
منظمات تحذر من "عودة قسرية مقنّعة".. تصاعد الانتهاكات في لبنان مع بدء خطة إعادة اللاجئين السوريين
يتزامن تنفيذ خطة الحكومة اللبنانية لإعادة اللاجئين السوريين مع تصاعد حاد في الانتهاكات والضغوط الممنهجة التي تطالهم في مختلف المناطق اللبنانية، وفق ما حذرت منه منظمات حقوقية في بيان مشترك صدر اليوم الخميس.
وأفاد البيان، الذي وقّعت عليه 20 منظمة ومجموعة مدنية من بينها "مركز وصول لحقوق الإنسان" و"المركز السوري للإعلام وحرية التعبير"، أن السلطات اللبنانية شرعت منذ مطلع تموز/يوليو في تنفيذ ما وصفته بـ"خطة العودة"، وسط بيئة قانونية وأمنية تفتقر لأدنى ضمانات الحماية، مما يثير مخاوف من ترحيل قسري منظم يتعارض مع المبادئ الدولية.
وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان رسمي عن خطة لإعادة اللاجئين بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تضمنت برنامجين للعودة أحدهما "ذاتي التنظيم" يمنح كل عائد منحة مالية لمرة واحدة بقيمة 100 دولار، والثاني "منظّم" يقدم دعمًا لوجستيًا عبر التنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة.
لكن بحسب البيان الحقوقي، فإن هذه الخطة لا تنفصل عن حملة ممنهجة من التضييق، شملت قرارات إخلاء قسري، وقيودًا على الإقامة، ومداهمات أمنية، واعتقالات جماعية، فضلاً عن تصاعد الخطاب العنصري المعادي للاجئين، في بيئة توصف بأنها "عدائية" ولا تتيح اتخاذ قرار طوعي فعلي بالعودة.
وأشار مركز ACHR إلى تنفيذ 13 مداهمة أمنية خلال النصف الأول من تموز فقط، أسفرت عن اعتقال أكثر من 666 لاجئًا، بعضهم من المسجلين رسميًا لدى مفوضية اللاجئين، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة للكرامة والخصوصية، واستخدام القوة بحق النساء والأطفال.
وفي ظل غياب الشفافية حول آليات تنفيذ خطة العودة، وعدم توفر تقييم مستقل لمخاطرها، اعتبرت المنظمات الموقعة أن هذه الإجراءات "تخفي طابعًا قسريًا" تحت غطاء الإغاثة الإنسانية، محذرة من تعريض اللاجئين لخطر الانتهاكات الجسيمة بعد العودة، خاصة في ظل استمرار التهديدات الأمنية في مناطق واسعة داخل سوريا.
وأكدت المنظمات أن نحو 88% من اللاجئين السوريين الذين شملهم استطلاع أجرته لم يعبروا عن رغبتهم في العودة، ما يشير إلى فقدان الخطة لعنصر "الطوعية" المنصوص عليه في القانون الدولي، مطالبة بوقف الإجراءات القسرية فورًا وفتح حوار جاد مع الجهات الأممية.
ودعت المنظمات المجتمع الدولي إلى عدم الاكتفاء بتمويل خطة العودة، بل التركيز على ضمان حماية اللاجئين في أماكن وجودهم، وزيادة الدعم الإنساني للبنان دون السماح بتحويل ملف اللاجئين إلى أداة للضغط السياسي أو الاقتصادي.
كما طالبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإعادة التأكيد على موقفها بعدم تشجيع العودة الواسعة في الوقت الراهن، وضرورة التزامها الصارم بمبادئ الحماية الدولية، لضمان عدم تسويق خطة العودة بوصفها خيارًا إنسانيًا بينما تُمارَس في الواقع ضمن ظروف قسرية.
وفي ختام البيان، شددت المنظمات على أن "عودة اللاجئين يجب أن تكون طوعية، آمنة، وكريمة، وليست ثمرة لضغوط سياسية أو أمنية"، محذرة من مغبة المضي في تنفيذ الخطة الحالية دون توفير ضمانات كافية لحماية اللاجئين من خطر الانتهاكات والملاحقة بعد عودتهم إلى سوريا.