أصدرت "اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني"، البيان الأول في 13 شباط 2025، عقب تسلمها مهامها رسمياً، أكدت فيه أن السوريين أمام فرصة تاريخية لرسم ملامح سوريا المستقبل عبر حوار وطني مسؤول يعزز وحدة السوريين والسوريات، ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم والتوافق والبناء.
وقالت اللجنة في البيان:"في لحظة تاريخية فارقة، وبروح من المسؤولية الوطنية، تنطلق الأعمال التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، الذي يمثل أول تجمع حقيقي للسوريين والسوريات منذ خمسة وسبعين عاما، بهدف ترسيخ نهج الحوار ومناقشة القضايا الوطنية الكبرى وإيجاد الحلول المناسبة".
وأكد البيان أن المؤتمر "يسعى إلى بحث القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحوكمية، واضعا أسما متينة المستقبل يقوم على التوافق الوطني، والعدالة والإصلاح، والتشميل"، مشددة على حرص المؤتمر على إشراك جميع أطياف الشعب السوري من مختلف المحافظات والمكونات الضمان مشاركة حقيقية تعكس التنوع المجتمعي والسياسي، وتؤسس لحوار جامع يتجاوز الحواجز والاصطفافات.
وأضاف: "لقد بدأ الحوار فعليا منذ لحظة التحرير، حيث شهدت مختلف المحافظات السورية حراكا مجتمعيا واسعا، تمثل في مئات الندوات الحوارية والاجتماعات المتخصصة التي نظمتها المؤسسات الاجتماعية والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني. وقد شكل هذا التفاعل الشعبي الذي يعكس نبض الشارع وتطلعات المواطنين. قاعدة صلبة استندت إليها اللجنة التحضيرية في تحديد الأفكار المركزية والمحاور الرئيسية التي يناقشها المؤتمر".
وأوضح أنه "في ظل الظروف الراهنة، يشهد المجتمع السوري رغبة كبيرة في التوافق حول معظم القضايا الوطنية، مما يمهد الطريق أمام اللجنة التحضيرية للعمل بكفاءة وسرعة لضمان نجاح المؤتمر والخروج بمقررات تلبي تطلعات الشعب السوري حيث سيعزز هذا المناخ الإيجابي فرص الوصول إلى حلول تعيد سوريا إلى مسار الاستقرار والتنمية".
ووفق نص البيان "سيتضمن المؤتمر ورشات عمل متخصصة بقيادة احترافية لمناقشة القضايا المطروحة بعمق، إلى جانب توفير مساحة مفتوحة لطرح أي موضوعات أخرى يراها المشاركون ضرورية لتحديد مسار الحل الوطني".
المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لـ "مؤتمر الحوار الوطني" يوضح آلية عملهما للمرحلة المقبلة
وفيكلمته خلال مؤتمر صحفي، أكد حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، أن أعمال التحضير لمؤتمر الحوار الوطني بدأت مع سقوط النظام السابق، مشيرًا إلى أن جميع السوريين قد شعروا أن اللقاءات المكثفة بين القيادة والوفود الشعبية، وكذلك بين المكونات الاجتماعية، لم تكن مجرد لقاءات تعارف، بل كانت بمثابة الأرضية التي سيُبنى عليها مؤتمر الحوار الوطني في المرحلة المقبلة.
وأوضح الدغيم أن اللجنة التحضيرية بدأت أعمالها مستندة إلى الدروس المستفادة من المرحلة السابقة، حيث جرى التركيز على إعداد الآليات اللازمة لتطوير المضامين والإدارة التقنية للمؤتمر.
وأكد أن هذه الأعمال ستشمل جميع جوانب التحضير، بما في ذلك التواصل مع المواطنين في مختلف المحافظات، وزيارة الأعيان والنخب السورية، وضمان تمثيل الشرائح الاجتماعية المتنوعة في المجتمع السوري من خلال النظر في التوزيع السكاني والخبرات والتخصصات والتأثير الاجتماعي.
التحضير للمؤتمر وتنظيم المشاركة الشعبية
وقال الدغيم إن اللجنة التحضيرية تهدف إلى أن يتم تنظيم المؤتمر في أقرب وقت ممكن، مع التركيز على أن تكون الأرضية التي سينطلق منها السوريون لبناء مستقبل بلدهم مبنية على أساس التفاعل الشعبي الوطني.
وأضاف أن كل مواطن سوري وطني هو عضو في الحوار الوطني من حيث المبدأ، لكن يجب أن تُراعى القدرة التنظيمية للمؤتمر لضمان أن تكون المداولات والمضامين هي محور النقاش وليس الشكليات.
وتابع أن اللجنة ستعتمد معايير مثل الوطنية، التأثير الاجتماعي، التخصص، والخبرة في دعوة المواطنين للمشاركة في المؤتمر. وفيما يتعلق بمشاركة المحافظات، ستجري اللجنة اجتماعات مع المواطنين في كل محافظة لتفهم خصوصيات كل منطقة واختيار الشخصيات الوطنية القادرة على تمثيل مصالحها بما يتماشى مع مصلحة الوطن العامة.
رفض الطائفية والتأكيد على التنوع الوطني
وأكد الدغيم أن اللجنة التحضيرية لن تسعى إلى تطييف المجتمع أو اعتماد المحاصصة الطائفية في أي مرحلة من مراحل المؤتمر، مشددًا على أن هذا الأمر مرفوض تمامًا. ومع ذلك، ستُراعى التعددية الاجتماعية والعرقية في كل محافظة، وستسعى اللجنة إلى تحقيق توازن في مشاركة المحافظات بما يعكس تنوعها في إطار الحفاظ على المصلحة العامة للوطن.
أهداف وأولويات المؤتمر
أوضح المتحدث باسم اللجنة التحضيرية أن القضايا التي سيتم تناولها في المؤتمر ستتبلور تدريجيًا من خلال تبادل وجهات النظر وزيارات المحافظات وتنظيم أوراق العمل في المؤتمر. وفيما يتعلق برسالة اللجنة للشعب السوري، أوضح الدغيم أن عمل اللجنة يتجسد في تيسير الحوار بين السوريين، وتبادل آراءهم حول تشكيل سلطات بلادهم، سواء كانت سياسية أو خدمية. ولفت إلى أن اللجنة ستحرص على ضمان الشفافية والحيادية والصدقية في إدارة أعمال المؤتمر.
الفراغ الدستوري وإعلان دستوري متزامن مع المؤتمر
أشار الدغيم إلى أن سوريا، بعد تعطيل دستور 2012، بحاجة إلى ملء الفراغ الدستوري من خلال إصدار إعلان دستوري، وهو ما كان يمكن أن يقوم به الرئيس فور تسلم السلطة. ومع ذلك، أوضح أن رغبة الرئاسة كانت تكمن في أن يصدر الإعلان الدستوري بالتزامن مع مؤتمر الحوار الوطني، وذلك رغبة في دمج نتائج وتوصيات الحوار في بناء النظام الدستوري للبلاد، سواء كان مؤقتًا أو دائمًا.
العدالة الانتقالية على رأس أولويات الحوار الوطني
اختتم الدغيم تصريحه بالحديث عن أهمية العدالة الانتقالية في بناء الدولة السورية المستقبيلة، حيث أكد أن تحقيق الوفاق الوطني والسلم الأهلي في سوريا لن يكون ممكنًا إلا من خلال العدالة الانتقالية، التي ستكون بالتأكيد على رأس أولويات مؤتمر الحوار الوطني.
الاستقلالية والحيادية في تنظيم المؤتمر
وشدد الدغيم على أن اللجنة التحضيرية مستقلة تمامًا في عملها، وأنها هي من تحدد رئيسها، أجنداتها، وكذلك الشرائح المدعوة للمؤتمر وفق نظام داخلي خاص بها. وأضاف أن هذه الاستقلالية في العمل هي ما يضمن نجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه على أرض الواقع.
ولفت إلى أن موعد انعقاد المؤتمر الوطني متروك للنقاش مع المواطنين وزيارة المحافظات والرؤى وتقديم أوراق العمل وعندما تنضج هذه الأوراق سيتم تحديد موعد انطلاقه، وشدد على أن مبادئ ثورتنا ترفض المحاصصة الطائفية وسيتم مراعاة التنوع بحيث ينظر السوريون من مختلف أعراقهم ودياناتهم ومناطقهم السكانية إلى المؤتمر كالمرآة التي تعكس وجوههم.
وبين أن اللجنة التحضيرية لجنة وطنية مستقلة هي من تعين رئيسها وتكتب نظامها الداخلي وصلاحياتها ولن تتدخل بالمضامين ومهمتها إدارة تسيير عملية الحوار وتلمس هموم المواطنين وأخذ آرائهم والتأكد من تطبيق المعايير في اختيار الشخصيات المشاركة.
ولفت إلى أن عدد المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني متروك للنقاش العام بعد التواصل مع المواطنين وممثلي المحافظات والأمر متروك للمضامين بحيث تشمل الخبرات ومختلف الاختصاصات.
تصريحات هدى أتاسي
في السياق، قالت عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني هدى أتاسي: "في لحظة تاريخية صادقة تنطلق الأعمال التحضرية للمؤتمر الذي يجمع السوريين والسوريات لأول مرة منذ 75 عاماً، لترسيخ نهج الحوار ومناقشات قضايا الوطنية الكبرى وإيجاد الحلول المناسبة".
ولفتت إلى أن المؤتمر يسعى لمناقشة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحوكمية ليضع الأسس المتينة على التوافق الوطني والعدالة والإصلاح والتمثيل الشامل، وأكدت الحرص على إشراك جميع أطياف الشعب السوري بمختلف المحافظات والمكونات لضمان مشاركة حقيقية تعكس التنوع المجتمعي والسياسي، وجميع أطياف الشعب السوري بمختلف المحافظات والمكونات لضمان مشاركة حقيقية تعكس التنوع المجتمعي والسياسي.
وأكدت أتاسي ان الحوار بدأ منذ لحظة التحرير حيث شهدت مختلف المحافظات السورية حراكاً مجتمعياً واسعاً تمثل في مئات الندوات الحوارية والاجتماعات المتخصصة التي نظمتها المؤسسات الاجتماعية والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني، وبينت أن هذا التفاعل الشعبي الذي يعكس نبض الشارع وتطلعات المواطنين شكل قاعدة صلبة استندت إليها اللجنة التحضيرية في تحديد الأفكار المركزية والمحاور الرئيسية التي يناقشها المؤتمر.
