
لم تهزم الغوطة الشرقية ... بل صمدت سبع سنوات
لم يكن ماوصلت إليه التطورات الميدانية الأخيرة في الغوطة الشرقية من تقدم للنظام وروسيا وإيران والوصول إلى فرض اتفاقيات التهجير القسري بمفاجئ للمحللين العسكريين، كونهم لم يتوقعوا أن تصمد الغوطة الشرقية طيلة هذه المدة من السنوات في وجه كل ألة القتل التي استخدمت ضدها.
للعام الخامس على التوالي يحاصر نظام الأسد وحلفائه أكثر من 350 ألف مدني في غوطة دمشق الشرقية، كابدو الموت جوعاً وقصفاً منذ سنوات على مرأى ومسمع العالم أجمع، والذي لم يحرك ساكناً لتخفيف الحصار عن المدنيين لا ذنب لهم إلا أنهم ثاروا على نظام استبد بهم، فكان رد الأسد بسياسة الجوع أو الركوع من خلال الحصار الجائر والذي لم يكسر عزيمتهم خلال خمس سنوات مضت.
استخدمت قوات الأسد وحلفائها طيلة خمس سنوات مضت من الحصار المفروض شتى أنواع القذائف والصواريخ وألوان متعددة من الموت الذي حملته طائراتهم ومدافعهم وبنادق جنودهم، بالإضافة لاستخدام السلاح الكيماوي المحرم دولياً والذي أوقع أكبر مجزرة في تاريخ الثورة السورية المعروفة بمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية، وكل هذا لم يكسر إرادة أهالي الغوطة في البقاء والصمود.
بالإضافة للقصف الذي لم يتوقف بحملات مستمرة واجه ثوار الغوطة الشرقية عشرات الميليشيات والفرق العسكرية لاسيما الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والتي حاولت لأشهر طويلة التقدم على حساب ثوارها على جبهات حي جوبر وعين ترما وحرستا، تكبدت فيها مئات القتلى والجرحى، وابتعلت أرض الغوطة الشرقية عشرات الضباط والدبابات، وكسرت شوكة أعتى الجيوش.
بعد كل هذه السنوات من الصمود والثبات رغم كل ماواجهه مدنيوها وثوارها من جور وحرمان وموت دائم، لايمكن القول أنهم اليوم خسروا الحرب بل انتصروا لخمس سنوات وتحملوا كل الموت، حتى اضطر الأسد لجمع كل جيوش الأرض ليقسم أرضهم ويضيق الحصار عليهم أكثر، فكان خيار الخروج منها صعباً له الوقع الكبير في نفوسهم ولكنه خيار الصابرين الصامدين المؤمنين بالعودة فاتحين.
واجه أبناء الغوطة الشرقية بشبابها وصغارها ورجالها ونسائها كل ميليشيات الأرض من مختلف الجنسيات، وأعتى سلاح تدميري روسي ودبابات وراجمات تستخدم لأول مرة في قصف الغوطة الشرقية، وعاشت الأشهر الأخيرة جحيم الموت المتواصل، ورغم ذلك ترى الصمود والثبات هو حديث أهلها ومدنييها الرافضين للانكسار.
دافعت الغوطة الشرقية عن نفسها بصدور أبنائها وأشلاء أطفالها، بعد خمس سنوات من الحصار لم يدخل إليها أي سلاح أو عتاد أو ذخائر ورغم ذلك صمدت، رغم كل الموت وكل الدمار وكل الجوع والقصف المتواصل، فإن الغوطة الشرقية كعين قاومت المخرز وأزهلت المحللين العسكريين الذين توقعوا سقوطاً مدوياً لها منذ سنوات، إذ ليس بمقدور شعب تحمل كل هذه المعاناة لسنوات خمس كما تحملت الغوطة الشرقية.