أعلن وفيق صفا، مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله"، أن انسحاب الحزب من عدد من مواقعه على الحدود الشرقية مع سوريا جاء نتيجة التغييرات الميدانية في الداخل السوري، مشدداً على أن هذه الخطوة تمت بتنسيق كامل مع الجيش اللبناني، وبدعم مباشر من الأهالي والعشائر في تلك المناطق.
وفي تصريحاته التي تناولت العلاقة بين "الجيش والمقاومة"، أوضح صفا أن "حزب الله" اعتبر من الطبيعي أن يغادر بعض المواقع بعد المستجدات التي طرأت داخل الأراضي السورية، مؤكداً أن "المنطقة الحدودية الشرقية باتت الآن بعهدة الجيش اللبناني"، معرباً عن أمله في أن يمتد ذلك ليشمل كامل الشريط الحدودي الشمالي.
التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر
أكد صفا أن العلاقة بين الحزب والجيش اللبناني "طبيعية"، وأن التنسيق يجري منذ سنوات، منذ توقيع اتفاق وقف العمليات العدائية (القرار الدولي 1701)، مشيراً إلى أن لقاءات رسمية بدأت حينها مع الجيش، برئاسة العماد جوزيف عون، وما تزال مستمرة حتى اليوم.
وأضاف أن "كافة ما طُلب من المقاومة ضمن منطقة القرار 1701 تم تنفيذه"، لافتاً إلى أن الجيش اللبناني يقوم بدوره، في حين أن إسرائيل "لا تزال ترفض الالتزام بالاتفاق".
الرد على الاتهامات والشائعات
هاجم صفا "آلة الكذب"، بحسب وصفه، والتي قال إنها تعمل باستمرار منذ وقف إطلاق النار عام 2006، وتهدف لإثارة البلبلة الداخلية، مشيراً إلى أن بعض الأصوات تروج لفكرة "أن الحزب صُودرت أسلحته أو فُجرت مستودعاته"، معتبراً أن هذه المزاعم جزء من حملة منظمة.
وأوضح أن منطقة القرار 1701 تُعد منطقة منزوعة السلاح، وأن الجيش اللبناني يتعامل بشكل طبيعي مع ما يصادفه من أسلحة متروكة أو مدمرة أو تالفة جراء القصف الإسرائيلي، مؤكداً أن عمليات التفجير تأتي في هذا السياق.
موقف الحزب من إزالة الصور واليافطات
فيما يتعلق بحملة إزالة الصور واليافطات من طريق مطار بيروت، نفى صفا وجود أي خلفية سياسية للخطوة، وقال إن ما جرى "ليس جديداً"، مشيراً إلى أن حزب الله وحركة أمل اعتادا إزالة الشعارات بعد انتهاء كل مناسبة.
وأكد أن الحزب أبدى مرونة عالية في الاستجابة لطلب محافظتي بيروت وجبل لبنان، مشدداً على أن "الثنائي الشيعي" شارك بشكل طوعي في حملة الإزالة، من جهة حافظ الأسد وصولاً إلى قلب بيروت.
طمأنة للبيئة الحاضنة
واختتم صفا تصريحاته بدعوة مناصري الحزب وبيئة المقاومة إلى الاطمئنان، قائلاً إن "المقاومة بخير، وقيادتها بخير"، مشدداً على أن ما يجري في الجنوب أو البقاع أو الضاحية الجنوبية يأتي ضمن علم وتنسيق مسبق.
وأضاف أن "حزب الله" سيبقى ركيزة من ركائز الاستقرار الوطني، داعياً إلى التصدي لما وصفه بمحاولات "الوهن المعنوي" الذي تستهدف المقاومة عبر الحملات الإعلامية أو الإشاعات.
وقال قاسم: "هناك أحداث حصلت عند الحدود اللبنانية السورية وأخرى داخل سوريا، ولا علاقة لحزب الله إطلاقاً بهذه الأحداث"، موضحاً أن مسؤولية حماية المواطنين من أي اعتداءات على الحدود تقع بشكل أساسي على عاتق الجيش اللبناني.
وكانت استضافت مدينة جدة السعودية يوم الخميس 27 آذار، اجتماعًا بين وفدي سوريا ولبنان لبحث قضايا أمنية هامة، وذلك بوساطة سعودية. تركزت المباحثات حول تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين وتبادل المعلومات الأمنية، بالإضافة إلى مسألة ترسيم الحدود وسبل ضبط المعابر غير النظامية، حسبما أفاد موقع "العربية".
وفي هذا الصدد، أوضح وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى أن هذه المبادرة السعودية جاءت نتيجة تعذر التواصل المباشر بين الطرفين، مشيدًا بالجهود التي أثمرت عن ترتيب اللقاء. وأضاف الوزير اللبناني أن أبرز الملفات العالقة التي سيتم مناقشتها في الاجتماع تشمل تشديد الأمن على الحدود اللبنانية السورية، بالإضافة إلى ملف النزوح السوري، واصفًا اللقاء بأنه "أمني بامتياز". كما أكد الوزير منسى أنه سيلتقي بنظيره السعودي الأمير خالد بن سلمان في جدة بعد الاجتماع.
الخلفية الأمنية: التوترات على الحدود
جاءت هذه الاجتماعات في وقت حساس بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة على الحدود اللبنانية السورية في الأيام الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود اللبنانيين والسوريين. وقالت مصادر محلية إن سبب اندلاع هذه الاشتباكات يعود إلى ملاحقة الجيش السوري لعدد من المهربين بالقرب من الحدود، حيث أدى إطلاق النار إلى سقوط ثلاثة جنود سوريين. وتفيد بعض التقارير بأن مقتل الجنود السوريين تم على يد عناصر من حزب الله، إلا أن الحزب نفى أي علاقة له بالأحداث على الحدود.
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، عن بدء عملية إعادة هيكلة مدروسة للقوات الأميركية الموجودة في سوريا، في خطوة تهدف إلى دمج هذه القوات تحت قيادة "قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب"، وذلك في مواقع محددة داخل الأراضي السورية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، إن القرار يأتي "نظراً للنجاحات التي حققتها الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش، بما في ذلك هزيمته الإقليمية عام 2019 خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب"، مضيفاً أن وزير الدفاع أصدر توجيهاً رسمياً لبدء تنفيذ هذه العملية.
خفض القوات الأميركية إلى أقل من ألف جندي
وأكد البيان أن العملية تهدف إلى تقليص عدد القوات الأميركية في سوريا إلى أقل من ألف جندي خلال الأشهر القادمة، في إطار خطة منسقة تقوم على تقييم دقيق للأوضاع الأمنية الميدانية.
وأوضح أن هذه الخطوة تتماشى مع سياسة "السلام من خلال القوة"، التي تتبناها الإدارة الأميركية، مشيراً إلى أن القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) ستظل تحتفظ بالقدرة على توجيه ضربات دقيقة ضد بقايا تنظيم داعش في سوريا، بحسب تطورات المشهد الأمني.
التنسيق مع الشركاء في التحالف الدولي
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة ستواصل العمل "عن كثب مع الشركاء القادرين والراغبين" ضمن التحالف الدولي، للحفاظ على الضغط على تنظيم داعش، ولمواجهة أي تهديدات إرهابية قد تبرز مستقبلاً.
ولفت إلى أن "تهديد الإرهاب لا يقتصر على الشرق الأوسط فحسب، بل يمتد إلى جميع القارات"، مؤكداً أن واشنطن ستبقى يقظة لضمان عدم توفر أي ملاذ آمن للتنظيمات المتطرفة.
تركيز على ملف المخيمات والاحتجاز
وشدد البيان على أن أحد الجهود الرئيسية في تقليص نفوذ داعش يتمثل في تقليل أعداد الأفراد المرتبطين بالتنظيم، والمحتجزين حالياً في المخيمات ومراكز الاحتجاز شمال شرق سوريا، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته واستعادة مواطنيه من تلك المرافق.
استعداد دائم لإعادة التمركز
واختتم المتحدث الرسمي تصريحه بالتأكيد على أن الولايات المتحدة "تحافظ على قدرات عسكرية كبيرة في المنطقة"، وأنها قادرة على "تعديل وضعية القوات بطريقة ديناميكية، استجابة لتطورات الوضع الأمني على الأرض"، في إطار حرصها على حماية مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.
أحيا آلاف المواطنين من أبناء مدينة حمص، يوم الجمعة، الذكرى الرابعة عشرة لاعتصام ساحة الساعة الشهير، في أول فعالية شعبية من نوعها بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي كان قد ارتكب واحدة من أبشع المجازر بحق المعتصمين في ذلك اليوم التاريخي، 18 نيسان 2011.
الحدث الذي غيّر مسار الثورة
أقيمت الفعالية هذا العام في ساحة الساعة الجديدة وسط المدينة، حيث رُفعت اللافتات وصدحت الهتافات من جديد، بينما أُقيمت صلاة الغائب على أرواح الشهداء الذين قضوا خلال اعتصام 2011. تلك الحادثة كانت من أبرز المحطات المفصلية في مسيرة الثورة السورية، وأبرزت مدينة حمص كواحدة من أهم قلاع الحراك الشعبي.
من جنازة إلى اعتصام مفتوح
جاء الاعتصام الكبير إثر جنازة تحولت إلى مظاهرة عارمة، عقب استشهاد أربعة شبان من مدينة تلبيسة خلال تشييعهم يوم 17 نيسان. ومع تصاعد الغضب، توافد أكثر من 40 ألفاً إلى ساحة الساعة، في مشهد جماهيري وطني جامع ضم مختلف فئات المجتمع من رجال ونساء وكبار وشبان، طالبوا بالحرية وإنهاء حكم الاستبداد.
وقد انطلقت المسيرة من حي الحميدية، حيث استقبل الأهالي المشيعين بالماء والأرز، وصولاً إلى مقبرة الكثيب الأحمر، ومن ثم إلى ساحة الساعة إيذاناً ببدء اعتصام مفتوح.
إنذار آصف شوكت وتحذير المعتصمين
مع حلول منتصف الليل، تلقى الشيخ محمود الدالاتي اتصالاً هاتفياً من آصف شوكت، نائب وزير الدفاع حينها، هدّد فيه بفض الاعتصام بالقوة. وعلى الرغم من تحذير الدالاتي للمعتصمين عبر مكبرات الصوت، رفض الآلاف مغادرة الساحة، وأصروا على البقاء رغم الخطر المحدق.
مجزرة بدم بارد
مع حلول ساعات الفجر، هاجمت قوات النظام المكان بعنف، وأطلقت النار بشكل مباشر على المعتصمين، ثم سحبت الجثث باستخدام الجرافات دون توثيق رسمي. لم يُعرف حتى اليوم عدد الضحايا الحقيقي، بينما ظل مصير الكثير من المعتقلين مجهولاً.
شهود عيان تحدثوا عن تعمّد قوات الأمن إهانة الجثث والاعتداء على المصابين، بينما كان الشبيحة يرددون شعارات طائفية من قبيل: "شبيحة للأبد.. لأجل عيونك يا أسد".
شهادة من الداخل: تعليمات بإطلاق النار المباشر
نقلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" شهادة جندي منشق شارك في فض الاعتصام، قال فيها إن العقيد عبد الحميد إبراهيم من أمن القوات الجوية أعطى أوامر صريحة بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح. وأضاف أن الجثث جُمعت بجرافات ونُقلت إلى جهة مجهولة، في حين جرى تنظيف الساحة من الدماء باستخدام عربات الإطفاء.
أثر الاعتداء: كسر الاحتجاج السلمي بقوة السلاح
أشّرت مجزرة ساحة الساعة إلى بداية مرحلة جديدة في تعامل النظام مع الحراك الشعبي، إذ لم تكن المجزرة ردّ فعل عشوائي، بل جريمة ممنهجة تحمل طابعاً أمنياً بحتاً، هدفها إرسال رسالة تخويف لباقي المدن السورية.
وأكدت شهادة الجندي المنشق أن الأوامر كانت صارمة باستخدام الرصاص الحي وتفريق الاعتصام مهما كلّف الأمر، وهو ما أصبح لاحقاً قاعدة في قمع المظاهرات السلمية في كافة أنحاء البلاد.
عودة الذاكرة.. وعدالة لم تتحقق بعد
اليوم، وبينما تحتفل حمص بالذكرى الرابعة عشرة لهذا الحدث المفصلي، يُصر الأهالي على أن ذاكرة الشهداء ستبقى حيّة، وأن العدالة ما زالت غائبة. سقوط النظام لا يعني طيّ صفحة الجرائم، بل هو بداية الطريق نحو محاسبة الجناة وإنصاف الضحايا.
وفي لحظة رمزية بامتياز، أعاد أهالي حمص صوتهم إلى ساحة الساعة، لتظل شاهداً على أن الثورة بدأت بصوتٍ وهتاف، لكنها قُمعت بالرصاص والنار، وأن إرادة الشعوب لا يمكن كسرها مهما طال الظلم.
وصف مراقبون وسياسيون عراقيون، أول لقاء رسمي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بوساسطة قطرية العاصمة الدوحة، بأنها تمثل مؤشراً واضحاً على رغبة مشتركة في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين.
توقيت استثنائي وتطور لافت
نقلت وكالة الأنباء العراقية عن مصدر حكومي مقرّب قوله إن "اللقاء الثلاثي جاء في ظل أحداث متسارعة تشهدها المنطقة، خصوصاً في سوريا"، مشيراً إلى أهمية الحوار في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة. من جهتها، أوضحت الرئاسة السورية أن المحادثات ركزت على تعزيز التعاون العربي المشترك، مشددة على عمق الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين السوري والعراقي.
دعوة رسمية لحضور القمة العربية في بغداد
خلال اللقاء، أعلن رئيس الوزراء العراقي توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المرتقبة في بغداد خلال مايو/أيار المقبل. وتأتي هذه الخطوة بعد مكالمة هاتفية جرت بين الطرفين مطلع أبريل/نيسان، أكد خلالها الجانبان أهمية فتح صفحة جديدة من التعاون ومواجهة التحديات المشتركة.
موقف عراقي داعم.. وتحركات دبلوماسية واعية
فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، أكد في حديث للجزيرة نت أن العراق ثابت في موقفه الداعم للشعب السوري، مشيراً إلى أن "انفتاح بغداد على دمشق يمثل ضرورة وطنية لحماية الأمن القومي العراقي".
وأضاف أن العراق يرى في تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع سوريا خطوة ضرورية لمنع التنظيمات الإرهابية من استغلال أي ثغرات حدودية، خصوصاً في ظل سجل طويل من العمليات عبر الحدود المشتركة.
السياسة العراقية: تصفير الأزمات وتشبيك المصالح
أكد الشمري أن السياسة الإقليمية العراقية باتت تركّز على تصفير الأزمات، والسعي لإطلاق مشاريع تنموية واقتصادية من شأنها ربط المصالح العربية وتعزيز الاستقرار. كما شدد على أن القمة العربية المقبلة تشكل "فرصة محورية لمراجعة المواقف العربية وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة والاعتداءات المتكررة في سوريا ولبنان".
دور قطري محوري في الوساطة وتعزيز الاستقرار
ريزان شيخ دلير، العضوة البارزة في الاتحاد الوطني الكردستاني، أكدت في حديثها للجزيرة نت أهمية الدور القطري في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية، معتبرة أن لقاء الدوحة يعكس قدرة قطر على تهيئة مناخات إيجابية للحوار.
وأشارت إلى أن العراق يجب أن يكون طرفاً فاعلاً في السياسة الإقليمية، وأن نجاحه في استضافة القمة العربية بمشاركة الرئيس السوري سيشكل نقطة تحول استراتيجية.
مواقف سياسية متباينة داخل العراق.. ودعوات لنهج محايد
علّقت شيخ دلير على بعض المواقف السياسية العراقية المعارضة لدعوة سوريا للقمة، معتبرة أن احترام سيادة الدول هو أساس العلاقات المتوازنة. وشددت على أن العراق يجب أن يتخذ دوراً محايداً يخدم مصالح جميع الشعوب العربية.
الدهلكي: مشاركة سوريا شرط لنجاح القمة
من جانبه، شدد النائب رعد الدهلكي، القيادي في تحالف العزم، على أهمية مشاركة سوريا في القمة العربية، معتبراً ذلك شرطاً لضمان نجاحها والخروج بقرارات تلامس تطلعات الشعوب العربية وتمنع التدخلات الخارجية في شؤونها.
الفتلاوي: المصالح الاقتصادية مدخل لتعزيز العلاقات
إياد الفتلاوي، رئيس تحالف الضمير الشيعي، أشار إلى أهمية الروابط الاقتصادية والتاريخية التي تجمع البلدين، مؤكداً أن المصالح المشتركة تتطلب علاقات متينة ومتماسكة.
وأشاد بالجهود التي يبذلها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تعزيز روح الأخوة، مشيراً إلى أن بعض العقبات التي تعرقل العلاقات تعود لتصرفات شخصيات سياسية في العهد السابق لا تراعي العمق الحضاري والتاريخي بين الشعبين.
خلاصة وتوقعات المرحلة المقبلة
خلص المراقبون إلى أن لقاء الشرع والسوداني في الدوحة قد يشكل ركيزة لبناء شراكة استراتيجية جديدة بين سوريا والعراق، في ظل سعي الطرفين لترميم العلاقات ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، مع دعم إقليمي ملموس بقيادة قطر، ما يعزز الأمل بمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك.
أثار قرار نقابة الفنانين السوريين بسحب عضوية الممثلة سلاف فواخرجي تفاعلاً واسعاً بين السوريين، الذين اعتبروا القرار خطوة متأخرة لكنها محمّلة بدلالة رمزية، نظراً لمواقفها المؤيدة لرأس النظام المخلوع بشار الأسد، وتجاهلها لجرائمه طوال السنوات الماضية، وصولاً إلى سقوطه وفراره إلى موسكو في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
دعوات لفصل ممثلين آخرين
بالتزامن مع القرار، طالب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي باتخاذ إجراءات مماثلة بحق عدد من الفنانين الآخرين، وعلى رأسهم الممثل معن عبد الحق، المعروف بشخصية "صطيف الأعمى" في مسلسل "باب الحارة"، والذي لطالما أثار استفزاز السوريين بمواقفه التشبيحية وولائه المطلق للنظام السابق، كذلك المعروف بولائه للنظام "باسم ياخور" ومواقفه التشبيحة.
"صطيف الأعمى".. رمز استفزازي في ذاكرة السوريين
انتشرت على وسائل التواصل صورة للممثل عبد الحق، مرفقة بتعليق جاء فيه: "هاد لازم ينفصل من النقابة عشر مرات ليبرد قلبنا"، وتفاعل المستخدمون مع المنشور بسخرية واستنكار. وكتب أحد المتابعين: "ضيعان الحبر اللي بدهن يكتبو فيه قرار الفصل"، فيما قال آخر: "هاد لازم ما ينفصل من النقابة.. لازم ينفصل عن أرض الشام حفاظاً على طهارتها".
مواقف تشبيحية ومهاجمة للثورة
لطالما ارتبط اسم عبد الحق بمواقف مناوئة للثورة السورية، حيث لم يخفِ دعمه الصريح للنظام واستهزائه المتكرر بضحايا القصف الروسي في إدلب. ففي منشور ساخر قال ذات مرة: "قال مكسيم قرأ هاشتاغ الأمازون تحترق فكرها بريف إدلب"، في إشارة تهكمية على الضحايا والمآسي التي عاشها المدنيون.
هجوم مستمر على الفنانين المعارضين
هاجم عبد الحق مراراً زملاءه الفنانين الذين اختاروا الانحياز للثورة أو اتخذوا مواقف معارضة للنظام، منهم جهاد عبدو وسامر المصري وجمال سليمان. كما ظهر في لقاء على قناة "العالم سوريا" الإيرانية، واضعاً شروطاً "تعجيزية" لعودة الفنانين المعارضين إلى سوريا، من بينها أن يقدموا "ندماً واعتذاراً" لما وصفه بـ"تصريحاتهم المسيئة للقيادة السورية".
ولاء معلن لحسن نصر الله
وفي أحد تسجيلاته المصورة، ظهر عبد الحق وهو يردد بحماس: "لبيك يا نصر الله"، في تأييد صريح لزعيم ميليشيا حزب الله التي شاركت في دعم النظام السابق وارتكبت جرائم مروعة بحق السوريين. هذا السلوك اعتبره كثيرون دليلاً إضافياً على ضرورة محاسبته وطرده من أي إطار نقابي أو فني رسمي في سوريا الجديدة.