خمسة رجال وسيدتين... تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري
وكانت أعلنت الرئاسة السورية، عن تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الذي سيعقد في سوريا، حيث تضم اللجنة خمسة رجال وسيدتين، وستتولى التنسيق لتنظيم المؤتمر الوطني في البلاد.
تضم اللجنة كل من: الباحث حسن الدغيم، الكاتب ماهر علوش، الدكتور محمد مستت، يوسف الهجر، والسياسية هند قبوات، والسيدة هدى أتاسي، بالإضافة إلى مصطفى موسى.
محمد مستت:
سياسي وطبيب سوري من محافظة حلب، يعمل كطبيب نسائية وشارك في مختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية، شغل منصب مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة بحكومة الإنقاذ شمال غرب سوريا
حسن الدغيم:
باحث سوري من بلدة جرجناز بمحافظة إدلب، حاصل على شهادة في العلوم الإسلامية ودبلوم في الفقه المقارن، شغل منصب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري، ويهتم بدراسة الجماعات الإسلامية ومكافحة التطرف.
هند قبوات:
سياسية وباحثة ناشطة مجتمع مدني من باب توما في مدينة دمشق مديرة قسم حوار الأديان في جامعة جورج ماسون، وأستاذة زائرة في كلية الحقوق في جامعة هارفارد، وهي رئيسة منظمة "تستقل" المختصة بتعليم النساء، سبق أن شغلت عضوية "الهيئة العليا للمفاوضات والنائب السابق لرئيس مكتب "هيئة التفاوض.
هدى الأتاسي:
مهندسة معمارية من محافظة حمص، نشطت في مجال العمل التطوعي والخيري في القطاع الإنساني في سوريا، وعملت على قضايا تمكين المرأة ومساعدة الأطفال، تشغل منصب المديرة الإقليمية لهيئة الإغاثة الإنسانية الدولية
يوسف الهجر:
من أبناء مدينة الشحيل في محافظة دير الزور، شغل منصب مدير المكتب السياسي في "هيئة تحرير الشام"، وكان عضوا في مجلس الشورى في إدلب ومسؤولًا عن الملف السياسي فيه
ماهر علوش:
كاتب وباحث سوري يهتم بالقضايا السياسية والاجتماعية
وكان الرئيس السوري، أحمد الشرع، قد كشف في مقابلة حصرية مع تلفزيون سوريا عن ملامح المرحلة السياسية المقبلة في سوريا، موضحًا أن مستقبل البلاد سيتأسس على نظام جمهوري يشمل حكومة تنفيذية وبرلمانًا يعملان ضمن إطار قانوني يحقق المصلحة العامة.
نظام الحكم في سوريا: جمهوري وشامل
وأكد الرئيس الشرع أن شكل النظام في سوريا سيكون منسجمًا مع القيم التي أُسست عليها الدولة منذ نشأتها، حيث ستتعاون السلطات الثلاث لتحقيق العدالة والمساءلة. وعن تصور نظام الحكم، أشار إلى أن سوريا ستكون جمهورية، مع وجود برلمان وحكومة تنفيذية، والتعاون بين السلطات لضمان سير العمل بشكل متكامل.
وأضاف أن المرحلة الأولى ستشهد برلمانًا مؤقتًا نظرًا للتحديات المتعلقة بالانتخابات، التي تعتبر متعذرة في ظل الظروف الحالية في البلاد، مشيرًا إلى أن نصف الشعب السوري في الخارج والكثير منهم لا يملك الوثائق اللازمة، بالإضافة إلى المناطق التي ما زالت خارج سيطرة الدولة.
المؤتمر الوطني والإعلان الدستوري
حول المؤتمر الوطني المزمع عقده، أعلن الرئيس الشرع أن اللجنة التحضيرية ستجري مشاورات موسعة مع مختلف الأطياف السورية قبل انعقاد المؤتمر. وأكد أن هذا المؤتمر سيصدر بيانًا ختاميا يمهد الطريق نحو صياغة إعلان دستوري يحدد مستقبل البلاد. وأوضح أن الإعلان الدستوري لن يكون قرارًا فرديًا، بل سيعكس إرادة الشعب السوري من خلال مشاورات واسعة.
العدالة الانتقالية وإعادة بناء الدولة
تطرق الرئيس السوري إلى موضوع العدالة الانتقالية، مؤكدًا أنها ستتوازن بين الحفاظ على السلم الأهلي وضمان حقوق الضحايا. وشدد على أن العفو لن يشمل مرتكبي الجرائم المنظّمة، مؤكداً أنه سيتم متابعة قضايا المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة لضمان تحقيق العدالة دون التأثير على استقرار المجتمع.
وفيما يتعلق بإعادة بناء الدولة، أكد الشرع أن هذا سيكون خطوة أساسية نحو تعزيز مفهوم المواطنة من خلال تشكيل حكومة تشاركية، مشددًا على أهمية الكفاءات الوطنية في إدارة الشؤون العامة. كما أضاف أنه سيتم إعادة بناء القانون بشكل عملي، حيث ستستغرق العملية وقتًا، لكن ذلك لا يمنع من مشاركة الكفاءات السورية في الحكومة لتحقيق قوة أكبر.
رفض المحاصصة وتأكيد وحدة الدولة
وأكد الرئيس الشرع رفضه لفكرة المحاصصة الطائفية أو العرقية في توزيع المناصب الحكومية، مؤكدًا أن هذا النهج يعرقل سير العمل ويهدد استقرار الدولة. وقال إن تقسيم السلطة بناءً على الانتماءات الطائفية يؤدي إلى الانقسام ويمنح كل طرف حق الفيتو، مما يشل مؤسسات الدولة.
استراتيجية السلم الأهلي وإعادة البناء
وأشار الرئيس الشرع إلى أن تحقيق السلم الأهلي ليس خيارًا بل ضرورة وطنية، موضحًا أن الحكومة بدأت بالفعل في تطبيق خطط لتحقيق ذلك، حيث كان الانضباط والحرص على تجنب الانتقام جزءًا من الاستراتيجية التي استخدمتها القوات السورية أثناء عملياتها العسكرية. وأضاف أنه تم التركيز على إعادة الأمن والاستقرار، كما تم بذل جهود كبيرة لتطمين الجميع بأن هدف الدولة هو العودة إلى الأمان.
التحديات أمام بناء الدولة
وتحدث الرئيس السوري عن التحديات التي تواجه سوريا في مرحلة إعادة بناء الدولة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المشكلات التي يجب حلها بشكل تدريجي، ولا يمكن حلها في فترة قصيرة. وأكد أن استقرار الأوضاع مرتبط بعدة عوامل، أبرزها حفظ السلم الأهلي، ضبط السلاح في البلاد، وبناء علاقات خارجية متوازنة.
تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة اللاجئين
وفي الختام، أشار الرئيس الشرع إلى أهمية توفير بيئة استثمارية جيدة لجذب السوريين المغتربين واللاجئين إلى العودة إلى وطنهم. وأكد أن تأمين رزق المواطنين هو الأولوية، وأوضح أن استقرار الأوضاع الاقتصادية سيسهم في عودة اللاجئين من مختلف أنحاء العالم.
كشف مدير عام "المؤسسة السورية للمخابز"، محمد طارق الصيادي أن السبب الرئيسي لتخفيض وزن ربطة الخبز من 150 إلى 1200غرام، هو من أجل الحفاظ على المخزون الإستراتيجي للقمح الذي لم يعد كافياً لأكثر من أربعة شهور.
إضافة إلى شح الأمطار وموجة الجفاف التي أثرت على زراعة القمح في سوريا، وفيما يخص الواقع الإنتاجي والفني لتأهيل المخابز وإعادتها للخدمة في محافظة ريف دمشق، ذكر أنه جرى إعادة تأهيل مخبزي يلدا وببيلا والعمل جارٍ على مخبز جديدة عرطوز.
حيث أصبح مخبز يلدا جاهزاً للعمل بإنتاج يومي 7 أطنان، في حين أن طاقته الإنتاجية الفعلية تصل إلى 12 طناً يومياً، فيما مخبز منطقة ببيلا ما يزال قيد التجهيز النهائي بطاقة إنتاجية حوالي 12 طناً من الدقيق يومياً.
وأضاف، يبلغ إجمالي عدد المخابز العامة التي تعمل بنظام الإدارة والإشراف في ريف دمشق 43 مخبزاً والطاقة الإنتاجية القصوى لها 516 طناً، وتعمل بواقع إنتاجي فعلي 400 طن يومياً أي تنتج ما يعادل 400 ألف ربطة تقريباً بوزن (1200غ وعدد 12 رغيفاً) بشكل يومي.
وبالمقابل وصل عدد المخابز الخاصة في المحافظة إلى 157 مخبزاً ليصبع إجمالي إنتاجها الحالي 483 طناً يومياً، منوهاً بأن العمل جارٍ أيضاً على زيادة عدد المخابز في أرجاء المحافظة.
وأكد مدير عام السورية للمخابز، أنه عند زيادة عدد المخابز لا داعي لعودة الأكشاك والمعتمدين وسوف يتم تخفيف وحل مشكلة الازدحام على المخابز حينها.
ونفى تخفيض مخصصات المخابز من الدقيق، لافتاً إلى أنه لم يجرِ أي إنقاص لمخصصات الأفران بعد التحرير، مشيراً لوجود خطة للعمل على تشغيل المخابز بالطاقة الشمسية، إنما لا توجد إمكانية في الوقت الحالي ويقتصر الأمر على وجود مخبز واحد يعمل بالطاقة الشمسية على سبيل التجربة.
وأصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة تصريف الأعمال السورية قرار ناظم لعمل المخابز وسعر ربطة الخبز والطحين والمازوت الخاص بالأفران.
وحددت الوزارة مبيع ربطة الخبز التمويني للمستهلك بسعر 4000 ليرة سورية وبوزن 1.5 كغ وبعدد أرغفة يبلغ 12 رغيف للربطة الواحدة من كوات المخابز التموينية الخاصة والعامة.
ونص القرار على اتخاذ أشد الإجراءات بحق المخالفين في المخابز العامة العاملة بنظام الإدارة وإنهاء عقد المشرف فوراً أو إلغاء الترخيص للمخابز التموينية الخاصة.
