وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الفرنسية باريس اليوم الأربعاء 7 أيار، في زيارة هي الأولى له إلى أوروبا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر، ومن المقرر أن يلتقي الشرع نظيره الفرنسي في الساعة الخامسة مساءً وفقًا لبيان صادر عن الرئاسة الفرنسية، وذلك في إطار سعيه للحصول على دعم دولي لجهوده الرامية إلى تحقيق المزيد من الاستقرار في سوريا.
وأوضح مسؤولون فرنسيون لوكالة رويترز أن اللقاء سيشهد مناقشة سبل ضمان سيادة سوريا وأمنها، بالإضافة إلى التعامل مع "الأقليات بعد الهجمات الأخيرة على العلويين والدروز"، وجهود مكافحة "الإرهاب" ضد مسلحي تنظيم الدولة، وكذلك التنسيق بشأن المساعدات والدعم الاقتصادي، بما في ذلك تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.
وأضاف مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن "من الواضح أنه نظراً للتحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا، هناك توقعات لدعم من فرنسا ومن شركاء سوريا الدوليين الرئيسيين"، مشيرًا إلى أن باريس "ليست ساذجة" بشأن صلات الشرع السابقة مع المتشددين، مؤكداً أن هناك مطالب من جانب فرنسا تتعلق بالعملية الانتقالية في سوريا.
وأشار المسؤول إلى أن "هناك دوراً واضحاً يجب أن يلعبه المجتمع الدولي في سوريا لتمكين استقرارها".
في المقابل، تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لانتقادات حادة من بعض الأطراف اليمينية والمتطرفة في فرنسا بسبب هذه الزيارة. حيث وصفت زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبان هذه الخطوة بأنها "مذهلة ومقلقة"، واصفة الرئيس السوري أحمد الشرع بـ"الجهادي الذي مرّ عبر داعش والقاعدة". من جانبه، رد بارو على تصريحات لوبان قائلاً: "مارين لوبان ليست في موقع يؤهلها للحديث عن سوريا، فهي نفسها من دعمت بشار الأسد، الجزار الدموي للشعب السوري".
وكان قصر الإليزيه قد أعلن يوم الثلاثاء أن زيارة الرئيس الشرع تهدف إلى "دعم عملية الانتقال نحو سوريا حرة، مستقرة، ذات سيادة، وتحترم جميع مكونات المجتمع السوري".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده لن تمنح سوريا "شيكاً على بياض"، مشددًا على أن الموقف الفرنسي سيبقى مرتبطًا بسلوك الإدارة السورية الجديدة وليس بتصريحاتها. وقال بارو في مقابلة مع قناة TF1 الفرنسية إن باريس ترغب في أن تركز سوريا على ثلاثة مسارات رئيسية: مكافحة الإفلات من العقاب، الحد من العنف الطائفي، ومواجهة تنظيم الدولة "داعش".
وأضاف بارو أن "انهيار سوريا اليوم سيكون بمثابة فرش السجادة الحمراء أمام تنظيم الدولة"، مشيرًا إلى أن استقرار سوريا لا يمكن تحقيقه دون معالجة الأسباب الجذرية للعنف والانقسامات. كما شدد على أن الدعوة الموجهة للشرع تهدف أيضًا إلى "محاسبة المسؤولين عن المجازر ضد العلويين على الساحل الغربي لسوريا، وكذلك المجازر الأخيرة التي طالت الدروز".
وأكد بارو أن فرنسا ستواصل تقييم تحركات الإدارة السورية بناءً على الأفعال على الأرض وليس البيانات الرسمية، مشيراً إلى أن باريس تتعامل مع الملف السوري من منظور أمني وإنساني في آن واحد.
تمكن الجيش الأردني فجر اليوم الأربعاء 7 أيار، من إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة عبر الحدود من سوريا إلى الأردن، مؤكداً أن "القوات المسلحة الأردنية ستستمر في استخدام جميع إمكانياتها لمكافحة عمليات التسلل والتهريب، من أجل ضمان حماية أمن المملكة واستقرارها".
وفي تصريح للمصدر العسكري المسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، قال إن "قوات حرس الحدود التابعة للمنطقة العسكرية الشرقية، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية وإدارة مكافحة المخدرات، تمكنت من إفشال محاولة تهريب المواد المخدرة".
وأضاف المصدر أنه تم رصد مجموعة من المهربين أثناء محاولتهم عبور الحدود بطرق غير قانونية، مما استدعى استجابة سريعة من دوريات رد الفعل السريع، حيث تم تطبيق قواعد الاشتباك، ما أجبر المهربين على التراجع إلى داخل الأراضي السورية.
وأشار إلى أن عمليات البحث والتفتيش التي أجريت بعد إحباط المحاولة أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة، التي تم تحويلها إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
الأردن: إحباط محاولة تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة قادمة من سوريا
وسبق أن أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، عن إحباط المنطقة العسكرية الشرقية في الأردن مساء الأحد 4 أيار، محاولة لتسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة عبر الحدود قادمة من الأراضي السورية.
وأوضحت القيادة أن قوات حرس الحدود، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية العسكرية وإدارة مكافحة المخدرات، تابعت من خلال المراقبات الأمامية محاولة مجموعة من المهربين عبور الحدود بشكل غير قانوني من سوريا إلى الأردن.
ولفت مصدر أمني إلى أنه تم تحريك دوريات رد الفعل السريع وتطبيق قواعد الاشتباك، ما أسفر عن فرار المهربين إلى داخل العمق السوري، وذكر أنه بعد تكثيف عمليات البحث والتفتيش في المنطقة، تم العثور على كميات كبيرة من المواد المخدرة التي تم تحويلها إلى الجهات المختصة.
وأكد المصدر أن القوات المسلحة الأردنية ستواصل استخدام كافة إمكانياتها لمنع جميع محاولات التسلل والتهريب، حفاظًا على أمن واستقرار المملكة الأردنية.
الجيش الأردني يعتقل شابين سوريين بعد توغل بريف درعا الغربي
وسبق أن أفادت مصادر محلية وشهود عيان أن دورية تابعة للجيش الأردني اجتازت عصر يوم الأربعاء، 30 نيسان/أبريل 2025، الحدود السورية من جهة قرية كويا في منطقة حوض اليرموك، بريف درعا الغربي، وقامت باعتقال شابين يعملان في رعي الأغنام داخل الأراضي السورية.
ويُعد هذا الحادث أحد أبرز التوغلات الأردنية داخل الأراضي السورية منذ سنوات، ويأتي في سياق أمني متوتر على الحدود، خاصة عقب إعلان القوات المسلحة الأردنية، يوم أمس الثلاثاء، إحباط محاولة تسلل لقاربين قادمين من سوريا عبر سد الوحدة، أحدهما تم توقيفه والقبض على من فيه، بينما تراجع القارب الثاني إلى الداخل السوري.
وتثير هذه التطورات أسئلة حول التنسيق الأمني الحدودي بين دمشق وعمّان، خصوصاً في ظل تكثيف الأردن لإجراءاته على الحدود منذ بداية عام 2025، بعد تكرار محاولات تهريب المخدرات والأسلحة من الأراضي السورية، وفق بيانات رسمية أردنية.
وتُعد منطقة حوض اليرموك وقرية كويا تحديدًا من أكثر النقاط الحساسة في الجغرافيا الحدودية السورية الأردنية وايضا الإسرائيلية، حيث شهدت قبل فترة محاولة إسرائيلية للتوغل في البلدة وتصدى لها المدنيين ما أدى لسقوط شهداء وجرحى.
كشف مدير عام "المؤسسة السورية للمخابز"، "محمد الصيادي"، عن وجود دراسة لدى الجهات المعنية لتعديل سعر ربطة الخبز المدعوم أو تقليص وزنها، وذلك في إطار التوجه نحو "تحرير السعر" تدريجياً بالتوازي مع تحسين دخل المواطن.
وأوضح في تصريح لصحيفة "الحرية"، يوم الأربعاء 7 أيار/ مايو، أن تكلفة إنتاج الربطة الواحدة (12 رغيفاً بوزن 1200 غرام) تبلغ 8500 ليرة، في حين تُباع حالياً بسعر 4 آلاف ليرة، ما يعني أن الحكومة لا تزال تتحمل أكثر من نصف التكلفة.
وبيّن أن أي قرار في هذا الاتجاه سيراعي معطيات الواقع التمويني وقد يتضمن زيادة أو تخفيض المخصصات اليومية للمخابز بحسب الحاجة، مع استمرار مراقبة الإنتاج اليومي.
وأشار إلى أن جودة الخبز في معظم المخابز تُعتبر "جيدة عموماً"، لكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب من وجهة نظر المؤسسة، التي تعمل على تحسين نوعية الرغيف.
وفي سياق توسيع شبكة المخابز، أكد الصيادي ترخيص نحو 175 مخبزاً جديداً منذ تحرير سوريا وتزويدها بجميع مستلزمات الإنتاج لتلبية الطلب في مختلف المحافظات.
كما أشار إلى تعاون المؤسسة مع منظمات دولية في تأهيل عدد من الأفران المتوقفة، وتزويدها بخطوط إنتاج جديدة، كان آخرها مخبز المليحة رقم 6، مع خطط مماثلة لمخبزي الناصرية وجوبر، بالإضافة إلى إجراء صيانة شاملة لمخبز جيرود.
وتتركز الخطة الاستثمارية الحالية على تطوير الحالة الفنية للأفران، ورفع كفاءة معمل الدوير، وترميم المستودعات الخاصة بالقطع التبديلية، إلى جانب إنشاء مخابز في المناطق البعيدة عن مراكز الإنتاج لتسهيل وصول الخبز إلى المواطنين.
هذا وقدر عدد المخابز الاحتياطية العاملة بإشراف المؤسسة 157 مخبزاً، إلى جانب 75 مخبزاً تعمل بنظام الإدارة، بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ نحو 1900 طن يومياً، أي ما يعادل مليوناً و852 ألف ربطة خبز. كما تضم البلاد أكثر من 1300 مخبز خاص تنتج قرابة 2.4 مليون ربطة يومياً بقدرة إنتاجية تزيد عن 2500 طن.
ورغم تأكيد المؤسسة السورية للمخابز أن أي تعديل في سعر الخبز سيرتبط بتحسين دخل المواطن، إلا أن توجه الحكومة نحو "تحرير سعر ربطة الخبز" يثير مخاوف شريحة واسعة من السوريين، خصوصاً من أصحاب الدخل المحدود، الذين يُعدّ الخبز المدعوم ركناً أساسياً في معيشتهم اليومية.
ويخشى مراقبون من أن يؤدي أي رفع في السعر أو تخفيض في الوزن إلى زيادة الأعباء المعيشية، في وقت لا تزال فيه مستويات الأجور والدخل عند حدها الأدنى، مع غياب منظومة حماية اجتماعية كافية تعوض هذه الفروقات، ما قد يعمّق الفجوة بين الدعم المعلن والواقع المعيشي للناس.
كشف وزير الطوارئ والكوارث السوري، رائد الصالح، عن مناقشته مع الرئيس السوري أحمد الشرع خطة لإنشاء مركز وطني متخصص في إزالة مخلفات الحرب والألغام غير المنفجرة التي خلفها نظام الأسد خلال سنوات الصراع.
وأوضح الصالح أن الوزارة تعمل على تطوير منظومة استجابة وطنية سريعة، في إطار خطة شاملة تهدف إلى الوصول إلى جميع المواطنين وتقديم الخدمات لهم بشفافية وكفاءة، بالرغم من التحديات والإمكانيات المحدودة المتاحة.
وأشار وزير الطوارئ إلى أن الاستثمار في الكوادر البشرية سيكون له دور محوري في تحسين جودة الخدمات المقدمة، خاصة في ظل الوضع الحالي الذي يتطلب تدابير استثنائية وسرعة في الاستجابة.
وفي هذا السياق، أكد الصالح على ضرورة التشاور مع المنظمات المجتمعية والدولية التي لعبت دوراً رئيسياً خلال السنوات الماضية في مجال الاستجابة للطوارئ والكوارث. ولفت إلى أن الاستفادة من خبرات هذه المنظمات في إعداد وتنفيذ الخطة سيعزز من قدرتها على تحقيق أهدافها.
كما أعلن أن الاجتماعات مع المنظمات المحلية والدولية ستعقد فور الانتهاء من إعداد الخطة، استعداداً للبدء بتنفيذها في الفترة المقبلة، من أجل تأمين بيئة آمنة للمواطنين والتخفيف من خطر الألغام والمخلفات الحربية في مختلف المناطق.
في سياق متصل، ترأس وزير الطوارئ والكوارث السيد "رائد الصالح" اجتماعًا بمشاركة ممثلي منظمات ومؤسسات محلية ودولية، بهدف وضع تصوُّر مبدئي لخطة وطنية شاملة للطوارئ والكوارث، وإنشاء نظام إنذارٍ مبكرٍ فعّالٍ يعتمد على التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية.
نُوقش خلال الاجتماع إطار الخطة الوطنية لإدارة الطوارئ والكوارث، وآليات تفعيل نظام الإنذار المبكر، ويهدف الاجتماع إلى صياغة رؤية موحدة وخطة متكاملة تستند إلى إمكانات وطنية ومحلية، مع تعزيز التعاون بين الوزارة والمنظمات السورية والدولية ذات الصلة، بما يضمن استجابةً سريعة وشاملة في حالات الطوارئ والكوارث.
توصل مشايخ ووجهاء إلى اتفاق مبدئي لتهدئة الأوضاع في قرية الدور بريف السويداء الغربي، وذلك بعد اشتباكات دامية أسفرت عن سقوط ضحايا ومصابين من أبناء القرية، اليوم الثلاثاء.
وأفاد موقع "السويداء 24" بأن جهوداً حثيثة بذلها الأمير حسن الأطرش، وشيخ العقل أبو وائل حمود الحناوي، والباشا عاطف هنيدي، للعمل على احتواء التوتر الذي تصاعد في القرية واتخذ طابعاً عائلياً.
وتضمن الاتفاق تهدئة النفوس وأداء مراسم التشييع اليوم الأربعاء، حيث تم تحديد الساعة الحادية عشرة صباحاً للقاء، على أن يتم الدفن في تمام الساعة الواحدة ظهراً، مع التأكيد على ضرورة متابعة اللقاءات بين الأطراف حتى التوصل إلى حل نهائي يضمن إنهاء التوتر بشكل دائم.
وكانت قرية الدور قد شهدت يوم الثلاثاء تبادلاً لإطلاق النار بين مجموعتين محليتين، مما أسفر عن مقتل الشاب تمام الشعراني، المنتسب للأمن العام، والمواطن المدني مروان الشعراني، الذي كان يحاول التدخل لفض النزاع. كما أسفرت الاشتباكات عن إصابة أربعة أشخاص آخرين، فيما تم إحراق عدد من المنازل وسط حالة من التوتر والانتقام.
وتعود أسباب الاشتباك إلى اعتراض مجموعة من أبناء القرية لمجموعة أخرى تتبع للأمن العام، كانت تقل الشابين مجد حسان إبراهيم وفارس صقر منذر، بعد أن أُفرج عنهما من قبل الأمن العام في درعا. وقد جرت عملية تسليم الشابين على الحدود الإدارية بين درعا والسويداء، دون دخول عناصر الأمن العام إلى المحافظة، حيث تولت مجموعة محلية من أبناء القرية نقل الشابين.
التقى وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، وفداً من وزارة الخارجية السويدية في دمشق لمناقشة التطورات الراهنة في سوريا وتعزيز التعاون بين البلدين.
وذكرت وزارة الداخلية أن خطاب استقبل المدير العام للشؤون القنصلية في وزارة الخارجية السويدية، ميكائيل ليندفال، والسفيرة السويدية في سوريا، جيسكيا سفاردستروم، حيث بحث الجانبان خلال اللقاء آخر التطورات في سوريا وسبل تعزيز التعاون والتنسيق في القضايا المشتركة.
يُذكر أن هذا اللقاء يعد الثاني من نوعه في الأسابيع الأخيرة، حيث استقبل خطاب في 27 أبريل الماضي وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، ونظيرها النمساوي، غيرهارد كارنر، لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك وتعزيز التعاون في المجال الأمني.
وفيما يخص المباحثات، أكدت وكالة "فرانس برس" أن اللقاء تناول الأوضاع الأمنية في سوريا، وخطط تعزيز الاستقرار، بالإضافة إلى آفاق عودة اللاجئين السوريين. وأشارت فيزر إلى ضرورة التفاوض مع الحكومة السورية الانتقالية بشأن الملفات الأمنية، مؤكدة أن الأولوية تكمن في ترحيل المجرمين والمتشددين حال تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد.
