"فورين بوليسي" تصف "إدلب" بـ "عاصمة الإرهاب" وتجعل من ملايين المدنيين هدفاً للإبادة الجماعية (تحليل)
"فورين بوليسي" تصف "إدلب" بـ "عاصمة الإرهاب" وتجعل من ملايين المدنيين هدفاً للإبادة الجماعية (تحليل)
● أخبار سورية ١٧ فبراير ٢٠٢٢

"فورين بوليسي" تصف "إدلب" بـ "عاصمة الإرهاب" وتجعل من ملايين المدنيين هدفاً للإبادة الجماعية (تحليل)

وصفت مجلة "فورين بوليسي"، في تقرير لها، محافظة إدلب شمال غرب سوريا، بأنها "العاصمة الجديدة للإرهاب العالمي"، معللة هذا الوصف بأن المحافظة باتت مركز اختباء قادة تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، في وقت استنكر حقوقيون ونشطاء هذا الوصف معتبرين أنه يستهدف ملايين المدنيين ويجعلهم عرضة للإبادة الجماعية.

وقال التقرير، إن إدلب أصبحت "المخبأ المفضل لبقايا الجماعات الجهادية السورية بجميع أنواعها"، رغم إعلان هيئة "تحرير الشام" محاربتها المتشددين في محاولة لاعتراف المجتمع الدولي بها، وفق تعبير المجلة، لاسيما بعد مقتل زعيمي تنظيم "داعش" أبو أبراهيم القرشي، وقبله أبو بكر البغدادي.

ونقلت المجلة تشكيك من أسمتهم محللين في إعلانات الهيئة بشأن محاربة داعش، حيث استبعدوا عدم علمها بموقع القرشي الذي اختبأ بالقرب من نقطة تفتيش للجماعة، واعتبرت المجلة ما أسمته "أحلام الجماعة" التي تريد أن تكون بديلا لحكم بشار الأسد في المنطقة وتشرف عل توفير الخدمات لنحو ثلاثة ملايين سوري وتسعى إلى قبول المجتمع الدولي، قد تبددت بعد الأحداث الأخيرة.

هذه الوسم في "شيطنة" إدلب، يعيد للذاكرة أحداث ما سمي "الحرب على الإرهاب" التي قادها التحالف الدولي ضد مدينة الرقة التي كانت مقراً لقيادة تنظيم داعش سابقاً، والتي تعرضت لحملات إبادة جماعية، طالت البشر والحجر، بدعوى محاربة التنظيم، والذي سمح له بمغادرة المدينة تحت مرآى طيران التحالف، الذي واصل دك أحياء المدينة وقتل كل حياة فيها لأيام وأسابيع.

ولاتزال مدينة الرقة والدمار الذي تعرضت له، شاهداً على جرائم التحالف الدولي باسم "محاربة الإرهاب"، استغلت تمدد التنظيم ووجوده في المدينة لتدميرها وتثبيت سيطرتها على مناطق الثروات في المنطقة الشرقية، كما عززت موقف حلفائها "قوات سوريا الديمقراطية".

ويقول "فضل عبد الغني" رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في معرض تعليقه على تقرير الصحيفة، إن الشبكة نشرت مؤخراً بيانين عن تنظيمي داعش وتحرير الشام، أوضحت فيهما أن المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها تلك التنظيمات كانت من أكثر المتضررين من تلك التنظيمات وممارساتها.

وأكد "عبد الغني" في حديث لشبكة "شام"، أن وصم تلك المجتمعات بشكل كامل بـ "الإرهاب"، يعرضها لظلم مزدوج، مذكراً بأحداث حماة عام 1982، حيث تم سحق المدينة، من قبل النظام السوري بدعوى وجود مسلحين من الإخوان المسلمين، ومن ثم وصم المدينة كلها بالإرهاب.

واعتبر أن التكتيك الذي يصف "إدلب" بـ "الإرهاب" فيه تبرير لسحق ملايين المدنيين من قبل القوى التي تستهدف المنطقة سواء النظام وروسيا أو "قسد" التي تعمل على شيطنة المنطقة، وبالتالي تبرير أي قصف يتعرض له المدنيون في عموم المنطقة بدعوى محاربة الإرهاب.

وسبق أن قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها، إن اختباء تنظيم دا-عش بين صفوف المدنيين شكَّل تهديداً على حياتهم، وعلى الطرف المهاجم مراعاة ذلك، مؤكدة أن الأطراف التي ادعت محاربة التنظيمات المتطرفة ارتكبت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

ولفتت الشبكة إلى أنها وثقت عشرات المرات اتخاذ التنظيم المدنيين دروعاً بشرية، والاحتماء بهم في المناطق التي كان يسيطر عليها، ولعلَّ مدينة الرقة من أبرز النماذج التي تحدثنا عنها سابقاً، فقد صادر التنظيم العديد من منازل المدنيين تحت ذريعة “كُفْرِ أهلها، واستباحة أموالهم”، وحولها إلى مقرات إقامة لقياداته الأمنية والعسكرية، وأقام بين صفوف المدنيين الذين كفَّر غالبيتهم، واتخذهم في الوقت نفسه دروعاً بشرية، كما اتخذ من عوائل التنظيم بمن فيهم من نساء وأطفال دروعاً بشرية.

وكشفت "الشبكة السورية" عن توثيق مقتل ما لا يقل عن 3048 مدنياً على يد قوات التحالف الدولي بينهم 925 طفلاً، وذلك منذ أيلول/ 2014 حتى الآن، (في الهجوم الأخير على المنزل الذي كان يقيم فيه زعيم تنظيم داعش عبد الله قرداش، وثقنا سقوط ضحايا مدنيين من نساء وأطفال، وما زالت التحقيقات جارية لتحديد كيفية وقوع ذلك).

وبينت أن العديد من المدنيين في المنزل الذ استهدف فيه قائد تنظيم داعش في أطمة بريف إدلب، قتل بسبب عدم مراعاة قوات التحالف الدولي مبدأ التناسب في القانون الدولي، والذي يستند على قيام الطرف المهاجم بتقدير السياق قبل تحديد مشروعية الهجوم أو عدم مشروعيته، فالهجوم الذي سوف يتسبب في خسائر وأضرار تتجاوز الميزة العسكرية يكون محظوراً ، فإذن يجب أن يكون هناك توازن دائماً بين الوسيلة، الهدف، نتائج الفعل.

وحملت الشبكة، تنظيم داعش مسؤولية الإقامة في أحياء مدنية؛ مما يشكل خطراً على هذه الأحياء بكاملها، إضافة إلى الخطر على عوائل المجندين لديه، في المقابل يستغل ذلك كل من النظام السوري، وروسيا، وقوات سوريا الديمقراطية بوصم مناطق كاملة بأنها حاضنة للتنظيمات المتطرفة، في محاولة للظهور بمظهر مكافحة الإرهاب، وتبرير عمليات القصف العشوائي أو المتعمد على مناطق سكنية، علماً أن أكثر المناطق تضرراً من التنظيمات المتطرفة كانت هي المناطق التي خضعت لسيطرتها، فقد خضعت لقوانين تعود لعصور الظلام البربرية.

وأكدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في وقت سابق، مقتل 6 أطفال و3 نساء على خلفية اشتباكات بين قوات التحالف الدولي ومسلحين لم تتمكن من تحديد هويتهم في قرية أطمة بريف إدلب، مطالبة قوات التحالف الدولي فتح تحقيق في الحادثة، وإظهار مدى الاحتياطات التي تم اتخاذها، وسبّب وقوع الضحايا المدنيين.

وكانت أصدرت "هيئة تحرير الشام"، بياناً علّقت فيه على حادثة مقتل زعيم تنظيم داعش "أبو إبراهيم القرشي"، على يد القوات الأمريكية في منطقة أطمة بريف محافظة إدلب، ونفت علمها بالعملية قبل حدوثها وفق نص البيان.

وجاء البيان الصادر عن "تحرير الشام"، تحت عنوان "إدانة واستنكار لحادثة قتل المدنيين والأطفال على الحدود السورية - التركية" وذكرت أن عملية الإنزال الأخيرة شكلت قلقا جديدا لدى السوريين، وما نتج عنها من ضحايا مدنيين من النساء والأطفال، فأثارت الخوف والذعر لدى النازحين الذين هربوا من بطش النظام المجرم وعصابته.

ونوهت إلى أن "المنطقة الحدودية الملاذ الإنساني لتجمع كبير من آلاف العوائل والخيم، وتعتبر العتبة الأخيرة ضمن الأراضي السورية، وإن الإرهاب الحقيقي لدى الشعب السوري يتمثل بنظام الإجرام والميليشيات الإيرانية، وإن الخلاص منهم يقضي على كل أشكال الإرهاب ومخرجاته، فلا يمكن اختزال هذا المصطلح لتحقيق أهداف غائية واستخدامه لمصالح انتقائية".

وفي تحليل سابق أوردته شبكة "شام"، عن دور "هيئة تحرير الشام" في مثل هذه العمليات الخاصة للتحالف الدولي في مناطق سيطرتها، وطريقة تعامل الهيئة مع الإنزالات الجوية التي استهدفت قادة داعش، يؤكد أنها كانت على علم بالعمليات والشخصيات المستهدفة، وبالتالي ساهمت بدور كبير في ضرب رؤوس تنظيم داعش، وهذا خلافاً لمزاعم الصحيفة الأمريكية، التي نسبت الفضل لقادة "قسد".