وبذلك إلغاء العمل بالبطاقة الذكية التي أرهقت الشعب السوري لشراء الخبز وتحديد سعر الربطة بـ 4 آلاف ليرة بالمحافظات السورية اللتي تتعامل بالليرة السورية وستكون بعدد 12 رغيف ووزن 1500 غرام.
وتشهد حالة السوق السورية انتعاشا مع الاستقرار التدريجي خلال هذه الأيام، وبدأ المواطنون يشعرون بوفرة السلع الأساسية كالوقود والمواد الغذائية، بينما تستمر حالة تقنين الكهرباء وبعض خدمات الاتصالات.
يعد الخبز القوت الأساسي للسوريين، واقترن خلال سنين الحرب بالطوابير، لكن الأفران عادت للعمل فور سقوط نظام بشار الأسد البائد، وشهدت ازدحامًا في بعض النقاط.
وبعد اليوم الأول الذي كانت الكميات فيه مفتوحة، تم تحديد الكمية بربطتي خبز على الأكثر، وبات الرغيف أقل حجمًا من السابق بقليل، وأكدت قنوات وصحف الحصول على الخبز دون حاجة لتقديم بطاقة أو أي ورقة ثبوتية.
ولوحظ دور المجموعات الأهلية في تنظيم الدور، واختفاء الخطّ العسكري من على الأفران، وفي بعض الجولات أمكن التقاط مجموعات المنتظرين يتبادلون الأحاديث ويبتسمون للكاميرات، كما أمكن ملاحظة حركات سيّارات نقل الطحين من مراكز تخزين الحبوب إلى الأفران.
هذا وشهدت السلع الغذائية بداية انخفاض في السعر لكن مع بقائه مرتفعًا نسبيًا، ودون انقطاع بأيّ مادة، بعد أن شهدت الأسواق اكتظاظًا كثيفًا، في حين كانت قد اختفت المواد الأساسية كالسكّر والزيت والأرز قبيل سقوط النظام.
عُثر على جثة أحمد طرفا الجميلي، المعروف بـ”أبو صدام”، مقتولًا بطلقات نارية، وذلك على طريق دمشق - السويداء، وينحدر الجميلي، من عشائر البدو في منطقة البحدلية بريف دمشق، وكان أحد عناصر المجموعة التي يقودها محمد علي الرفاعي، المعروف بـ”أبو علي اللحام”، أحد الشخصيات الأمنية البارزة المرتبطة بالمخابرات الجوية سابقًا.
ويُعرف الجميلي، بتورطه في عمليات اغتيال استهدفت شبانًا في بلدتي الكرك الشرقي والمسيفرة، من بينهم عاكف الزكي، قائد كتيبة “شهداء الكرك الشرقي”، التي واصلت قتالها ضد النظام حتى بعد سقوط درعا بيد قوات الأسد عام 2018، وفق موقع “درعا 24”.
استمرار مسلسل الاغتيالات في الجنوب السوري
مقتل الجميلي، يأتي ضمن سلسلة من عمليات التصفية التي تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة في محافظة درعا، مستهدفة شخصيات متهمة بالارتباط بالأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد أو ذات سجل دموي في المنطقة، أو حتى تلك التي كانت ضمن فضائل الثوار أو العائدين من الشمال السوري إلى بلداتهم بعد التحرير.
ففي حادثة مشابهة، عُثر على جثة المساعد السابق في الأمن العسكري، عادل محمد الغزالي، عند مفرق بلدتي محجة والنجيح في ريف درعا الشمالي، بعد فقدانه لثلاثة أيام. الغزالي، الذي ينحدر من قرية قرفا، خدم لأكثر من 25 عامًا في فرع الأمن العسكري بمنطقة سعسع بريف دمشق، وكان متورطًا في اعتقال العديد من أهالي المنطقة قبل سقوط النظام، إضافة إلى انتمائه السابق لميليشيا اللواء رستم الغزالي.
لم تقتصر عمليات التصفية على شخصيات مرتبطة بالنظام، بل طالت أيضًا قيادات سابقة في فصائل المعارضة، كان آخرهم “منهل محمود السرحان المحاميد”، الذي عُثر على جثته قرب اللواء 132 غربي درعا، بعد يوم من اختطافه من قبل مسلحين مجهولين. المحاميد كان أحد عناصر فصيل “أسود السنة” قبل اتفاقية التسوية عام 2018.
وفي حادثة مشابهة، وُجدت جثة أحد أبناء بلدة أم المياذن، وعليها آثار طعنات بسكين، بعد اختطافه بيوم واحد، في ظل استمرار الاضطرابات الأمنية التي تعيشها درعا.
وتشهد درعا منذ سقوط النظام السابق حالة من الفوضى الأمنية، التي لم تختلف كثيرا عنها عندما كانت تحت سيطرة النظام، إذ كانت تشهد المحافظة عمليات قتل مستمرة ولم تتوقف بعد التحرير، وتعكس العمليات صراعًا داخليًا بين الأطراف المختلفة في الجنوب السوري، وسط غياب وفشل واضح لسلطة الأمن العام لضبط الوضع المتدهور.
ولا تزال الجهات المسؤولة عن معظم عمليات الاغتيال مجهولة، إلا أن طبيعة الاستهدافات توحي بأنها جزء من عمليات تصفية لحسابات قديمة أو حتى ثارات بين الأطراف، سواء بين مجموعات مسلحة، أو كجزء من صراع النفوذ بين القوى المحلية والإقليمية في الجنوب السوري.
دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، السلطات الجديدة إلى تجنّب "حلقة قصاص وانتقام" في سوريا، وتحدث في اجتماع لمجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء، عن تقارير تفيد بـ"مقتل أشخاص في تبادل إطلاق النار، وسوء معاملة خطيرة أثناء الاحتجاز".
وندّد بيدرسون بوقوع أعمال "اختطاف ونهب ومصادرة ممتلكات وإخلاء عائلات قسرا من مساكن عامة"، وقال بيدرسون إنه تلقى من السلطات الحالية تأكيدا على "عدم وجود سياسة للانتقام"، مشيرا إلى أن مئات المحتجزين أطلق سراحهم من السجون.
وشدد المبعوث الأممي على وجوب أن "توقف جميع الجهات المسلحة هذا النوع من الأعمال، وتعزز تأكيداتها بإجراءات ملموسة، وكذلك العمل على إطار شامل للعدالة الانتقالية"، ولفت إلى وجود مخاوف لدى كثير من السكان من "ممارسات تمييزية ضد نساء" وتزايد "الضغط الاجتماعي باتجاه معايير معينة"، وفق تعبيره.
ورحّب بـ"القرارات والإشارات المهمة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة"، وقال إنه نقل إلى السلطات الانتقالية تقييمه بأن "الانتقال الموثوق سيكون ضروريا لمواصلة وتوسيع التحركات الإيجابية والجريئة في مجال العقوبات".
وقال "من الأهمية بمكان تجنب مزيد من الصراع الذي قد يكون له آثار وخيمة على المدنيين السوريين والاستقرار والاقتصاد والانتقال والقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وربما السلام والأمن الدوليين".
"بيدرسون" يُشيد بالمناقشات مع الإدارة الجديدة في دمشق: كانت جيدة
وسبق أن أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، اليوم الأربعاء، في مؤتمر صحافي من العاصمة دمشق، أن المناقشات التي أجراها مع قائد العملية الانتقالية في سوريا أحمد الشرع كانت جيدة.
وأضاف بيدرسن أن الأمم المتحدة تعمل مع المجتمع الدولي لتقديم الدعم للإدارة السورية الجديدة، مشيرًا إلى ضرورة أن تعيد الدول النظر في العقوبات المفروضة على النظام السابق، وشدد بيدرسن على أهمية أن يكون هناك انتقال سياسي شامل في سوريا، مع ضرورة الإعداد الجيد لمؤتمر الحوار الوطني الذي يهدف إلى رسم مسار مستقبلي للبلاد.
ولفت بيدرسون إلى أنه بحث مع الشرع قضية توحيد الفصائل السورية تحت وزارة الدفاع، مؤكدًا على وجوب تشكيل جيش وطني واحد في سوريا لتحقيق الاستقرار، وفيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، اعتبر بيدرسن أن هذه الهجمات غير مقبولة، مشددًا على أنه لا يوجد عذر أو مبرر لتلك الأفعال.
في وقت سابق، أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، عن تقديره للنقاشات الموضوعية والشاملة التي أجراها مع "أحمد الشرع" قائد الإدارة السورية الجديدة، وعبّر بيدرسون عن أهمية الاجتماعات التي عقدها في دمشق في إطار دعم العملية الانتقالية في البلاد.
وشدد بيدرسون على الأهمية الكبيرة التي يوليها المجتمع الدولي لنجاح عملية الانتقال السياسي في سوريا، مؤكداً على استعداد الأمم المتحدة وخططها لدعم هذه العملية وفق مجموعة من الأولويات المشتركة، بما يتماشى مع المبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأكد بيدرسون على أهمية احترام جميع الدول لسيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، مشيراً إلى ضرورة أن تكون العملية الانتقالية شاملة وذات مصداقية، تحت قيادة وملكية سورية. كما شدد على أهمية الدعم الدولي لهذه العملية، بما في ذلك اتخاذ المزيد من الإجراءات بشأن العقوبات المفروضة على سوريا.
وعبر "بيدرسون" عن تطلعه إلى مواصلة مشاوراته في سوريا خلال الأيام المقبلة مع طيف واسع من السوريين، والعمل على جميع القضايا التي تم مناقشتها اليوم لضمان دعم العملية الانتقالية وتعزيز الاستقرار في البلاد.
وكان وصل المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون" إلى دمشق، والتقى وزير الخارجية السوري "أسعد الشيباني" وقائد الإدارة السورية "أحمد الشرع"، في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، في ظل حراك سياسي دولي مكثف لبحث مستقبل المرحلة الانتقالية في سوريا.
أكد حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في تصريح خاص لوكالة "سانا"، أن أعمال التحضير لمؤتمر الحوار الوطني بدأت مع سقوط النظام السابق، مشيرًا إلى أن جميع السوريين قد شعروا أن اللقاءات المكثفة بين القيادة والوفود الشعبية، وكذلك بين المكونات الاجتماعية، لم تكن مجرد لقاءات تعارف، بل كانت بمثابة الأرضية التي سيُبنى عليها مؤتمر الحوار الوطني في المرحلة المقبلة.