"أنا ابن هذا النظام" .. تأكيد الولاء
في لقاء سابق عبر شاشة لبنانية بتاريخ 24 شباط 2024، جدّد ياخور ولاءه العلني لبشار الأسد، قائلاً صراحة "أنا ابن هذا النظام"، نافياً صفة "الشبيح" عنه رغم تصريحاته ومواقفه المناهضة للثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011. كما برّر علاقته الوثيقة بماهر الأسد، معتبراً أن "رموز الدولة" يحبون الدراما ويتابعونها، مؤكداً على أنه يحظى بترحيب من أي وزير في الدولة.
انتقادات مبطّنة لزملائه المعارضين
شنّ ياخور خلال البودكاست هجوماً مبطناً على عدد من زملائه الفنانين والإعلاميين المعارضين، مثل فيصل القاسم وفارس الحلو وهمام حوت، واتهم بعضهم بالمزايدة، وادّعى أنه لم يكن من المستفيدين من النظام. كما حاول التبرؤ من وصف "التكويع"، رغم تصريحاته السابقة التي أكدت اصطفافه الكامل إلى جانب الأسد.
حزن على الشبيحة وتجاهل للضحايا
في لفتة مثيرة للجدل، أعرب ياخور عن حزنه لاعتقال عناصر تابعين للنظام خلال عمليات التحرير، واستند إلى تقارير من "المرصد السوري" للإشارة إلى عدد المعتقلين من صفوف النظام، متجاهلاً أن معظمهم متورط في جرائم وانتهاكات بحق المدنيين. هذه التصريحات اعتُبرت استفزازية للشارع السوري، خاصة أنها جاءت دون أي تعاطف حقيقي مع الضحايا أو ذكر لمجزرة واحدة ارتكبها النظام.
مواقف مهزوزة ورفض للمحاسبة
ورغم سقوط النظام، لم يُظهر ياخور أي ندم على مواقفه السابقة، ولم يأتِ على ذكر بشار الأسد أو جرائم الجيش الذي دافع عنه طيلة السنوات الماضية، بل حاول تصوير تلك الحقبة كخلاف في الرأي، قائلاً إن القضية أشبه بـ"نقاش حول إن كانت حلاوة الجبن حمصية أم حموية".
انتقادات لاذعة ودعوات للمقاطعة
أثارت تصريحات ياخور الأخيرة موجة من الانتقادات، إذ وصف الصحفي السوري عمر قصير اللقاء بـ"ثرثرة خاوية"، وكتب: "لم يعتذر، لم يُدن الجرائم، لم ينطق بحرف عن الأسد. كل ما قاله كان استعراضاً لموقف أخلاقي فاشل". وأضاف: "على الأقل لم يتظاهر بالتوبة كما فعل غيره بعد خمس دقائق من السقوط".
تغطية على السقوط الأخلاقي
حاول ياخور، من خلال نشاطه على قناته في يوتيوب، التفاعل مع مواضيع اجتماعية في مناطق سيطرة النظام، مثل "تكاليف الشتاء" و"جوازات السفر"، لكن هذه الخطوات فُسرت كمحاولة لصرف الانتباه عن تاريخه المتورط أخلاقياً وسياسياً، دون أي مراجعة حقيقية لمواقفه.
انقسام داخل الوسط الفني
منذ انطلاقة الثورة السورية، انقسم الفنانون السوريون بين مؤيد للثورة ومعارض لها، في وقت استخدم فيه النظام الأسد عدداً من الفنانين لتلميع صورته. اليوم، وبعد انهيار النظام، يواجه هؤلاء الممثلون مصيراً أخلاقياً وإنسانياً في الذاكرة الجماعية للسوريين.
قطيفان: لا مصالحة مع من دعم القمع
في موقف واضح، قال الفنان عبد الحكيم قطيفان: "لن أتسامح مع من دعم الإرهاب والتشريد والقمع"، مضيفًا أن الفن لا يبرر الوقوف ضد الشعب، وأن ذاكرة السوريين لا تنسى أولئك الذين خانوا دماء الضحايا بحجة "الدراما أو الحياد".
تنكّر لآلام السوريين وإنكار للجرائم المرتكبة
وجاء القرار نتيجة ما اعتبرته النقابة "إصراراً متكرراً من الفنانة سلاف فواخرجي على إنكار الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري"، إضافة إلى مواقفها المعلنة التي "تنكرت لمعاناة السوريين وآلامهم خلال سنوات القمع والاستبداد"، بحسب ما ورد في بيان النقابة.
سياق سياسي وفني محتقن بعد الثورة
ويأتي هذا القرار في ظل حالة من الانقسام الحاد داخل الوسط الفني السوري، بعد التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد، وتزايد الأصوات المطالبة بمحاسبة الشخصيات العامة التي دعمت أو غطّت ممارسات النظام السابق، سواء عبر الخطاب الإعلامي أو المواقف العلنية.
جددت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى سوريا، مشيرة إلى ما وصفتها بـ"تهديدات وشيكة" تستهدف مواقع مدنية يرتادها السياح. وقالت الوزارة في بيان صدر مساء الجمعة إن لديها معلومات موثوقة تفيد بإمكانية حدوث هجمات دون سابق إنذار، مؤكدة أن تلك الهجمات قد تطال مراكز التسوق والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة.
لا منطقة آمنة في سوريا
وأضاف البيان أن "لا جزء من سوريا يُعتبر آمناً من العنف"، مؤكداً أن مستوى التحذير الموجه إلى المواطنين الأميركيين بشأن السفر إلى سوريا ما يزال في الدرجة الرابعة، وهي الأعلى، والتي تنص على منع السفر بشكل كامل، وذلك بسبب ما اعتبرته الوزارة "مخاطر شديدة" تشمل الصراع المسلح، الاضطرابات المدنية، والخطف، وأعمال الاحتجاز التعسفي.
قائمة طويلة من المواقع المستهدفة
وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن الجماعات المسلحة التي وصفتها بـ"الإرهابية" لا تزال تخطط لعمليات اختطاف وهجمات داخل الأراضي السورية. وأكدت أن الهجمات المحتملة قد تطال فعاليات عامة، مؤسسات رسمية، أماكن عبادة، مدارس، حدائق عامة، مطاعم، ومراكز تسوّق، وحتى أنظمة النقل العام والمناطق المزدحمة، مع ترجيح استخدام العبوات الناسفة أو الهجمات بالأسلحة.
تحذيرات سابقة خلال عيد الفطر
وكانت واشنطن قد أصدرت تحذيراً مشابهاً نهاية شهر مارس/آذار الماضي، قبيل عيد الفطر، دعت فيه رعاياها لتوخي الحذر من احتمال وقوع هجمات إرهابية خلال فترة العيد، مع توقع استهداف السفارات والمنظمات الدولية وحتى المؤسسات العامة السورية في العاصمة دمشق.
وفي ذلك الوقت، قالت السفارة الأميركية في دمشق إن على المواطنين الأميركيين مغادرة سوريا فوراً، بسبب ارتفاع درجة التهديد الأمني، محذّرة من مخاطر الإرهاب والاعتقالات التعسفية والاشتباكات المسلحة.
