
علويون يتبرؤون من "رامي مخلوف": "لا يمثلنا بل يمثل الفاسدين"
سارع ناشطون علويون من الساحل السوري إلى التبرؤ من المدعو "رامي مخلوف"، ابن خال رأس النظام الهارب "بشار الأسد" والواجهة الاقتصادية لنظامه البائد لسنوات طويلة، عقب إثارته الجدل في منشور مثير للسخرية نشره على صفحته على "فيسبوك"، معلنًا فيه تشكيل ميليشيات مسلحة في الساحل السوري تحت شعار "حماية الإقليم الساحلي".
وأكد هؤلاء أن مخلوف "لا يمثل العلويين، بل يمثل الفاسدين الذين استغلوا الطائفة وسرقوا قوت السوريين"، وتقمص "مخلوف"، دور "فتى الساحل" المدافع عن قومه ولكن بجيوب منتفخة وماضٍ مثقل بالنهب، الذي لم يعرف عنه يوماً غير استنزاف ثروات البلاد، استجدى الدعم الروسي بشكل لا يخلو من مشهدية درامية مبتذلة.
وبينما كان يحاول تصدير نفسه كمنقذ للطائفة العلوية، جاءت ردود الفعل من نشطاء علويين كصفعة مدوية، إذ سارعوا إلى استنكار هذه المغامرة، معتبرين أنها بوابة جديدة للفتنة ودعوة علنية لخلق "فلول" خارجة عن مشروع الدولة السورية الجديدة.
خطاب انفصالي ودعوات مثيرة للريبة
حمل المنشور، الذي جاء تحت عنوان "نداء إلى الشعب السوري"، خطاباً حماسياً تطرق إلى ما سماه "مجزرة الساحل"، ودعا إلى "إعادة تنظيم قوات النخبة" المزعومة التي قدر عدد عناصرها بنحو 150 ألفاً، إلى جانب تشكيل لجان شعبية يصل قوامها إلى مليون شخص، مطالباً الحكومة السورية بالتعاون لحماية الإقليم الساحلي وتنشيطه اقتصادياً واجتماعياً.
في خطابه الهزلي، ادعى أنه شكّل 15 فرقة تعدادها 150 ألف مقاتل نخبة، مع احتياط مماثل، وميليشيات شعبية بمليون شخص أرقام جعلت نشطاء يرفعون حواجب الدهشة، متسائلين إن كان مخلوف بصدد إنشاء "دولة الساحل المستقلة" أو مجرد استعراض أرقام وهمية.
واللافت في استعراضه لأعداد مقاتليه المفترضين، وضع الطائفة العلوية أمام سيناريو مرعب، وكأن جميع أبنائها صاروا أدوات بيده، في مواجهة مع "سوريا المستقبل"، ما كشف بوضوح نواياه الملتبسة ودوره في تعميق عزلة الطائفة عن باقي مكونات المجتمع السوري.
شكوك حول الصفحة وهوية الجهة الناشرة
في أعقاب الضجة، أبدى ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي شكوكهم في مصداقية الصفحة، معتبرين أنها قد لا تكون رسمية، لكن هذه الصفحة نفسها أنشئت في فبراير/شباط 2012 تحت اسم "ماهر الأسد"، وظلت تحمل هذا الاسم حتى عام 2016، قبل أن يتغير اسمها تدريجياً إلى "رامي مخلوف"، وأظهرت وثائق متداولة تفاصيل هذه التغييرات، مما عمّق الشكوك بشأن الجهة الحقيقية التي تدير الصفحة.
"درع الساحل" ينفي الارتباط بالتحركات المزعومة
من جهته، نفى ما يسمى بـ"درع الساحل"، عبر بيان نشره على صفحته في "فيسبوك"، أي صلة له بأي تحركات عسكرية أو ميدانية، مؤكداً أن نشاطه مع رامي مخلوف يقتصر على "تأمين الحماية الدولية سياسياً لا عسكرياً"، في إشارة إلى نفي أي دور مباشر في تحركات عسكرية ميدانية.
ردود فعل غاضبة داخل الطائفة العلوية
ردود الفعل الغاضبة لم تتأخر، إذ خرج ناشط علوي في تسجيل مصور عبر "فيسبوك" ليؤكد أن "رامي مخلوف لا يمثل العلويين"، معتبراً أنه يمثل الفاسدين الذين استغلوا الطائفة. وأضاف أن الطائفة العلوية "تتبرأ من هذا الخطاب الطائفي الانقسامي"، محذراً أبناء الطائفة من الانجرار وراء "الأكاذيب والمؤامرات الاستخباراتية".