وأوضح الدغيم أن اللجنة التحضيرية بدأت أعمالها مستندة إلى الدروس المستفادة من المرحلة السابقة، حيث جرى التركيز على إعداد الآليات اللازمة لتطوير المضامين والإدارة التقنية للمؤتمر.
وأكد أن هذه الأعمال ستشمل جميع جوانب التحضير، بما في ذلك التواصل مع المواطنين في مختلف المحافظات، وزيارة الأعيان والنخب السورية، وضمان تمثيل الشرائح الاجتماعية المتنوعة في المجتمع السوري من خلال النظر في التوزيع السكاني والخبرات والتخصصات والتأثير الاجتماعي.
التحضير للمؤتمر وتنظيم المشاركة الشعبية
وقال الدغيم إن اللجنة التحضيرية تهدف إلى أن يتم تنظيم المؤتمر في أقرب وقت ممكن، مع التركيز على أن تكون الأرضية التي سينطلق منها السوريون لبناء مستقبل بلدهم مبنية على أساس التفاعل الشعبي الوطني.
وأضاف أن كل مواطن سوري وطني هو عضو في الحوار الوطني من حيث المبدأ، لكن يجب أن تُراعى القدرة التنظيمية للمؤتمر لضمان أن تكون المداولات والمضامين هي محور النقاش وليس الشكليات.
وتابع أن اللجنة ستعتمد معايير مثل الوطنية، التأثير الاجتماعي، التخصص، والخبرة في دعوة المواطنين للمشاركة في المؤتمر. وفيما يتعلق بمشاركة المحافظات، ستجري اللجنة اجتماعات مع المواطنين في كل محافظة لتفهم خصوصيات كل منطقة واختيار الشخصيات الوطنية القادرة على تمثيل مصالحها بما يتماشى مع مصلحة الوطن العامة.
رفض الطائفية والتأكيد على التنوع الوطني
وأكد الدغيم أن اللجنة التحضيرية لن تسعى إلى تطييف المجتمع أو اعتماد المحاصصة الطائفية في أي مرحلة من مراحل المؤتمر، مشددًا على أن هذا الأمر مرفوض تمامًا. ومع ذلك، ستُراعى التعددية الاجتماعية والعرقية في كل محافظة، وستسعى اللجنة إلى تحقيق توازن في مشاركة المحافظات بما يعكس تنوعها في إطار الحفاظ على المصلحة العامة للوطن.
أهداف وأولويات المؤتمر
أوضح المتحدث باسم اللجنة التحضيرية أن القضايا التي سيتم تناولها في المؤتمر ستتبلور تدريجيًا من خلال تبادل وجهات النظر وزيارات المحافظات وتنظيم أوراق العمل في المؤتمر. وفيما يتعلق برسالة اللجنة للشعب السوري، أوضح الدغيم أن عمل اللجنة يتجسد في تيسير الحوار بين السوريين، وتبادل آراءهم حول تشكيل سلطات بلادهم، سواء كانت سياسية أو خدمية. ولفت إلى أن اللجنة ستحرص على ضمان الشفافية والحيادية والصدقية في إدارة أعمال المؤتمر.
الفراغ الدستوري وإعلان دستوري متزامن مع المؤتمر
أشار الدغيم إلى أن سوريا، بعد تعطيل دستور 2012، بحاجة إلى ملء الفراغ الدستوري من خلال إصدار إعلان دستوري، وهو ما كان يمكن أن يقوم به الرئيس فور تسلم السلطة. ومع ذلك، أوضح أن رغبة الرئاسة كانت تكمن في أن يصدر الإعلان الدستوري بالتزامن مع مؤتمر الحوار الوطني، وذلك رغبة في دمج نتائج وتوصيات الحوار في بناء النظام الدستوري للبلاد، سواء كان مؤقتًا أو دائمًا.
العدالة الانتقالية على رأس أولويات الحوار الوطني
اختتم الدغيم تصريحه بالحديث عن أهمية العدالة الانتقالية في بناء الدولة السورية المستقبيلة، حيث أكد أن تحقيق الوفاق الوطني والسلم الأهلي في سوريا لن يكون ممكنًا إلا من خلال العدالة الانتقالية، التي ستكون بالتأكيد على رأس أولويات مؤتمر الحوار الوطني.
الاستقلالية والحيادية في تنظيم المؤتمر
وشدد الدغيم على أن اللجنة التحضيرية مستقلة تمامًا في عملها، وأنها هي من تحدد رئيسها، أجنداتها، وكذلك الشرائح المدعوة للمؤتمر وفق نظام داخلي خاص بها. وأضاف أن هذه الاستقلالية في العمل هي ما يضمن نجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه على أرض الواقع.
خمسة رجال وسيدتين... تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري
وكانت أعلنت الرئاسة السورية، عن تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الذي سيعقد في سوريا، حيث تضم اللجنة خمسة رجال وسيدتين، وستتولى التنسيق لتنظيم المؤتمر الوطني في البلاد.
تضم اللجنة كل من: الباحث حسن الدغيم، الكاتب ماهر علوش، الدكتور محمد مستت، يوسف الهجر، والسياسية هند قبوات، والسيدة هدى أتاسي، بالإضافة إلى مصطفى موسى.
محمد مستت:
سياسي وطبيب سوري من محافظة حلب، يعمل كطبيب نسائية وشارك في مختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية، شغل منصب مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة بحكومة الإنقاذ شمال غرب سوريا
حسن الدغيم:
باحث سوري من بلدة جرجناز بمحافظة إدلب، حاصل على شهادة في العلوم الإسلامية ودبلوم في الفقه المقارن، شغل منصب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري، ويهتم بدراسة الجماعات الإسلامية ومكافحة التطرف.
هند قبوات:
سياسية وباحثة ناشطة مجتمع مدني من باب توما في مدينة دمشق مديرة قسم حوار الأديان في جامعة جورج ماسون، وأستاذة زائرة في كلية الحقوق في جامعة هارفارد، وهي رئيسة منظمة "تستقل" المختصة بتعليم النساء، سبق أن شغلت عضوية "الهيئة العليا للمفاوضات والنائب السابق لرئيس مكتب "هيئة التفاوض.
هدى الأتاسي:
مهندسة معمارية من محافظة حمص، نشطت في مجال العمل التطوعي والخيري في القطاع الإنساني في سوريا، وعملت على قضايا تمكين المرأة ومساعدة الأطفال، تشغل منصب المديرة الإقليمية لهيئة الإغاثة الإنسانية الدولية
يوسف الهجر:
من أبناء مدينة الشحيل في محافظة دير الزور، شغل منصب مدير المكتب السياسي في "هيئة تحرير الشام"، وكان عضوا في مجلس الشورى في إدلب ومسؤولًا عن الملف السياسي فيه
ماهر علوش:
كاتب وباحث سوري يهتم بالقضايا السياسية والاجتماعية
وكان الرئيس السوري، أحمد الشرع، قد كشف في مقابلة حصرية مع تلفزيون سوريا عن ملامح المرحلة السياسية المقبلة في سوريا، موضحًا أن مستقبل البلاد سيتأسس على نظام جمهوري يشمل حكومة تنفيذية وبرلمانًا يعملان ضمن إطار قانوني يحقق المصلحة العامة.
نظام الحكم في سوريا: جمهوري وشامل
وأكد الرئيس الشرع أن شكل النظام في سوريا سيكون منسجمًا مع القيم التي أُسست عليها الدولة منذ نشأتها، حيث ستتعاون السلطات الثلاث لتحقيق العدالة والمساءلة. وعن تصور نظام الحكم، أشار إلى أن سوريا ستكون جمهورية، مع وجود برلمان وحكومة تنفيذية، والتعاون بين السلطات لضمان سير العمل بشكل متكامل.
وأضاف أن المرحلة الأولى ستشهد برلمانًا مؤقتًا نظرًا للتحديات المتعلقة بالانتخابات، التي تعتبر متعذرة في ظل الظروف الحالية في البلاد، مشيرًا إلى أن نصف الشعب السوري في الخارج والكثير منهم لا يملك الوثائق اللازمة، بالإضافة إلى المناطق التي ما زالت خارج سيطرة الدولة.
المؤتمر الوطني والإعلان الدستوري
حول المؤتمر الوطني المزمع عقده، أعلن الرئيس الشرع أن اللجنة التحضيرية ستجري مشاورات موسعة مع مختلف الأطياف السورية قبل انعقاد المؤتمر. وأكد أن هذا المؤتمر سيصدر بيانًا ختاميا يمهد الطريق نحو صياغة إعلان دستوري يحدد مستقبل البلاد. وأوضح أن الإعلان الدستوري لن يكون قرارًا فرديًا، بل سيعكس إرادة الشعب السوري من خلال مشاورات واسعة.
العدالة الانتقالية وإعادة بناء الدولة
تطرق الرئيس السوري إلى موضوع العدالة الانتقالية، مؤكدًا أنها ستتوازن بين الحفاظ على السلم الأهلي وضمان حقوق الضحايا. وشدد على أن العفو لن يشمل مرتكبي الجرائم المنظّمة، مؤكداً أنه سيتم متابعة قضايا المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة لضمان تحقيق العدالة دون التأثير على استقرار المجتمع.
وفيما يتعلق بإعادة بناء الدولة، أكد الشرع أن هذا سيكون خطوة أساسية نحو تعزيز مفهوم المواطنة من خلال تشكيل حكومة تشاركية، مشددًا على أهمية الكفاءات الوطنية في إدارة الشؤون العامة. كما أضاف أنه سيتم إعادة بناء القانون بشكل عملي، حيث ستستغرق العملية وقتًا، لكن ذلك لا يمنع من مشاركة الكفاءات السورية في الحكومة لتحقيق قوة أكبر.
رفض المحاصصة وتأكيد وحدة الدولة
وأكد الرئيس الشرع رفضه لفكرة المحاصصة الطائفية أو العرقية في توزيع المناصب الحكومية، مؤكدًا أن هذا النهج يعرقل سير العمل ويهدد استقرار الدولة. وقال إن تقسيم السلطة بناءً على الانتماءات الطائفية يؤدي إلى الانقسام ويمنح كل طرف حق الفيتو، مما يشل مؤسسات الدولة.
