"خيمة الحقيقة".. صوت أهالي المغيّبين في وجه النسيان والظلم
"خيمة الحقيقة".. صوت أهالي المغيّبين في وجه النسيان والظلم
● أخبار سورية ٢٧ مايو ٢٠٢٥

"خيمة الحقيقة".. صوت أهالي المغيّبين في وجه النسيان والظلم

ما يزال ملف المعتقلين والمغيّبين قسراً في سوريا أحد أكثر القضايا ألماً وإلحاحاً، إذ لا تكاد تخلو عائلة سورية من مأساة اختفاء أحد أفرادها على يد أجهزة نظام بشار الأسد المجرم. هذه الجراح المفتوحة دفعت عوائل الضحايا إلى إطلاق فعاليات ومبادرات تسلط الضوء على هذا الملف الإنساني العاجل، في محاولة للمطالبة بالحقيقة والعدالة.

خيمة الحقيقة
وفي مدينة السلمية، أُطلقت مؤخراً فعالية "خيمة الحقيقة"، بمشاركة واسعة من أهالي المعتقلين والمغيّبين قسراً، الذين قاموا بتعليق صور أبنائهم وأحبّائهم الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً منذ سنوات. وهدفت الفعالية إلى توفير مساحة إنسانية حرة للتعبير عن الوجع، وإبقاء قضية المعتقلين حيّة في الذاكرة الجماعية السورية.

تقول نبيلة نمرة، إحدى منظمات المبادرة، في حديثها لـ تلفزيون سوريا:"نحن نريد أن نوصل صوتنا، وهدفنا هو ألا تُنسى قضية المختفين والمعتقلين، وأن نعرف مصيرهم، حتى نستطيع أن نغلق هذه الجراح. خيمة الحقيقة هي مساحة دائمة نعبّر فيها عن كل ما يتعلق بأهالي وأبناء المعتقلين والمغيّبين."

ومن جانبه، قال محمد رزوق، أحد القائمين على الفعالية، في تصريح لـ تلفزيون سوريا إن المبادرة انطلقت في الأصل من جرمانا بدمشق، مروراً بمخيم اليرموك، قبل أن تتوسع إلى السلمية، موضحاً أن الهدف من إقامة هذه الخيمة هو أن تكون منبراً لأهالي المعتقلين والمغيبين قسراً، ليرفعوا من خلالها مطالبهم المشروعة بكشف مصير أحبّائهم.

قصص مؤلمة
في "خيمة الحقيقة"، لم تكن الصور المعلّقة وحدها هي الشاهد على الألم، بل كانت شهادات الأهالي حاضرة بقوة، تروي تفاصيل الفقد والمعاناة المستمرة. هناك السيدة التي لم تيأس يوماً من البحث عن شقيقها المختفي، فتنقّلت بين أفرع المخابرات وسلكت كل الطرق الممكنة، دون أن تجد له أثراً أو تحصل على إجابة. وهناك من يريد فقط معرفة مكان دفن شقيقه المغيّب، ليضع على قبره وردة ويمنحه النهاية التي حُرم منها. 

وهناك من أتعبته رحلة البحث الطويلة، التي لم تخلُ من الابتزاز والاستغلال، وتلقى وعوداً كاذبة، دون أن تصل إلى حقيقة مصير مفقوده. فيما قالت أخرى، إنها تتألّم كل يوم من رؤية الأشخاص الذين تسببوا باعتقال والدها وهم يعيشون حياتهم بحرية، وتتمنى أن يأتي اليوم الذي يُحاسب فيه هؤلاء أمام القانون.

عشرات آلاف المختفيين
 لسنواتٍ طويلة، ظل أهالي المعتقلين في سوريا يعيشون على أمل اللقاء، ينتظرون عودة أحبّائهم الذين خُطفوا قسراً على يد أجهزة النظام. كانوا يؤمنون أن سقوط الديكتاتور بشار الأسد سيجلب معه لحظة الخلاص، وأن فتح أبواب السجون سيكشف عن وجوهٍ أنهكها الاعتقال لكنها لا تزال على قيد الحياة. 


لكن ما إن انهارت قبضة النظام البائد في بعض المناطق، وفُتحت بعض المعتقلات بعد فرار قوات الأسد، حتى واجه الأهالي صدمة تفوق الوصف: لم يكن أبناؤهم هناك. لم تكن هناك إلا جدران صامتة ورطوبة الموت.

مع الوقت، بدأت تتكشف الحقيقة المرعبة عشرات الآلاف من المعتقلين كانوا قد أُعدموا أو قُتلوا تحت التعذيب في أقبية المخابرات، دون محاكمة، دون خبر، ودون أثر. تبيّن أن النظام المجرم لم يحتفظ بهم كأوراق تفاوض، بل تخلّص منهم بدم بارد، مطوياً بذلك فصولاً من الألم لا تنتهي في ذاكرة كل بيتٍ سوريّ.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