
وثيقة تكشف عن 12 حقل ألغام يحيط بسجن صيدنايا... والمخططات "مفقودة" منذ يوم التحرير
حصل موقع "زمان الوصل" على نسخة من وثيقة رسمية صادرة عن إدارة المهندسين في وزارة الدفاع السورية، تكشف عن وجود اثني عشر حقل ألغام مزروعة حول سجن صيدنايا العسكري، دون توفر أي خرائط أو مخططات معتمدة تُحدّد مواقعها بدقة، في ظل غياب أي معلومات عن عمليات إزالة أو تحييد لتلك الألغام حتى اليوم.
وتحمل الوثيقة تاريخ 17 كانون الثاني 2010، وموجهة إلى فرع الشرطة العسكرية في دمشق، وتشير بوضوح إلى وجود ألغام مزروعة في القطاع الأول من محيط السجن، تم زرعها منذ عام 1988، ما يجعل المنطقة المحيطة بالسجن من الناحية العملية حقلًا غير معلن من الخطر.
وبحسب ما ورد في الوثيقة، فإن المخططات التي كانت تُحدد مواقع هذه الحقول فُقدت أو أُخفيت خلال ما سمّته الوثيقة "يوم تحرير السجن"، ما يطرح تساؤلات جدية حول مصير هذه الألغام، والمسؤولية عن استمرار التهديد القائم لحياة المدنيين في تلك المنطقة.
وتثير هذه المعلومات المخاوف من تحول المناطق المحيطة بصيدنايا إلى كمائن دائمة للسكان، خصوصًا في حال عدم الإعلان عنها رسميًا أو اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة. وتعد هذه الواقعة نموذجًا جديدًا من المخلفات الأمنية التي خلفها النظام السابق، وسط غياب أي شفافية بشأن البنية العسكرية والتهديدات الكامنة في محيط المنشآت الأمنية.
"سجن صيدنايا" تاريخ أسود
ولـ "سجن صيدنايا" تاريخ أسود في حياة السوريين عامة، فلا تكاد تخلوا بلدة أة قرية أو حي في مدينة إلا وذاق أبنائها مرارة الموت أو التعذيب أو التغييب لسنوات طويلة في ظلمات السجون، وذاق الويلات على يد عصابات النظام، لكن الأمل لايزال موجوداً للملايين أن يجدوا أبنائهم بين الأحياء الباقين في الزنازين الموصدة.
يقع السجن قرب دير صيدنايا على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة دمشق، بني عام 1987، وينقسم إلى جزأين، يُعرف الجزء الأول بـ"المبنى الأحمر"، وهو مخصص للمعتقلين السياسيين والمدنيين، أما الثاني فيعرف بـ"المبنى الأبيض"، وهو مخصص للسجناء العسكريين.
يتميز سجن صيدنايا بتصميم فريد يجعله أحد أشد السجون العسكرية تحصينا، ويتكون من 3 مبان كبيرة تلتقي في نقطة يطلق عليها "المسدس"، ويتكون كل مبنى من 3 طوابق لكل منها جناحان، ويحتوي الجناح الواحد على 20 مهجعا جماعيا بقياس 8 أمتار طولا و6 أمتار عرضا، تتراص في صف واحد بعيدة عن النوافذ، لكن تشترك كل 4 منها في نقطة تهوية واحدة.
نقطة المسدس هي منطقة تلاقي المباني الثلاثة، وهي النقطة الأكثر تحصينا في السجن، توجد فيها الغرف الأرضية والسجون الانفرادية، وفيها كذلك حراسات على مدار الساعة لمراقبة المساجين ومنعهم من مشاهدة أي ملمح من ملامح بناء السجن أو وجوه السجّانين، وفق "الجزيرة نت".
كان كشف تقرير صدر عن رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا عن 3 مستويات تمر بها المنظومة الأمنية للسجن، إذ تعتبر الشرطة العسكرية (الفرقة الثالثة للجيش السوري) هي خط الدفاع الأول لحماية الجدران الخارجية من التهديدات الأمنية ومنع هروب المعتقلين.
كما تتولى وحدات من اللواء 21 التابع للفرقة الثالثة تأمين الجزء الداخلي من السجن ومراقبة وتأديب المعتقلين، ويحيط بالسجن حقلا ألغام، داخلي وخارجي، أحدهما مضاد للأفراد والآخر مضاد للدبابات، وتوجد أيضا وحدة معينة مختصة بمراقبة الاتصالات الأرضية واللاسلكية الواردة إلى السجن والصادرة منه، إضافة إلى جميع الاتصالات اللاسلكية القريبة.
كان سائدا أن يفرز المعتقلون داخل أقسام سجن صيدنايا حسب التهم السياسية الموجهة إليهم، فكان يضم معتقلي جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي وحركة التوحيد الطرابلسية، كما ضم السجن معتقلين لبنانيين من أطراف عدة غير موالية لسوريا، وفلسطينيين متهمين بأن لهم علاقة جيدة مع المعارضة السورية، ومعتقلين شيوعيين ومن الأحزاب الكردية على اختلافها، إضافة إلى بعض العسكريين السوريين.
بدأ سجن صيدنايا منذ غزو العراق عام 2003 باستيعاب المتطوعين العرب العائدين من القتال في العراق وأعضاء تنظيم القاعدة، وضم كذلك أشخاصا من تيار "السلفية الجهادية" والتنظيمات الإسلامية الصغيرة غير المعروفة، إضافة إلى الفارين من أحداث مخيم نهر البارد في لبنان، وشيئا فشيئا تحول إلى "سجن للجهاديين" بسبب ارتفاع أعداد المعتقلين العائدين منهم من العراق.