استراتيجية السلم الأهلي وإعادة البناء
وأشار الرئيس الشرع إلى أن تحقيق السلم الأهلي ليس خيارًا بل ضرورة وطنية، موضحًا أن الحكومة بدأت بالفعل في تطبيق خطط لتحقيق ذلك، حيث كان الانضباط والحرص على تجنب الانتقام جزءًا من الاستراتيجية التي استخدمتها القوات السورية أثناء عملياتها العسكرية. وأضاف أنه تم التركيز على إعادة الأمن والاستقرار، كما تم بذل جهود كبيرة لتطمين الجميع بأن هدف الدولة هو العودة إلى الأمان.
التحديات أمام بناء الدولة
وتحدث الرئيس السوري عن التحديات التي تواجه سوريا في مرحلة إعادة بناء الدولة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المشكلات التي يجب حلها بشكل تدريجي، ولا يمكن حلها في فترة قصيرة. وأكد أن استقرار الأوضاع مرتبط بعدة عوامل، أبرزها حفظ السلم الأهلي، ضبط السلاح في البلاد، وبناء علاقات خارجية متوازنة.
تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة اللاجئين
وفي الختام، أشار الرئيس الشرع إلى أهمية توفير بيئة استثمارية جيدة لجذب السوريين المغتربين واللاجئين إلى العودة إلى وطنهم. وأكد أن تأمين رزق المواطنين هو الأولوية، وأوضح أن استقرار الأوضاع الاقتصادية سيسهم في عودة اللاجئين من مختلف أنحاء العالم.
تعهد مسؤول في وزارة التموين بأنّ أسعار المواد الغذائية والمنتجات ستشهد انخفاضاً قريباً، لكن ذلك سيحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتكيّف السوق مع التحوّل إلى نظام السوق الحر.
وأكد المشرف العام لمديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الدكتور "محمد سليمان"، وذكر أن تحويل السوق إلى نظام السوق الحر القائم على المنافسة المشروعة بين التجار سيسهم في توفير منتجات ذات جودة عالية وأسعار منخفضة.
وأضاف أنه رغم هذه التوقعات، فإنّ انخفاض الأسعار سيأخذ وقتاً أطول بسبب وجود بضائع قديمة في مستودعات بعض التجار، كما توجد بضائع أخرى في البحر، مطمئناً المواطنين بأنّ الأيام المقبلة ستشهد منافسة مشروعة تؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وأشار إلى أن الأسعار قد انخفضت بشكل ملحوظ بعد إطلاق نظام السوق الحر، حيث تراوحت نسبة الانخفاض من 30% إلى 60% لبعض السلع، بينما تراجعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 17% و40%.
وبحسب فإنّ الشكاوى حول استمرار ارتفاع الأسعار ترجع إلى الواقع المعيشي، لافتاً إلى أنّ مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية تعمل على رصد يومي للأسعار وقد سجلت انخفاضاً مستمراً.
وفيما يتعلق بجولات دوريات التموين والرقابة، أفاد بأنّ فرق الرقابة نفذت جولات مكثفة في جميع المحافظات، حيث تم استنفار كادر مؤهل ونزيه لمراقبة الأسواق، مردفاً أنّ هذه الدوريات تعمل على تنظيم الضبوط المرتبطة بالقوانين.
إضافة إلى القرارات المتعلقة بإعلام الأسعار وجودة المنتجات، وقد جرى تنظيم العديد من الضبوط لللحوم الفاسدة والمواد منتهية الصلاحية، وذلك من أجل ضمان سلامة وصحة المستهلك.
وسجلت مواقع اقتصادية حدوث انخفاض عام على أسعار مختلف أنواع اللحوم ومشتقاتها والفواكه والخضروات في بعض الأسواق السورية خلال اليومين الماضيين إثر تحسن أسعار صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.
هذا الانخفاض يعكس تحسناً نسبياً في توفر المنتج وانخفاض تكاليف الإنتاج أو النقل، ما ساهم في تخفيف الأعباء عن المستهلكين، وسط توقعات باستمرار هذا التراجع إذا استمرت الظروف المواتية في السوق.
ويذكر أن نظام الأسد المخلوع عمل خلال حكمه الفاسد كعصابة لجمع الإتاوات من التجار والمواطنين، وخلّفت سياسة حكم البعث اقتصادًا مدمرًا وكان النظام المخلوع يعاقب كل من يتداول العملات الأجنبية بالسجن لمدة تصل إلى 7 سنوات، بالإضافة إلى فرض الغرامات.
أطلق على نفسه لقب "المصور المقاتل" وكان مصوراً لمشاهد القصف والتمهيد الناري الوحشي على المناطق السكينة في عموم المحافظات السورية، فمن هو الإعلامي الحربي "وسيم عيسى" الذي يعد الأبرز من مبين المئات الإعلاميين الحربيين الموالين للنظام المخلوع.
وعقب إطلاق معركة "رد العدوان" فجر يوم الأربعاء بتاريخ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، التي أطاحت بنظام الأسد البائد على يد أبناء الثورة السورية، استنفر "عيسى" بكافة معرفاته لنشر رواية نظام رئيسه الهارب وتوعد بحرق إدلب بعد الانتهاء من إحباط الهجوم.
وأغلق "وسيم عيسى" غالبية حساباته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتوقف عن النشر في بعضها الآخر منذ 8 كانون الأول/ ديسمبر صبيحة إسقاط أقذر نظام عرفته البشرية بعد أن تم دحره بسواعد الثوار وتضحياتهم منهين بذلك عقود من الظلم والطغيان والاستبداد.
ويذكر أن للإعلامي الحربي "عيسى" كان دور كبير في تغطية معارك للنظام المخلوع لا سيما في الغوطة الشرقية في دمشق التي أصيب بها وهو عسكري من مرتبات "الحرس الجمهوري" لدى النظام المخلوع.
ويعد الإعلامي الحربي المذكور من أبرز مصوري عمليات قوات الأسد البائد، التي توثق قيامه بتدمير مدن بأكملها، وفي منصة يوتيوب يكفي كتابة اسمه لظهور نتائج توثق حجم الفظائع التي صورها منها وثائقي شاركه بتصويره "ربيع ديبة".
وحمل الوثائقي الذي بثه إعلام النظام البائد حينها عنوان "وثائقي يحبس الأنفاس كل يوم أبطال"، وتضم مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المقاطع التي صورها الإعلامي الحربي "عيسى" منها توثق استخدام أسلحة محرمة دولية ضمن عمليات إبادة البشر والحجر مثل "الخراطيم المتفجرة".
وينحدر من قرية الدليبة التي تتبع ناحية عين حلاقيم في منطقة مصياف في محافظة حماة وسط سوريا، ونظرا إلى سجله الإجرامي في التباهي بالانتهاكات المرتكبة والمشاركة بها استقبله رأس النظام الهارب وزوجته عدة مرات بعد أن أصيب عدة مرات خلال قتاله وتصويره المعارك.
وسبق أن وصف ميليشيات الأسد بأنهم "أنبياء في الأرض"، وبدأ رحلته مع قوات نظام الأسد الساقط حيث كان مقاتل احتياط في اللواء 105 حرس جمهوري، وكثيرا ما نشر جثث الشهداء الذين قضوا في قصف أو معارك ضد النظام البائد وتباهى بذلك.
وفي العام 2019 قال إنه رزق بطفل وأطلق عليه اسم "بشار" وقال أن ذلك -حسب نص المنشور-، "تيمناً بقائد عظيم كان وما زال بالنسبة لي و لكل شريف في بلدنا الحبيب "القدوة و الأخ والأب و القائد الحكيم بشار حافظ الأسد"، على حد وصفه.
وأكدت وزارة الإعلام حكومة تصريف الأعمال السورية، عبر معرفاتها الرسمية، يوم السبت 14 كانون الأول/ ديسمبر، على إخضاع جميع الإعلاميين الحربيين ممن شاركوا في حرب النظام المجرم الساقط ضد الشعب السوري، لمحاكمة عادلة.
ولم يعجب القرار الإعلاميين المتلونين ممن دعموا نظام الأسد البائد، نظرا إلى دورهم المفضوح في مساندة النظام حتى اللحظات الأخيرة من سقوطه على يد الثوار، وحتى الأمس القريب كان عدد من الإعلاميين الموالين من أشد المدافعين عن نظامهم عبر صفحاتهم الرسمية.
وذكرت وزارة الإعلام أن "جميع الإعلاميين الحربيين الذين كانوا جزءاً من آلة الحرب والدعاية لنظام الأسد الساقط، وساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في الترويج لجرائمه ومجازره ضد الشعب السوري".
ومن أبرز الإعلاميين الحربيين والمذيعين الموالين للنظام الساقط "ميساء حيدر، رئيف سلامة، شادي حلوة، عبد الغني جاروخ، رضا الباشا، حيدر رزوق، محمد دامور، كنانة علوش، وسام الطير، هيثم كازو، محمد الحلو، وحيد يزبك".
و"كرم طيبي، ريم مسعود، هناء الصالح، نزار الفرار، ربيع كلاوندي، غزوان محمد، افروا عيسى، أسامة ديب، كنانة حويجة، عمر ديرماما، معن يوسف، سالن الشيخ بكري، علي صارم، وسيم عيسى، صهيب المصري، محمد الضبع، على مرهج، جعفر يونس عامر قسوم"، والقائمين تطول.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع الإعلاميين العاملين في مؤسسات النظام سابقا كانوا يعلنون الولاء له وسط تشبيح منقطع النظير، ومع انتصار الثورة السورية بدء عدد منهم محاولة ركوب الموجة، وهناك أسماء بارزة عرفت بدعم نظام الأسد والمشاركة في سفك الدم السوري، مثل "كنانة علوش، صهيب المصري، شادي حلوة" وغيرهم
أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً بعنوان "عقوبة الإعدام في القوانين السورية واستغلالها من قبل نظام الأسد للقضاء على معارضيه"، مسلطة الضوء على استخدام النظام لعقوبة الإعدام كأداة قمع سياسي منذ اندلاع الحراك الشعبي عام 2011. فبدلاً من أن تقتصر العقوبة على الجرائم الجنائية، وظّفها النظام لترهيب المجتمع، وتعزيز قبضته الأمنية، والتخلص من معارضيه دون محاكمات عادلة.
المحاكم التي نفذت الإعدامات
اعتمد نظام الأسد على عدة محاكم استثنائية لإصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، أبرزها:
محكمة الميدان العسكرية: أُنشئت عام 1968 وكانت مسؤولة عن تنفيذ أحكام إعدام فورية بحقِّ المعارضين، دون ضمانات قانونية أو حق الدفاع.
محكمة الإرهاب: أُنشئت عام 2012 عقب الحراك الشعبي، وأصبحت أداة رئيسة لتصفية المعارضين السياسيين، حيث صدرت عنها مئات أحكام الإعدام بتهم فضفاضة تتعلق بـ "الإرهاب".
محاكم الجنايات العسكرية والعادية: تولّت النظر في القضايا التي كانت تعالجها محكمة الميدان العسكرية بعد إلغائها في 2023، لكنها استمرت في إصدار أحكام إعدام مسيّسة.
الإعدام كأداة انتقامية
أكد التقرير أنَّ عقوبة الإعدام لم تكن وسيلة لتحقيق العدالة، بل أداة للقضاء على الخصوم السياسيين بقرارات صادرة عن السلطة التنفيذية، التي تهيمن بالكامل على النظام القضائي. كما أنَّ القوانين السورية المتعلقة بالإعدام، مثل قانون الإرهاب لعام 2012، توسعت في إدراج جرائم غير مصنّفة ضمن الجرائم الأشد خطورة وفق المعايير الدولية، مما مكّن النظام من استخدامها بشكل تعسفي لترسيخ حكمه.
تصاعد دور محاكم الميدان العسكرية بعد 2011
مع توسع الاحتجاجات الشعبية في سوريا، لجأ نظام الأسد إلى استخدام محاكم الميدان العسكرية كأداة رئيسة للقضاء على المعارضين السياسيين. تم إصدار آلاف أحكام الإعدام بحق محتجين ونشطاء سياسيين دون محاكمات عادلة، في غياب أي ضمانات قانونية أو حق الدفاع. ولم تكن هذه المحاكم تُعنى بتحقيق العدالة، بل صُممت خصيصاً لإصدار قرارات تصفية سريعة بإشراف الأجهزة الأمنية.
إعدامات دون إخطار العائلات أو تسليم الجثامين
أكد التقرير أنَّ آلاف المعتقلين الذين أُحيلوا إلى محاكم الميدان العسكرية لم يُكشف عن مصيرهم لعائلاتهم، ولم تُسلَّم جثامينهم بعد تنفيذ الإعدام. هذه الممارسة ترقى إلى جريمة الإخفاء القسري، المصنفة كجريمة ضد الإنسانية وفقاً للقانون الدولي.
الارتباط بين الإعدامات والإخفاء القسري
وثّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان العلاقة الوثيقة بين الإخفاء القسري وتنفيذ الإعدامات، حيث بلغ عدد المعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام 136,614 شخصاً حتى آب/أغسطس 2024، من بينهم 112,414 شخصاً لا يزال مصيرهم مجهولاً. وتشير الأدلة إلى أنَّ الغالبية العظمى منهم قد تم تصفيتهم في السجون، سواء عبر التعذيب أو الإعدام السري، دون أي إجراءات قانونية.
أبرز الجهات المتورطة في الإعدامات
تم تنفيذ عمليات الإعدام والإخفاء القسري بقرارات مركزية صادرة عن أعلى المستويات الأمنية والعسكرية والقضائية، بما في ذلك:
- رئيس الجمهورية (القائد العام للجيش والقوات المسلحة).
- نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية.
- مجلس الأمن الوطني ووزارة الدفاع.
- الأجهزة الأمنية (المخابرات العسكرية، الجوية، وأمن الدولة).
- القضاء الاستثنائي، بما في ذلك محاكم الميدان العسكرية ومحكمة الإرهاب.
استمرار الإعدامات رغم إلغاء محكمة الميدان العسكرية
على الرغم من إلغاء محكمة الميدان العسكرية بالمرسوم رقم 32 لعام 2023، لم يؤدِّ ذلك إلى وقف الإعدامات، حيث استمر نظام الأسد باستخدام المحاكم العسكرية الأخرى لإصدار الأحكام الجائرة بحقِّ المعارضين السياسيين. وهذا يعكس سياسة ممنهجة لاستمرار القمع والانتقام السياسي، دون أي التزام بالقوانين الدولية أو حقوق الإنسان.
محكمة الإرهاب كأداة قمعية
تُعد محكمة الإرهاب واحدة من أخطر المحاكم الاستثنائية التي أنشأها نظام الأسد، حيث مثلت انعكاساً واضحاً لهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، ما جعلها أقرب إلى فرع أمني منها إلى محكمة قضائية مستقلة. وقد أصدرت المحكمة آلاف أحكام الإعدام بحقِّ معارضين سياسيين، دون مراعاة أي من معايير المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أنَّ جميع أحكام الإعدام الصادرة عنها تُعتبر عمليات قتل تعسفي وفق القانون الدولي.
تحكم السلطة التنفيذية بعقوبة الإعدام
أكد التقرير أنَّ نظام الأسد استغل القضاء كأداة سياسية، إذ يتحكم رئيس الجمهورية مباشرة في مجلس القضاء الأعلى، كما أنَّ معظم مراسيم العفو الصادرة منذ 2011، استثنت بشكل ممنهج أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم العسكرية والاستثنائية، مما يشير إلى توظيف القضاء في تصفية الخصوم السياسيين.
إعدامات القاصرين داخل السجون السورية
كشف التقرير عن انتهاكات جسيمة ارتكبها نظام الأسد بحقِّ الأطفال، حيث تم احتجاز قاصرين وإخفاؤهم قسرياً، وتنفيذ الإعدام بحقِّ بعضهم عند بلوغهم سن 18 عاماً، في انتهاك صارخ لاتفاقية حقوق الطفل. ووثّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان 3700 حالة اختفاء قسري لأطفال، و190 حالة وفاة تحت التعذيب، فيما حصلت على وثائق تؤكد تنفيذ الإعدام بحقِّ 50 طفلاً على الأقل داخل محاكم الميدان العسكرية بين عامي 2018 و2024.
سجن صيدنايا: مركز الإعدامات الجماعية
يُعد سجن صيدنايا العسكري رمزاً للقمع الوحشي الذي مارسه نظام الأسد، حيث كان بمثابة مسلخ بشري نُفذت فيه آلاف الإعدامات الجماعية منذ عام 2011. ووفق شهادات ناجين، كان يتم شنق المعتقلين سراً في عمليات منظمة، دون محاكمة عادلة، ودون إخطار عائلاتهم أو تسليم جثامينهم، ما يعزز أدلة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية داخل السجن.
المسؤولية القانونية والمحاسبة الدولية
أوضح التقرير أنَّ تطبيق الإعدام في سوريا ينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان، حيث يخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 6)، التي تحصر الإعدام بالجرائم الأشد خطورة، وتشترط محاكمة عادلة.
أكد التقرير أنَّ عمليات الإعدام والإخفاء القسري لم تكن قرارات فردية، بل سياسة ممنهجة أشرفت عليها أعلى المستويات الأمنية والعسكرية في نظام الأسد. وتستوجب هذه الجرائم مساءلة قانونية دولية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
التوصيات والمطالبات الدولية
دعا التقرير إلى تحرك دولي عاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، من خلال (فرض عقوبات على الأفراد المتورطين في تنفيذ أحكام الإعدام والتعذيب، وإلزام الدول الداعمة لنظام الأسد، مثل روسيا وإيران، بتسليم المطلوبين للقضاء الدولي، ودعم العدالة الانتقالية في سوريا لضمان كشف الحقيقة ومنع تكرار الجرائم).
التوصيات للحكومة السورية الجديدة:
أولًا: التحقيق والمحاسبة:
1 - إجراء تحقيقات شفافة ومستقلة حول عمليات الإعدام الجماعي والاختفاء القسري، وضمان تقديم المسؤولين عنها للعدالة.
2 - محاسبة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، سواء كانوا سياسيين أو عسكريين أو قضائيين.
3 - عدم إصدار أي عفو عن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
4 - تجميد جميع الأصول والملفات المرتبطة بمحاكم الإرهاب والمحاكم العسكرية، للحفاظ على الأدلة التي تدين المتورطين.
5 - ملاحقة المسؤولين السابقين المتورطين في الجرائم، وفرض قيود قانونية عليهم لحين انتهاء التحقيقات.
ثانياً: التعاون مع المؤسسات الدولية:
1 - التعاون مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين والمؤسسات الأممية المختصة للكشف عن المقابر الجماعية، وتحديد هويات الضحايا وإبلاغ عائلاتهم.
2 - إعادة تأهيل الناجين من السجون، وتوفير برامج دعم نفسي واجتماعي لهم ولعائلاتهم.
ثالثاً: إصلاح النظام القضائي والقانوني:
1- إلغاء جميع القوانين والمراسيم التي شرّعت الجرائم والانتهاكات، واستبدالها بتشريعات جديدة تحترم حقوق الإنسان.
2- إلغاء جميع المحاكم العسكرية والاستثنائية، مثل محاكم الإرهاب والمحاكم الميدانية العسكرية، التي استخدمها النظام السابق لقمع معارضيه.
3- إنشاء آليات رقابية مستقلة على الأجهزة الأمنية والقضائية، لضمان عدم تكرار الانتهاكات.
رابعاً: الشفافية وحرية الوصول إلى المعلومات:
1 - السماح لمنظمات حقوق الإنسان والصحفيين بالوصول إلى المواقع التي شهدت عمليات إعدام، لضمان تحقيقات شفافة.
2 - تعزيز دور الإعلام الحر والمستقل في الرقابة على أداء الحكومة والقضاء، لضمان النزاهة والشفافية.
أكد التقرير أنَّ العدالة الانتقالية ليست خياراً، بل ضرورة، وأنَّ استمرار إفلات المسؤولين عن هذه الجرائم من العقاب يهدد الأمن والسلم الأهلي.
