
"ماهر الشرع" يظهر للمرة الأولى بصفته أمينًا عامًا لرئاسة الجمهورية السورية
في أول ظهور علني له بعد تعيينه، شارك الدكتور ماهر الشرع، شقيق الرئيس السوري أحمد الشرع، في استقبال رسمي لرئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، حميد الشطري، في قصر الشعب بدمشق يوم الجمعة 25 نيسان/أبريل 2025. هذه الإطلالة الأولى لماهر الشرع أثارت موجة نقاش واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية في سوريا الجديدة.
ورغم امتناع الإعلام الرسمي السوري عن نشر صور شاملة للاستقبال، إلا أن وسائل الإعلام العراقية المرافقة للوفد كشفت صور اللقاء، حيث ظهر ماهر الشرع واقفًا خلف شقيقه الرئيس خلال مراسم الاستقبال الرسمية، مؤكداً على موقعه الجديد في هرم الدولة.
تعيين أثار جدلاً في الشارع السوري
أثار قرار تعيين ماهر الشرع أمينًا عامًا لرئاسة الجمهورية خلفًا لعبد الرحمن سلامة، الذي كُلّف بمسؤوليات جديدة في محافظة حلب، ردود فعل متباينة. فبينما اعتبر البعض أن الخطوة تحمل مؤشرات مقلقة على احتمالات عودة عقلية "المحاصصة العائلية"، رأى آخرون أنها تستند إلى معايير الثقة الضرورية في مرحلة دقيقة تمر بها سوريا.
وكان ماهر الشرع قد تولى سابقاً منصب وزير الصحة بالوكالة في الحكومة الانتقالية، إضافة إلى عمله مستشارًا صحياً في مستشفيات الشمال السوري، وهو يحمل دكتوراه في العلوم الطبية ودبلومًا في إدارة النظم الصحية.
الأمانة العامة للرئاسة.. موقع حساس ومهام استراتيجية
بحسب مصادر مطلعة، تشكل الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية مركزًا إداريًا بالغ الأهمية، من أبرز مهامه (تنظيم جدول أعمال الرئيس والزيارات والمراسلات - صياغة مشاريع المراسيم والقرارات ومتابعة تنفيذها - التنسيق بين الرئاسة ومؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك الحكومة والبرلمان والأجهزة الأمنية - إعداد تقارير استراتيجية تغطي الوضعين السياسي والاقتصادي - الإشراف على البروتوكولات والفعاليات الرسمية).
هذه الصلاحيات تعكس حجم الدور الحساس للأمانة العامة، ما يفسر الجدل الذي أثير حول تعيين قريب للرئيس في هذا الموقع المفصلي.
من فورونيج إلى قصر الشعب.. مسيرة ماهر الشرع
كشفت وسائل إعلام روسية جوانب من السيرة الذاتية لماهر الشرع، المولود عام 1973، الذي قضى سنوات طويلة في مدينة فورونيج الروسية، حيث نال شهاداته الجامعية والعليا في الطب، وتخصص في أمراض النساء والتوليد. عمل بين سوريا وروسيا في المجال الطبي، ونال تقييمات إيجابية من مرضاه خلال فترة عمله هناك.
ماهر الشرع متزوج من سيدة روسية تحمل الجنسية السورية وله ثلاثة أبناء، وانتقل إلى تركيا عام 2022 قبل أن يعود إلى الانخراط بالحياة العامة السورية بعد سقوط النظام السابق.
جدل بين التخوفات والتبريرات
التعيين أعاد إلى الواجهة تساؤلات حول مدى التزام سوريا الجديدة بمبدأ الفصل بين الروابط العائلية وإدارة الدولة. فقد حذر ناشطون سياسيون من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تقويض ثقة الشارع بالمؤسسات الناشئة. كما عبّر حقوقيون عن قلقهم من تكريس نفوذ العائلة، في تناقض مع مبادئ الثورة السورية التي قامت على رفض التوريث والمحسوبية.
في المقابل، اعتبر آخرون أن المرحلة الانتقالية تتطلب أشخاصاً يحظون بثقة مطلقة من القيادة، مؤكدين أن المنصب لا يمنح صاحبه بالضرورة سلطة مطلقة، بل يشكل قناة لتسهيل عمل الدولة في ظرف استثنائي.
لحظة اختبار للثقة العامة
في خضم هذا السجال، تبدو سوريا الجديدة أمام اختبار حقيقي: هل ستنجح في بناء مؤسسات شفافة تضع الكفاءة فوق الاعتبارات الشخصية؟ أم أن حسابات الولاء والثقة ستظل تحكم القرارات المصيرية؟
وفي كل الأحوال، يبقى الشارع السوري يراقب ويترقب، واضعاً نصب عينيه أن المرحلة القادمة يجب أن تبرهن أن سوريا ما بعد الأسد مختلفة جذرياً عن ما سبقها، ليس بالشعارات فقط، بل بالممارسات أيضاً.