
فضل عبد الغني: تقرير لجنة التحقيق الدولية حول أحداث الساحل متوازن ويؤكد مسؤولية المجموعات غير المنضبطة
أكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، أن تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن أحداث الساحل في سوريا جاء متوقعاً وامتاز بالتوازن في توصيفه للضحايا والانتهاكات، مشدداً على ضرورة قراءة النص الكامل للتقرير بدلاً من الاكتفاء بالبيان الموجز الصادر عنه.
وأوضح عبد الغني، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن التقرير استعرض في بدايته الإطار الأوسع للأحداث، متناولاً الخلفية التاريخية منذ حكم عائلة الأسد، قبل الانتقال إلى ما جرى عقب سقوط النظام المخلوع، حيث أدت هشاشة منظومة العدالة إلى قيام بعض الأفراد بتطبيق القانون بأنفسهم، مع الإشارة أيضاً إلى حوادث سبقت مباشرة ما جرى في الساحل.
ولفت إلى أن التقرير سجل نقطة إيجابية لصالح الحكومة السورية الحالية، إذ سمحت بدخول لجنة التحقيق الأممية إلى مناطق الساحل وتقديم التسهيلات لعملها، في حين كان نظام الأسد السابق يرفض ذلك بشكل دائم، كما أيدت الحكومة تمديد ولاية اللجنة، مما أتاح لها التواصل المباشر مع الضحايا.
وبيّن أن لجنة التحقيق وثقت انتهاكات ارتكبتها بقايا النظام السابق، التي أُشير إليها في التقرير باسم "الحكومة السورية السابقة"، وشملت قتل عناصر أمن وتشويه جثثهم، قبل أن تنتقل إلى عرض الانتهاكات ضد المدنيين في الساحل، التي نفذتها مجموعات مسلحة غير منضبطة انضمت إلى قوات الأمن، وشملت عمليات قتل جماعي، وإعدامات فوق أسطح المنازل، وحرق وتشويه الجثث، واستخدام عبارات طائفية مسيئة، إضافة إلى النهب والسرقة، بمشاركة مقاتلين أجانب.
وأضاف أن التقرير لم يجد أدلة على صدور قرار مركزي من الحكومة السورية الحالية بارتكاب هذه الانتهاكات، لكنه شدد على مسؤولية الحكومة الكاملة عن أفعال المجموعات المنضوية في صفوفها، مع الإشارة إلى أن قوات الأمن حاولت في بعض الحالات حماية الأهالي من تجاوزات هذه المجموعات.
وبخصوص حصيلة الضحايا، أوضح عبد الغني أن التقرير قدّر العدد بنحو 1400 شخص، وهو رقم يقترب من إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ويخالف الأرقام المبالغ فيها التي تروج لها بعض المصادر والتي وصلت إلى 2500 أو حتى 7000، معتبراً أن التضخيم يضر بمصداقية التوثيق الحقوقي.
ودعا عبد الغني الحكومة السورية إلى البناء على نتائج هذا التحقيق، إلى جانب نتائج لجنة التحقيق الوطنية وتقارير الشبكة السورية وغيرها من الجهات، من أجل محاسبة المسؤولين، وتعويض الضحايا، وحماية المقابر الجماعية، إضافة إلى اتخاذ خطوات لإعادة بناء الثقة في الساحل، ووقف التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، وإشراك القيادات المجتمعية والدينية في جهود المصالحة وترميم النسيج الاجتماعي.
وكان وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد حسن الشيباني، قد وجّه رسالة رسمية إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية، باولو سيرجيو بينهيور، عبّر فيها عن شكر وتقدير الحكومة السورية للجهود المبذولة في إعداد التقرير، مؤكداً أن نتائجه وتوصياته تتطابق مع ما توصلت إليه اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق في سوريا.
وأصدرت لجنة التحقيق الأممية تقريراً موسعاً حول أحداث الساحل، أكدت فيه أن موجة العنف التي شهدتها المنطقة تضمنت أفعالاً قد ترقى إلى جرائم حرب، من قتل وتعذيب ومعاملة لا إنسانية للموتى، إلى النهب على نطاق واسع وحرق المنازل، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.
وأشار التقرير إلى تورط عناصر من قوات "الحكومة المؤقتة"، إلى جانب مدنيين ومقاتلين موالين للنظام المخلوع، في تنفيذ هذه الانتهاكات، داعياً السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع المتورطين بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم، ومشدداً على أن حجم العنف الموثق يستدعي توسيع نطاق المساءلة.
كما لفتت اللجنة إلى أن قوات الحكومة المؤقتة حاولت في بعض الحالات وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم، إلا أن بعض العناصر المنضوية في التشكيلات الأمنية تورطت بدورها في ارتكاب انتهاكات، وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة، بينها فصل المشتبه بتورطهم من الخدمة بانتظار التحقيق.
وأكد التقرير أن نتائجه تستند إلى تحقيقات موسعة شملت أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، وأن اللجنة ما تزال تتلقى معلومات عن انتهاكات مستمرة في عدة مناطق، داعياً إلى تعزيز إجراءات الحماية للمجتمعات المتضررة، ومقرّاً بالتزام السلطات المؤقتة بتحديد هوية المسؤولين عن تلك الانتهاكات، معتبراً أن تقريرها الأخير، إلى جانب تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في سوريا، يشكلان خطوات مهمة نحو الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة.