
واشنطن تستعد لتقليص قواتها في سوريا إلى النصف
كشفت وكالة “رويترز”، نقلاً عن مسؤولَين أميركيَّين، أن وزارة الدفاع الأميركية تستعد لتقليص عدد قواتها في سوريا خلال الأسابيع والأشهر القادمة، ضمن خطة لإعادة هيكلة الوجود العسكري الأميركي في البلاد.
ويبلغ حالياً عدد الجنود الأميركيين في سوريا نحو 2000 جندي موزعين على قواعد متعددة، خاصة في شمال شرق البلاد.
ووفقاً لأحد المسؤولين الذين تحدّثوا بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن التقليص قد يخفض عدد الجنود إلى نحو 1000 فقط، بينما أبدى مسؤول آخر تشكّكه في أن يتم التخفيض بهذه النسبة الكبيرة، خاصة في ظل التصعيد المتزايد مع إيران والجهود الأميركية لردعها.
إدارة ترمب تُوازن بين تقليص الانتشار والتصعيد مع إيران
يأتي الحديث عن خفض القوات وسط إرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية ضخمة إلى الشرق الأوسط، شملت قاذفات “بي-2”، وسفن حربية، ومنظومات دفاع جوي، في ظل تصاعد التوتر مع إيران.
وكان الرئيس دونالد ترمب قد صرّح مؤخرًا بأن إيران تُماطل في التوصل لاتفاق نووي، محذرًا من ضربة عسكرية محتملة إذا لم تتخلّ طهران عن طموحاتها النووية.
وفي الوقت ذاته، يجري وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسث مراجعة شاملة للانتشار العسكري الأميركي حول العالم، مما يجعل من خطة تقليص القوات في سوريا جزءاً من هذه المراجعة الأوسع.
موقف واشنطن من الحكومة السورية الجديدة
تشير “رويترز” إلى أن إدارة ترمب لا تزال مترددة في الانخراط الكامل مع الحكومة السورية الجديدة التي تشكلت عقب الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.
ورغم أن واشنطن سلّمت دمشق في مارس الماضي قائمة شروط مقابل تخفيف العقوبات، فإنها لم تُظهر انفتاحاً حقيقياً على الحكومة الجديدة، وسط خلافات داخل البيت الأبيض.
ويرى بعض المسؤولين أن الروابط السابقة لقيادات الحكومة السورية الحالية مع تنظيمات جهادية تبرّر الحفاظ على موقف حذر ومحدود في التعامل معها.
اتفاق دمشق – قسد وملف الاستقرار
وكانت “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من واشنطن وقّعت اتفاقاً مع دمشق في مارس الماضي لدمج المؤسسات الأمنية والمدنية الكردية ضمن إدارة الدولة السورية، في خطوة تمثل بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار النسبي شمال شرق البلاد.
ويُعد هذا الاتفاق تحوّلاً مهماً في العلاقة بين الإدارة الذاتية الكردية والحكومة المركزية، ويعكس أيضاً اتجاهاً لدى الحكومة السورية الجديدة للانفتاح على القوى الفاعلة محلياً لضمان وحدة البلاد.
تقليص القوات قد يعيد ترتيب خارطة النفوذ
توقّع مراقبون أن يؤدي أي انسحاب أميركي جزئي من سوريا إلى إعادة رسم خريطة التوازنات العسكرية، خاصة في المناطق الخاضعة لـ “قسد” المدعومة أميركيًا. وقد تستفيد كل من موسكو وطهران من هذا الفراغ النسبي لتوسيع نفوذهما، ما لم يتم ضبطه عبر تفاهمات أوسع.
وفي المقابل، ترى مصادر دبلوماسية أن واشنطن قد تستخدم هذا التقليص لإعادة ترتيب انتشارها في المنطقة بدلًا من الانسحاب الكامل، مع التركيز على تعزيز الشراكات الأمنية عبر دعم غير مباشر.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه سوريا انفتاحاً دبلوماسيًا تدريجيًا من دول الخليج، أبرزها السعودية وقطر والإمارات، وسط جهود دولية لإعادة الإعمار وتخفيف العقوبات المشروطة، خاصة بعد إعلان مشاركة وفد سوري رسمي في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد.