
لليوم الحادي عشر.. المعتقلون السوريون يواصلون إضرابهم عن الطعام في سجون لبنان
يواصل المعتقلون السوريون في سجون لبنان إضرابهم عن الطعام، لليوم الحادي عشر على التوالي، في ظل استمرار مطالبهم التي لم تلق أي استجابة رسمية حتى الآن، وقد شهدت حركة الإضراب توسعًا داخل سجن رومية، بانضمام عدد من المعتقلين الجدد إلى هذا التحرك الاحتجاجي.
وقالت "نور الخطيب" مسؤولة قسم الاعتقال والإخفاء القسري في "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إن هذا الإضراب يشكل فرصة حقيقية أمام الحكومة الانتقالية السورية لإثبات التزامها بحقوق المعتقلين السوريين، ولتؤكد للعالم أن هناك دولة سورية تقف بجانب مواطنيها وتحميهم من الظلم أينما كانوا. وفي الوقت ذاته، يضغط الوقت على حياة المضربين، حيث أن كل يوم يمر دون استجابة يعرض حياة المعتقلين لمزيد من الخطر والمخاطر الصحية.
شبكة حقوقية تدعو الحكومتين السورية واللبنانية لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان
وسبق أن أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً، دعت فيه الحكومتين السورية واللبنانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان، حيث يقدر عدد المحتجزين بحوالي 2000 شخص، من بينهم نحو 190 معتقلاً على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية.
وأعلن عدد من المعتقلين السوريين في سجن رومية اللبناني دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام اعتباراً من 11 شباط/فبراير 2025، احتجاجاً على ظروف احتجازهم القاسية، ومطالبةً بترحيلهم إلى سوريا. يأتي هذا الإضراب في سياق التدهور المستمر للأوضاع الإنسانية داخل السجون اللبنانية، حيث يواجه المعتقلون السوريون انتهاكات متواصلة لحقوقهم الأساسية، إضافة إلى احتجازهم التعسفي لسنوات دون استجابة رسمية لمطالبهم.
وأشار البيان إلى أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان حصلت على شهادات من معتقلين وذويهم تؤكد أنَّ العديد من المضربين عن الطعام يعانون من تدهور صحي خطير، رغم تلقيهم بعض العلاجات داخل السجن. ومع ذلك، فإنَّ أوضاعهم الصحية والإنسانية تبقى شديدة السوء بسبب الظروف القاسية للاحتجاز، ونقص الرعاية الطبية المناسبة.
ووفقاً لما جاء في البيان، فإنَّ عدد المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية يُقدَّر بحوالي 2000 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 190 معتقلاً احتُجزوا بسبب مشاركتهم في الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية في سوريا، ومن ضمنهم منشقون عن قوات النظام السابق ولاجئون. ورغم مرور سنوات على احتجازهم، لم تُوفر لهم محاكمات عادلة، في ظل غياب الضمانات القانونية التي تكفل حقوقهم الأساسية.
وأكد البيان أنَّ المعتقلين السوريين، خصوصاً في سجن رومية، يتعرضون لظروف احتجاز غير إنسانية، تشمل الاكتظاظ الشديد، وانعدام الرعاية الصحية والغذائية، وانتشار الأمراض المعدية، بالإضافة إلى حرمانهم من التواصل مع ذويهم. كما خضع العديد منهم لمحاكمات غير عادلة أمام المحاكم العسكرية اللبنانية أو قضاة التحقيق العسكريين، استناداً إلى اعترافات انتُزعت منهم تحت التعذيب والتهديد، وتم توجيه تهم الإرهاب إليهم بناءً على هذه الاعترافات، ما أدى إلى إصدار أحكام قاسية بالسجن لسنوات طويلة، أو إبقائهم في الحبس الاحتياطي دون تحديد مدة زمنية واضحة.
وأشار البيان إلى أنَّ سجن رومية شهد في السنوات الماضية سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات التي نفذها المعتقلون السوريون، للمطالبة بتحسين ظروف احتجازهم أو تسريع محاكماتهم، إلا أنَّ معظم هذه التحركات لم تلقَ أي استجابة رسمية، ما أدى إلى تفاقم أوضاعهم عاماً بعد عام.
ففي عام 2020، خلال جائحة كورونا، طالب المعتقلون بالإفراج عنهم بسبب تفشي الفيروس داخل السجن وانعدام الرعاية الطبية، ما أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بينهم. كما شهد عامي 2019 و2022 احتجاجات مماثلة، كان أبرزها اعتراض المعتقلين على الإهمال الطبي، الذي أدى إلى وفاة عدد منهم. وفي 2024، أقدم عدد من المعتقلين في سجن رومية على محاولات انتحار نتيجة التدهور الحاد في أوضاعهم النفسية وشعورهم باليأس، في ظل غياب أي حلول جادة لقضيتهم.
وأوضح البيان أنَّ تسليم المعتقلين السوريين في لبنان يخضع لاتفاقيات قانونية ثنائية بين البلدين، أبرزها الاتفاقية القضائية لعام 1951، التي تنظم التعاون القانوني في تسليم المطلوبين وتنفيذ الأحكام القضائية.
وتنص الاتفاقية القضائية لعام 1951 بين لبنان وسوريا على مجموعة من الشروط الواجب توافرها لتسليم السجناء، والتي تشمل، أن يكون الشخص المطلوب للتسليم من رعايا الدولة التي تطلب استرداده، وأن يكون الحكم الصادر بحقه نهائياً ومبرماً، وألا تقل المدة المتبقية من العقوبة عن ستة أشهر، وموافقة المحكوم عليه على نقله، وأن تكون الجريمة المرتكبة معاقباً عليها في قوانين كلا الدولتين، وموافقة الدولتين على تنفيذ عملية النقل.
وأشار البيان إلى أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت خروقات لهذه الاتفاقية من قبل السلطات اللبنانية، حيث تم تسليم معتقلين سوريين إلى نظام الأسد فور انتهاء محكوميتهم أو حتى أثناء احتجازهم، ما أدى إلى اختفاء العديد منهم قسرياً أو تعرضهم لانتهاكات جسيمة، شملت التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء.
وفي مطلع عام 2024، عقدت السلطات اللبنانية اجتماعات أمنية وسياسية وقضائية مع نظام الأسد، لدراسة ملفات المعتقلين السوريين المحكومين في لبنان، بهدف تسليم بعضهم إلى سوريا، ضمن خطة تهدف إلى تخفيف الاكتظاظ في السجون اللبنانية. وقد أثارت هذه المباحثات قلقاً عميقاً بين المعتقلين السوريين، خشية تعرضهم للتعذيب والانتهاكات الجسيمة بعد تسليمهم للنظام السابق.
وأوضح البيان أنَّه مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 وتولي الحكومة الانتقالية السورية السلطة، لم يعد هناك تهديد بترحيل المعتقلين إلى نظام قمعي، كما كان الحال سابقاً. وأصبحت مسألة إعادتهم إلى سوريا مشروطة بضمان محاكمات عادلة، واحترام حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حظر التعذيب والاحتجاز التعسفي.
وأكد البيان ضرورة احترام حقوق المعتقلين السوريين داخل السجون اللبنانية، ومعاملتهم وفق المعايير الدولية. كما شدد على أنَّ إضرابهم عن الطعام يُعد تعبيراً مشروعاً عن احتجاجهم على الأوضاع القاسية التي يواجهونها، بما في ذلك الاكتظاظ، وسوء المعاملة، وغياب الرعاية الصحية.
وأضاف البيان أنَّ الحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية الالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المعتقلين، وضمان عدم انتهاك حقوقهم الأساسية، والعمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة لقضيتهم.
التوصيات
دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الحكومتين السورية واللبنانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان، وضمان إعادتهم في إطار قانوني يحترم حقوق الإنسان. كما شددت على ضرورة تنسيق الجهود بين الطرفين لمراعاة التحديات السياسية والقانونية.
توصيات للحكومة اللبنانية:
التنسيق مع الحكومة الانتقالية السورية لوضع آلية قانونية لإعادة المعتقلين وضمان محاكمات عادلة، وتحسين أوضاع المعتقلين في السجون اللبنانية، من خلال تقليل الاكتظاظ وتحسين الرعاية الصحية، وضمان عدم التمييز ضد المعتقلين السوريين، والتعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية لمراقبة أوضاع المعتقلين.
توصيات للحكومة الانتقالية السورية:
ضمان بيئة آمنة للعائدين ومنع تعرضهم للاعتقال التعسفي أو سوء المعاملة، ووضع برامج دعم نفسي واجتماعي واقتصادي لتسهيل إعادة اندماجهم في المجتمع، والتعاون مع المنظمات الحقوقية لضمان شفافية عمليات الإعادة.
توصيات للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية:
الإشراف على عمليات إعادة المعتقلين إلى سوريا وضمان احترام المعايير الدولية. • تقديم الدعم الإنساني والقانوني للمعتقلين أثناء احتجازهم.
توصيات لوسائل الإعلام والمنظمات الإغاثية:
تعزيز الوعي بقضية المعتقلين السوريين، وتشجيع الحوار بين المجتمع المدني والسلطات لضمان سياسات أكثر إنسانية وشفافية.