الاغتصاب والزواج القسري والاستعباد الجنسي – يُتركون بندوب جسدية وعاطفية دائمة، ويسلب منهم الصحة والكرامة والسلام والعدالة". وتشدد على أن المحرمات الاجتماعية، والأنظمة الصحية المحطمة، وانعدام الأمن تمنع الناجين من التماس الدعم أو الحصول عليه، مما يعيق مشاركتهم في الحياة الاجتماعية.

 

أسباب العنف الجنسي في النزاعات:

1. العوامل الاجتماعية والثقافية: تساهم العادات والتقاليد القديمة والمفاهيم المغلوطة حول النوع الاجتماعي في زيادة معدلات العنف الجنسي.

2. الانهيار الكامل للقوانين والمحاسبة: في أوقات النزاعات، يضعف القانون وتزداد الفوضى، مما يشجع على ارتكاب الجرائم دون خوف من العقاب.

3. العوامل الاقتصادية والظروف القاهرة: يزيد الضغط الاقتصادي والظروف المعيشية القاسية من احتمالات وقوع العنف الجنسي.

 

تداعيات العنف الجنسي في النزاعات:

1. الآثار الصحية: يؤدي العنف الجنسي إلى إصابات جسدية ونفسية بالغة، بما في ذلك الصدمات النفسية والأمراض المنقولة جنسياً والحمل غير المرغوب فيه.

2. الآثار الاجتماعية: يتسبب العنف الجنسي في تدمير النسيج الاجتماعي وتفكك العائلات والمجتمعات، كما قد يؤدي إلى وصم الضحايا ونبذهم.

3. الآثار الاقتصادية: يزيد من الفقر والتهميش الاجتماعي، حيث يجد الضحايا صعوبة في الاندماج في المجتمع والعمل بعد تعرضهم للعنف.

تشمل الجهود الدولية لمكافحة العنف الجنسي في النزاعات قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن، والمحاكمات الدولية لمثل هذه الانتهاكات، وأيضاً جهود الدول وقوانينها المحلية.

تلعب المرأة دوراً حيوياً في المجتمع، يمتد تأثيره إلى جميع مناحي الحياة. ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، خاصة في ظروف الحرب والنزاعات المسلحة، أثبتت النساء قدرتهن على التحمل والصمود والمساهمة الفعّالة في بناء السلام واستقرار المجتمعات. إن شجاعة وإبداع النساء في مثل هذه الأوقات العصيبة يعكس عمق قوتهن ودورهن الحيوي في تحقيق التغيير الإيجابي.

 

في ظروف الحرب، تتخذ النساء أدوارًا متنوعة تشمل:

1. رعاية الأسرة والأعمال المنزلية: تولت النساء أدوارًا في القطاعات الصحية والتعليمية والإنسانية، مما ساعد في تقديم الدعم والرعاية للمتضررين.

2. التحديات الكبيرة: تتعرض النساء للعنف الجنسي والاستغلال كجزء من استراتيجيات الحرب، مما يترك آثارًا نفسية وجسدية طويلة الأمد.

3. التهميش الاجتماعي والاقتصادي: تجد النساء أنفسهن في مواجهة التهميش الاقتصادي والاجتماعي، مع فقدان مصادر الدخل وانعدام الأمان الوظيفي.

4. الوصمة الاجتماعية: كثيرًا ما تتعرض النساء اللاتي يُصبحن ضحايا للعنف الجنسي للوصم الاجتماعي والتمييز.

رغم هذه التحديات، تمكنت النساء من إثبات وجودهن من خلال:

1. *الانضمام إلى الحرف والمشاريع الصغيرة*: أطلقت النساء مشاريع صغيرة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، مما ساعد في تعزيز استقلاليتهن الاقتصادية.

2. المشاركة في المنظمات غير الحكومية: قدمت النساء المساعدة الإنسانية والدعم النفسي والقانوني للمتضررين.

3. حملات وجلسات التوعية: شاركت النساء في حملات التوعية وشبكات الحماية، مما ساهم في تعزيز الوعي بالمخاطر والحلول الممكنة.

 

يظل العنف الجنسي في حالات النزاع جرحًا نازفًا في ضمير الإنسانية، يتطلب علاجاً شاملاً ومتكاملاً من خلال الجهود الدولية والمحلية المشتركة. يتعين على المجتمع الدولي والمحلي التصدي لهذه الظاهرة بجدية وحزم، عبر تعزيز التشريعات والقوانين، وتقديم الدعم الشامل للضحايا، والعمل الحثيث والدائم على معالجة هذه الظاهرة. فقط من خلال هذه الجهود المتضافرة يمكننا الأمل في بناء مستقبل خالٍ من العنف الجنسي، حيث يسود السلام والعدالة والكرامة للجميع.

المصدر: قسم تمكين المجتمع في المنتدى السوري  الكاتب: أحمد غزال 
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