صورة
صورة
● أخبار سورية ٢٩ أبريل ٢٠٢٥

من جرمانا إلى إدلب.. حقوقيون يحذرون من تصاعد خطابات التحريض وإذكاء الفتن

حذر حقوقيون ونشطاء سوريون من خطورة تصاعد خطابات التحريض والكراهية التي ترافق بعض الأحداث الأمنية في البلاد، معتبرين أن هذه الخطابات تمثل تهديداً جدياً للسلم الأهلي، وتفتح الطريق أمام جرائم جديدة تحت ذرائع طائفية أو مناطقية.

وقالت نور الخطيب، مسؤولة قسم التوثيق في "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن موجات التحريض التي تتكرر من الساحل السوري إلى مدينة جرمانا ليست أحداثاً طارئة، بل تشكل تهديداً ممنهجاً للنسيج المجتمعي. وأكدت الخطيب أن "كل خطاب يدعو للكراهية أو الانتقام هو بمثابة تمهيد مسبق لجريمة قادمة، وغطاء لدماء قد تسفك باسم الهوية أو الانتماء".

وأضافت أن الدولة تتحمل مسؤولية مباشرة لا تحتمل التهاون في ضبط المحرضين ومعاقبتهم، داعية إلى سنّ قانون واضح يُجرم التحريض بكافة أشكاله، ويحمل المحرضين المسؤولية الجنائية الكاملة، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب يؤدي حتماً إلى تكرار المأساة وسفك المزيد من الدماء التي كان يمكن حمايتها.

"عيون الخوف" في جرمانا
بدوره، أشار عمر منيب إدلبي، الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، إلى مشاهد الرعب التي عايشها المدنيون في مدينة جرمانا. وقال: "إن الرعب الذي رأيته اليوم في عيون الناس، من مختلف الطوائف، يجعلك تكفر بكل العصبيات"، مؤكداً أن هؤلاء المدنيين الأبرياء لا علاقة لهم بتسجيل مسيء أو بمحرضين ينشرون الفتنة، كما أن أي رد دموي لا يبرره منطق ديني ولا أخلاقي، بل يسيء إلى صورة الدولة وقادتها.

وانتقد إدلبي بشدة التفاهمات التي سمحت ببقاء أسلحة بيد مجموعات مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة، مشدداً على أن بناء الثقة بين المواطن والدولة هو حجر الأساس في استقرار الوطن، وأن من يفرط بهذا الأساس "خائن لأمانته"، حسب وصفه.

تحذيرات من الزج بإدلب وأبنائها في النزاعات
وفي السياق ذاته، عبّر الناشط الإعلامي "أحمد نور الرسلان" عن استنكاره لزج محافظة إدلب وأبنائها في كل حدث أمني يجري على الساحة السورية. وقال إن "الدعوات التي انتشرت على بعض مجموعات التواصل، والتي تدعو أبناء إدلب للتوجه إلى جرمانا تحت شعار (النفير)، أمر بالغ الخطورة ومرفوض بشكل قاطع".

وأكد الرسلان أن إدلب وأبناءها يحملون تاريخاً مشرفاً في الثورة السورية، ولا يجب الزج بهم في صراعات داخلية تفرق بين السوريين. ودعا إلى ضرورة تحرك الجهات الرسمية لملاحقة مثيري هذه الدعوات المشبوهة، محذراً من أن تكرار تحميل إدلب مسؤولية أي حدث يهدد بخلق عداوات لن تزول لعقود.

وختم بالقول: "لا تجعلوا إدلب فزاعة أو أداة لتصفية الحسابات. كفى تسويقاً أعمى وتشويهاً متعمداً بحق أبنائها"، مطالباً بترك مؤسسات الدولة تقوم بدورها في التعامل مع أي حدث وفق الأطر القانونية.

وزارة الداخلية تؤكد استقرار الأوضاع في جرمانا وملاحقة الفاعلين: لا تساهل مع مثيري الفتنة
وكان أصدر المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية السورية بياناً رسمياً حول الأحداث التي شهدتها منطقة جرمانا مؤخراً، وذلك على خلفية انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءة لمقام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وما تبعه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح البيان أن منطقة جرمانا شهدت اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة، بعضها من داخل المنطقة وبعضها الآخر من خارجها، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة.

وأكدت الوزارة أن وحدات من قوى الأمن العام، مدعومة بقوات من وزارة الدفاع، توجهت إلى المنطقة لفض الاشتباكات وتأمين الحماية للأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي، مشيرة إلى أنه تم فرض طوق أمني لمنع تكرار مثل هذه الحوادث وضمان استقرار الوضع.

وشدد البيان على أن وزارة الداخلية حريصة على ملاحقة جميع المتورطين ومحاسبتهم وفقاً للقانون، مؤكدة استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء ومحاسبته، إلى جانب ملاحقة كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار المجتمعي، وختمت الوزارة بيانها بالتأكيد على عدم التساهل مع أي طرف يهدد الأمن والسلم الأهلي، والتعهد بتقديم جميع المتورطين إلى العدالة.


وشهدت مدينة جرمانا بريف دمشق ليلة دامية، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن عنصرين من قوات الأمن العام وخمسة من أبناء المدينة المسلحين، إلى جانب عدد من المهاجمين، في اشتباكات اندلعت عقب انتشار تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، ما فجّر موجة غضب شعبي واسع واحتقاناً طائفياً في أكثر من منطقة سورية.

وبحسب مصادر أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بعدما حاولت مجموعات مسلحة، بعضها قدم من خارج المدينة، اقتحام جرمانا من عدة محاور، أبرزها حاجز النسيم ومحيط مبنى أمن الدولة، مدججة بأسلحة خفيفة ومتوسطة، وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