محلياً، كان عقد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، اجتماعاً موسعاً مع محافظي مختلف المحافظات، لمناقشة آليات دعم وتعزيز السلم الأهلي على مستوى البلاد، وذلك بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس أحمد الشرع.
وأوضح الوزير خطاب، خلال الاجتماع الذي نقلت تفاصيله وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن ترسيخ السلم الأهلي يشكل حجر الأساس في تحقيق استقرار المجتمع، ويُعد ضرورة ملحّة لدعم جهود البناء والتنمية في المرحلة المقبلة.
وجاء الاجتماع في سياق متابعة الإجراءات المتصلة بإعلان الرئاسة السورية، في التاسع من الشهر الماضي، عن تشكيل لجنة عليا للسلم الأهلي، في خطوة وُصفت بأنها تأتي انسجاماً مع مقتضيات المصلحة الوطنية العليا، وسعياً نحو تحقيق تماسك مجتمعي بين مختلف مكونات الشعب السوري.
وبحسب بيان الرئاسة، تضطلع اللجنة الجديدة بعدد من المهام المحورية، من أبرزها التواصل المباشر مع المواطنين في الساحل السوري للاستماع إلى مطالبهم وتقديم الدعم اللازم لتعزيز أمنهم واستقرارهم، بالإضافة إلى العمل على تعزيز الوحدة الوطنية في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
وقد شملت تشكيلة اللجنة العليا للسلم الأهلي شخصيات بارزة أُوكلت إليها مهام المتابعة والتنفيذ، وهم أنس عيروط، وحسن صوفان، وخالد الأحمد، حيث كُلّفوا بالإشراف على وضع آليات العمل وتطبيق الإجراءات المقررة لضمان تحقيق أهداف اللجنة.
وتتصاعد أصوات السوريين الغاضبين من محاولات التسامح غير المشروطة مع الشبيحة وأتباع نظام بشار الأسد، المتورطين في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الشعب طوال سنوات الحرب. ويطالب ناشطون وذوو ضحايا ومكونات ثورية، الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بتطبيق العدالة الانتقالية ومحاسبة كل من تورّط في جرائم الحرب، وإقصائهم من مؤسسات الدولة والحياة السياسية.
لا تزال شوارع دير الزور تشهد نشاطاً تطوعياً لافتاً ضمن حملة "دير الزور أحلى"، التي أطلقتها جمعية "نهضة الفرات"، بهدف استعادة وجه المدينة الحضاري وإزالة آثار القمع التي خلفها النظام السابق.
وقالت الجمعية عبر صفحتها الرسمية على "فيس بوك" إن متطوعيها يواصلون العمل على تزيين الدوارات وتجميل الشوارع، في مسعى "لإزالة معالم القهر وتلوين المدينة بألوان الحياة". وأضافت: "الطريق طويل، لكننا نمضي فيه بإيمان عميق وحبّ صادق لهذه الأرض وأهلها".
وأكدت الجمعية أن حملتها تحمل بعداً رمزياً عميقاً، إذ تسعى إلى طمس ما تبقى من رموز النظام المخلوع، التي وصفتها بأنها "لم تكن تمثّل سكان المدينة يوماً، بل كانت شاهداً على القمع والتهميش".
واختتمت الجمعية بيانها بالقول: "لم يعد الشارع مكاناً للعبور فقط، بل تحول إلى ساحة لتجديد الروح وإعلان أن دير الزور ملك لأهلها، وسوريا ملك لشعبها، لا لصور الطغاة وشعاراتهم".
وتجسد الحملات التطوعية التي تستهدف إزالة إرث نظام الأسد، مثل حملة "دير الزور أحلى"، أكثر من مجرد جهود لتجميل الشوارع؛ فهي تعبير عن وعي جمعي يسعى لتحرير الفضاء العام من رموز القمع والتهميش.
وذلك عبر إزالة الشعارات واللوحات التي خلفها النظام، يعيد المتطوعون للمدن هويتها، ويمنحونها ملامح تعبّر عن سكانها، لا عن نظام سفاح فرض نفسه لعقود بالقتل والدمار والإجرام.
هذه المبادرات تعد ورسالة واضحة بأن الناس لم يعودوا يقبلون بعودة مظاهر الاستبداد إلى حياتهم اليومية كما تخلق هذه الحملات شعوراً بالمشاركة والانتماء، وتمنح المجتمعات مساحة للتعافي النفسي وإعادة بناء العلاقة مع المكان على أسس الحرية والكرامة.
وكانت باشرت ورشات مجلس مدينة حمص، أعمال إزالة الحواجز الإسمنتية وتركيب أجهزة إنارة في عدد من شوارع المدينة، ضمن حملة "حمص بلدنا" الهادفة إلى تحسين الواقع الخدمي والجمالي للأحياء وتسهيل حركة المرور.
وكذلك سبق أن انطلقت فعاليات حملة "رجعنا يا شام"، بمشاركة حوالي 1300 متطوع ومتطوعة بهدف إعادة الحياة إلى أحياء وشوارع مدينة دمشق.
هذا وكشف الدفاع السوري عن مواصلة جهود وأعمال حملة "حماة تنبض من جديد" بالتعاون مع مجلس محافظة حماة ومديرية الخدمات الفنية، لإزالة الدمار وفتح شرايين الحياة للمدن والبلدات في المحافظة وإزالة مخلفات الحرب.
ويذكر أن الحملات التطوعية التي تستهدف إزالة إرث نظام الأسد البائد تحمل أهمية كبيرة، تتجاوز الجانب الخدمي أو التجميلي، لتلامس عمقاً رمزياً ونفسياً وسياسياً في وعي الناس والمجتمع السوري ككل.
كشفت مصادر حقوقية في دمشق، عن مسعى لتشكيل هيئة خاصة تقوم بمراجعة جميع القوانين المعمول بها حالياً، وأوضحت المصادر أن القوانين التي تم إصدارها خلال فترة النظام السابق ستخضع لمراجعة شاملة من قبل الهيئة، التي ستنظر في إمكانية تعديلها، إلغائها، أو الإبقاء على بعضها حسب مدى توافقها مع الإعلان الدستوري الحالي.
ونقل موقع "القدس العربي"، عن مصادر أفادت بأن باب المشاركة في تأسيس هذه الهيئة سيفتح أمام الجهات الحقوقية، مثل نقابة المحامين، التي سيكون لها دور أساسي في وضع النظام الداخلي للهيئة، نظراً لأنها تمثل أحد أجنحة العدالة إلى جانب وزارة العدل.
اللجنة المعنية بإعادة النظر في قوانين المحاكمات
في سياق متصل، شكل وزير العدل السوري، مظهر الويس، الأسبوع الماضي لجنة متخصصة لإعادة النظر في "قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 1 لعام 2016" واقتراح التعديلات اللازمة عليه.
ضمت اللجنة عدداً من كبار القضاة في محكمة النقض، وإدارة التشريع، والتفتيش القضائي. وستعمل اللجنة على مراجعة القانون بما يتوافق مع أحكام الإعلان الدستوري الحالي ومبادئ حقوق الإنسان، مع التركيز على تبسيط إجراءات التقاضي وتحديثها باستخدام تقنيات المعلومات. وقد مُنحت اللجنة مهلة ستة أشهر لإنجاز مهمتها وتقديم تقرير مفصل إلى وزير العدل.
القوانين الموجهة لخدمة السلطة: مطالبات بالتعديل والإلغاء
وفي تعليقه على الموضوع، قال المحامي عارف الشعال إن معظم القوانين السورية، التي تصل إلى حوالي 7 آلاف قانون، كانت تصب في خدمة السلطة، مؤكداً أن العديد منها يحتوي على ثغرات ويحتاج إلى تعديل جذري. وأضاف أن الهيئة المرتقبة لم تحدد بعد ما إذا كانت ستكون استشارية فقط أو صاحبة صلاحية اتخاذ القرارات في تعديل القوانين، وتقديم مسودات القوانين الجديدة لجميع الوزارات والجهات الحكومية.
وأوضح الشعال أن بعض القوانين يجب أن يتم إلغاؤها بدلاً من تعديلها، مشيراً إلى قوانين تم إصدارها في بداية الثورة السورية عام 2011، مثل قانون الضابطة العدلية الذي يسمح بالتوقيف لمدة شهرين في الأجهزة الأمنية دون محاكمة. وأكد أن هذه القوانين كانت في معظم الأحيان تتجاوز الحدود القانونية، حيث امتد اعتقال الكثيرين إلى سنوات دون عرضهم على القضاء.
كما أشار إلى ضرورة إلغاء "قانون محكمة الإرهاب"، الذي تم تجميد العمل به، لكن إلغاؤه يتطلب قانوناً من مجلس الشعب غير الموجود حالياً. وأوضح أن هناك قوانين أخرى، مثل قانون أمن حزب البعث المنحل، الذي يتضمن عقوبات مشددة ضد من يسيء للحزب، وكذلك قانون منع التعامل بالدولار، كلها قوانين تتطلب الإلغاء لأن النظام السابق أوجدها لخدمة مصالحه.
تعديلات النظام السابق بحاجة إلى مراجعة
من جانبه، أكد الخبير القانوني والمحامي عمار يوسف أن النظام السابق عدل العديد من القوانين في السنوات الأخيرة، إلا أن التعديلات كانت غالباً مشوهة ومفصلة لخدمة أشخاص معينين. وأشار يوسف إلى ضرورة تعديل هذه القوانين بما يتوافق مع المبادئ القانونية الحديثة. ومن الأمثلة التي قدمها يوسف، قانون أصول المحاكمات المدنية الذي تم تعديله في عام 2016، والذي ظهرت نسخته الجديدة مشوهة مقارنة بالنسخة القديمة.
كما شدد يوسف على ضرورة دمج بعض القوانين، مثل القوانين الخاصة بالعقارات، في قانون واحد لتجنب التشتت والتعقيد الذي كان سائداً في عهد النظام السابق. وأعرب عن تأييده أن يتم التعديل وفقاً للقوانين الوضعية التي تتناسب مع مكونات الشعب السوري.
إجراءات وزارة العدل بعد سقوط النظام
منذ سقوط نظام بشار الأسد، اتخذت وزارة العدل السورية عدة إجراءات مهمة، منها تجميد العمل بمحكمة الإرهاب، وإنشاء منصب رئيس العدلية في كل محافظة، وإلغاء منصب المحامي العام. كما قامت الوزارة بإحالة جميع القضاة الذين عملوا في محكمة الإرهاب إلى التفتيش القضائي للتحقيق معهم.
أصدرت نقابة المحامين في العاصمة السورية دمشق قراراً يقضي بسحب عضوية فادي صقر وشطب اسمه من سجلات النقابة. وأكد القرار، الصادر في الرابع من شهر أيار/مايو الجاري، أن هذا الإجراء جاء بعد ثبوت تورّطه في ارتكاب جرائم حرب. وأوضح القرار أن المحامي فادي مالك أحمد، المعروف بـ"فادي صقر"، كان قائد ميليشيا "الدفاع الوطني" في حي التضامن الدمشقي.
وفادي صقر، الذي لقبه النظام المخلوع بـ"صقر الدفاع الوطني"، هو أحد أبرز الأشخاص الذين ارتبطت أسماؤهم بأسوأ مراحل العنف في سورية. وبرز عام 2012 بصفته قائدا لإحدى فصائل مليشيا "الدفاع الوطني" التابعة لإيران في دمشق، قبل أن يُرقّى لقيادة المليشيا على مستوى البلاد، وكان له دور محوري في حصار أحياء المعارضة جنوب العاصمة، واتُهمت قواته بارتكاب مجازر بحق المدنيين، وتدمير منازل، ونهب ممتلكات.
انتهاكات موثقة وشهادات دامغة
ارتكب صقر انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، تمثّلت في القتل والتعذيب والخطف، ويتحمّل مسؤولية مباشرة عن مجازر في حي التضامن، إلى جانب أمجد يوسف، بحسب تقارير وشهادات موثوقة. واستند قرار النقابة إلى شهادة أحد الناجين، الذي أفاد بأن فادي صقر اعتقله مع شقيقيه، قبل أن يُفرَج عنه، ويُقتَل الشقيقان لاحقاً، بعد اعتقالهم من قبل حاجز تابع للدفاع الوطني، الذي كان يشرف عليه صقر.
تصريح نقابة المحامين: شطب لأسباب مهنية
نقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحًا لرئيس فرع نقابة المحامين بدمشق، محمد دحلا، قال فيه: "صدر قرار بشطب المحامي فادي صقر من مجلس فرع النقابة بسبب مخالفته شروط وواجبات المهنة المنصوص عليها في قانون تنظيم المهنة". وأضاف أن مجلس التأديب في النقابة غير معني بإثبات التورّط بجرائم جزائية أو حرب، بل يختص بالنظر في المخالفات المسلكية وتحريك دعوى الحق العام المسلكي ضد أيّ محامٍ يخلّ بأخلاقيات المهنة.
كما أشار إلى أن "أكثر من ألف دعوى مسلكية منظورة حاليًا أمام المجلس، والعقوبات المسلكية تتنوع بين التنبيه والمنع المؤقت من المزاولة، وصولًا إلى الشطب التأديبي".
الفضيحة الكبرى: الغارديان توثّق المجزرة
فُضح فادي صقر دولياً بعد أن نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، عام 2022، مقطعاً مصوراً يوثّق مجزرة ارتكبتها قوات الأسد بحق مجموعة من المدنيين في حي التضامن، تعود وقائعها إلى عام 2013. وقد تضمن التقرير معلومات عن هوية المتورطين، من بينهم أمجد يوسف وفادي صقر، ما أثار موجة غضب وصدمة واسعة.
دخوله إلى الحي بعد سقوط الأسد يُفجّر الغضب
وصلت الوقاحة بصقر إلى حد دخوله حي التضامن بعد سقوط النظام، في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، مما أثار سخطاً شعبياً واسعاً. خرج أهالي الحي في مظاهرات احتجاجية على عودته دون محاسبة. وقالت "تنسيقية حي التضامن" عبر فيسبوك:
"نحن أبناء حي التضامن الدمشقي، الذي شهد واحدة من أبشع المجازر في تاريخ سوريا، نعلن رفضنا القاطع واستنكارنا الشديد لدخول المدعو فادي صقر إلى منطقتنا، رغم تورطه المباشر في جرائم قتل بحق المدنيين العزّل".
وأضافت التنسيقية: "هذه الزيارة ليست مجرد حدث عابر، بل استفزاز صارخ لمشاعر أهالي الشهداء والمعتقلين، نجم عن سوء تقدير للأمور وقلة خبرة".
هل تكون الخطوة الأولى نحو العدالة؟
ويرى متابعون أن شطب اسم فادي صقر من نقابة المحامين قد يكون خطوة أولى في طريق العدالة الانتقالية في سوريا، لكنه لا يُغني عن المحاسبة الجنائية الحقيقية في المحاكم العادلة. فدماء الأبرياء لا تُنسى، والعدالة لا تسقط بالتقادم، والشعب السوري لن يرضى بأقل من محاسبة شاملة لجميع من تورّطوا في جرائم الحرب والانتهاكات.العدالة ليست انتقاماً، بل حجر أساس لأي مستقبل سلمي.
يظن المجرمون الذين دعموا الإرهابي بشار الأسد أنهم نجوا بأفعالهم، وأن مرور الزمن كفيل بأن يُنسي الناس الذكريات، فاعتقدوا أن بإمكانهم العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، فعادوا إلى سوريا بعد التحرير. ومن بينهم فادي صقر، الذي كثرت المناشدات والدعوات لمحاسبته لتورّطه في جرائم ضد السوريين خلال فترة حكم الإرهابي بشار الأسد.
قُتل شخصان وأصيب أربعة آخرون بجروح متفاوتة على الأقل، يوم الأربعاء 7 أيار/ مايو جراء هجوم مسلح نفذه مجهولان يستقلان دراجة نارية استهدف مكتباً لبيع السيارات في مدينة أعزاز شمال حلب.
وأفاد شهود عيان أن المهاجمين فتحوا النار بشكل مباشر على المكتب قرب دوار الكف قبل أن يلوذا بالفرار، في حين سارعت فرق الإسعاف إلى نقل المصابين إلى المشافي القريبة لتلقي العلاج، وسط استنفار أمني في المنطقة.
فيما فتحت إدارة الأمن العام تحقيق رسمي في الحادثة للوقوف على ملابساتها وملاحقة الفاعلين، دون صدور بيان رسمي حتى ساعة إعداد هذا الخبر، ولم تكشف ملابسات الحادثة وطبيعة الهجوم إذا ما كان يحمل مؤشرات على اغتيال شخصيات أو حادثة جنائية وتأتي هذه الحادثة تزامنا مع حالة من التوتر الأمني التي شهدتها مدينة جرابلس شرقي حلب نتيجة انفجار عبوة ناسفة قرب تجمع للمخيمات.