أكد مسؤول فرنسي لوكالة "رويترز" أن وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، سيتوجه إلى باريس اليوم الخميس لترؤس وفد بلاده في أول زيارة رسمية للاتحاد الأوروبي منذ إسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
ويهدف الاجتماع الذي يعقد في باريس إلى تنسيق الجهود الدولية لدعم الإدارة السورية الجديدة، ومنحها الوقت الكافي لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. كما يسعى المؤتمر إلى تعبئة دول الجوار السوري والشركاء الرئيسيين لدعم عملية الانتقال السلمي، بما يضمن سيادة البلاد وأمنها، إلى جانب معالجة قضايا العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب.
مؤتمر باريس: دعم الانتقال السلمي وتنسيق المساعدات
ووفقاً لمسؤول فرنسي، فإن الاجتماع يهدف إلى توفير "طبقة حماية" حول الأزمة السورية بهدف تمكين الحكومة الجديدة من حل الأزمة بعيداً عن التدخلات التي قد تزعزع استقرار البلاد.
ولفت المسؤول إلى أن هذا المؤتمر لا يهدف لجمع الأموال، حيث ستتولى هذه المهمة النسخة المقبلة من مؤتمر المانحين السنوي المقرر عقده في بروكسل في مارس المقبل. لكن سيتم مناقشة قضايا حساسة مثل رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا، رغم معارضة بعض الدول الأوروبية مثل قبرص واليونان، اللتين تريان أن رفع العقوبات يجب أن يرتبط بضمانات حول محادثات ترسيم الحدود البحرية بين سوريا وتركيا.
مشاركة أميركية محدودة في المؤتمر
ستشهد هذه القمة حضورًا دبلوماسيًا محدودًا من الولايات المتحدة، حيث سيشارك ممثلون على مستوى أقل من نظيرهم الأوروبي. في المقابل، سيحضر المؤتمر وزراء من دول المنطقة مثل السعودية وتركيا ولبنان، إلى جانب قوى غربية، وذلك بهدف تعزيز التنسيق بين الأطراف المختلفة لدعم سوريا في مرحلة ما بعد الأسد.
الوضع الإنساني وقلق بشأن القوات الكردية
في الوقت نفسه، سيولي المؤتمر اهتمامًا خاصًا للوضع الإنساني في سوريا، حيث أشار مسؤول أوروبي إلى أن خفض المساعدات الأميركية في الآونة الأخيرة كان له تأثير "رهيب"، لا سيما في شمال شرقي سوريا. من جانب آخر، سيتناول المشاركون مسألة القوات الكردية المدعومة من الغرب، والموقف التركي منها، حيث تصنف تركيا بعض هذه القوات كمنظمات إرهابية.
الاتحاد الأوروبي يتجه نحو رفع العقوبات
منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر، بدأ الاتحاد الأوروبي في إعادة فتح قنوات التواصل مع دمشق والإدارة السورية الجديدة. لكن الاتحاد الأوروبي وضع شروطًا لرفع العقوبات بالكامل، بما في ذلك تشكيل حكومة جامعة تضم كافة أطياف المجتمع السوري، محاربة الإرهاب، وإجراء انتقال سياسي حقيقي، بالإضافة إلى محاسبة المتورطين في جرائم الحرب.
نشرت وكالة الأنباء "رويترز"، مقالاً لها عبر موقعها بالنسخة الإنجليزية، يوم الخميس 13 شباط/ فبراير، نقلاً عن مصادر خاصة لها حمل عنوان: "زعماء سوريا الجدد يستهدفون رجال الأعمال الموالين للأسد".
وأفادت الوكالة بأنّ الإدارة السورية الجديدة عينت لجنة للتحقيق في أعمال رجال الأعمال المرتبطين بالنظام المخلوع، وذكرت أن الإدارة تقوم بتمشيط إمبراطوريات الشركات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والتي يملكها حلفاء النظام المخلوع.
ولفتت إلى إجراء محادثات مع بعض هؤلاء الأثرياء فيما تقول الإدارة السورية "إنها حملة لاستئصال الفساد والنشاط غير القانوني"، ونوهت أن اللجنة المشكلة مكلفة بتحليل المصالح التجارية المترامية الأطراف لكبار رجال الأعمال المرتبطين بالأسد، بما في ذلك سامر فوز ومحمد حمشو، حسبما ذكرت 3 مصادر لرويترز.
وأكد وزير التجارة ماهر خليل الحسن ورئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية لرويترز أن الحكومة كانت على اتصال ببعض رجال الأعمال المرتبطين بالأسد، لكنهما لم يحددا هوياتهم أو يقدما مزيدا من التفاصيل.
وأكد "خلدون الزعبي"، وهو شريك قديم لـ"سامر فوز"، أن شريكه أجرى محادثات مع السلطات السورية لكنه لم يؤكد ما إذا كان قد زار البلاد أم لا، ولم يتسن لرويترز التأكد من مكان "محمد حمشو".
يذكر أن تردد الحديث عن تسوية أوضاع "سامر فوز، محمد حمشو"، يثير استياء العديد من السوريين بسبب علاقاتهما الوثيقة مع الأسد، تعهدا بالتعاون مع جهود تقصي الحقائق التي تبذلها القيادة الجديدة.
وكانت أمرت الإدارة السورية الجديدة، الشركات والمصانع التابعة أو المرتبطة برجال الأعمال بالاستمرار في العمل، تحت إشراف سلطات هيئة تحرير الشام، بينما تحقق اللجنة في أعمالهم المختلفة.
وقال وزير التجارة حسن لرويترز في مقابلة في أوائل يناير كانون الثاني "سياستنا هي السماح لموظفيهم بمواصلة العمل وتوريد السلع إلى السوق مع تجميد تحركات أموالهم الآن"
وأضاف "إنه ملف ضخم (حلفاء الأسد من رجال الأعمال) يسيطرون على اقتصاد الدولة. ولا يمكنك أن تطلب منهم ببساطة أن يرحلوا"، موضحا أن الحكومة الجديدة لا تستطيع تجنب التعامل مع رجال الأعمال.
وعلى فرار الفوز والأخرس وغيرهم، يعد "محمد صابر حمشو" هو أحد كبار رجال الأعمال السوريين وله مصالح في كافة قطاعات الاقتصاد السوري تقريباً، وقد عمل كواجهة لماهر الأسد وعدد من أعماله، بحسب تقرير رسمي أميركي، وتربط ماهر الأسد علاقة عمل وثيقة بحمشو الذي يدير أعمالاً في عدد من المجالات منها البناء، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والهندسة، والسياحة.
وأدرجت الولايات المتحدة حمشو بقائمة العقوبات خلال العام 2011، بسبب تقديمه خدمات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد وأخيه ماهر الأسد أو بالنيابة عنهما، كما دخلت العائلة تحت قانون قيصر الأميركي في العام 2020، والذي فرض عقوبات على شخصيات وكيانات سورية اعتبرتها الولايات المتحدة مسؤولة عن انتهاك حقوق الإنسان. ومن بين تلك الأسماء محمد حمشو، وسمية حمشو، وأحمد صابر حمشو، وعلي محمد حمشو، وعمرو محمد حمشو.
أصدرت وزارة العدل السورية، يوم الأربعاء 12 شباط/ فبراير، قراراً بإحالة عدداً من قضاة الذين زاولوا مهام قضائية ضمن "محكمة قضايا الإرهاب"، في عهد النظام البائد إلى إدارة التفتيش القضائي للتحقيق معهم حول أدائهم منذ تأسيس المحكمة وحتى الآن.
وتضمن قائمة نشرتها الوزارة عبر صفحتها الرسمية في فيسبوك، إحالة 87 قاضيًا حيث سيحال القضاة الواردة أسماؤهم في نص القرار إلى إدارة التفتيش القضائي للتحقيق معهم حول ما قاموا به خلال عملهم في المحكمة المذكورة.
يلزم القرار إدارة التفتيش القضائي برفع تقرير نهائي بالمخالفات المسلكية والقانونية التي ستثبت بحق القضاة المذكورين إلى مجلس القضاء الأعلى، وعرف من بين الأسماء قضاة لهم تاريخ قذر في ابتزاز المعتقلين وذويهم فضلا عن تلفيق التهم لهم.
ويشير تقرير سابقة للشبكة السورية لحقوق الإنسان أنشأ النظام المخلوع محكمة قضايا الإرهاب عام 2012، عقب اندلاع الثورة السورية، لتكون بديلاً عن محكمة أمن الدولة العليا التي تم إلغاؤها في إبريل/ نيسان 2011، لتكون أقرب إلى "فرع أمن جديد".
وتضمّن قانون مكافحة الإرهاب عقوبات تبدأ من السجن لثلاث سنوات وتصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام حسب التهم التي كانت تلصق بالمعارضين للنظام البائد.
وضمت المحكمة قبل سقوط النظام 15 قاضياً مدنياً وعسكرياً للنيابة، و11 دائرة تحقيق يترأس كلًّا منها قاض ومعظمهم عسكريون، وجميعهم كان يتم تعيينهم بمرسوم رئاسي، يصدر عن الهارب "بشار الأسد".
ونظر القضاة الذين عملوا في المحكمة منذ تأسيسها في آلاف الدعاوى، كما أصدروا العديد من أحكام الإعدام غيابياً بحق معارضين، غير أن القليل من تلك الحكام جرى تنفيذه فعلا، كونها كانت أحكاماً غيابية.
وسبق أن رصدت شبكة "شام" الإخبارية حيث حسابات موالية عن اعتقال قوات الأسد لضابط برتبة عميد "قاضي عسكري"، وأحد أقاربه برتبة طيار وتحويلهم مع عائلاتهم للقضاء، إثر فضائح اتهموا بتسريبها وتكشف عن تجاوزات وأملاك رئيس "محكمة الإرهاب" لدى نظام الأسد الساقط.
وقالت قالت "إلهام يوسف"، ابنة العميد "يوسف يوسف"، في مناشدتها لرأس النظام الهارب "بشار الأسد"، إن اللواء "محمد كنجو"، رئيس محكمة الأرهاب أمر باعتقال والدها وضابط آخر دون وجود مبررات لذلك، وفق تعبيرها.
وينحدر اللواء "محمد كنجو حسن"، من قرية "خربة المعزة" التابعة لطرطوس، وتدرج في القضاء العسكري حتى استلم منصب النائب العام العسكري في المحكمة العسكرية الميدانية، وصولاً إلى "محكمة الإرهاب"، ويعتبر المسؤول الأول عن إصدار آلاف أحكام الإعدام والسجن المؤيد أو السجن السنوات طويلة بحق المعتقلين.
