
ما بعد السقوط: "المتحري" يوثّق أبشع جرائم نظام الأسد في سوريا
في شهادة صادمة ومحمّلة بالمشاعر، كشف الصحفي الاستقصائي جمال المليكي، مقدم برنامج "المتحري" على شاشة الجزيرة، عن تفاصيل رحلته الصحفية إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكدًا أن ما رآه على الأرض تجاوز كل تصور، ووثّق بشهادته ما وصف بأنه "أبشع ما ارتُكب من فظائع في تاريخ الدولة الحديثة".
وأطلّ المليكي في حلقة جديدة من بودكاست "مشارق" الذي تبثه شبكة الجزيرة عبر منصتي "أثير" و"الجزيرة 360"، ليسرد وقائع ميدانية حول صناعة الموت الممنهج التي مارستها أجهزة النظام البائد بحق السوريين لعقود، واصفًا الجرائم بأنها ليست فقط موثقة بالأدلة، بل محفورة على جدران البيوت، وفي ملامح من بقي على قيد الحياة.
وأشار المليكي إلى أن القصص في سوريا لا تحتاج من الصحفي إلى البحث عنها، بل هي التي تلاحقه في كل شارع وزاوية، من صور المفقودين التي تغطي جدران المدن إلى نظرات الأطفال في مراكز الرعاية، مؤكّدًا أن الرعب الذي زرعه النظام لا يزال يُخيم على الأمكنة حتى بعد سقوطه، بفعل حجم الجرائم المتراكمة.
وأوضح أن مهمته الاستقصائية لم تكن مجرد بحث عن أدلة، بل كانت مواجهة مباشرة مع تاريخ من الألم الإنساني والانتهاك الممنهج، جعلت من سوريا "أرشيفًا مفتوحًا للفظائع التي لا تغتفر"، مشددًا على أن كثيرًا مما شاهده لن يُمحى من ذاكرته، وأن واجب الصحفي في هذه اللحظة يتجاوز المهنة ليكون صوتًا للعدالة.
ويأتي توثيق هذه الانتهاكات في ظل سعي مؤسسات العدالة الانتقالية في سوريا إلى كشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت، خاصة أن شهادات ميدانية من صحفيين مستقلين مثل المليكي، تعزز من حجم الأدلة المتوفرة عن فظائع القتل والتعذيب والاختفاء القسري الذي مارسه نظام الأسد البائد بحق آلاف المدنيين.
تجدر الإشارة إلى أن برنامج "المتحري" يُعد من أبرز البرامج الاستقصائية في العالم العربي، ويُعنى بكشف خفايا الانتهاكات وملفات الفساد، فيما يواصل الصحفي جمال المليكي العمل على توثيق جرائم الحرب، خاصة في بؤر الصراع، لتبقى الحقيقة حاضرة مهما طال الزمن.