
"نزيفُ مقبرة" .. رواية تحكي أوجاع ذوي الشهداء وتجسد معاناة الفقد التي يكابدها الشعب السوري
تحدث الكاتب السوري "حسن الموسى"، عن محتوى روايته "نزيفُ مقبرة"، تزامناً مع تحديد موعد حفل توقيع الرواية اليوم الخميس، في مدينة الريحانية التركية، وذلك عقب أن رأت النور في مارس الفائت، وتحكي عن تفاصيل خفية حول ذوي شهداء الثورة السورية.
وأشار الكاتب في حديثه إلى شبكة "شام" إلى أن الرواية تسلط الضوء على جوانب ووقائع لم يتمكّن السوريون من رصدها عبر أخبار وتقارير وسائل الإعلام ولا إحصاءات نشرات الأخبار وتقارير المراسلين الذين يرصدون الحدث لحظة وقوعه".
وأضاف "الموسى" إلى أن "مّما لا شك فيه أن وسائلَ الإعلامِ تستطيع أن تصور حركة المعارك بطياراتها ودباباتها وبراميلها، يمكنها أن ترسم تناثر الأشلاء ونزفَ دماء المصابين، تستطيع تصوير قبورَ الشهداء وتوثيق أسمائهم، ولكنها من المستحيل أن تستطيع تصوير نزف تلك المقابر، ذلك النزف الذي لن يتوقف في قلوب أهل الضحايا الأبرياء وعيونهم وعقولهم"
وكشف أن الرواية التي خطها ضمن 140 صفحة جرى تقسيمها على 4 فصول تحمل العناوين: "أيام زالت وما زالت"، و"لا وقت للانتظار"، و"كلنا ضحايا "، و"وما زال النزف مستمراً"، وقال: "سنقرأ في تلك الفصول عن الضحايا "اللامرئيين" أولئك الذين لم تعترف بهم الأرقام الرسمية، لعجزها عن رؤيتهم".
واستطرد بقوله: "على الرغم من أنهم يمثلون الضحية الأعظم، والمصاب الأكبر بالنسبة لسوريا المقبلة بعد الثورة، وعن قلوب الأطفال التي اقتلعت وجُرّت وراء توابيت آبائهم وأمهاتهم وإخوتهم، على الرغم من بقائها ظاهرياً في صدورهم".
وذكر الكاتب السوري، "سنقرأ عن "ثائر" الذي رأى بعينه مقتل أبيه، لكن قلبه الطريّ كان عصيّاً على تصديق ما رأى، فتابع حياته مرغماً على اليتم، ماضياً في دروب تترامى على حافة الجنون، كما أننا سنتغلغل في تفاصيل عقول الثكالى والأيامى، وكوابيسهن ودمعة عيونهن على وسائد آخر الليل".
وتتناول الرواية تفاصيل حياة أسرتين سوريتين من منطقتين مختلفتين، وحدت الحرب الطاحنة بين مصيريهما ومكابداتهما؛ لتجعل منهما نموذجاً عاماً للشعب السوري، ومصابه الجلل، ولترصد بذلك تداعيات الثورة عليه، متابعة مشاهد الحرب التي سلبت السوري كلّ شيء حتى زيارة قبور أهله وربما مساحة قبر تؤوي جثته.
ولفت إلى أن الأسرة الأولى خرجت من أحياء حمص المحاصرة والواقعة تحت رحمة القصف، لتعود إلى قريتها في ريف حماة، لكنها لم تدخل تلك القرية وآثرت البحث عن مناطق آمنة خارج الحدود السورية كلها.
في حين لم تسر الأمور كما رغبت الأسرة، حيث قُتل طفلها "خلدون" وفُقد أبوه وأخوه في أثناء ذهابهما لتسلم جوازات السفر بالقرب من حواجز النظام، لتنزح تارة أخرى إلى ريف إدلب بالقرب من مدينة كفرنبل.
أما الأسرة الثانية تنحدر من قرية بالقرب من معرة النعمان، التقيت مصادفة مع الأسرة الأولى، ونزحا مجدداً إلى المخيمات القريبة من الحدود التركية، حيث تمكن أفراد الأسرة الأولى من دخول الأراضي التركية (مدينة الريحانية)، لكنهم لم يلبثوا أن عادوا إلى سوريا لزيارة قبر ابنهم خلدون، ولعلهم يأتون بخبر عن والدهم المفقود.
وبينما أفراد العائلة الثانية لم يرغبوا في البقاء بعيداً عن قبر أبيهم، ولحرصهم على الحالة النفسية لابنهم "ثائر"، الذي يصرّ على زيارة أبيه لـ "إخراجه من القبر"، الأب الذي ظل يزوره في المنام ليقول له إنه لم يمت وبحاجة لمشفى مثل ابن عمه المصاب "عمر".
واختتم بقوله "سنقرأ عن الضحية الأعظم التي ماتت مع وقف التنفيذ؛ الأمهات والأطفال وهم المخزون الأهم لمستقبل الوطن، وهم مَن ارتكب النظام بحقهم أعظم جرائمه التي يندى لها جبين الإنسانية وباختصار رواية نزيف مقبرة هي مثال يؤكد صحة المثل الشعبي القائل ”وما خفي كان أعظم".
ومن المقرر أن يكون توقيع رواية "نزيف مقبرة"، في مدينة الريحانية التركية اليوم الخميس في مكتبة بيبرس، بعد توجيه دعوات لحضور الفعالية، على أن تتوفر الرواية قريباً في المكتبات العربية بعموم تركيا والداخل السوري.
وسبق أن تحدث "حسن الموسى"، عن تفاصيل كتاب "ولدت مرتين" مع استغراق مراحل إنجازه سنة وشهرين حيث انتهى في نيسان/ أبريل عام 2018، ويرصد الحكايا التي عاناها وشاهدها وتفاصيل تداعيات الحرب على الناس البسطاء، ليصار إلى نشره في بداية باللغة الإنكليزية ومن ثم الألمانية وبعدها العربية اللغة الأصلية للكتاب.
ولفت حينها إلى أن التفاعل الذي حظي به كتابه دفعه للكتابة مجدداً وبات على وشك الانتهاء من الخطوات النهائية التي سيولد منها رواية عن "الضحايا غير المرئيين"، لأهداف تتشابه مع كتابه الأول، لتوثيق حكايا المكلومين والمتألمين الذي قرر عودة ريعه الكتاب لأيتام سوريين مع عمله في منظمة خيرية غير ربحية.
و"حسن الموسى" هو ناشط إنساني سوري بدأ عمله الإنساني في عام 2012، عندما كان في السابعة عشرة من عمره، من خلال تأسيس فريق متطوع لتقديم المساعدة للاجئين، ويأمل اليوم المساعدة على إيجاد حلول تكنولوجية مبتكرة لتحسين وتطوير العمل الإنساني.
ويأتي ذلك في وقت أخذ كُتّاب وناشطي الثورة السورية على عاتقهم مسؤولية توثيق الأحداث والوقائع وما تضمنته من أوجاع وآلام كابدها الشعب السوري ناتجة عن تداعيات الحرب التي شنها نظام الأسد ضده، وتمثل ذلك في العديد من الكتب والروايات والأفلام الوثائقية، وصدرت العديد منها ووصلت إلى العالمية ضمن أعمال مهنية متقنة تجسد آلام الشعب السوري وتؤكد على طموحاته بنيل حقوقه.