وسبق أن أصدرت إدارة الأمن العام بيانا موجها لأهالي مدينة أعزاز ونواحيها بضرورة التعاون والتواصل الفوري في حال وقوع أي طارئ أو حالة أمنية تستدعي التدخل.
وأكدت الإدارة أن عمليات منطقة أعزاز في حالة جهوزية تامة لتلقي البلاغات والملاحظات من المواطنين، بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا ودعت الإدارة في بيان رسمي بوقت سابق المواطنين للتواصل عبر الاتصال والرسائل على واتساب وتلغرام، وشددت على أهمية الوعي المجتمعي والإبلاغ الفوري، وتثمن تعاون الأهالي في دعم الجهود الأمنية لحماية المنطقة وأهلها.
منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، تبنت فرنسا سياسة صارمة ضد نظام بشار الأسد، التي تطورت في إطار سياق إقليمي ودولي متغير. بدأت باريس سياستها بتشديد موقفها منذ أغسطس/آب 2011، حيث طالبت صراحةً بتنحي الأسد عن السلطة، لتكون بذلك من أوائل الدول الغربية التي تتخذ هذا الموقف.
وتوجت فرنسا هذا الموقف بالاعتراف المبكر بالمعارضة السورية ممثلة بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، حيث كانت أول دولة غربية تمنح الاعتراف الرسمي للائتلاف في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
القطيعة الدبلوماسية مع دمشق
مع تفاقم الأزمة السورية، اتخذت فرنسا خطوة جريئة بقطع كافة الروابط الرسمية مع دمشق، فأغلقت السفارة الفرنسية في سوريا في مارس/آذار 2012، في خطوة احتجاجية على قمع النظام للانتفاضة الشعبية. ومنذ ذلك الحين، لم تكن هناك علاقات دبلوماسية مباشرة بين البلدين، حيث لم يُعيّن سفير فرنسي في دمشق، ولم تُجرَ زيارات رسمية متبادلة.
الدور الدبلوماسي الفرنسي: عزل النظام ودعم الحل السياسي
رسمت فرنسا نهجًا دبلوماسيًا قائمًا على عزل نظام الأسد دوليًا، مع السعي لإيجاد حل سياسي من خلال الأمم المتحدة. وشاركت فرنسا بقوة في مجموعة أصدقاء الشعب السوري، ودعمت قرارات مجلس الأمن، مثل القرار 2254 لعام 2015، الذي حدد خارطة طريق للانتقال السياسي في سوريا.
كما ساندت فرنسا مطالب المجتمع الدولي بشأن محاسبة النظام على الجرائم المرتكبة، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. وفي هذا السياق، أطلقت باريس مبادرة في 2018 لإنشاء "الشراكة الدولية ضد الإفلات من العقاب لاستخدام الأسلحة الكيميائية"، والتي جمعت نحو 40 دولة.
التحولات في السياسة الفرنسية تحت قيادة ماكرون
في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون، شهد الموقف الفرنسي بعض التحولات. ففي 2017، أشار ماكرون إلى أن الأسد لم يعد يشكل "عدوًا لفرنسا"، بل أصبح العدو الأكبر هو الإرهاب. كما شدد ماكرون على أن الأولوية الفرنسية كانت لمحاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في سوريا بدلاً من التركيز على تغيير النظام. إلا أن فرنسا تمسكت بـ"الخط الأحمر" المتمثل في استخدام الأسلحة الكيميائية، وعندما وقع الهجوم الكيميائي في دوما في 2018، شاركت فرنسا في ضربات عسكرية ضد منشآت مرتبطة بالأسلحة الكيميائية.
العقوبات والتجميد الاقتصادي
منذ بداية الأزمة، تبنت فرنسا سياسة العقوبات الاقتصادية على النظام السوري، في إطار الاتحاد الأوروبي. وقد فرضت فرنسا حزمًا من العقوبات شملت تجميد الأصول وحظر تصدير الأسلحة والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج. كما شددت باريس على أن إعادة إعمار سوريا لن تتم إلا بعد التوصل إلى انتقال سياسي حقيقي. هذه السياسة أثرت بشكل كبير على الاقتصاد السوري، حيث تراجعت التجارة بين البلدين بشكل حاد، من مئات الملايين من الدولارات قبل 2011 إلى حوالي 22 مليون دولار فقط في 2023.
الملف الأمني والتنسيق غير المباشر
رغم القطيعة السياسية، شهد الملف الأمني نوعًا من البراغماتية. تصاعدت تهديدات الإرهاب الجهادي من الأراضي السورية، خاصة مع ظهور تنظيم داعش، مما دفع الأجهزة الأمنية الفرنسية إلى البحث عن معلومات استخباراتية من النظام السوري.
في 2015، أجرت باريس اتصالات أمنية سرية مع النظام السوري عبر وسطاء، كما تواصلت مع قوات سوريا الديمقراطية والعراق وتركيا لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب. هذه التنسيقات كانت تهدف إلى الحصول على معلومات حول المتطرفين والمقاتلين الأجانب.
العدالة ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات
على المستوى الحقوقي، قامت فرنسا بملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة في سوريا عبر القضاء الفرنسي والدولي. دعمت فرنسا إنشاء آلية الأمم المتحدة لجمع الأدلة على الجرائم السورية، كما سمحت قوانينها بمحاكمة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية حتى لو ارتكبت خارج أراضيها. وقد أسفرت هذه الجهود عن محاكمة رموز النظام السوري في محاكم فرنسية، مثل قضية عائلة دبّاغ، حيث أصدرت المحكمة الفرنسية مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة من كبار مسؤولي المخابرات السورية.
موقف فرنسا من التطبيع العربي مع النظام
مع عودة بعض الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع النظام السوري في 2023 و2024، تمسكت فرنسا بموقفها الرافض للتطبيع مع الأسد دون شروط. في قمة جدة في مايو/أيار 2023، أكدت فرنسا أن الأسد يجب أن يُحاكم عن جرائمه في محكمة دولية، ولن تقبل بتطبيع العلاقات إلا إذا حدث تقدم حقيقي في العملية السياسية. وقد التزمت باريس بدعم مطالب المعارضة السورية ودعم العدالة والحرية للشعب السوري، مشددةً على أن أي تطبيع يجب أن يرتبط بإصلاحات فعلية من النظام.
في الختام، اتخذت فرنسا موقفًا متسقًا وأخلاقيًا تجاه الأزمة السورية، مدفوعة برغبة في تحقيق انتقال سياسي يعكس تطلعات الشعب السوري. ورغم تغير الظروف الإقليمية، تمسكت باريس بمبادئها في دعم المعارضة ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات، مع الإصرار على أن لا يتم رفع العقوبات أو تمويل إعادة الإعمار دون تحقيق تقدم حقيقي في العملية السياسية.
أكد السفير الروسي لدى تركيا، أليكسي يرخوف، أن وحدة سوريا في خطر، مشيراً إلى استعداد بلاده للإسهام في تحقيق الاستقرار داخل البلاد، وأكد أنه "دون تحقيق هذا الاستقرار، سيكون من المستحيل استعادة الحياة الطبيعية في سوريا"، مشيراً إلى أن روسيا مستعدة للمساهمة بشكل إيجابي في هذه العمليات لتحقيق هذا الهدف.
وفي تصريح لوسائل الإعلام التركية يوم الثلاثاء، قال يرخوف: "الأوضاع في سوريا معقدة للغاية، ولا يمكن القول إنها تتحسن". وأضاف: "إسرائيل قد بسطت سيطرتها على مناطق جديدة في جنوب سوريا، كما هو معروف. بالإضافة إلى ذلك، تقوم إسرائيل بقصف المواقع العسكرية التابعة للجمهورية العربية السورية، والتي كانت تحت سيطرة بشار الأسد وجيشه".
وأشار السفير الروسي إلى أن هناك توترات متزايدة بين الطوائف المختلفة في سوريا، مذكراً بالتوترات الأخيرة التي شهدتها مناطق الساحل السوري، بما في ذلك اللاذقية وطرطوس وحمص، فضلاً عن الاشتباكات الأخيرة في جنوب سوريا بين السكان الدروز.
وأضاف: "من الواضح أن البلاد تشهد انقساماً داخلياً، مع احتمال تفاقم هذا الانقسام في المستقبل. لذلك، من الضروري، في رأيي، ضمان استقرار الوضع السياسي الداخلي في سوريا، وضمان عدم تكرار الاشتباكات الدموية مثل تلك التي وقعت في الساحل السوري، وكذلك العمل على إعادة إعمار البنية التحتية والاقتصاد والمجال الاجتماعي في البلاد".
مشاورات "روسية - تركية" حول سوريا وغـ ـزة ودعوات لتسوية سياسية شاملة
وسبق أن عقدت روسيا وتركيا مشاورات سياسية رفيعة المستوى في مدينة إسطنبول، ترأسها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونظيره التركي نوح يلماز، حيث جرى بحث تطورات الأوضاع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، وذلك بحسب بيانين رسميين صادرين عن وزارتي خارجية البلدين.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن المشاورات تركزت بشكل خاص على تطورات الأوضاع في سوريا وفي قطاع غزة، وشدد الطرفان خلال المناقشات على الحاجة إلى تحقيق تسوية مستدامة للأزمة السورية مع الالتزام الصارم بمبادئ احترام سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.
وأكد الجانبان كذلك ضرورة تنسيق الجهود الدولية الهادفة إلى حل النزاعات الإقليمية بالطرق السياسية والدبلوماسية، بما يتوافق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مشيرين إلى أهمية دعم المسار السياسي في سوريا بما يضمن شمولية الحل ويعزز استقرار المنطقة.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن اللقاءات بين الوفدين برئاسة نائب الوزير نوح يلماز ونائب الوزير الروسي ميخائيل بوغدانوف تناولت بشكل شامل الأوضاع في سوريا وقطاع غزة، بالإضافة إلى التطورات العامة في منطقة الشرق الأوسط. وأكدت أن الجانبين تبادلا وجهات النظر بشكل موسع حول جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وشدد البيان التركي على استمرار المشاورات السياسية بين أنقرة وموسكو حول ملفات المنطقة، مع الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة لمتابعة القضايا الحساسة، وفي مقدمتها الملف السوري.
وفي ختام المشاورات، جدد الطرفان التزامهما بالحفاظ على حوار سياسي نشط، والتأكيد على أن الحلول للأزمات الإقليمية يجب أن تستند إلى احترام سيادة الدول ووحدتها، بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وفي سياق متصل، كان دعا المندوب الروسي في مجلس الأمن، إسرائيل إلى الانسحاب الفوري من الأراضي السورية ووقف الهجمات التي تستهدف مناطق داخل البلاد، مؤكداً على وجوب احترام عبارة "سيادة سوريا على أراضيها" من قبل جميع الدول المجاورة دون استثناء. وأشار إلى أن الحكومة السورية أبدت استعدادها الكامل لبناء علاقات بنّاءة مع دول الجوار كافة.