صورة
صورة
● أخبار سورية ٩ يناير ٢٠٢٥

لبنان ينتخب "جوزيف عون" رئيساً بعد فراغ رئاسي لعامين.. هكذا عرقل نظام الأسد الاستحقاق الرئاسي

انتخب مجلس النواب اللبناني في جلسته الـ13 اليوم الخميس 9 كانون الثاني، قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد، بحصوله على 99 صوتاً في جلسة حضرها جميع النواب الـ128، بعد شغور المنصب لأكثر من عامين، حيث انتهت الجولة الثانية من التصويت بانتخاب عون، ليكون هذا الإنجاز في لبنان أولى ثمرات سقوط نظام الوصاية السوري عقب سقوط نظام الأسد.

أدّى عون اليمين الدستورية فور إعلان النتيجة، وأكد في كلمة بالمناسبة أن "مرحلة جديدة من تاريخ لبنان تبدأ اليوم"، متعهداً بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملةً كـ"حكم عادل بين المؤسسات"، وقال إن البلاد تمر بأزمة حكم تتطلب تغيير الأداء السياسي والاقتصادي، مؤكداً ضرورة احترام القانون والمساواة أمامه، وعدم التدخل في عمل القضاء، ورفض أي حصانة لمجرم أو فاسد.

وكانت الدورة الأولى للتصويت قد انتهت بحصول قائد الجيش على 71 صوتاً، مقابل 37 ورقة بيضاء و4 أوراق ملغاة، ما لم يُحقق النصاب المطلوب للنجاح في هذه الدورة (86 صوتاً من أصل 128)، إذ يكتفى بالنصف +1 (65 صوتاً) في الدورة الثانية.

ويأتي انتخاب عون بعد سنوات من الفراغ الرئاسي الذي أعقب انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وفشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد خلال 13 جلسة سابقة، ما وضع البلاد في حالة شغور هي السادسة في تاريخها الحديث. 

ويترقب اللبنانيون والدول المعنية بالملف اللبناني تشكيل حكومة جديدة تعالج التحديات الكبرى، وأبرزها إعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي شهدت دماراً واسعاً في مناطق جنوبي وشرقي البلاد والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، إلى جانب الالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار وتمديد القرار الدولي 1701، بما في ذلك نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة غير "القوى الشرعية".


دور نظام الأسد في تعطيل مقعد الرئاسة في لبنان 


وكان لعب النظام السوري السابق، دوراً رئيساً في تعطيل انتخابات الرئاسة اللبنانية عبر تحالفاته الداخلية وقدرته على التأثير في التوازنات النيابية والدستورية، هذا التأثير أخذ يتغير قوةً وضعفاً بناءً على ظروف إقليمية وتحوّلات الوضع السوري نفسه، لكنه بقي ملموساً في كل الأزمات الدستورية التي مرّ بها لبنان قبل سقوط نظام الأسد.

 

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وحتى انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، امتلكت دمشق نفوذاً واسعاً في القرار اللبناني، سواء من خلال وجودها العسكري المباشر أو عبر تحالفاتها مع أطراف محلية (حزبية وشخصيات سياسية)، استمر هذا النفوذ بعد الانسحاب عبر شبكة تحالفات مع قوى سياسية نافذة، على رأسها “حزب الله”، ما أتاح لها التأثير على التوازنات النيابية والحكومية.

ويتطلب انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان توافقاً أو على الأقل تأمين نصاب الثلثين في مجلس النواب (أي 86 نائباً من أصل 128)، ثم حصول الرئيس المنتخب في الدورة الثانية على غالبية النصف +1 (65 صوتاً)، وتاريخياً، تمكن نظام الأسد من توجيه بعض الكتل النيابية أو التأثير عليها للتصويت لشخصيات موالية له أو منع اكتمال النصاب في البرلمان، وذلك باستخدام أدوات الضغط الإقليمية، أو وعود بالدعم السياسي، أو التنسيق الأمني، أو تحريك حلفائه في الداخل اللبناني.

وكثيراً ما عُطلت الجلسات المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية بفعل عدم حضور الكتل الموالية لسوريا أو المحسوبة عليها، ما أدى إلى كسر النصاب الدستوري المطلوب. وفي بعض المحطات، كان يتم التلويح بمرشحين مدعومين سورياً في مقابل عرقلة وصول مرشحين مناوئين لدمشق.

ويُعد "حزب الله" حليفاً رئيسياً للنظام السوري، وقد مثّل أداة مهمة من أدوات النفوذ السوري بعد عام 2005. وفي أزمات الفراغ الرئاسي السابقة، اضطلع الحزب بدور أساسي في تعطيل انتخاب الرئيس، أو الدفع باتجاه انتخاب مرشح موالٍ لسوريا، وذلك تبعاً لمعادلات محلية وإقليمية.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، ثم تحوّلها إلى حرب، تراجع الانخراط المباشر للنظام السوري في السياسة اللبنانية، إلا أنّه حافظ على تأثيره عبر حلفائه التقليديين. ومع صعود أزمات داخلية وإقليمية (مثل الحرب في سوريا وانعكاساتها على لبنان)، استُخدمت الورقة اللبنانية أحياناً في تجاذبات أوسع، خاصة خلال الفراغات الرئاسية التي تكررت منذ عام 2007 وحتى ما قبل سقوط نظام الأسد أواخر 2024 في السياق المفترض لسؤالك.

وقبل سقوط النظام السوري في ديسمبر/كانون الأول 2024، بقي “المعسكر الموالي لدمشق” في لبنان قادراً على تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني أو محاولة فرض مرشح يعتبره النظام السوري ملائماً لمصالحه، عبر التلويح بمقاطعة الجلسات النيابية أو التصويت بورقة بيضاء، أو تنفيذ شروط سياسية معينة.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