تزامن مع تحذيرات بريطانية مماثلة
بالتوازي مع التحذير الأميركي، كانت وزارة الخارجية البريطانية قد أصدرت بدورها بياناً في 29 مارس/آذار، دعت فيه مواطنيها إلى مغادرة سوريا بشكل عاجل باستخدام أي وسيلة متاحة، مؤكدة أن الأوضاع الأمنية المتدهورة تجعل من البلاد مكاناً غير آمن على الإطلاق.
تعزيزات أمنية واسعة دون تسجيل حوادث
ورغم التحذيرات المتكررة خلال الفترات الماضية، بما في ذلك خلال عطلة عيد الفطر وأعياد الطوائف المسيحية، لم تُسجل أية هجمات إرهابية فعلية في البلاد. وكانت السلطات السورية قد رفعت مستوى الجاهزية الأمنية خلال تلك المناسبات، ونفذت حملات دهم واعتقال طالت العشرات ممن وُجهت إليهم تهم التحضير لعمليات تهدف إلى زعزعة الاستقرار.
ورغم أن تحذيرات العواصم الغربية لم تسفر عن أحداث أمنية ملموسة حتى الآن، إلا أن استمرارها يعكس تخوفاً حقيقياً من إمكانية عودة النشاطات الإرهابية في سوريا، وسط بيئة أمنية ما تزال تعاني من هشاشة في بعض المناطق، وتوتر إقليمي واسع.
أدان "مرصد بصمة لحقوق الإنسان" المحلي، بأشد العبارات الجريمة المروعة التي ارتكبتها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والمتمثلة بإعدام ميداني وتعذيب مدنيين اثنين عقب اعتقالهما شرقي محافظة حلب، محملاً "قسد" المسؤولية الكاملة عن الجريمة. وطالب المرصد بفتح تحقيق شفاف ومستقل، لضمان محاسبة الجناة وعدم إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب.
تفاصيل الحادثة
وفقاً لتوثيقات "مرصد بصمة"، فقد انطلق المواطن عبود إسماعيل العلي، من مواليد قرية وضحه بتاريخ 15 شباط 1958، بسيارته الخاصة (شاحنة من نوع هيونداي بيضاء اللون، رقم اللوحة 359525 حلب)، برفقة المواطن علي الحسين الجفال، على طريق مسكنة – البابيري، يوم الخميس 12 كانون الأول 2024، قبل أن يُفقد الاتصال بهما في اليوم ذاته.
عقب اختفائهما، تم تداول نداءات على منصات التواصل الاجتماعي للكشف عن مصيرهما، قبل أن تُرد إفادة من شاهد عيان تؤكد أن الرجلين أوقفا عند حاجز تابع لـ"قسد" بالقرب من مضخة مياه البابيري بين مدينتي مسكنة والخفسة.
اكتشاف الجريمة
ورغم الجهود المبذولة للبحث عنهما في السجون والمستشفيات ومراكز التفتيش، لم تتوفر أي معلومات حول مصير الضحيتين، حتى ورد بلاغ في 26 كانون الأول 2024 يفيد بالعثور على جثة تطفو في قناة مياه محطة ضخ البابيري.
بعد المعاينة، تبيّن أن الجثة تعود للمواطن عبود إسماعيل العلي، وقد تم العثور عليها في ذات النقطة التي حددها الشاهد، في حين بقي مصير المواطن علي الحسين الجفال مجهولاً حتى لحظة إعداد التقرير.
آثار تعذيب بشعة
أظهرت المعاينة الأولية للجثة تعرض الضحية لعبارات تعذيب وحشي، تمثلت في "حبل مشدود من الفم إلى مؤخرة الرأس، تم شده بسيخ حديدي حتى دخل إلى داخل الفم، وكدمات شديدة في الرأس بسبب الضرب بأداة حادة، تسببت في تهشيم الجزء العلوي الأيمن من الجمجمة.
كما تعرض لتصفية بثلاث طلقات نارية، واحدة في الرأس، الثانية في الفخذ الأيمن، والثالثة في البطن، وكانت آثار الرصاص واضحة على الجسد والملابس من الجهتين، وفي 5 نيسان 2025 عثر الأهالي على جثة الرجل الثاني "علي حسين الجفال"، قرب قناة مياه تابعة لمحطة ضخ البابيري بمحيط بلدة مسكنة بريف حلب الشرقي.
رواية شاهد داخلي
نقل مرصد بصمة إفادة من أحد الشهود (امتنع عن الكشف عن اسمه حفاظاً على سلامته)، أكد أن عنصراً سابقاً من "قسد" كان يخدم على نفس الحاجز يوم الحادثة وانشق لاحقاً "بسبب الظلم"، قد صرح بأن الرجلين تم إنزالهما من السيارة مباشرة، ليُفتّش هاتف علي الحسين الجفال من قبل عنصر يُعرف باسم "الحجي"، يُعتقد بانتمائه لحزب العمال الكردستاني.
وخلال تفتيش الهاتف، عُثر على محادثة تتعلق بالأوضاع الأمنية في المنطقة، ما دفع العناصر إلى اتهام الرجلين بالانتماء إلى "خلايا الجيش السوري الحر"، ليتم اقتيادهما وتعذيبهما وتصفيتهما ميدانياً في اليوم نفسه، كما تم الاستيلاء على سيارة عبود إسماعيل العلي واقتيادها إلى جهة مجهولة، ولا تزال مفقودة حتى الآن.
دعوة لتحقيق دولي
أكد "مرصد بصمة" أن ما جرى يُعد جريمة قتل خارج القانون وجريمة تعذيب ترتقي إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، داعياً المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تقصّي حقائق مستقلة حول الحادثة، ومحاسبة كل من تورط في ارتكابها.
وختم المرصد بيانه بالتشديد على أن "مرتكبي الانتهاكات لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن"، مطالباً بإجراء تحقيقات عاجلة وضمان ملاحقة الجناة أمام العدالة الجنائية الوطنية أو الدولية.
وثقت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، يوم الجمعة 18 نيسان، مقتل شابين وإصابة اثنين آخرين إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب، أثناء قيامهم بصيد الأسماك في سد برادون الواقع في ريف اللاذقية الشمالي.
وأوضحت المؤسسة أن فرقها استجابت للحادثة، حيث أسعفت أحد المصابين وقدمت له الإسعافات الأولية، فيما عملت على انتشال جثماني الشابين ونقلهما إلى مشفى في مدينة اللاذقية.
مخلفات الحرب.. خطر دائم يهدد حياة المدنيين
وأكدت "الخوذ البيضاء" أن مخلفات الحرب لا تزال تشكّل تهديدًا طويل الأمد لحياة المدنيين، إذ تتسبب بانفجارات مميتة وإصابات خطرة، فضلًا عن تأثيرها السلبي العميق على مختلف مناحي الحياة اليومية.
وأشارت المؤسسة إلى أن هذه المخلفات تعيق استقرار السكان، وتُقوّض فرص العيش، وتهدد النشاطات التعليمية والزراعية، وتحرم آلاف السوريين من العودة إلى منازلهم ومناطقهم الأصلية.
لتحمّل المسؤولية الجماعية
وشددت "الخوذ البيضاء" على أن التصدي لهذا الخطر هو مسؤولية جماعية تتطلب جهودًا متكاملة من كافة أطياف المجتمع والجهات المعنية، من خلال نشر الوعي والتوعية المجتمعية، بالإضافة إلى تسريع وتكثيف عمليات إزالة الألغام والمخلفات الحربية لضمان سلامة المدنيين وتهيئة بيئة آمنة للعودة والاستقرار.
وتُعدّ مخلفات الحرب من أخطر التهديدات التي لا تزال تلاحق المدنيين في سوريا، حيث تتسبب بسقوط ضحايا بشكل متكرر، وتخلّف إصابات بليغة تؤثر على حياة الأفراد بشكل دائم. كما أنها تُعيق استئناف النشاطات اليومية والاقتصادية، وتعرقل عودة السكان إلى مناطقهم، إلى جانب تأثيرها السلبي على العملية التعليمية والزراعية والصناعية، مما يعمّق من معاناة السوريين ويؤخر جهود التعافي وإعادة الإعمار.
وكانت أشددت مؤسسة الدفاع المدني، على أن مواجهة هذا الخطر تتطلب مسؤولية جماعية، من خلال تعزيز حملات التوعية بمخاطر الذخائر غير المنفجرة، وتسريع جهود إزالة المخلفات الحربية وتأمين المناطق المتضررة، بما يضمن حماية المدنيين وعودة الحياة إلى طبيعتها.
قال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، أمس الجمعة، إن مناقشات دولية ستُعقد خلال اجتماعات الربيع الجارية في واشنطن لبحث إعادة تفعيل الدعم المالي لسوريا من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، رغم استمرار العقوبات الغربية التي لا تزال تمثل عقبة رئيسية أمام جهود إعادة الإعمار.
اجتماع سعودي - دولي بشأن سوريا على هامش اجتماعات واشنطن
وأوضح عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تصريح لوكالة "رويترز" من دمشق، أن اجتماعاً خاصاً بسوريا ستستضيفه الحكومة السعودية والبنك الدولي، يُعقد على هامش الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين الدوليتين في العاصمة الأميركية.
وقال الدردري إن هذا الاجتماع "يوجه رسالة واضحة إلى الشعب السوري والمجتمع الدولي بأن المؤسسات المالية الكبرى باتت جاهزة لدعم سوريا"، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل تطوراً هاماً في مسار استعادة البلاد لعلاقاتها المالية الدولية.
السعودية تسدد متأخرات سوريا للبنك الدولي
وكانت "رويترز" قد كشفت في وقت سابق أن السعودية تعتزم تسديد نحو 15 مليون دولار من المتأخرات المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي، وهو ما اعتُبر خطوة تمهيدية تفتح المجال أمام منح مالية محتملة لدعم إعادة الإعمار. وقد أكدت مصادر لاحقة أن هذه الدفعات قد تم تسديدها بالفعل.
ووفقاً للدردري، فإن سداد هذه المستحقات سيسمح للبنك الدولي باستئناف تقديم الدعم لسوريا من خلال "المؤسسة الدولية للتنمية" التابعة له، والمخصصة لتمويل الدول ذات الدخل المنخفض.
حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد.. أداة دعم إضافية
وأشار المسؤول الأممي إلى أهمية استفادة سوريا أيضاً من "حقوق السحب الخاصة" في صندوق النقد الدولي، مشدداً على أن هذه الأدوات تمثل فرصاً حيوية لسوريا للانخراط في مفاوضات مباشرة مع المؤسسات المالية الدولية في المرحلة القادمة.
وفد حكومي سوري رفيع إلى واشنطن
وفي تطور بارز، أعلنت وكالة "رويترز" أن كلاً من وزير المالية محمد يسر برنية، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، سيشاركون في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لوفد سوري رفيع إلى الولايات المتحدة منذ نحو عشرين عاماً، كما أنها تمثل أول مشاركة رسمية على هذا المستوى منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
تحديات ما بعد الحرب والعقوبات المستمرة
وتواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات هائلة في ظل دمار واسع لحق بالبنية التحتية جراء أكثر من 14 عاماً من الحرب التي أعقبت انطلاق الاحتجاجات ضد الأسد. وتسعى دمشق إلى إعادة بناء علاقاتها الدولية والإقليمية، وتوفير الدعم المطلوب لإعادة إعمار البلاد.
لكن العقوبات الأميركية الصارمة التي فُرضت خلال حكم الأسد لا تزال قائمة، رغم صدور إعفاء مؤقت لمدة ستة أشهر في يناير/كانون الثاني الماضي يتيح مرونة محدودة في المساعدات الإنسانية. إلا أن تأثير هذا الإعفاء ظل محدوداً على أرض الواقع.
تباين أميركي في الموقف من دمشق الجديدة
ورغم أن واشنطن قدمت، في مارس/آذار الماضي، قائمة شروط للحكومة السورية الجديدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، إلا أن التواصل المباشر معها ظل محدوداً. ويرجع ذلك إلى وجود تباينات داخل دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة بشأن طبيعة العلاقة التي يجب أن تربط واشنطن بالحكومة السورية الجديدة.
وصل وفد من الكونغرس الأميركي إلى العاصمة السورية دمشق، يوم الجمعة، في زيارة رسمية تُعد الثانية من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024. وتندرج الزيارة في إطار الجهود الأميركية لتقييم المرحلة الانتقالية في سوريا ومناقشة مستقبل العلاقة بين البلدين.
ويضم الوفد عضوَي الكونغرس كوري ميلز ومارلين ستوتزمان، إلى جانب أعضاء من "التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار"، في زيارة تهدف إلى لقاء القيادة السورية والاطلاع على الأوضاع الميدانية.
جولة ميدانية في حي جوبر وزيارة مرتقبة لصيدنايا
استهل الوفد زيارته بجولة في حي جوبر شمال شرقي دمشق، الذي دُمّر بشكل واسع إبان سنوات القصف على يد النظام المخلوع. ومن المرتقب أن تشمل الجولة زيارة لاحقة إلى سجن صيدنايا، أحد أبرز رموز الانتهاكات في عهد الأسد، وفقاً لما أكدته مصادر مطلعة في دمشق.
لقاء مرتقب مع الرئيس الشرع ووزير الخارجية
وبحسب الجدول الرسمي، سيعقد الوفد لقاءً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بالإضافة إلى وزير الخارجية أسعد الشيباني. وأكدت مصادر عراقية مطّلعة أن اللقاء يأتي في سياق متابعة العلاقات الثنائية، ومناقشة الملفات السياسية والإنسانية ذات الأولوية.
ميلز: العقوبات قيد النقاش.. ولقاء محتمل بين ترامب والشرع
قال عضو الكونغرس كوري ميلز في تصريحات لموقع "الجزيرة" من حي جوبر إن رفع العقوبات عن سوريا "يتطلب خطوات ملموسة"، مشيراً إلى أن واشنطن تسعى لرؤية واقع مستقر في سوريا تحت حكومة ديمقراطية منتخبة. وأضاف أن مسألة العقوبات ستكون ضمن محاور النقاش مع الرئيس الشرع.
وعن احتمال عقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس أحمد الشرع خلال الزيارة المرتقبة لترامب إلى الشرق الأوسط، قال ميلز: "الأمر ممكن، خصوصاً إذا وجد الرئيس مؤشرات إيجابية كما حدث في ملفات سابقة مثل كوريا الشمالية".
ستوتزمان: نرى فرصة لحكومة صديقة للغرب
بدورها، عبّرت عضوة الكونغرس مارلين ستوتزمان عن تفاؤلها بسوريا الجديدة، وقالت في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: "جئت لأرى سوريا عن قرب، وسأنقل ما لمسته من تفاصيل ومواقف إلى الداخل الأميركي". وأضافت: "ما شاهدناه من دمار في الأحياء السكنية يدعو للحزن، لكنّي متفائلة بإرادة السوريين لبناء المستقبل".
التحالف السوري الأميركي: نطالب بتخفيف العقوبات
من جانبه، أكد مجد عبار، عضو التحالف السوري الأميركي، أن الوفد يهدف إلى الاطلاع على أثر العقوبات المفروضة على المدنيين في سوريا، ولقاء ممثلي الحكومة والمجتمع المدني. وأوضح أن جدول الزيارة يشمل أيضاً لقاءات مع قيادات دينية، من بينها البطريرك في الكنيسة الآشورية في دير مار تقلا، بالتزامن مع عيد الفصح المجيد.
وأشار عبار إلى أن الوفد سيتنقل في عدد من المناطق بهدف "رؤية التنوع والنسيج الاجتماعي السوري عن قرب"، مؤكداً أن مهمة التحالف هي نقل صورة واضحة إلى الإدارة الأميركية حول الوضع الإنساني، والضغط من أجل تخفيف الإجراءات العقابية على الشعب السوري.
أعلنت وزارة الخارجية القطرية، يوم الجمعة، أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رعى لقاءً رسمياً جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة الدوحة، وذلك في إطار الجهود القطرية لتعزيز مسارات العمل العربي المشترك.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن اللقاء "عُقد في أجواء إيجابية عكست روح التفاهم والتقارب بين الجانبين"، دون أن يكشف عن تفاصيل محددة بشأن الموضوعات التي تم التباحث بشأنها.
وأوضح الأنصاري أن استضافة بلاده لهذا اللقاء تأتي في سياق "حرص دولة قطر على دفع عجلة التلاقي العربي، ودعم المبادرات التي تهدف إلى استقرار المنطقة وتعزيز التعاون بين الدول الشقيقة".
وكان مصدر مسؤول مقرّب من الحكومة العراقية قد أفاد في وقت سابق، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أجرى زيارة سريعة إلى الدوحة، التقى خلالها بكل من أمير قطر والرئيس السوري، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية.
وأضاف المصدر أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، حيث أكد السوداني أن "العراق يتابع عن كثب الأحداث الجارية في البلد الجار، وعلى رأسها التحديات المرتبطة بالتواجد العسكري الإسرائيلي"، مشدداً على موقف العراق الثابت في دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وأشار رئيس الوزراء العراقي خلال الاجتماع إلى ضرورة المضي في "عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا وتنوّعها المجتمعي والديني، وتضمن إشراك كافة الأطراف في صياغة مستقبل البلاد".
كما شدد السوداني على "أهمية أن تبادر الحكومة السورية الجديدة باتخاذ خطوات عملية وجدية في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي"، معتبراً أن تحقيق تقدم ملموس في الملفات الأمنية والسياسية من شأنه فتح آفاق جديدة من التعاون بين البلدين، وتعزيز أمن واستقرار المنطقة ككل.
وأوضح البيان أن هذا اللقاء تم بمبادرة وساطة من دولة قطر، انطلاقاً من حرصها على دعم الحوار العربي وتعزيز جسور التواصل بين الدول الشقيقة. وقد ناقش الجانبان خلال الاجتماع العلاقات الثنائية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية العراق، في ضوء الروابط التاريخية العميقة التي تجمع الشعبين، والسعي المشترك لإحياء مسارات التعاون العربي على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأكد الرئيس أحمد الشرع ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني في محادثاتهما على أهمية احترام سيادة واستقلال البلدين، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي، معتبرين أن أمن واستقرار سوريا والعراق يمثلان دعامة أساسية لأمن المنطقة بأسرها.
وتناول الجانبان قضية أمن الحدود المشتركة، حيث تم الاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني والميداني وتكثيف التعاون الاستخباراتي بين الجهات المختصة في كلا البلدين، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية العابرة للحدود.
وفي الشق الاقتصادي، ناقش اللقاء سبل تفعيل التعاون التجاري بين سوريا والعراق، والعمل على تسهيل حركة البضائع والأفراد عبر المعابر الحدودية، إلى جانب تشجيع الاستثمارات المتبادلة وفتح آفاق تعاون جديدة في قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية، بما يحقق تطلعات الشعبين ويخدم الأهداف الاستراتيجية للبلدين.
وقد أعرب فخامة الرئيس الشرع خلال اللقاء عن عميق شكره لدولة قطر الشقيقة، ولصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، على رعايته الكريمة لهذا اللقاء، وجهوده المخلصة في دعم الحوار العربي وتعزيز مسيرة التضامن بين الدول العربية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن هذا اللقاء يمثل محطة محورية في مسار بناء علاقات عربية متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والشراكة الفاعلة، ويمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وتكريس نهج التعاون العربي في مواجهة التحديات المشتركة، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لشعوب المنطقة.
"السوداني" يوجه دعوة رسمية للرئيس "الشرع" لحضور القمة العربية في بغداد
وكان أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء 16 نيسان/أبريل 2025، عن توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المرتقبة، المقرر عقدها في العاصمة بغداد بتاريخ 17 أيار/مايو المقبل.
وأكد السوداني، خلال مشاركته في "ملتقى السليمانية الدولي التاسع"، أن الرئيس الشرع سيحضر القمة العربية، مشدداً على أن القيادة السورية مرحب بها في بغداد، في إطار دعم العراق لمسار التعاون العربي وتعزيز العلاقات مع دمشق.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عراقية من بينها "السومرية نيوز"، أن السوداني لم يكتف بتوجيه الدعوة فحسب، بل أعلن أيضاً عزمه الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة تؤكد استمرارية حضوره السياسي على الساحة العراقية.
اتصال هاتفي بين الشرع والسوداني: نحو فتح صفحة جديدة
وجاءت هذه الدعوة في أعقاب اتصال هاتفي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بحثا خلاله سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق، وأكدا على عمق الروابط التي تجمع الشعبين على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وخلال الاتصال، هنأ السوداني الرئيس الشرع بمناسبة عيد الفطر المبارك، معرباً عن دعمه لتشكيل الحكومة السورية الجديدة، ومجدداً موقف العراق الثابت في دعم أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
واتفق الجانبان على أهمية فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على التعاون المشترك، ومواجهة التحديات الإقليمية، بما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة وخدمة شعوبها.
تعزيز أمني مشترك ومواجهة التهريب
كما تناول الاتصال ملف أمن الحدود المشتركة بين البلدين، حيث شدد الجانبان على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والعناصر الخارجة عن القانون.
وأكد الرئيس الشرع التزام بلاده باحترام سيادة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، داعياً إلى شراكة استراتيجية بين دمشق وبغداد، قائمة على المصالح المتبادلة والتعاون الثنائي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
دعم متبادل ورؤية مشتركة للاستقرار
وفي ختام الاتصال، جدّد الجانب العراقي تأكيده دعم سوريا في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي، معرباً عن تطلعه إلى تطوير علاقات أكثر عمقاً بما يخدم مصالح الشعبين، ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
قمة القاهرة الطارئة: بداية الانفتاح العربي
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد شارك في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة بتاريخ 4 آذار/مارس الماضي، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك في أول مشاركة له ضمن محفل عربي رفيع منذ توليه رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية، عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي إطار الانفتاح العربي على دمشق، أكدت جامعة الدول العربية أن سوريا ستشارك أيضاً في القمة العربية المقبلة في بغداد، وأن تحديد مستوى التمثيل يعود للدولة السورية، سواء عبر الرئيس أو وزير الخارجية.
زيارة تاريخية لوزير الخارجية السوري إلى بغداد
وتزامناً مع هذا الحراك الدبلوماسي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة رسمية إلى بغداد، هي الأولى من نوعها لمسؤول سوري منذ سقوط النظام السابق، حيث عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره العراقي فؤاد حسين.
وأكد الشيباني خلال الزيارة على وحدة الصف السوري العراقي، وضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه التهديدات والتدخلات الخارجية، معرباً عن استعداد دمشق الكامل للتعاون مع بغداد في مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش، قائلاً: "أمن سوريا من أمن العراق، ومصائرنا مشتركة".
وصف وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور محمد نضال الشعار، زيارة نظيره التركي، وزير التجارة عمر بولاط، بأنها "مثمرة وتعكس عمق الروابط الأخوية بين البلدين"، مؤكداً أنها تمثل بداية واعدة لشراكة اقتصادية قوية بين الجانبين.
ونقلت قناة وزارة الاقتصاد على "تلغرام" عن الوزير الشعار قوله: "كانت الزيارة ناجحة وتناولنا خلالها العديد من القضايا المهمة، وهي تعكس العلاقات الأخوية المتجذرة بين سوريا وتركيا، وتمثل انطلاقة جديدة نحو تعاون اقتصادي فعّال". وأضاف: "نحن اليوم نكتب معاً فصلاً جديداً من التاريخ، تؤلفه السواعد السورية والتركية بتعاون مشترك".
زيارة الوزير بولاط إلى دمشق، التي جرت يوم الأربعاء الماضي، جاءت على رأس وفد رسمي ضم مسؤولين بارزين وعدداً من رجال الأعمال الأتراك. وشهدت الزيارة سلسلة مباحثات مع مسؤولين سوريين ركّزت على فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري والاستثماري في المرحلة المقبلة.
وقبيل مغادرته دمشق، أعرب الوزير التركي للصحفيين عن رغبة بلاده في بدء مفاوضات رسمية مع الحكومة السورية لعقد اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، مشيراً إلى أهمية هذه الخطوة في تعزيز استقرار المنطقة وفتح قنوات جديدة للنمو والتنمية بين الشعبين الجارين.
سوريا وتركيا تبحثان تعزيز التبادل التجاري وتطوير البنى التحتية للمنافذ المشتركة
وكان بحث رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، قتيبة بدوي، مع وزير التجارة التركي عمر بولاط، خلال اجتماع رسمي عُقد في دمشق، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري في المرحلة الانتقالية.
وأكد الجانبان في الاجتماع على أهمية "التنسيق العالي في القضايا الاقتصادية"، وتطرقا إلى عدد من القضايا الجوهرية، من بينها تعزيز التبادل التجاري، مناقشة التعرفة الجمركية، الاستثمار التركي في المناطق الحرة السورية، وتنشيط حركة عبور السيارات والشاحنات بين البلدين، بما في ذلك إعادة فتح معبر كسب الحدودي أمام حركة الشحن التجارية الصغيرة.
خارطة طريق لتعميق التعاون الاقتصادي
وشهد اللقاء الموسّع الذي جمع الوفد التركي بمسؤولي الهيئة السورية، مناقشات مفصلة حول تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتذليل العقبات التي تعترض تدفق السلع، إلى جانب وضع خطة لتوسيع الصادرات المتبادلة ورفع مستواها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وأعرب قتيبة بدوي عن شكر سوريا العميق للدولة التركية قيادةً وحكومةً وشعباً، مشيداً بالمواقف التركية الداعمة للشعب السوري منذ انطلاق الثورة وحتى تحقيق النصر على النظام البائد، مشيراً إلى تشكيل لجان تركية متخصصة لتقديم الدعم للحكومة السورية في مختلف القطاعات بعد سقوط النظام.
كما أكد البدوي أن الحكومة السورية اتخذت سلسلة من الإجراءات الجمركية منذ بداية العام الجاري تهدف إلى رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين، موضحاً أهمية تأهيل البنى التحتية في المعابر والموانئ، وخاصة فيما يخص أجهزة الفحص (السكانر)، لدعم انسياب البضائع وتعزيز قطاع النقل المشترك والسياحة.
بولاط: تركيا ملتزمة بدعم سوريا وشعبها
من جانبه، شدد وزير التجارة التركي عمر بولاط على أن زيارة الوفد التركي، والتي ضمت نخبة من رجال الأعمال وممثلي غرف التجارة والصناعة في تركيا، تأتي في سياق تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة. ولفت إلى عمق الروابط التاريخية بين الشعبين السوري والتركي، مؤكداً أن **أنقرة حريصة على الوقوف إلى جانب دمشق في مرحلة البناء والتنمية**.
وقال بولاط: "منذ انطلاق الثورة، وقف الشعب التركي مع أشقائه السوريين، واليوم نحتفل بانتصار الحق والعدالة، ونثق بأن سوريا الموحدة ستواصل السير نحو مستقبل مزدهر"، مضيفاً أن **تركيا تدعم خطط النهوض بالاقتصاد السوري وتعتبر استقراره أولوية استراتيجية**.
دعم تركي لتأهيل المعابر وتنظيم المعارض
وخلال الاجتماع، أعرب عدد من أعضاء الوفد التركي عن استعدادهم للمساهمة في إعادة تأهيل المعابر البرية المشتركة وميناءي اللاذقية وطرطوس، وتقديم الدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الشركات المتخصصة بتنظيم معارض دائمة للمنتجات التركية في سوريا.
وفي ردّه على مداخلات الوفد، أوضح بدوي أن الهيئة أجرت تعديلات على الرسوم الجمركية استناداً إلى اقتراحات عملية تهدف إلى توحيد الأنظمة في المنافذ البرية والبحرية، وحماية المنتج المحلي، وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم الاتفاق على إقامة منطقة حرة سورية – تركية مشتركة، يتم فيها إنشاء مصانع من الطرفين، وتُمنح منتجاتها إعفاءً جمركياً، بما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.