ونتيجة لولائه المطلق للنظام فقد تم ترفيعه إلى رتبة لواء وعُين مديراً لإدارة القضاء العسكري في سورية ككل، وهي إحدى الإدارات التابعة لوزارة الدفاع، ويعتبر مسؤولاً عن كافة الأحكام الصادرة بحق المعتقلين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بهم، وعن غيرها من الأحكام التي صدرت ظلماً على آلاف المعتقلين.
هذا ويعرف عن اللواء "محمد كنجو"، بأنه دأب خلال عمله في المحكمة الميدانية العسكرية على ابتزاز عدد كبير من أهالي المعتقلين من أجل الحصول على أموال منهم، وتمكن من جمع ثروة كبيرة من ذوي المعتقلين، وفق منصة مع العدالة التي بثت شهادات تكشف حجم جرائمه.
وأكد محامون أن المحكمة استخدمت للابتزاز، وتحقيق غايات أجهزة المخابرات في جمع الأموال، لأن معظم قراراتها كانت مبنية على اعترافات المعتقلين في الأجهزة الأمنية، والمستخلصة بأبشع أساليب التعذيب.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن القانون 22، يتضمن إلصاق صفة الإرهاب بأي فعل تقريباً في سوريا، كما لم يحدد بوضوح إجراءات عمل المحكمة، لكن إشاراته القليلة إلى المعايير الإجرائية تكشف عن عدد من بواعث القلق من عدالة المحاكمات.
وأكدت أن أحكام القانون غير كافية للإشراف على المحاكمات وإجراءات الاستئناف، كما أن الاعترافات المنتزعة بالتعذيب تُستخدم كأدلة في محكمة قضايا الإرهاب.
وكان النظام يستخدم المحكمة لترويع المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان من خلال وصمهم بالإرهاب، إضافة إلى ابتزاز أهالي الموقوفين من أجل دفع أموال يتم تقاسمها بين القضاة وضباط الأجهزة الأمنية.
دعا "الاتحاد الدولي للصحفيين" الحكومة السورية إلى التراجع عن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 53، الصادر بتاريخ 6 شباط 2025، الذي يقضي بحل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين السوريين وتعيين مكتب مؤقت من خارج أعضاء الاتحاد لتسيير أعمال الاتحاد وتنظيم مؤتمر عام جديد.
وجاء في رسالة وجهها الاتحاد إلى الرئيس السوري احمد الشرع ورئيس الحكومة السورية أن هذا القرار يتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية السورية، بما في ذلك اتفاقيات منظمة العمل الدولية. وأكد الاتحاد أن التدخل الحكومي في المنظمات النقابية في سوريا يعد انتهاكًا للمبادئ النقابية الدولية.
وأشار الاتحاد إلى أن القانون الذي استندت إليه الحكومة السورية في إصدار هذا القرار قد تبناه النظام السابق بهدف تقييد استقلالية الحركة النقابية. وأعرب الاتحاد عن قلقه من أن تكون الحكومة السورية الحالية بصدد استخدام ذات القوانين القديمة التي تهدف إلى السيطرة على الحركة النقابية واحتكارها لخدمة أجندة الحكومة بدلاً من الدفاع عن حقوق الصحفيين الاجتماعية والمهنية.
ودعا الاتحاد الدولي للصحفيين الحكومة السورية إلى السماح بإجراء عملية تشاورية تضم المنظمات النقابية في سوريا والهيئات الصحفية الأخرى، تهدف لبناء حركة نقابية صحفية تلبي طموحات الصحفيين السوريين وتلتزم باتفاقيات منظمة العمل الدولية ودستور الاتحاد الدولي للصحفيين، في وقت لم يكن للاتحاد الدولي أي موقف من نهج نظام الأسد وإعلامييه الموالين طيلة سنوات الحرب، وممارستهم انتهاكات فظيعة بحق الشعب السوري والعمل الصحفي الذي كرس لخدمة النظام.
رد رابطة إعلاميي سوريا ودعمها للمكتب المؤقت
في المقابل، ردت "رابطة إعلاميي سوريا"، التي تمثل إعلاميي الثورة السورية، على القرار في بيان أكدت فيه دعمها للمكتب التنفيذي المؤقت الذي تم تشكيله حديثًا لتنظيم شؤون اتحاد الصحفيين السوريين. وأوضحت الرابطة أن هذه الخطوة تأتي كحالة استثنائية ومؤقتة تقتضيها ضرورات المرحلة الحالية، مشددة على ضرورة حماية استقلالية مهنة الصحافة.
وطالبت الرابطة الحكومة السورية بإتاحة الفرصة لإعلاميي الثورة السورية للمشاركة في رسم السياسة الإعلامية الوطنية والعمل على تفعيل القنوات والمؤسسات الإعلامية الوطنية بما يعزز السلم الأهلي ويدعم نهضة المجتمع السوري.
تشكيل المكتب المؤقت واتحاد الإعلاميين السوريين
وكان رئيس مجلس الوزراء في الحكومة السورية الانتقالية قد أصدر قرارًا يقضي بحل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين وتشكيل مكتب مؤقت من عدد من الصحفيين والإعلاميين المعروفين في صفوف الثورة السورية. وسبق هذا القرار إعلان "رابطة إعلاميي سوريا" عن تشكيل مجلس إدارة مؤقت لها خلال اجتماع في دمشق، بهدف توحيد الجهود الإعلامية في تمثيل الصحفيين والنشطاء الإعلاميين السوريين في إطار مشترك.
يُذكر أن "رابطة إعلاميي سوريا" تم تأسيسها بعد اندماج عدة أجسام إعلامية فاعلة في الداخل السوري، وهي اتحاد إعلاميي حلب وريفها، اتحاد الإعلاميين السوريين، رابطة الإعلاميين السوريين، وشبكة الإعلاميين السوريين. وتعد الرابطة من أبرز المنظمات الإعلامية التي نشأت خلال الثورة السورية، وتهدف إلى تعزيز حرية التعبير والصحافة وحفظ حقوق الإعلاميين وضمان سلامتهم.
دور الصحافة في ثورة السوريين
وأكد عبد الكريم ليله، الناطق الرسمي باسم الرابطة، أن الصحافة كانت عنصرًا محوريًا في نقل الحقيقة ومواجهة آلة القمع للنظام السوري. وأشار إلى أن دور الصحافة كان ولا يزال أساسيًا في رفع الوعي لدى السوريين وكشف جرائم النظام، مؤكدًا أن الرابطة تهدف إلى الحفاظ على مكانة الصحافة وحمايتها في المرحلة المقبلة.
وأشار ليله إلى أن الرابطة تعمل على تنظيم العمل الإعلامي وضمان سلامة الإعلاميين وتحسين ظروف عملهم، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على المهنية والشفافية في نقل الأخبار والمعلومات. وأضاف أن الرابطة تسعى إلى تجنب تلوث الصحافة وتضليل المعلومات الذي قد يحدث أحيانًا بسبب ظهور ظاهرة "المواطن الصحفي" على وسائل التواصل الاجتماعي.
التضحية الإعلامية في مواجهة النظام السوري
وطيلة ثلاثة عشر عامًا ونيف، عمل النشطاء من أبناء الحراك الثوري السوري على نقل صوت السوريين وصرخاتهم في مواجهة آلة القتل الأسدية، لم تمنعهم ضعف الخبرات أو الاستهداف الممنهج للنظام والملاحقات الأمنية من إغلاق عدسات كمراتهم أو كسر أقلامهم التي تحررت من قيود النظام البائد بعد عقود من كم الأفواه ومصادر الرأي، فكانت ثورة السوريين بداية بزوغ فجر حرية القلم والعدسة التي فضحت جرائم النظام وواجهت تضليله.
سنوات طويلة استطاع فيها (الناشط الإعلامي) تقديم ضروب في التضحية والفداء، فقدم المئات من النشطاء أرواحهم رخيصة لنقل الصورة الحقيقية، منهم قضوا في معتقلات النظام، وآخرون في القصف وخلال تغطياتهم الميدانية، ومنهم بعمليات الاغتيال، تاركين خلفهم حملاً ثقيلاً على زملائهم لمواصلة الكفاح والتغطية، ومواجهة تضليل إعلام النظام الذي لم يدخر جهداً في تكريس الإعلام لشيطنة الثورة ومحاربتها وتشويه صورتها.
في الطرف المقابل، إعلاميون وصحفيون للنظام، لمعوا في "تشبيحهم" والرقص على جثث الضحايا، فكلما زاد التشبيح والدعوة للقتل وسفك الدم والتحريض والرقص على جثث الموتى، كلما ارتقى وظهر ولمع وبات من المقربين لضباط النظام وأزلامه، الذين منحوهم امتيازات كبيرة في مواقعهم وحياتهم، فبرز من هؤلاء كثر يصعب المقام لذكر أسمائهم، ارتبطت أسمائهم وصورهم بمشاهد الموت والدعس على الجثث، ودعوات القتل والتجييش لقتل السوريين.
وكان عام 2011 تحولًا كبيرًا لعقود طويلة من الاحتكار الإعلامي والشاشة والصوت الواحد، مع انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية للحراك الشعبي السوري المناهضة لنظام الحكم، فكان لابد من صوت ينقل صحيات الثائرين على النظام القمعي، ولعدم امتلاك الجرأة لدى جل العاملين في الحقل الإعلامي إلا من هو خارج الحدود، برزت فكرة (الناشط الإعلامي)، الذي أوجدته طبيعة المرحلة والحراك، ليحمل المسؤولية الأكبر في نقل صورة الاحتجاجات والانتهاكات بحقها للعالم، ويوصل صوت الثائرين.
وبات لزامًا على إعلام الثورة أن يثبت حضوره الفاعل في المرحلة الجديدة من عمر سوريا، وأن ينظم نفسه ويعزز خبراته، ولا ينسى فضح وتجريد هؤلاء الشركاء في دماء السوريين، والدفع لاقتيادهم للمحاكم لمحاسبتهم وفق القانون، فلم يكونوا يوما دعاة سلام أو مغصوبين على التغطية، بل كانوا يتفاخرون بتشبيحهم ودعواتهم للتحريض والرقص والدعس على جثث الضحايا الأبرياء.