كما أن عشرات المعارك التي خاضتها "هيئة تحرير الشام"، ضد تنظيم داعش لسنوات عديدة في مناطق الرقة وحلب وريف حماة وإدلب ودرعا، واستطاعت السيطرة على كامل المنطقة الواقعة شمال غرب سوريا، قبل تنظيفها من خلايا التنظيم، يعطي للهيئة أفضلية في محاربة هذا التنظيم، وبالتالي لايمكن اعتباره شريكاً في تأمين حماية قادة داعش، لأن الهيئة لو أرادت ذلك لما وصلت لهم واشنطن بهذه السهولة وقامت بتصفيتهم.

وكان قال متابعون إن حالة البرودة التي تعاملت بها قيادة الهيئة مع الإنزال الجوي، مشابه تماماً لما حصل إبان عملية قتل البغدادي، إذ لم تحرك الهيئة أي من قواتها، ولم تتعامل مع الطيران المهاجم في أرض تتبع لها، ولم تفكر ولو للحظة بأن الشخصية المستهدفة قد تكون من كوادرها، وهذا يعني أنها على علم مسبق بهوية المستهدف وطبيعة العملية، وتحضيراتها اقتصرت على دخول المكان بعد العملية مباشرة.

علاوة على ذلك أن "التحالف وقسد والجهات العراقية" مجتمعة، أعلنت أنها شاركت في عملية رصد موقع أمير التنظيم في المرة الأولى وفي هذه المرة، وبالتالي فهي افتراضياً استطاعت التحرك عبر عملائها في منطقة الهيئة بشكل سلسل دون أن يرصدها الجهاز الأمني ويكشف عملائهم وبالتالي هذا مستبعد ويضع الجهاز الأمني لهيئة في موقف محرج، وغير منطقي لاسيما أن الهيئة قيدت نشاط خلايا داعش والنظام وأيضاَ اعتقلت الكثير من كوادر التنظيمات المتشددة وهي تتمتع بقبضة أمنية شديدة في عموم المنطقة.

في الطرف الآخر، يرى محللون أن المستفيد الأكبر في هذه العلميات هي "هيئة تحرير الشام"، وأنها لم تكن غائية أبداً عن مشهد تصفية كبار خصومها في سوريا ممثلاً بـ البغدادي وقرداش"، لافتين إلى أن أي عملية للتحالف لايمكن أن تتم في المنقطة دون علم الهيئة، لأن أي تحرك للأخيرة من شأنه أن يعيق العملية ويساهم في إفشالها وبالتالي يجب أن تكون هذه الأمور بالحسبان لدى التحالف من هذه الجهة.

من جهة أخرى، فإن حجم الخلايا الأمنية التي اعتقلتها الهيئة في إدلب، ووجود قادة التنظيم هناك، وقع عدد منهم في قبضتها، يعطيها الأفضلية في تتبع قيادات التنظيم، وبالتالي هي الطرف الأكثر قدرة على ملاحقة خيوط تمدد التنظيم في مناطقها وصولاً للرأس الأكبر، وتستطيع التحرك بكل سلاسة عكس خلايا "التحالف وقسد والطرف العراقي"، والتي ربما هي الأخرى وقعت بيد الجهاز الأمني للهيئة، وإن لم تعلن ذلك.

وليس من مصلحة الهيئة - وفق محللين - أن تنفذ هي أي عملية أمنية في قتل أو اعتقال قادة تنظيم داعش الكبار كـ "البغدادي وقرداش"، لأن ذلك سيجعلها في مواجهة مفتوحة مع التنظيم لسنوات، وبالتالي تعريض قياداتها للاغتيالات على يد خلايا التنظيم الساعية للانتقام، كما أن تنفيذ التحالف للمهة فيه كثير من الأوراق الرابحة للهيئة على أصعد عدة.

ومن هنا طرح محللون فرضية توجه الهيئة لإبلاغ التحالف الدولي عن موقع أمراء داعش، ولعب "وضع المزهرية"، لأن ذلك برأيهم يعطيها مكانة قوية لدى واشنطن، في سياق مساعي الهيئة للخلاص من التصنيف، وتلميع صورتها دولياً، والمتابع لتحركات "الجولاني" في إدلب، يرصد بوضوح حجم الارتياح في تنقلاته وظهوره ومستقبل كيانه المفترض أنه مرصود من التحالف، وفق قولهم.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