أما الناشط العلوي المعروف بشار برهوم، فقد شن هجوماً لاذعاً على مخلوف، واصفاً إياه بـ"الجبان والفأر"، وكتب في منشور: "أيها الأبله، يا عدو الإنسانية، أنت من أفقر هذه الطائفة والآن تتاجر بفقرها. الطائفة العلوية تتبرأ من بيانك".
انتقادات واسعة لمخلوف واتهامات بالفساد
من جانبها، شنت صفحات معنية بالشأن السوري هجوماً على مخلوف، معتبرةً أنه أحد "أبرز رموز الفساد"، وأن حديثه عن "نصرة المظلومين" يشكل "إهانة故 لذاكرة السوريين الذين ذاقوا مرارة الاستبداد الذي كان شريكاً أساسياً فيه".
مخاوف من عودة التوتر الطائفي
يأتي هذا التصعيد الكلامي في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة إلى سوريا التي تحاول الخروج من تبعات الحرب الطويلة. ويرى مراقبون أن دعوات الانفصال، حتى وإن حملت غطاءً "خدماتياً وأمنياً"، قد تسهم في تهديد ما تبقى من النسيج الوطني السوري وإعادة إشعال التوترات الطائفية والمناطقية.
محللون ونشطاء سوريون دعوا بدورهم أبناء الساحل إلى عدم الانجرار خلف خطاب مخلوف الرنان، مشددين على أن ما يحدث لا يعدو كونه عملية جس نبض يقودها رامي بتوجيهات مخابراتية، هدفها إغراق الساحل بمزيد من الفوضى، وتحويله إلى ساحة صراع.
وحتى حين حاول مخلوف التعلق بأمجاد الماضي عبر استحضار اسم سهيل الحسن، تحدث عن "نمور" قضوا في 2012، قبل أن تُقدّم الأجهزة الأمنية نسخًا كربونية مشوهة عنهم، زادت السوريين سخرية من المشهد برمته، خاصة أن رامي نفسه كان جزءًا من المنظومة التي نهبت ودمرت البلاد.
فيما أعلن ممثلين عن الطائفة العلوية التبرؤ العلني والنهائي من رامي مخلوف ومن كل من يدور في فلكه أو يحاول المتاجرة، وأكدوا أنه لا يمثلهم لا فكريًا ولا اجتماعيًا ولا وطنيًا مواقفه وأفعاله لا تعبر إلا عنه وعن مصالحه الشخصية الضيقة.
ودعا بيان متداول باسم الطائفة أن جميع أبناء سوريا بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وأطيافهم إلى التكاتف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول بث الفتنة أو إثارة النزاعات أو تهديد السلم الأهلي.
وكان كشف رجل الأعمال السوري عبد الرحمن المصري، في شهادة صريحة أثارت جدلاً واسعاً، عن تعرّضه للاستغلال من قبل شبكات اقتصادية مرتبطة برامي مخلوف، ابن خال الرئيس المخلوع بشار الأسد، وذلك خلال محاولته إطلاق مشروع استثماري في محافظة درعا، جنوب البلاد.
وفي لقاء إعلامي رصدته شبكة "شام"، تحدّث المصري عن تفاصيل تلك الواقعة، قائلاً إن أحد العاملين في الشركة القابضة التابعة لمخلوف تواصل معه بعدما سمع بخططه لإنشاء مشروع وصفه بـ"النوعي"، وطلب منه القبول بشراكة "المعلم رامي" في المشروع. لكن المفاجأة كانت أن مخلوف لم يقدّم أي مساهمة مالية، بل اشترط أن يكون "شريكاً بالاسم فقط"، مقابل ربع الأرباح.
وأوضح المصري أن رفضه لهذا العرض قوبل برد انتقامي، حيث جرى عرقلة المشروع بالكامل من قبل الجهات الإدارية في المحافظة، ما أدى إلى تدميره قبل أن يرى النور. واختتم حديثه بوصف صريح: "لم تكن حكومة، بل مافيا حقيقية".
وكان "رامي مخلوف" ادعى العمل على إيجاد حلول جذرية تمنع تكرار أحداث الساحل السوري وتضمن الأمن والأمان، وقال إنه يرى نفسه “يعيد كل الأشخاص المدنيين والعسكريين الذين طُردوا من وظائفهم” بعد أن استهل المنشور بمقدمة حول الأحداث في الساحل تضمنت مبالغات وكذلك متاجرة واستغلالاً للأحداث، وفق متابعين.